تعرف الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي يتحدث عن أوضاع المنطقة.. وقضية خاشقجي وطرح “أرامكو السعودية” في الأسواق العالمية؟.. النص الكامل لحواره مع الشرق الأوسط

عدن الحدث-الشرق الأوسط

أكد الأمير السعودي محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، أن المملكة لا تريد حرباً في المنطقة، لكنه شدد على أنها «لن تتردد في التعامل مع أي تهديد لشعبنا وسيادتنا ومصالحنا الحيوية». وقال ولي العهد السعودي في حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط»، إن المملكة «أيدت إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران، إيماناً منا بضرورة اتخاذ المجتمع الدولي موقفاً حازماً تجاه إيران»، معرباً عن أمله «في أن يختار النظام الإيراني أن يكون دولة طبيعية وأن يتوقف عن نهجه العدائي». وأشار إلى أن الاعتداءات على ناقلات النفط في الخليج واستهداف منشآت نفطية في المملكة ومطار أبها «تؤكد أهمية مطالبنا من المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم أمام نظام توسعي يدعم الإرهاب وينشر القتل والدمار على مر العقود الماضية، ليس في المنطقة فحسب بل في العالم أجمع»، منتقداً توظيف طهران العوائد الاقتصادية للاتفاق النووي في «دعم أعمالها العدائية في المنطقة ودعم آلة الفوضى والدمار». وفي حين شدد على أن «يد المملكة دائماً ممدودة للسلام بما يحقق أمن المنطقة واستقرارها»، لفت إلى أن «النظام الإيراني لم يحترم وجود رئيس الوزراء الياباني ضيفاً في إيران وقاموا أثناء وجوده بالرد عملياً على جهوده، وذلك بالهجوم على ناقلتين إحداهما عائدة لليابان، كما قاموا عبر ميليشياتهم بالهجوم الآثم على مطار أبها، ما يدل بشكل واضح على نهج النظام الإيراني ونواياه التي تستهدف أمن المنطقة واستقرارها». وأوضح الأمير محمد بن سلمان أن السعودية تنظر «بأهمية كبيرة للعلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة»، باعتبارها «عاملاً أساسياً في تحقيق أمن المنطقة واستقرارها». وأعرب عن ثقته بأن «علاقاتنا الاستراتيجية مع الولايات المتحدة لن تتأثر بأي حملات إعلامية أو مواقف من هنا وهناك»، لافتاً إلى أن المملكة «تسعى دائماً لتوضيح الحقائق والأفكار المغلوطة لدى بعض الأطراف في الولايات المتحدة وغيرها من الدول، ونستمع لما يطرح ونستفيد من الطرح المنطقي والموضوعي، لكن في نهاية الأمر أولويتنا هي مصالحنا الوطنية». googletag.cmd.push(function() { googletag.display( div-gpt-ad-1538050525550-0 ); }); وقال إن السعودية دعمت «الجهود كافة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، لكن للأسف ميليشيا الحوثي تقدم أجندة إيران على مصالح اليمن وشعبه». وأضاف: «لا يمكن أن نقبل في المملكة بوجود ميليشيات خارج مؤسسات الدولة على حدودنا». وأشار إلى أن «هدفنا ليس فقط تحرير اليمن من وجود الميليشيات الإيرانية، وإنما تحقيق الرخاء والاستقرار والازدهار لكل أبناء اليمن». ولفت إلى أن بلاده يهمها كثيراً أمن السودان واستقراره، «ليس للأهمية الاستراتيجية لموقعه وخطورة انهيار مؤسسات الدولة فيه فحسب، ولكن نظراً أيضاً إلى روابط الأخوة الوثيقة بين الشعبين». ووعد بالاستمرار «في موقفنا الداعم لأشقائنا السودانيين في مختلف المجالات حتى يصل السودان إلى ما يستحقه من رخاء وازدهار وتقدم». وفيما يخص الأزمة السورية، قال إن الرياض تعمل مع الدول الصديقة لتحقيق أهداف؛ بينها «هزيمة تنظيم داعش، ومنع عودة سيطرة التنظيمات الإرهابية، والتعامل مع النفوذ الإيراني المزعزع للاستقرار في سوريا، واستخدام الوسائل المتاحة كافة لتحقيق الانتقال السياسي وفق القرار 2254، بما يحافظ على وحدة سوريا». ووصف مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي بأنه «جريمة مؤلمة جداً». وقال إن المملكة تسعى «لتحقيق العدالة والمحاسبة بشكل كامل» في القضية، «من دون التفات إلى ما يصدر من البعض لأسبابهم الداخلية التي لا تخفى على أحد». ودعا «أي طرف يسعى لاستغلال القضية سياسياً»، إلى «أن يتوقف عن ذلك ويقدم ما لديه من أدلة للمحكمة في المملكة بما يسهم في تحقيق العدالة». وتعهد ولي العهد بالمضي «من دون تردد في التصدي بشكل حازم لكل أشكال التطرف والطائفية والسياسات الداعمة لهما»، مشدداً على أن السعودية «لن تضيع الوقت في معالجات جزئية للتطرف، فالتاريخ يثبت عدم جدوى ذلك». وفي الشأن الاقتصادي، أكد الالتزام «بالطرح الأولي العام لأرامكو السعودية، وفق الظروف الملائمة وفي الوقت المناسب»، لكنه اعتبر أن «تحديد مكان الطرح سابق لأوانه». ولفت إلى استكمال خطوات تمهيدية عدة استعداداً للطرح. وأوضح أن «رؤية المملكة 2030 انتقلت من مرحلة التخطيط والتصميم إلى مرحلة التنفيذ على جميع الأصعدة، وبدأنا نرى النتائج على أرض الواقع». وشدد على أن «ما يحدث في المملكة ليس فقط مجموعة إصلاحات مالية واقتصادية لتحقيق أرقام محددة، وإنما هو تغيير هيكلي شامل للاقتصاد الكلي هدفه إحداث نقلة في الأداء الاقتصادي والتنموي على المديين المتوسط والطويل». وأشار إلى أن «برامج رؤية المملكة 2030 تسهم بشكل فعّال في عملية التحول الاقتصادي… ونحن الآن ننتقل من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد يتسم بالإنتاجية والتنافسية العالمية». وأوضح أن «رؤية المملكة 2030 والبرامج المنبثقة منها شأنها شأن أي خطط استراتيجية لابد من أن تخضع لتحديث وتعديل وفق الظروف والمعطيات التي تظهر عند التطبيق، من دون الإخلال بركائز الرؤية ومستهدفاتها». وأعرب عن فخره «بأن المواطن السعودي أصبح يقود التغيير، بينما تخوف الكثيرون من أن الرؤية ستواجه مقاومة بسبب حجم التغيير الذي تحتويه». وفيما يلي نص الحوار: > تشهد المنطقة في الآونة الأخيرة اضطرابات خطيرة تهدد أمن المنطقة واستقرارها والعالم أجمع. ما موقف المملكة تجاه هذه الأحداث؟ وكيف ستتعامل المملكة مع هذا التصعيد؟ – إن موقف المملكة واضح كما جاء في بيان حكومتها. المملكة لا تريد حرباً في المنطقة، ولكننا لن نتردد في التعامل مع أي تهديد لشعبنا وسيادتنا ومصالحنا الحيوية. إن أولويتنا هي مصالحنا الوطنية، وتحقيق تطلعات شعبنا من خلال أهداف «رؤية المملكة 2030» الاقتصادية والاجتماعية، والتنمية والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. وهذا يتطلب بيئة مستقرة ومحفزة داخل المملكة وفي المنطقة، لذا ستجد أن دور المملكة، سواء في منطقة الخليج أو في شمال أفريقيا أو في منطقة القرن الأفريقي وغيرها، هو دور داعم للاستقرار والسلام، وهو النهج الذي سارت عليه المملكة منذ تأسيسها الساعي دوماً لنبذ التفرقة والطائفية والتطرف والحفاظ على وحدة واستقرار المنطقة والسلم الدولي. كما أن للمملكة دوراً مهماً في المجتمع الدولي يتمثل في جهودها من أجل تأمين وصول إمدادات النفط عبر الممرات الحيوية التي تحيط بها، وذلك في سبيل حماية استقرار الاقتصاد العالمي. وقد رأى العالم كيف تعاملنا مع الناقلة الإيرانية في البحر الأحمر وفق ما تمليه علينا أخلاقياتنا ومبادئنا والمواثيق والأعراف الدولية. وبالمقابل نجد النظام الإيراني ووكلاءه الذين قاموا بأعمال تخريبية لأربع ناقلات بالقرب من ميناء الفجيرة، منها ناقلتان سعوديتان، مما يؤكد النهج الذي يتبعه هذا النظام في المنطقة والعالم أجمع. والدلائل على ذلك كثيرة وواسعة ومتكررة على مدى سنوات طويلة. فلا ننسى أن هذا النظام أعلن للملأ منذ عام 1979 أن أولويته وهدفه الرئيسي تصدير الثورة، ويسعى لذلك على حساب تطلعات شعبه، وعلى حساب شعوب المنطقة. هذا المحرك يفسّر تصرفات النظام الإيراني، فتصدير الثورة ومبدأ ولاية الفقيه يتطلبان زعزعة استقرار الدول والمنطقة، وإثارة الطائفية ونشر التطرف، وتسخير مقدرات الشعب الإيراني لتمويل الميليشيات الإرهابية وتسليحها. ورغم ذلك كانت يد المملكة دائماً ممدودة للسلام مع إيران، وذلك لتجنيب المنطقة وشعوبها ويلات الحروب والدمار؛ حتى إن المملكة أيدت الاتفاق النووي مع إيران لأن المملكة على مر التاريخ لم تدخر جهداً لحل أي أزمة واجهتها عبر السبل الدبلوماسية والسلمية، وكنا نأمل في أن النظام الإيراني سيستغل هذه المبادرة لتغيير تصرفاته تجاه دول المنطقة، وأن تكون خطوة أولى نحو عودة إيران إلى المجتمع الدولي كدولة طبيعية. لكن للأسف ما حدث هو أن إيران استغلت العائد الاقتصادي من الاتفاق في دعم أعمالها العدائية في المنطقة، واستمرت في انتهاك القرارات الدولية، وكان الأولى أن يسخّر النظام الإيراني العوائد الاقتصادية من الاتفاق لتحسين معيشة المواطن الإيراني، وتطوير البنية التحتية، وتحقيق التنمية الاقتصادية، بدلاً من المضي في دعم آلة الفوضى والدمار في المنطقة. وصل التهور بإيران إلى مستويات غير مسبوقة، فبعد الاتفاق النووي زادت ميزانية «الحرس الثوري»، ورفعت من وتيرة دعمها للميليشيات الطائفية في المنطقة، بل وفي العالم أجمع. وجميعنا رأى الأعمال الإرهابية والعدائية الإيرانية التي أحبطت في أوروبا مؤخراً. لذلك أيدت المملكة إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران، وذلك إيماناً منا بضرورة اتخاذ المجتمع الدولي موقفا حازما تجاه إيران، وفي الوقت نفسه اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من قدرة النظام على نشر الفوضى والدمار في العالم أجمع. وما شهدناه من أحداث أخيرة في المنطقة، بما فيها استهداف المضخات التابعة لشركة «أرامكو» من قبل ميليشيا الحوثيين المدعومة من إيران، يؤكد أهمية مطالبنا للمجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم أمام نظام توسعي يدعم الإرهاب وينشر القتل والدمار على مر العقود الماضية، ليس في المنطقة فحسب بل في العالم أجمع. الخيار واضح أمام إيران. هل تريد أن تكون دولة طبيعية لها دور بنّاء في المجتمع الدولي، أم تريد أن تبقى دولة مارقة؟ نحن نأمل في أن يختار النظام الإيراني أن يكون دولة طبيعية وأن يتوقف عن نهجه العدائي. > أشرتم سموكم إلى الموقف الأميركي تجاه إيران الذي يتوافق مع موقف المملكة كما هو الحال في أغلب القضايا الاستراتيجية. لكن شهدت الآونة الأخيرة انتقادات للمملكة من أطراف داخل الولايات المتحدة في عدد من القضايا، خاصة فيما يتعلق بقضية جمال خاشقجي. هل أثرت هذه الانتقادات على التعاون الاستراتيجي بين البلدين؟ – ننظر في المملكة بأهمية كبيرة للعلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، وهي علاقات ممتدة لأكثر من سبعين عاماً أسهمت خلالها هذه الشراكة الاستراتيجية عبر التاريخ في دحر العديد من التحديات التي استهدفت أمن واستقرار وسيادة دولنا. فعلاقتنا بالولايات المتحدة مهمة ومحورية، ليس فقط لتحقيق المصالح المشتركة بين بلدينا، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الأمني أو غيرها من المجالات، ولكنها عامل أساسي في تحقيق أمن المنطقة واستقرارها. فنحن والولايات المتحدة، وبالتعاون مع العديد من الدول في المنطقة والعالم نسعى سوياً لتحقيق استقرار مستدام في المنطقة يهيئ البيئة المناسبة لتحقيق تطلعات شعوب المنطقة في العيش الكريم والتنمية الحقيقية في مختلف المجالات، ونقوم بذلك من خلال مواجهة قوى الفوضى والدمار وعدم الاستقرار من تنظيمات إرهابية، وسياسات الدول الراعية لها وعلى رأسها النظام الإيراني، والتصدي لكل أشكال التطرف. أما فيما يتعلق بالحملات الإعلامية أو بعض المواقف الصادرة من جهات أميركية، فهي بالتأكيد لا تخدم الأهداف المشتركة لبلدينا. لكننا في المملكة عبر تاريخنا، سبق أن واجهنا مثل هذه الحملات التي تتصف في معظمها بالتحيز وعدم الاستناد إلى معلومات دقيقة. ونسعى دائماً لتوضيح الحقائق والأفكار المغلوطة لدى بعض الأطراف في الولايات المتحدة وغيرها من الدول، ونستمع لما يطرح ونستفيد من الطرح المنطقي والموضوعي، لكن في نهاية الأمر أولويتنا هي مصالحنا الوطنية. أولويتنا هي المواطن في الرياض وجدة وجازان وتبوك والدمام وغيرها من مناطق المملكة، وليس ما يراه أو يطرحه آخرون عن المملكة. وعلى مر تاريخ المملكة تمكنا من التعايش مع حلفائنا الرئيسيين رغم وجود اختلافات طبيعية موجودة بين الدول كافة، من خلال احترامنا لسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ولا نقبل بأقل من المعاملة بالمثل فيما يتعلق بسيادتنا وشؤوننا الداخلية. وأنا على ثقة في أن علاقاتنا الاستراتيجية مع الولايات المتحدة لن تتأثر بأي حملات إعلامية أو مواقف من هنا وهناك. فيما يتعلق بمقتل المواطن جمال خاشقجي، كما سبق أن ذكرت هذه جريمة مؤلمة جداً، ولم يسبق حصول مثل هذه الجريمة في تاريخ المملكة، فمثل هذه الأمور ليست جزءاً من ثقافتنا، وتناقض قيمنا ومبادئنا. وقد قمنا في المملكة بالإجراءات اللازمة، سواء من خلال المسار القضائي لمحاسبة كل المشاركين في هذه الجريمة، أو من خلال اتخاذ الإجراءات التنظيمية لمنع حصول مثل هذه الجريمة المؤسفة مستقبلاً. هذه الإجراءات تنبع أولاً وأخيراً من حرصنا في المملكة على حياة كل مواطن سعودي أياً كانت مواقفه، وهي إجراءات لم ولن تتأثر بأي عوامل أخرى. فنحن دولة يسودها القانون ومن غير المقبول التعرض لحياة مواطن بهذا الشكل المؤلم تحت أي ظرف من الظروف، وبكل أسف المتهمون بارتكاب الجريمة هم موظفون حكوميون، ونسعى لتحقيق العدالة والمحاسبة بشكل كامل. وعلى أي طرف يسعى لاستغلال القضية سياسياً، أن يتوقف عن ذلك ويقدم ما لديه من أدلة للمحكمة في المملكة بما يساهم في تحقيق العدالة. > هل هذا التوافق في الرؤية مع الجانب الأميركي حيال إيران ينطبق على الوضع في سوريا، خصوصاً في ضوء القرار الأميركي بالانسحاب من سوريا؟ – يوجد اتفاق حيال الأهداف في سوريا، وهي هزيمة تنظيم «داعش»، ومنع عودة سيطرة التنظيمات الإرهابية، والتعامل مع النفوذ الإيراني المزعزع للاستقرار في سوريا، واستخدام الوسائل المتاحة كافة لتحقيق الانتقال السياسي وفق القرار 2254، بما يحافظ على وحدة سوريا، ونعمل مع الدول الصديقة لتحقيق هذه الأهداف. > كيف تنظرون سموكم لزيارة رئيس الوزراء الياباني مؤخراً لإيران والتقائه بالمرشد الأعلى الإيراني؟ – نشكر رئيس الوزراء الياباني على نياته الطيبة، ويد المملكة دائماً ممدودة بالسلام بما يحقق أمن المنطقة واستقرارها. إلا أن النظام الإيراني لم يحترم وجود رئيس الوزراء الياباني ضيفاً في طهران، وقام أثناء وجوده بالرد عملياً على جهوده، وذلك بالهجوم على ناقلتين إحداهما عائدة لليابان، كما قام عبر ميليشياته بالهجوم الآثم على مطار أبها، ما يدل بشكل واضح على نهج النظام الإيراني ونياته التي تستهدف أمن المنطقة واستقرارها، فإيران هي الطرف الذي يصعّد دائماً في المنطقة، ويقوم بالهجمات الإرهابية والاعتداءات الآثمة بشكل مباشر أو عبر الميليشيات التابعة. المشكلة في طهران وليست في أي مكان آخر، وكما ذكرت، على إيران الاختيار إما أن تكون دولة طبيعية لها دور بناء في المجتمع الدولي أو أن تبقى دولة مارقة وتتحمل عواقب هذا الأمر دولياً. > تصاعدت في الفترة الأخيرة وتيرة تصريحات الرئيس التركي وغيره من المسؤولين الأتراك التي تشكك في القضاء بالمملكة وتتهم المملكة وقيادتها في قضية خاشقجي… كيف تردون على هذه الاتهامات؟ – جمال خاشقجي هو مواطن سعودي، ولا شك أن ما تعرض له أمر مؤلم ومؤسف، ولقد اتخذنا في المملكة الإجراءات كافة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة، وتمت إحالة المتهمين إلى القضاء. والقضاء في المملكة سلطة مستقلة ليس لأحد التدخل فيها، ونحن نواجه أي حدث بحزم ومن دون تردد، وباتخاذ الخطوات الكفيلة بتحقيق العدالة وإصلاح مكامن الخلل ومنع تكرار الأخطاء من دون أن نلتفت لأي مزاعم واتهامات من هنا أو هناك. وفيما يتعلق بتصريحات بعض المسؤولين الأتراك تجاه المملكة، فالمملكة بوصفها حاضنة الحرمين الشريفين تسعى لأن تكون علاقاتها قوية مع كل الدول الإسلامية، بما فيها تركيا، وهذا أمر مهم لمصلحة المنطقة بشكل عام والعمل الإسلامي المشترك بشكل خاص. ونحن في المملكة نعمل على خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما وتحقيق أمن واستقرار وطننا ورخاء شعبنا، وليس الدخول في مناكفات تضر مصالح وطننا والعالم الإسلامي. ونحن ماضون في تحقيق هذه الأهداف من دون التفات لما يصدر من البعض لأسبابهم الداخلية التي لا تخفى على أحد. > مرت أربعة أعوام على بدء عمليات التحالف في اليمن. كيف تنظرون إلى ما تحقق من تقدم على الصعيدين السياسي والعسكري… وما فرص إنهاء الأزمة اليمنية، خصوصاً بعد التوصل إلى اتفاقات استوكهولم، وبعد الهجوم الإرهابي الذي نفذته ميليشيا الحوثي على المضخات النفطية في المملكة ومطاري نجران وأبها؟ – ينسى كثيرون، أو يتناسون، كيف بدأت الأزمة في اليمن. عمليات التحالف بدأت بعد أن استنفد المجتمع الدولي كل الحلول السياسية بين الأطراف اليمنية والميليشيا الحوثية. ولابد من التذكير هنا بأن المملكة هي رائدة الحل السياسي، وهي التي قدمت المبادرة الخليجية وعملت على تحقيق انتقال سياسي سلمي في اليمن في عام 2011، ودعمت الحوار الوطني، وقدمت أكثر من 7 مليارات دولار دعماً اقتصادياً وتنموياً لليمن بين أعوام 2012 و2014. وكانت جهود المملكة منذ عام 2011 تهدف إلى تحقيق انتقال سياسي سلس في اليمن بما يحافظ على استقلال اليمن وسيادته وتماسك مؤسساته السياسية والأمنية، منعاً لدخوله في حالة الفوضى. وبالفعل وقعت الأطراف اليمنية في الرياض على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. واشتركت كل الأطراف اليمنية، بما في ذلك الحوثيون، في الحوار الوطني اليمني الشامل. وبكل أسف قامت إيران من خلال الميليشيات التابعة لها بتعطيل المسار السياسي في اليمن، والبدء باحتلال المدن اليمنية والاستيلاء على مقدرات الدولة اليمنية، وقد أعطت المملكة كل الفرص لمعالجة الوضع بشكل سلمي، لكن إيران كانت تراهن على سياسة فرض أمر واقع عبر السلاح في الدول العربية، وللأسف لم يتصد المجتمع الدولي آنذاك لنهج إيران التوسعي والطائفي، ولذلك استمرت عبر ميليشياتها في محاولة بسط سيطرتها على اليمن. لكن الشعب اليمني وقف هو وقيادته موقفاً تاريخياً أمام هذا التدخل الإيراني، ولم نتأخر مع أشقائنا دول التحالف في المسارعة إلى الاستجابة للحكومة الشرعية لحماية اليمن وشعبه، وحماية أمننا الوطني، فلا يمكن أن نقبل في المملكة بوجود ميليشيات خارج مؤسسات الدولة على حدودنا. ولله الحمد تم تحرير معظم أراضي اليمن، وقد دعمنا الجهود كافة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية. ولكن للأسف، ميليشيا الحوثي تقدم أجندة إيران على مصالح اليمن وشعبه الكريم، ورأينا مؤخراً الهجوم الحوثي الإرهابي الآثم على المنشآت النفطية ومطار نجران، وتبجح القيادات الحوثية في تبنيه، وهو أمر يثبت مرة أخرى أن هذه الميليشيا لا تأبه بمصالح الشعب اليمني، وبأي مسار سياسي لحل الأزمة اليمنية. أفعالهم تعكس أولويات طهران واحتياجاتها، وليس صنعاء. موقفنا في التحالف فيما يتعلق بإنهاء الأزمة اليمنية واضح جداً، فنحن نؤيد جهود التوصل لحل سياسي وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2216 والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل، ونقبل مشاركة الأطراف اليمنية كافة في العملية السياسية، ولكن وفق ما نصت عليه المرجعيات الثلاث. فلن تقبل المملكة استمرار الميليشيات وبقاءها خارج مؤسسات الدولة، وسعياً لتحقيق هذا الهدف النهائي، سنواصل عملياتنا ودعمنا للشعب اليمني في سعيه لحماية استقلاله وسيادته مهما كانت التضحيات. وفي الوقت نفسه ستواصل المملكة عملها على الصعيدين الإنساني والاقتصادي، وفي مجال إعادة إعمار المناطق المحررة، فهدفنا ليس فقط تحرير اليمن من وجود الميليشيات الإيرانية، وإنما تحقيق الرخاء والاستقرار والازدهار لكل أبناء اليمن. > تحدثتم سمو الأمير عن حلم تحويل منطقة الشرق الأوسط لأوروبا جديدة. كيف ستواجهون عوائق تحقيق هذا الحلم في ظل ما يواجه المنطقة من اضطرابات سياسية كبيرة، وتحديات اقتصادية وتنموية؟ – يجب ألا نكون أسرى لأوضاع راهنة مؤقتة تمنعنا من العمل على تحقيق واجبنا الأول بصفتنا قادة في المنطقة، وهو النهوض بدولنا. ويجب ألا تشغلنا تحديات اليوم عن العمل بشكل حثيث لتحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة. تحدثت في سؤالك عن الاضطرابات السياسية، وهو أمر – ولا شك – يحدث في المنطقة، ولكن في الوقت نفسه فلننظر إلى المنطقة العربية حيث يوجد إجماع بين الغالبية العظمى لدولنا على أولوية العيش الكريم للمواطن، وتحقيق أمن واستقرار أوطاننا. لا تريد شعوبنا أن تكون أسيرة لنزاعات آيديولوجية تهدر فيها مقدراتها. واليوم وبشكل غير مسبوق أصبح هدف الجميع واحدا، وبات التنافس بين معظم دولنا على تحقيق أفضل معايير الحياة للمواطن، وجذب الاستثمارات وتحقيق التنمية في المجالات كافة. أما الاضطرابات السياسية فمصدرها معروف وهو التنظيمات الإرهابية مثل «داعش»، و«القاعدة»، و«الإخوان المسلمين»، وسياسات النظام الإيراني الراعي الأول للإرهاب والتطرف. ولن نضيع الوقت في معالجات جزئية للتطرف، فالتاريخ يثبت عدم جدوى ذلك. ونحن ماضون بإذن الله، من دون تردد، في نهجنا بالتصدي بشكل حازم لكل أشكال التطرف والطائفية والسياسات الداعمة لها. المملكة هي قبلة المسلمين وبلد الحرمين الشريفين، حباها الله بالثروات الطبيعية، والموقع الاستراتيجي، وبقيادات حكيمة منذ عهد الملك المؤسس، طيب الله ثراه، إلى العهد الميمون لمولاي خادم الحرمين الشريفين، وبشعب جبار مبدع ومبادر. والحمد لله تنعم بلادنا اليوم بالأمن والاستقرار والرخاء، ولا يليق أن يكون هذا البلد العظيم إلا في موقع الصدارة في كل المجالات مهما كانت الظروف والتحديات. لن يهدأ لنا بال حتى نحقق هذا الهدف لوطننا أولاً ثم لأشقائنا في المنطقة. > كيف ينظر سموكم إلى ما يشهده السودان من اضطرابات وتحولات سياسية؟ – يهمنا كثيراً أمن السودان واستقراره، ليس للأهمية الاستراتيجية لموقعه وخطورة انهيار مؤسسات الدولة فيه فحسب، ولكن نظراً أيضاً إلى روابط الأخوة الوثيقة ب