خبراء: هجمات الحوثيين على الإمارات انتقامية بعد تضاءل فرص بقائهم كدولة مستقلة على المدى الطويل

عدن الحدث.. متابعات
 
يذهب العديد من الخبراء والمحللين الدوليين، إلى أن الهجمات الحوثية على منشآت في العمق الإماراتي، كانت ردود بدوافع انتقامية. كما أنها لم تكن بعيدة عن التخطيط والإشراف الإيراني المباشر.
كما نقل مراسل “وول ستريت جورنال” ديون نيسنباوم، عن مسؤول خليجي قوله: إن “الحوثيون لا يشنون أي هجوم على دول أخرى بطائرات بدون طيار أو صواريخ [باليستية] أو صواريخ كروز دون إذن من إيران أو تعليمات منها”.
وأشار نيسنباوم، إلى أن “المسؤولين يبحثون الدور الذي لعبته إيران، في الهجوم إن وجد”.
وقال عضو فريق الخبراء الأممي السابق جيرجوري دي جونسون، إنه “سيكون من المهم التأكد من أن الحوثيين هم من نفذوا الهجوم بالفعل. في السابق، في عام 2019، أعلن الحوثيون عن هجوم على بقيق في المملكة العربية السعودية، وتبين لاحقا أن إيران نفذته”.
وأضاف، في سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر،  أن “الهجوم على الإمارات يأتي وسط تجدد القتال في اليمن. في نهاية عام 2021، كان الحوثيون يحرزون تقدما كبيرا في مأرب واستولوا على ثلاث مناطق في شمال شبوة. كلتا المحافظتين مهمتان للغاية، لأنه (إلى جانب حضرموت) هذا هو المكان الذي توجد فيه معظم حقول النفط والغاز اليمنية”.
وأردف: “أي جماعة مسلحة مثل الحوثيين، تريد دولة مستقلة، سيتعين عليها السيطرة على واحدة على الأقل من هذه المحافظات من أجل أن يكون لها قاعدة اقتصادية لبناء تلك الدولة”.
وتابع: “كما أن تقدم الحوثيين في شبوة كان مقلقا جدا للكثيرين. إذ أن الحوثيين لو كانوا نجحوا في الاستيلاء على شبوة، لكان ذلك قد أدى إلى عزل عدن عن حضرموت، وتقسيم الجنوب”.
وقال: “لذلك نقلت الإمارات إحدى قواتها الموالية، المعروفة بألوية العمالقة إلى شبوة(كانت ألوية العمالقة، إلى حد كبير موجودة على ساحل البحر الأحمر). سرعان ما طردت ألوية العمالقة الحوثيين من شبوة وبدأت بصد تقدمهم في مأرب”.
وأوضح، أن “هذه بالنسبة للحوثيين، كانت مشكلة، حيث تتضاءل فرص البقاء كدولة على المدى الطويل في حال خسارة مأرب”.
كما أشار، إلى تهديد الحوثيين للإمارات، أنه في حال لم تتوقف ألوية العمالقة عن هجومها في مأرب، فإنهم سينتقمون. فكان هجوم، الاثنين، بمثابة رد انتقامي.
واستطرد: “السؤال الآن هو ماذا سيحدث بعد ذلك. كانت الإمارات قد سحبت بشكل كبير قواتها في اليمن، اعتبارا من منتصف عام 2019. لكن من الواضح أنها تحتفظ بنفوذ وقيادة كبيرين على وحداتها الوكيلة على الأرض”.
وقال: “أظهر الحوثيون أنهم سيحمّلون الإمارات مسؤولية أفعال وحداتها الموالية. فهل سيعيد هذا الهجوم الإمارات إلى الحرب في اليمن. أم تكتفي ببعض الضربات الجوية على الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون؟”.
وأضاف: “كما هو الحال دائما، سيعتمد الكثير على ما يحدث على الأرض في مأرب. لكن يجب أن يذكرنا هذا، مرة أخرى، بأننا بعيدون جدا عن نهاية الحرب في اليمن. ويبدو أنه لا يوجد أحد، لا الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة أو أي شخص آخر لديه ما يشبه خطة قابلة للتطبيق”.
أما الباحثة اليمنية ميساء شجاع الدين، فقالت: “في خضم معركة الساحل الغربي للتحالف عام 2018 التي شاركت فيها الإمارات، ادعى الحوثيون هجوما على مطار أبوظبي. انكرته الحكومة الإماراتية لكن الحوثي نشر بعدها صورا لتأكيد روايته”.
وأضافت، في سلسلة تغريدات على حسابها في تويتر، أن “هذا الهجوم الحوثي الجديد يأتي أيضا ضمن مشاركة إماراتية من خلال قواتها اليمنية الموالية لها على الأرض كألوية العمالقة، في معركة نوعية ‏تعيق تقدم الحوثيين نحو مأرب. وهي معركة صارت أهميتها تفوق الوصف لدى الحوثيين الذين خسروا عشرات الأف من مقاتليهم غير الخسائر المادية”.
وتابعت: “بنظر الحوثيين فإن مأرب تضمن تقسيم اليمن لشمال وجنوب وتعطيهم صفة دولة. إضافة الى أنها محافظة غنية بتروليا وضرورية اقتصاديا لاكتمال شكل دولتهم. وأخيرا المسألة صارت ‏جرحا في نرجسية الحوثي، و بالتالي هذا تصعيد يهدف بشكل واضح لأرسال رسالة إلى الإمارات للتوقف عن تدخلها الإنقاذي الأخير بقوات مدربة وغير مستنزفة في معركة مصيرية وهي مأرب”.
وأردفت: “من المهم معرفة أن قدرة الإمارات في إدارة معاركها المسلحة على الأراضي اليمنية، أفضل وأكثر تنظيما بكثير من السعودية. إضافة الى أنها دولة لا تحتمل مئات الصواريخ مثل السعودية وبالتالي جاء ردها عصبيا جدا حتى الآن، لكنها قد تتجه للتهدئة في نهاية المطاف”.
واستطردت: “جدير بالذكر أنه بعد توقف معركة الساحل الغربي جراء الضغط الدولي المتزامن مع أزمة خاشقجي، كانت الإمارات أعلنت انسحابها من اليمن. وهو أمر غير صحيح فعليا، لأن قواتها لازالت موجودة وأن كان بشكل محدود. كما ‏زار وفد إماراتي إيران عام 2019، وأصبحت جبهتهم هادئة مع الحوثي. لكن ربما تجاوزت الجماعة الخطوط الحمراء بالتقدم نحو شبوه المحسوبة ضمن محافظات الجنوب، وهي ما كانت ضمن أسباب تغير موازين القوى الأخير وتدخل قوات العمالقة”.
وأضافت: “أخيرا، من اللافت الفارق بين دبي وأبوظبي، فالحوثي لديه أموال في دبي وهي أكبر ‏شريك تجاري لإيران بينما أبوظبي المسؤولة عن السياسة الخارجية وضعها مختلف. وبالتالي هي فقط قد تتعرض لاستهداف، أي أنه لن يؤثر على فعاليات إكسبو لكن يظل اقتصاد الإمارات وسمعتها لا تحتمل الكثير من ضربات الصواريخ مثل ماهو حاصل مع السعودية”.
في صورة الأقمار الصناعية التي قدمتها شركة Planet Labs PBC يتصاعد الدخان فوق مستودع وقود لشركة بترول أبوظبي الوطنية في حي المصفح بأبو ظبي إثر هجوم تبناه الحوثيون
وبالعودة إلى الهجوم، يبدو أن صورا التقطت عبر الأقمار الصناعية تظهر آثار هجوم مميت على منشأة نفطية في عاصمة الإمارات العربية المتحدة تبناها الحوثيون, كما جلب حرب اليمن الطويلة إلى الأراضي الإماراتية يوم أمس الاثنين.
كما تُظهر الصور التي التقطتها شركة Planet Labs PBC وحللتها وكالة “أسوشيتد برس” الدخان يتصاعد فوق مستودع وقود لشركة بترول أبوظبي الوطنية ” أدنوك” في حي المصفح بأبو ظبي بعد الهجوم. بينما أظهرت صورة أخرى التقطت بعد فترة وجيزة، علامات الاحتراق ورغوة بيضاء لإخماد الحرائق منتشرة على أرض المستودع.
وقالت “أسوشيتد برس”،  إن ” أدنوك” لم ترد على أسئلتها عن الموقع وتقديرات الأضرار الناجمة عن الهجوم. و قالت الشركة إن الهجوم وقع حوالى الساعة 10 صباح يوم أمس.
وقالت شركة النفط الإماراتية “أدنوك”، أمس، إنها فعلت الخطط الضرورية لاستمرارية الأعمال لضمان توفير إمدادات موثوقة من المنتجات لعملائها في الإمارات وحول العالم وذلك في أعقاب حادثة مستودع الوقود في المصفح في أبو ظبي.
وأضافت الشركة، في حسابها على تويتر، أنها ستعمل في الوقت ذاته على الحفاظ على أمن وسلامة كوادرها.
ولاقت الهجمات الحوثية على الإمارات ردود أفعال عربية ودولية واسعة، تندد في مجملها باستهداف المنشآت والبنى التحتية المدنية. وتحذر من تصاعد خطير للعنف في المنطقة، وتدعوا إلى وقف التصعيد في المنطقة.
كما أدان الأمين العام للأمم المتحدة الهجمات الحوثية على مطار أبوظبي الدولي ومنطقة المصفح الصناعية المجاورة. التي تسببت في سقوط عدد من الضحايا المدنيين، وأعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنها. منوها إلى أن القانون الإنساني الدولي يحظر الهجمات على المدنيين والبنية التحتية المدنية.
تجدر الإشارة، إلى اختطاف الحوثيين مطلع يناير الجاري، سفينة تحمل العلم الإماراتي، في تطور غير مسبوق في البحر الأحمر. وندد التحالف العربي بالحادثة ووصفها بأنها “قرصنة”.  كما وضح أن السفينة كانت تحمل معدات طبية من مستشفى ميداني أنشأته السعودية في سقطرى. وكانت في صدد نقله إلى ميناء جازان. كما نشرت مليشيا الحوثي صوراً لشحنة مفترضة على السفينة تظهر فيها مدرعات وذخائر. ورفضت مؤخرا دعوة مجلس الأمن الإفراج عن السفينة وطاقمها.