العرب اللندنية :التحذيرات الأممية لا تردع التصعيد الحوثي في اليمن

العرب..
مرّ شهران على انتهاء هدنة استمرت نصف عام في اليمن، من دون تصعيد كبير، لكن سلسلة هجمات شنها الحوثيون ضد موانئ نفط تثير مخاوف من تصعيد عسكري وعواقب اقتصادية على البلد الغارق في الحرب.
وتبنّت جماعة الحوثي المدعومة من إيران هجمات بطائرات مسيّرة تسبّبت في منع ناقلات نفط من الرسو في موانئ تسيطر عليها الحكومة، في مسعى للضغط من أجل انتزاع مكاسب من السلطة في خضم سعي الأمم المتحدة إلى تمديد الهدنة.
ويطالب الحوثيون الحكومة، التي يساندها تحالف عسكري بقيادة السعودية، بدفع رواتب الموظفين العامين والعسكريين المتقاعدين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وهو ما ترفضه السلطة.
وبحسب المصرف المركزي في عدن (جنوب) بلغت عائدات الحكومة اليمنية من صادرات النفط حوالي 1.4 مليار دولار خلال العام الماضي. ويُنتج البلد الفقير نحو 80 ألف برميل يوميا، تصدّر غالبيتها لتمويل 70 في المئة من النفقات.
ويقول الباحث بمركز مالكوم كير – كارنيغي في بيروت أحمد ناجي إنّ سبب شنّ الحوثيين هجمات على الموانئ هو رغبتهم في “الضغط من أجل تحقيق مطالبهم”.
وأضاف “هذا يكشف حجم التحديات الاقتصادية التي تواجهها الجماعة في مناطق سيطرتها، ويكشف تحوّلا مهمّا في سياق الحرب وهو الانتقال من النقاش حول تقاسم السلطة إلى تقاسم الثروة والموارد”.
ويسيطر الحوثيون على مناطق شاسعة في شمال وغرب اليمن، من بينها العاصمة صنعاء ومدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر التي تضمّ ميناء رئيسيا تعبر منه غالبية المواد التجارية والمساعدات الإنسانية.
ويدور النزاع على السلطة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية منذ 2014. وقد تسبّبت الحرب في مقتل مئات الآلاف من الأشخاص بشكل مباشر أو تأثرا بتداعياتها، وفق الأمم المتحدة التي تقول إنّ اليمن يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
ويواجه مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ صعوبات في سعيه لإحياء هدنة استمرت ستة أشهر، بعد عدم توصّل الحكومة اليمنية والحوثيين إلى اتفاق على تمديدها في بداية أكتوبر الماضي. ومنذ انتهائها أعلن الحوثيون أنهم شنوا ثلاث هجمات ضد موانئ نفط.
وحذّر رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي في منتصف نوفمبر الماضي خلال لقاء مع سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي من أن تؤدي هذه الهجمات إلى “نسف مساعي السلام”.
وتحدّث العليمي أيضا عن خطر “تداعياتها الإنسانية الكارثية التي قد تشمل عجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين والوفاء بالتزاماتها الأساسية تجاه المواطنين”.
وفي هذا الوقت يهدّد خطر المجاعة الملايين من سكان اليمن، فيما يحتاج الآلاف منهم، بينهم الكثير من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى علاج طبي عاجل غير متوّفر في البلد الذي تعرّضت بنيته التحتية للتدمير.
ويعتمد نحو 80 في المئة من السكان، البالغ عددهم 30 مليون نسمة، على المساعدات.
ويرى مدير مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية ماجد المذحجي أن ما يقوم به الحوثيون هو بمثابة “ابتزاز” للحكومة، مضيفا “يريدون حصة من هذه الموارد دون تقديم أي تنازلات”.
ويعتبر المذحجي أن استهداف الموانئ يعد “مقامرة كبيرة قد تدفع الحكومة باتجاه خيارات متطرفة، إذ أنّ استهداف الموانئ يعني حرمان الحكومة من مواردها، وهو ما يعني عدم قدرتها على دفع الرواتب. وفي هذا الركن الخطير يمكن أن تذهب باتجاه كل الخيارات السيئة”.
لكن الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط إليزابيث كيندال ترى أن الحوثيين “لا يملكون ما يخسرونه مقابل ما يمكنهم كسبه عبر مواصلة القتال”، معتبرة أنهم أصبحوا يحتجزون “موانئ النفط اليمنية للحصول على فدية”.
وضمن إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي في 22 نوفمبر الماضي قال غروندبرغ إنّ الهجمات التي شنّها المتمردون على الموانئ تهدف إلى “حرمان الحكومة اليمنية من مصدر إيراداتها الرئيسي المتمثل في تصدير النفط”.
وحذّر المبعوث الدولي من أن هذه الهجمات “تقوّض في نهاية المطاف رفاه الشعب اليمني، كما يترتّب عليها خطر زيادة التصعيد العسكري والاقتصادي”.
وكان الحوثيون رفضوا خطة غروندبرغ لتمديد الهدنة، التي تقرّر في البداية أن تستمر شهرين وتم تجديدها على مرحلتين، إلى فترة ستة أشهر وتوسيعها لتشمل نقاط اتفاق جديدة.
وخلال فترة الهدنة تبادلت الحكومة اليمنية والحوثيون اتهامات بخرق وقف إطلاق النار، ولم يطبّق الاتفاق بالكامل وخصوصا ما تعلّق منه برفع حصار المتمردين لمدينة تعز في جنوب شرق البلاد، لكنّه نجح في خفض مستويات العنف بشكل كبير.
وترى كيندال أنه “لا يزال هناك أمل (في الهدنة) ولكنه يتلاشى بسرعة” خصوصا في ظل الهجمات التي تستهدف موانئ النفط.