مجلة أميركية: اليمن وجهة مغرية للتدخل الروسي دبلوماسيا

كشفت مجلة "ناشيونال إنترست" الأميركية، في تقرير نشرته في عددها الأخير، أن هناك دورا روسيا منتظرا للتوسط في الحرب في اليمن. واوضحت المجلة أنه منذ بداية محادثات أستانة حول سورية في ديسمبر/كانون الأول 2016 أعطى المحللون الغربيون اهتماما كبيرا لدور روسيا المتنامي كوسيط للنزاعات في الشرق الأوسط. وتبين مؤشرات عدة أن موسكو ستلعب دورا دبلوماسيا رائدا في المنطقة، وفق المجلة. ومن أكثر الملفات المحتملة لتدخل دبلوماسي روسي ليبيا والأزمة الخليجية، إضافة إلى الخلاف الإيراني السعودي. وفي حين يتيح التدخل في كل من هذه الأزمات الإقليمية الثلاث فرصا أمام روسيا لتوسيع نفوذها الجيوسياسي في الشرق الأوسط، لم يعط صناع القرار في الغرب سوى اهتمام محدود لاحتمال دخول روسيا على خط الحرب في اليمن دبلوماسيا. ويرى صناع القرار في روسيا، حسب المجلة الأميركية، أن اليمن وجهة مغرية لتدخل الروس دبلوماسيا، لأنهم يعتقدون أن السعودية مستعدة لإنهاء الحرب هناك بشروط مقبولة، على حد قول وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو. وردا على أسئلة الصحافيين، أصر الجبير على أن السعودية تريد تسوية دبلوماسية فى اليمن تجبر جميع الأطراف المتحاربة على الامتثال لقرار مجلس الأمن الدولى رقم 2216، وهو قرار صدر فى أبريل/نيسان عام 2015، يدعو إلى إنهاء الحرب في اليمن. ويمكن تفسير هذا الموقف السعودي من الحرب اليمنية داخل المؤسسة السياسية السعودية بتدهور الأوضاع على الأرض في اليمن. ومن أجل التوصل إلى تسوية سياسية دائمة في اليمن، ستحتاج الرياض إلى التنسيق مع وسيط خارجي قوي، حيث استنفدت الجهات الفاعلة الإقليمية مثل الكويت وعمان خياراتها الدبلوماسية. ويوفر هذا الفراغ فرصة ممتازة لروسيا لعرض وساطتها الدبلوماسية من خلال تسهيل حل الصراع في اليمن. وعلى الرغم من أن التدخل العسكري السعودي في اليمن قد انتقل إلى صراع طويل، فقد حافظت روسيا على علاقات إيجابية مع قادة طرفي الحرب. وللتعبير عن التزامها بالحوار الدبلوماسي الشامل، تحتفظ روسيا بسفارة في العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وقنصلية في العاصمة المؤقتة عدن. ومن خلال هذه القنوات الدبلوماسية، أشرفت موسكو على مشاورات غير رسمية بشأن وقف الأعمال القتالية في اليمن. ومن أجل إرضاء الحوثيين في اليمن، دأبت موسكو على دحض انتقادات الأمم المتحدة للاعتداء على السعودية، وأرسلت مساعدات إنسانية إلى مناطق اليمن التي دمرتها الضربات الجوية للتحالف العربي. وعزز هذا النهج "المتوازن" علاقات روسيا مع الأطراف السياسية اليمنية، ما يسمح لها بأن تكون وسيطا فعالا في الصراع. كما أن لروسيا تاريخا طويلا من تعزيز الاستقرار السياسي في اليمن، خلال فترات الصراع اليمني. ففي عام 1986، اندلعت حرب أهلية، وعلى الرغم من أن الاتحاد السوفييتي كان متواطئا في اندلاع هذه الحرب الأهلية، إلا أنه ساعد على استقرار البلاد وتعهد بتقديم مساعدات اقتصادية. كما أثر الاتحاد السوفييتي تأثيرا عميقا على المفاوضات الدبلوماسية التي أدت إلى إعادة توحيد اليمن عام 1990. وستكون للتدخل الدبلوماسي الروسي المرتقب في اليمن في حال نجاحه آثار إيجابية كثيرة على أجندة موسكو الجيوسياسية في الشرق الأوسط. كما أن الإسهام بقوة في وقف الصراع في اليمن فرصة لروسيا لترسيخ نفسها كقوة عسكرية كبرى على البحر الأحمر. فمنذ عام 2009، أعرب المسؤولون العسكريون الروس عن اهتمامهم بإنشاء قاعدة بحرية روسية على الأراضي اليمنية. ومن شأن هذه القاعدة البحرية أن تزيد من وصول روسيا إلى ممرات الشحن في البحر الأحمر، وأن تعطي موسكو موطئ قدم في مضيق باب المندب، أحد المعابر المائية في الشرق الأوسط والعالم. وبما أن الولايات المتحدة تمارس نفوذا كبيرا على الأنشطة التجارية التي تمر عبر مضيق باب المندب، والصين أقامت قاعدة بحرية في جيبوتي على البحر الأحمر، فإن إنشاء قاعدة عسكرية روسية في اليمن سيزيد من الإقرار بروسيا كقوة عظمى في المنطقة. ومن منظور استراتيجي طويل الأمد، فإن التدخل الدبلوماسي الروسي في اليمن من شأنه، في حال نجاحه، أن يعطي مصداقية لوساطة روسيا في ملفات أخرى في المنطقة حاليا ومستقبلا. وإذا عملت روسيا كوسيط محايد وفعال في اليمن، فإن بوتين سيكون قادرا على مواجهة الانتقادات لسياسة موسكو في سورية وزيادة احترام روسيا كوسيط في العالم العربي.