انتهاكات جسيمة بحق الأطفال في اليمن

عدن الحدث / خاص



تعاني الطفلة يا سمين من انزلاقا في العمود الفقري ثلاث فقرات إثر انهيار سقف منزلهم فوقها وأسرتها جراء استهداف منزلهم بصاروخين كاتيوشا من قبل ميلشيا الحوثي وصالح الانقلابية في اشد الأحياء ازدحاما بالمدنيين والأبرياء.

لم تفقد ياسمين حركتها الدؤوبة فقط، بل كافة أفراد أسرتها، عدا هي وشقيقها البالغ من العمر 15 عاما، كان الحظ قد حالفه بأن كان في تلك الليلة المؤلمة لدى منزل خاله الذي يبعد عن منزلهم بنحو 300 متر تقريبا، ليكونا ما تبقى من أسرة قوامها 7 أفراد.

تلتزم ياسمين القعود بشكل مستمر، بعد أن فقدت الأمل في استعادة حركة جسدها كما ورد في التقرير الطبي الذي استحال علاج حالتها التي تعمقت إلى الحبل الشوكي المرتبط بالدماغ، حيث لا تبرح مكانها مطلقا إلا للضرورة القصوى كقضاء الحاجة، معتمدة على إحدى قريباتها التي تتولى أسرتها شؤنها وشؤون شقيقها الذي تسببت له الحادثة بأزمة نفسية بليغة.

بالكاد تتلفظ ياسمين ببعض الكلمات حيث تتحول الذكريات إلى غصة إضافة إلى عدم قدرتها حتى تحريك اصابعها اللينة.

يروي السكان " إنهم وجدوا المنزل حطاما في منتصف الليل بعد قصف ميلشيا الحوثي وصالح الانقلابية له وقتل كل افراد الأسرة، ما اصابنا بالصدمة والفجيعة".

ويستمر الأطفال في دفع الثمن الأغلى في الحرب الدائرة، فقد أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في اليمن بأنّ نحو نصف الحالات المشتبه في إصابتها بالكوليرا وعددها أكثر من 124 ألف حالة، هي من الأطفال.

وأشارت إلى أنّ كثيرين من الذين "أصيبوا بالمرض أو ماتوا بسبب الكوليرا كانوا يعانون أصلاً من سوء تغذية".

وتواجه اليمن أحد أعلى معدلات نسب سوء التغذية بين الأطفال في العالم، بينما الخدمات الأساسية على حافة الانهيار بصورة كاملة.

ويعاني 2.2 مليون طفل دون الخامسة من سوء التغذية، من بينهم 462 ألفاً من سوء التغذية الحاد الوخيم.

وقالت ممثلة اليونيسيف في اليمن" إن 1.7 مليون طفل يمني تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية المتوسط، ويعاني 462 ألف طفل آخر من سوء التغذية الحاد، وذكرت أن 7.4 ملايين طفل يحتاجون إلى رعاية صحية في ظل نظام صحي أصبح "على حافة الانهيار" وفي ظل تعذر حصول 14.4 مليون يمني على مياه شرب سليمة.

من جانبها قالت "هيومان رايتس ووتش" ان الحوثيين وقوات صالح تنتهك الحظر الدولي المفروض على استخدام الألغام الأرضية وهو ما أدى الى مقتل واصابة مئات المدنيين وهو ما يرقى الى مستوى "جرائم حرب".

واضافت المنظمة في تقرير لها "إن الحوثيين وقوات موالية لصالح زرعت الالغام في ست محافظات يمنية على الاقل منذ مارس/آذار 2015، ما ادى الى سقوط مدنيين وعرقلت عودة النازحين الفارين من الصراع إلى منازلهم.

وتذكر المنظمة "إن مسلحي الحوثي وصالح زرعوا واستخدموا ألغاما أرضية في 6 محافظات على الأقل منذ مطلع العام 2015م وانقلابهم على السلطة واسقاط العاصمة صنعاء ومن ثم التقدم نحو المحافظات الأخرى ما تسبب في قتل وتشويه مئات المدنيين، معظمهم من الأطفال، بالإضافة إلى تعطيل الحياة المدنية في المناطق المتضررة".

وكانت قد دعت المنظمة ميلشيا الحوثي وصالح إلى الالتزام باتفاقية حظر الألغام، مشددة على أن ثمة حاجة إلى مساعدة دولية لإزالة الألغام في اليمن الذي مزقه الحرب.

وتم توثيق إصابات في صفوف الأطفال نتيجة للألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب، حيث قتل 15 طفلا وأصيب 67 بجراح في أبين وعدن وأمانة العاصمة وعمران وبيضاء والضالع وذمار ولحج ومأرب وصعدة وشبوة وتعز.

وتحققت الأمم المتحدة من زيادة بمقدار 6 أضعاف في عدد الأطفال، الذين قتلوا أو شوهوا مقارنة بعام 2014، بلغ مجموعه 1953 إصابة في صفوف الأطفال (785 طفلا قتيلا و 1168 جريحا) وكان أكثر من 70 في المئة من الفتيان.

وحرمت الحرب أكثر من ثلثي اليمنيين من الحصول على العناية الطبية اللازمة، وأصبح الحصول على الغذاء أكثر صعوبة، وتؤكد اليونيسيف أن الأطفال أكثر من يدفع ثمن الحرب في اليمن، إذ أن سوء التغذية والأمراض يتسببان بوفاة طفل واحد على الأقل كل عشر دقائق.

كما حرم النزاع آلاف الأطفال من التعليم بعدما خرجت قرابة ألفي مدرسة عن الخدمة بسبب الدمار الذي لحقها أو الضرر الذي أصابها جراء تحويل ميلشيا الحوثي وصالح الانقلابية لها إلى ثكنات عسكرية ومخازن للأسلحة ما جعلها هدفا لمقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، أو لأنها تحولت إلى ملاجئ للنازحين.

ووفقا للانتهاكات، تحققت الأمم المتحدة من 51 حادثة تتعلق باستخدام المدارس لأغراض عسكرية، وقع معظمها في تعز على يد قوات الحوثيين، كما قام الحوثيون باستخدام المدارس في عدن والضالع ولحج، وتم التحقق من 4 حوادث تتعلق باستخدام المستشفيات لأغراض عسكرية.

وكانت قد كشفت ندوة في الربع الأول من العام 2017 بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف بسويسرا، "إن عدد الأطفال اليمنيين الذين جندتهم مليشيا الحوثي وصالح بلغ أكثر من عشرة آلاف، وذكرت أن معظم الأطفال المجندين أُخذوا من المدارس، ومعظمهم دون علم عائلاتهم.

واتهمت منظمة العفو الدولية (أمنستي) مليشيا الحوثي بتجنيد أطفال لا تتجاوز أعمار بعضهم 15 عاما، وأنه جرى استخدامهم في "الخطوط الأمامية" في الصراع، مؤكدة أنها استقت هذه المعلومات من عائلات أطفال وقصر جنّدهم الحوثيون في صنعاء.

وقالت المنظمة في تقرير سابق لها" إنه من المروع أن قوات الحوثي تأخذ الأطفال بعيدا عن والديهم ومنازلهم، وتجردهم من طفولتهم لوضعهم على خط النار، مما قد يعرضهم للقتل".

ووصف التقرير تجنيد الحوثيين الأطفال بأنه "انتهاك مخز ومشين" للقانون الدولي، وطالب الحوثيين بوقف فوري لجميع أشكال تجنيد الأطفال دون سن 18 عاما.

وذكرت تقارير دولية أخرى "من أصل 762 حالة تجنيد مؤكدة للأطفال، جميعهم من الفتيان، عزيت غالبيتها إلى الحوثيين".

وعن حوادث الاختطاف، ذكرت الأمم المتحدة أن هذه الحوادث تُعزى كلها إلى الحوثيين، باستثناء حادثة واحدة تعزى إلى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.