الجفري يكشف في حوار مع “سبوتنيك” أهم مراحل الصراع بين الجنوب والشمال في اليمن

عدن الحدث/متابعات

تاريخ طويل من العمل السياسي تخطى ستة عقود، كان خلالها شاهدا وفاعلا في تلك المشاهد والتحولات، تقلد المناصب السياسية العليا وظل متمسكا بالثوابت التي تربى عليها، يقود اليوم أعرق وأقدم الأحزاب السياسية في الجنوب العربي اليمن حزب رابطة الجنوب العربي الحر (الرابطة)، كما شغل منصب نائب رئيس دولة الجنوب. أصابته لعنات السياسة فترك عدن في عام 1994 بعدما قصفت قوات الرئيس علي عبد الله صالح العاصمة بالطائرات والمدفعية وحاصرت المحتجين، حيث عاش سنوات طويلة في المنفى حاملا الحلم الجنوبي كأي مواطن يحلم بعودة حلمه المسروق. السياسي والقيادي الجنوبي عبد الرحمن الجفري، يكشف أهم مراحل الصراع بين الجنوب والشمال في اليمن، في حواره مع سبوتنيك : سبوتنيك: بداية… لا يمكن تصنيفكم على أي من التوجهات السياسية القديمة أو الحديثة في المنطقة، سوى أنك رابطي . هل تغيرت ثوابت حزب رابطة الجنوب العربي بعد تغير الأوضاع في المنطقة واليمن؟.— الثوابت تظل ثوابت. والتي تتغير هي الأساليب. والمواقف حسبما تقتضيها الظروف. وفخري أنني كما قلتم رابطي جنوبي الهوى والهوية والمنشأ. سبوتنيك: بعد سنوات من الاستقلال حدثت الوحدة بين الجنوب والشمال، وأنت شاهد عيان. هل كان انهيار الاتحاد السوفييتي أحد العناصر الرئيسية في طلبكم الوحدة من الرئيس السابق على عبد الله صالح؟. — قد يكون انهيار الاتحاد السوفياتي هو الدافع الرئيسي الذي دفع بإخواننا في النظام في عدن. أما نحن فقد كنا في الشتات والمنافي منذ الخمسينيات ثم الأكثرية منا مع غيرنا أصبحوا كذلك منذ الاستقلال الذي كان حزبنا أول من سعى إليه (الاستقلال) منذ مطلع الخمسينيات وتحمل روادنا النفي والتشريد ودمار المساكن من بريطانيا. وكان روادنا من حصلوا صيف عام 1963 من الأمم المتحدة على قرارات باستقلال الجنوب العربي ووحدة أراضيه وانتقال السيادة لشعبه. والجدير بالذكر، أنه عندما تم توقيع إعلان عدن في 30 نوفمبر 1989، القاضي بالتوجه نحو الوحدة، أصدرنا بيانا وأرسلنا برقية في صباح اليوم التالي 1 ديسمبر 1989 إلى الإخوة في نظام الحكم في العاصمة عدن، نطالب فيها بمصالحة وطنية ووحدة وطنية جنوبية قبل الذهاب إلى أي وحدة مع صنعاء. كما أننا توجهنا إلى عدن في 13 مارس 1990 وأصدرنا بيانا في عدن نكرر موقفنا هذا، ولكن للأسف كان الجميع منشغلا في لجان الوحدة، بل اكتشفنا فيما بعد الاستعجال في تنفيذ الوحدة حيث قدموا موعدها من 30 نوفمبر 1990 إلى 22 مايو 1990. سبوتنيك: متى اكتشفتم أن صالح خدعكم ودمر أحلامكم؟. اليمن في يوم الوحدة… مصير البلاد على المحك!- أكرر، نحن لم نكن طرفا أو شريكا في نظام الوحدة. وإنما عدنا إلى وطننا لأول مرة بعد نحو ربع قرن وبعضنا قضى أكثر من ذلك. ولا أرى أن القضية قضية خديعة، ولكن الأساس، التي قامت عليه الوحدة هو الكارثة. فلقد اعتبروا الدولتين شطرين من واحد هو اليمن وليس قطرين. وأنها إعادة للوحدة اليمنية، وهذه كذبة. فلم تكن أصلا في التاريخ دولة بمسمى اليمن إلا منذ عهد الإمام يحيى حميد الدين في عام ،1918 ولم يكن الجنوب العربي جزءا منها، وأسموا الوحدة هذه بعودة الفرع إلى الأصل. وتعاملوا على هذا الأساس. سبوتنيك: بقيت في الجنوب حتى العام 1994 عندما قرر صالح الدخول عسكريا للجنوب. هل كانت هناك مفاوضات مع الرئيس صالح. ماذا طلبتم وماذا طلب منكم؟. — كان هناك حوار قبل الحرب، استمر نحو ثلاثة أشهر، بين جميع القوى وتوصلنا لاتفاق هو وثيقة العهد والاتفاق ، التي كنت أنا من كتب مسودتها. وتم النقاش والتعديلات، وتم التوقيع عليها في الأردن برعاية الملك حسين، وحضور عربي ودولي، لكن كالعادة تم الانقلاب عليها وتم ضرب الألوية العسكرية الجنوبية في محافظات اليمن الأعلى، بدءا بمنطقة عمران. وتحركنا من صنعاء إلى عدن كلجنة حوار لتهدئة الأوضاع وبعد يومين، أي يوم الأربعاء 4 مايو 1994، فوجئنا بزملائنا من محافظات اليمن الأعلى والأسفل يغادرون برحلة طيران اليمنية وقت المغرب إلى صنعاء وعلمنا أن الرئيس صالح طلب منهم العودة فورا، وبقي من اللجنة الجنوبيون وهم عمر الجاوي، أمين حزب التجمع الوحدوي ومحسن محمد بن فريد أمين حزب الرابطة وكنت معهم، وكذلك محمد راوح، قيادي في اتحاد القوى. وبعد ساعتين بدأ الهجوم على الجنوب من كل المحاور وعلى عدن بالطيران، فوقفنا مدافعين مع أهلنا في الجنوب حتى نفذت الذخائر الأساسية واشتد القصف بكل الأسلحة الثقيلة على أحياء عدن، وفي مساء 6 يوليو 1994 رأت القيادة العسكرية أن أي استمرار في القتال لن يحرز نتيجة وسيزداد الدمار في عدن فتقرر الإنسحاب صباح اليوم التالي 7/7 وكنت مع آخر المغادرين أنا وأسرتي بعد ظهر ذلك اليوم. سبوتنيك: غادرت الجنوب إلى أوروبا والمملكة العربية السعودية كمعارض سياسي. من من الدول الغربية والعربية كان متعاطفا مع قضيتكم؟ – بعد انسحابنا من الجنوب العربي، توجهت قيادات مدنية وعسكرية إلى سلطنة عمان وجيبوتي والإمارات العربية المتحدة، ثم البعض إلى المملكة العربية السعودية، وتم ترتيب أوضاع النازحين أغلبهم في مصر وسوريا وبعض القيادات في المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم من الأشقاء لترتيب أوضاع النازحين، ثم أسسنا جبهة موج في لندن وأقمنا مؤتمرا في قبرص كان عبدالقوي مكاوي، رئيس جلساته، وحضره نحو مائتان من القيادات والشخصيات للأطراف التي تحالفت في الدفاع عن الجنوب.وكان تشكيل موج من تلك الأطراف وهي الجبهة المتحدة برئاسة المكاوي والمستقلون ومنهم سليمان ناصر مسعود وعبدالله الأصنج، والحزب الاشتراكي اليمني، وحزب الرابطة، وكلفني الزملاء بأن أكون رئيسها، أما على سالم البيض فأقام في سلطنة عمان ولم يكن يستطيع مزاولة أي نشاط سياسي منها. أسسنا موج في لندن وكان لنا مكتب وصحيفة باللغة الإنجليزية، وصحيفة بالعربية تصدر من قبرص. وكان لنا علاقات جيدة بمجلس العموم البريطاني والبرلمان الأوروبي واستصدرنا أكثر من مرة من كل منهما بيانات تساندنا، كما كان لنا بعض النشاط السلمي في الداخل، وكذلك كان لنا نشاط في بعض الجامعات البريطانية بإلقاء محاضرات، كذلك في شاتم هاوس عبر الندوات وورش العمل، وعقد مؤتمر في لندن تبنته جامعة لندن ودعونا إليه من القوى الوطنية بالداخل ومن الشخصيات العربية والأجنبية، وصدرت عنه أوراق هامة تساند قضيتنا، وكانت لنا صلات بأطراف أوروبية أخرى، كما كانت هناك زيارات لبعض القيادات إلى الولايات المتحدة الأمريكية. سبوتنيك: تأسس الحراك الجنوبي ليحمل قضية الشعب الجنوبي. ما كان دوركم فيه. وهل كان الحراك هو الوحيد الذي يطالب برحيل الشماليين؟ — ليست هناك مطالبة برحيل الشماليين، بل بتحرير واستقلال الجنوب العربي وبناء دولته، والحراك تأسس بعد مخاض بدأ بحركة مطلبية ردا على فصل عشرات الآلاف من الجنوبيين المدنيين والعسكريين من وظائفهم، ومن بقي من الجنوبيين المتعاونين مع النظام تم تهميشهم بتعيينهم في مناصب لكن لا قرار لهم، ثم تطورت هذه المطالبات خاصة بعد إعلان التسامح والتصالح بين الجنوبيين من جمعية أبناء ردفان، وفي 7 يوليه 2007. وتم الإعلان عن قيام الحراك من جانب قادة عسكريين ومعهم مدنيين، الحراك الجنوبي المطالب بتحرير واستقلال الجنوب وبناء دولته، والحراك عند إعلانه لم يكن كيانا تنظيميا وإنما تحرك جماهيري شعبي، ولم يكن لنا كحزب رسمي، ولا لغيرنا من أمثالنا دور رسمي لأنه كما أسلفت ليس له إطار يجمع كيانات، إنما من قياداتنا وشبابنا كانوا ضمن الحراك من البداية. وتمت محاولات من قيادات حراكية تأطير الحراك فتم إنشاء المجلس الوطني كذلك اتحاد شباب الجنوب وغير ذلك مما تم تشكيلها من مجالس وجبهات ومنظمات نسوية وشبابية، والجميع ساهم بما يستطيع لدعم فعاليات الحراك التي كانت رائعة وأثبتت روح شعبنا التواقة لحريته عبر تضحيات بالروح ويتلقون الرصاص وهم عزل، وللإنصاف أن أكثر من كان يقدم الدعم للحراك هم أهلنا في يافع. الذي يجمعونه من مصاريفهم وقوتهم. سبوتنيك: الجنوبيين أو من خرجوا إلى الشوارع قبل الثورات العربية. لماذا لم تحققوا مطالبكم حتى الآن؟ — ماسمي بالربيع العربي هو قضية تغيير حاكم، ربما بمثله أو أسوأ منه، بجييش الجماهير التي تعرضت لمظالم، ومع هذا. أين نجح هذا الربيع؟ وما إنجازاته؟. مئات الآلاف من الضحايا من الأطفال والنساء والرجال وملايين المشردين. ودمار لم نشهده في بلداننا من قبل. جنوب اليمنتفاصيل أخطر بيان للمقاومة في الجنوب اليمنيأما قضية الجنوب العربي فهي قضية وطن واستقلال وبناء دولة والتمسك بهوية. ومع ذلك تحقق قضيتنا نجاحات وانتشار. ولأننا أصحاب قضية وجادون في إنجاحها فأراضينا تم تحرير معظمها من الاحتلال اليمني بدعم من التحالف العربي. في حين أن إخواننا في اليمن الشقيق لم يحرروا محافظة واحدة كاملة رغم أن ما تم تسخيره لهم من دعم من التحالف، مالا وسلاحا وقوة جوية ضاربة ودعم لوجستي، في محافظة واحدة يفوق أضعافا كل ما احتاجه الجنوب لتحريره.سبوتنيك: خلال فترة مقاومتكم لحكم الشمال كان هناك تلاقي بينكم وبين أنصار الله (الحوثيين) في أنكم جميعا تتعرضون للظلم من حكم صالح. هل كان الحوثي يطمح للحكم في اليمن؟ — لم يحدث تلاقي بيننا وبين الحوثيين. إنما بعض قيادات الحراك ممن كانوا في سجون الاحتلال وجدوا في السجون حوثيين أبدوا تعاطف مع الجنوبيين. لكن عندما سيطروا على صنعاء كانت عينهم على عدن. وحشدوا واحتلوا عدن وبعض مناطق جنوبية لكن شعبنا ومن ضمنه من التقوهم في السجون كانوا لهم بالمرصاد وأخرجوهم من الجنوب. وفي لقاء تلفزيوني مباشر من قناة الحدث-العربية حذرتهم من الاقتراب من الجنوب، وقلت لهم إن حاولتم احتلال الجنوب سنقاتلكم ولو بأظافرنا، وإذا دخلتوا الجنوب بالقوة ستخرجون منه بالقوة كما حدث للمتوكل إسماعيل في الدولة القاسمية. سبوتنيك: بعد العام 2011 وإبعاد صالح عن الحكم. لماذا دب الخلاف داخل الكتل السياسية الجنوبية وعلى رأسها الحراك الجنوبي؟ — الاختلافات تحدث حتى في الكيان الواحد، لكن لم تحدث خلافات بين كتل سياسية. أما الاختلافات والتباينات فأمر طبيعي. سبوتنيك: برأيكم هل تفرق دم القضية الجنوبية بين القوى الداخلية والخارجية حتى أصبح تحقيق حلم عودة الدولة بعيد المنال إن لم يكن مستحيل؟ — دم القضية الجنوبية أغلى من أن يسمح شعب الجنوب العربي بأن يسفك، أما هدف استقلال الجنوب العربي وبناء دولته فإنه بكل الحسابات العلمية السياسية بإذن الله سيتحقق، والقراءة تقول إن مناطق المصالح المشتركة مع الإقليم والعالم هي في الجنوب العربي، وتحقيق وصيانة تلك المصالح يحتاج أمن واستقرار، فهل سيتحقق هذا دون تحقيق شعب الجنوب العربي لأهدافه التي قدّم في سبيلها خيرة أبنائه ولا زال يقدم. سبوتنيك: هل تعرض الرئيس الراحل صالح للخداع وسلم اليمن لـ الحوثيين وعندما أدرك ذلك تم قتله؟ — من خدعه؟ على عبدالله كان من أشطر الساسة على المستوى العربي. وغلطة الشاطر بألف غلطة. سبوتنيك: برأيكم الحرب الدائرة اليوم. من يقف وراءها؟ – الذي تسبب فيها الحوثيون ، والذي سيعرف كيف يوقفها غيرهم.سبوتنيك: برأيكم لماذا تفشل كل مساعي السلام. هل تحولت اليمن إلى ساحة لتسوية الخلافات بين قوى في المنطقة. يدفع اليمنيين ثمنها من دمائهم؟ — تضافرت أسباب عدة لفشل مساعي السلام السابقة ويأتي في مقدمتها الفساد في الدولة اليمنية الذي يستفيد أهله من استمرار الصراعات. سبوتنيك: السعودية والإمارات قادت تحالفا عسكريا لإعادة الشرعية في اليمن منذ 4 سنوات، ومع ذلك الشرعية تقف على أبواب الجنوب وصنعاء لم تتحرر، من يريد استمرار الحرب؟ — كل مستفيد منها سيعمل على استمرارها بكل ما يستطيع. وفوائد مثل هذه الحروب متنوعة، منها مادية أو نفوذ أو خسارة للخصم أو إضعاف له، وهناك مبدئ يقول يمكن أن يتم تحديد توقيت بدء الحرب لكن يتعذر تحديد توقيت إنهائها لأن خصمك يشاركك قرار إنهائها . سبوتنيك: توصيفكم للوضع الحالي في المدن الجنوبية. وهل الجنوب مقدم على حرب أهلية؟ — بإذن الله، الجنوب العربي لن تقوم فيه حرب أهلية. نخشى من هذا على إخواننا في اليمن الشقيق، نسأل الله أن لا تحدث فيه. سبوتنيك: ما هو مستقبل الحوثيين في اليمن وهل يمكنهم التعايش في ظل نظام متعدد الثقافات؟ — إن كانوا على المذهب الزيدي المعتدل الذي عرفناه في علماء صنعاء فيستطيعون التعايش حتى مع ديانات أخرى، وعليهم أن يلتزموا بفتوى علماء اليمن عند الوحدة بإلغاء شرط البطنين في الولاية وهو ما أقره كبار علماء الزيدية وأصدروا به بيانا. سبوتنيك: تطور تسليح الحوثيين وطالت صواريخهم مناطق آمنة في السعودية والإمارات رغم الحصار المطبق من جانب التحالف. بخبرتكم العسكرية من أين جاءت صواريخهم؟ — لا يوجد شيء اسمه حصار مطبق . وفي بلد لها حدود بحرية وحدود برية بهذا الطول، وفي أوساط وطرق يحرسها فقراء لا تكفيهم رواتبهم طعام أسبوع. أما من أين تأتيهم الصواريخ؟ فالعالم يقول من إيران. أما رواية أنهم يصنعونها هم، فلا تستقيم على أي أساس. سبوتنيك: الحرب في اليمن تزامنت مع مشاريع يتم تنفيذها في الشرق الأوسط وبشكل خاص في المنطقة العربية. هل هناك علاقة بين ما يحدث في فلسطين وحرب اليمن؟ — كل قضايا المنطقة متشابكة وأحيانا تتشابك بعضها مع قضايا خارج المنطقة. سبوتنيك: برأيكم لماذا لم ينقذ التحالف صالح عندما استغاث بهم ضد الحوثيين قبل أيام من مقتله؟ – ليس لدي علم أنه استغاث بالتحالف قبل أيام من مقتله. وإن صح أنه فعل فيفترض أن يتم التخطيط والترتيب لهذا قبل فترة كأحد الاحتمالات أما شغل آخر لحظة ليس بهذه السهولة.سبوتنيك: ما هي المبادرة التي يمكنكم القبول بها كجنوبيين إذا ما جلس المتحاربون للتفاوض؟ — الشعب الذي يضحي بقوافل شهداء من أجل تحرير واستقلال وطنه لا يطلب منه تقديم مبادرات لحلول دون مطالبه، ومن لديه من الأطراف اليمنية أي مبادرة يطرحها وسنستمع جيدا له، وسنناقش، وكل يطرح حججه، ثم بلا شك سنخضع في النهاية لميثاق الأمم المتحدة والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهما عهدان ملزمان طبقا للقانون الدولي المعاصر. سبوتنيك: هل الدولة المستقلة خيار أوحد؟ — هل لدى أحد خيار آخر؟ لا نريد أن نكرر تجربة إريتريا، من عهد الإمبراطور هيلاسلاسي إلى نهاية عهد منجستو هيلا ماريام نحو 40 سنة من الصراعات والدماء، ثم نحو عشرين سنة أخرى صراعات بين إريتريا وإثيوبيا، انتهت هذا العام في الرياض في المملكة العربية السعودية. ولا نعتقد أن إخواننا في اليمن الشقيق يبحثون عن صراع مع إخوانهم في الجنوب العربي لتكرار التجارب الفاشلة، فنحن حريصون على علاقات متميزة بين الدولتين وصيانة المصالح للجميع في الجنوب العربي، وأن يكون التنقل متاحا بين الدولتين. وندرك أن هناك علاقات إنسانية وعلاقات مصالح مشتركة بين اليمن الشقيق والجنوب العربي. ونرى ليس فقط استمرار تلك المصالح والعلاقات بل تطويرها وصيانة كل المصالح المشروعة المتبادلة سواء كانت خاصة أو عامة. سبوتنيك: هل تحبذ عودة القيادات التاريخية للجنوب لقيادة المرحلة السياسية الحالية في عدن؟ – الجنوب العربي لكل أبنائه وليس من حق أحد إقصاء أي جنوبي عن وطنه. ومن يختاره شعب الجنوب العربي سنضعه على رؤوسنا. سبوتنيك: كيف تنظرون إلى دعوة وزيري الدفاع والخارجية الأمريكيين بوقف الحرب في اليمن؟ وما أثر ذلك على قضيتكم الجنوبية؟ — لا يوجد عاقل لا يتمنى حقن الدماء. وسبق أن قلنا في مناسبات سابقة، أننا مع حقن الدماء. وبالتالي فإن ما طرحه وزيرا الخارجية والدفاع الامريكيان تطور مهم يؤسس لحقن الدماء ومعالجة الأزمة الإنسانية الحادة وإيجاد مخارج حقيقية لقضايا اليمن وقضية الجنوب العربي مانعة لتجدد أي صراعات مستقبلية. وكما يعلم الجميع أن قضية الجنوب العربي هي سابقة للربيع والخريف العربي وقضية الصراع الحالي في اليمن الشقيق. ونرى أهمية طرح كل تلك القضايا والتفاوض حولها بموضوعية وفق ميثاق الأمم المتحدة والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانون الدولي المعاصر مع حل إشكالية الصراع على السلطة في صنعاء حلا يمنع وجود أي سلاح متوسط أو ثقيل في غير يد الدولة. ونؤكد على أهمية الحفاظ والصيانة للمصالح المتبادلة بين كل من اليمن الشقيق والجنوب العربي وبين الإقليم والعالم، والكل يدرك أنه بخلاف هذا الحل سيبقى عوامل الصراع وغياب الأمن والاستقرار والتنمية قائمة. وأؤكد على أهمية التعاون من الجميع مع بعثة الأمم المتحدة بقيادة مايكل غريفيث ودعم جهوده للوصول إلى حل سلمي لتلك القضايا بما يحقق الأمن والاستقرار والتنمية في اليمن والجنوب العربي والمنطقة والعالم. وأرحب بدور التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودور واضح من الإمارات العربية المتحدة، ودعمهما لتجاوز المحنة الإنسانية التي تسبب فيها الانقلاب والفساد في السلطات في اليمن والجنوب العربي، كما نشيد بدور كل دول التحالف العربي. ولولا وقفة التحالف لردع تلك التصرفات ولدعم الحرب على الإرهاب لكانت الصورة أكثر سوءا. ولا أنسى أن أكرر ما سبق أن قلته في مناسبات أخرى أن ما تعانيه المناطق المحررة في الجنوب العربي وغيره من أزمة معيشية حادة وتلاعب في أقوات الناس وأمنها وفي تردي الخدمات نتيجة الفساد الواضح للعيان، كل ذلك أمر مرفوض فقد تحمل شعبنا كل أنواع الظلم والجوع والخوف وقدم قوافل من الشهداء تعاني أسرهم وقوافل من الجرحى يعانون من جراحهم، كل ذلك مرفوض ومدان بكل الشرائع. أجرى الحوار أحمد عبد الوهاب