المحفد بأبين.. خدمات غائبة ومقومات اقتصادية لم تستثمر من قبل الدولة

عدن الحدث / متابعات

برفقة الأستاذ قاسم داود علي رئيس مركز عدن للرصد والدراسات والتدريب ومقره محافظة عدن زرنا مديرية المحفد بمحافظة أبين على هامش الندوة الحوارية الإعلامية التي أقامها المركز في هذه المديرية، وقد وفر لنا فرصة طبيعية للاطلاع عن كثب عن الأوضاع التي تعيشها هذه المديرية من خلال رحلة طويلة بمسافة تصل لأكثر من 600 كيلومتر ذهاباً وإياباً، وخلال خط الرحلة كان لابد من المرور على بعض المفاصل والمناطق أهمها المعجلة ووادي ضيقة مروراً بالمناطق التي يتمركز بها ألوية الجيش وصولاً إلى عاصمة المديرية.

فضولي كان يدفعني للسؤال عن (المعجلة) القرية التي طالتها صواريخ الكروز في الواقعة الشهيرة التي راح ضحيتها أرواح بريئة من الشيوخ والنساء والأطفال.

بمنعرجات الطريق الذي نفذه الصينيون، أمعين - المكلا في السبعينات، كان علينا أن نمر وادي ضيقة، هو الآخر الذي شهد أشرس المعارك عام 1994م، عندما تم استهداف لواء (تيسر المدرع) القادم من حضرموت.

في تمام الساعة العاشرة صباحاً كان وصولنا المحفد، وهناك موقع الندوة كان قد حضرها المدعوون من السلطة المحلية والأهالي المشاركون والأخ نصر هرهرة ممثل منظمة (يمن عطاء) الدولية.

وعلى هامش الندوة والتي شهدتها المديرية الخميس الماضي كانت الفرصة قد سنحت لي الالتقاء بالعديد من أبناء المحفد كان أولهم شيخ وقور وصاحب تجربة حياتية غنية ـ على ما يبدو ـ عن التعريف إنه الشيخ محمد سعيد حديج (70 عاماً) تقريباً شيخ آل حماد بن دواس، سألناه عن أوضاع المديرية وأبرز ما يعانونه فأجاب بالقول: “في المحفد كل شيء مفقود والسبب أن الحكومة مشغولة بغيرنا”، قالها ضاحكاً.

وأضاف: “الكهرباء لا توجد بها، وهناك وعود بإنجازها على الرغم من وجود مقاول يقوم بمد الأسلاك والأعمدة كما هو مقرر من عتق (النقبة) أقرب منطقة لكن الأيام تمضي والمحفد في ظلام”.

وعن الجانب الصحي قال: “لقد تم تزويد وتجهيز مستشفى الشهيد صلاح ناصر بكادر طبي ومستلزمات طبية والوضع الصحي في المديرية تستطيع القول بأنه يعمل بنسبة 30 % فقط، والحالة أيضاً تنطبق على التربية والتعليم والزراعة وغيرها”.

وتابع الشيخ حديج حديثه عن معاناة أبناء المديرية بالقول: “الأمن والاستقرار نحن نعدّه في الأولوية وهناك بعض حالات نهب شاذة للمرافق والمجمع الحكومي للأسف، ولكن نستطيع القول إن الأمور الآن مستقرة نسبياً”. وعن دور المجتمع المحلي والأهالي في الحفاظ على المصالح العامة قال: “من البدائل المتاحة أننا اتفقنا أن كل قبيلة أو منطقة مسئولة عن أبنائها”.

وعن ما يشاع عن حالات تقطع للسالكين في الطريق العام قال: “الآن لا توجد أية حالات تقطع، ونحن نعرف الخطأ والصواب، وقد قمنا بإجراءات رادعة تجاه بعض من سولت لهم أنفسهم كون هذه الأفعال مشينة ومنكرة لا يقرها عرف ولا دين ولا خلق”.

**جهود مثمرة لمركز عدن**

بدوره أشاد ناصر أحمد منصور عضو المجلس المحلي بدور مركز عدن للرصد واهتمامه بالمديرية بالقول: “إقدام مركز عدن للرصد والدراسات والتدريب على تسليط الأضواء على مديرية المحفد والتنسيق مع المنظمات والهيئات الداعمة والسلطة نعده بادرة جيدة تعكس التوجه والاهتمام بانتشال المديرية من المعاناة والحرمان المزمن، إضافة إلى أن تداعيات الحرب والأزمة قد فعلت فعلها، وكان للمحفد نصيب أوفر من هذه التداعيات”.

وأضاف: “الوضع المعيشي للسكان صعب، ويعانون من الفقر والبطالة، وبالرغم من وجود مقومات زراعية من الأراضي والمياه الجوفية العذبة، لكن هذا يتطلب إمكانيات ليس بمقدور الأهالي الاستثمار والاستصلاح فيها.

وهناك تجربة ملفتة للنظر وهي أن معظم الأهالي والشباب بعضهم يحمل شهادات جامعية اتجهوا إلى تربية الماشية وإكثار نحل العسل، وكل هذا يتم بمجهود فردي ولا توجد منظمات أو جهات حكومية داعمة لمثل هذا النشاط الاقتصادي”.

وعن خدمة الكهرباء قال منصور: “لقد أرسيت مقاولة كهرباء المحفد منذ وقت وعاود المقاول أعماله منذ 2012م بالربط الكهربائي من عتق بشبوة بطول 40 كم، وبالرغم من توفر كافة المعدات والأسلاك الخاصة بالشبكة لكن تعثر العمل لأسباب يطرحها المقاول، ومنها حالات اعتراضات ومنع من العمل من قبل البعض، وتحت هذه الذريعة توقفت أعمال المد الكهربائي، ولهذا نعيش في ظلام دامس منذ 8 سنوات متتالية.



ومن هنا وعبر صحيفتكم نوجه الشكر والتقدير لمركز عدن للرصد والدراسات والتدريب وللأخ قاسم داود بالذات، لكون مركزهم أول من دخل المديرية بعد خروج أنصار الشريعة منها، والحقيقة أثمرت جهود المركز في تسليط الأضواء على المديرية والتنسيق مع الجهات والمنظمات الدولية ومنها منظمة (يمن عطاء) التي قدمت عددا من المشاريع منها إقامة دفاعات من مياه السيول حول المدينة ومشروع مياه الخور، وتأثيث مستشفى المحفد”.

**مساحات زراعية لم تستصلح**

من جهته تحدث مدير مكتب الزراعة بالمديرية سالم ناصر علي عن الأوضاع الزراعية في المديرية بالقول: “إن الوضعية الزراعية بالمديرية تحتاج إلى مشروع متكامل مبني على دراسات ومعلومات تفصيلية، فالمحفد لديها مساحات زراعية واسعة تصل إلى 20 ألف فدان يزرع منها فقط 5 آلاف فدان، وبحسب دراسات سابقة فالمحفد لديها مخزون مائي جيد، ويتم استخراج الماء من أعماق 70 – 90 مترا لمدة 24 ساعة، كما لدينا تجربة زراعية ناجحة أيام الرئيس سالمين، رحمة الله عليه، حيث تم استصلاح مزرعة بمساحة 100 فدان مزودة بالآبار الارتوازية كانت مزروعة بمختلف أصناف الخضار والسمسم والحبحب والحبوب.

وعلى العموم هذه تجربة من الماضي، لكن نقول إذا ما توفرت الإرادة والإمكانيات فالمحفد أراضيها بكر، وهناك نشاط اقتصادي آخر يتمثل في تربية وإكثار النحل وهذه تجربة جديرة بالاهتمام والتشجيع وكذلك في الثروة الحيوانية ومنها الإبل العربية الأصيلة، لكن للأسف ما تزال المحفد منطقة مجهولة يطويها النسيان”.

وأضاف: “إن مشاريع التشجيع الزراعي والإنتاجي لم تدخل المحفد للأسف، وهذا ـ كما أسلفت ـ يتطلب إعداد مشروع زراعي متكامل عن طريق توفير القروض ودعم الإنتاج الزراعي وكذلك الحفاظ وإنتاج بعض أنواع البذور الأصلية، وإقامة السدود والحواجز، كما نطالب بضرورة تشجيع المزارعين على امتلاك تقنيات استخراج المياه بالطاقة الشمسية”.

**منذ الوحدة لم نشهد أمناً**

أحمد علي قراد ـ عاقل حارة ـ قال لـ«الأيام» : “نحن في مديرية المحفد لم تسأل عنا الدولة منذ قيام الوحدة، بل لم نرَ أمنا ولا أمانا منذ ذلك الوقت”.

أما عبدالله أحمد حيدرة مدير فرع صندوق الرعاية بالمديرية فقال: “تصل حالات الرعاية الاجتماعية المعتمدة 3318 حالة، بمبلغ فصلي يصل إلى 33,810,000 ريال، وهناك 1600 حالة منتظرة وقيد الاعتماد”. وأضاف: “نحن المرفق الوحيد الذي وصل إلى كل قرية وتجمعات سكانية ونبذل جهودنا بإمكانيات شحيحة”.

**مناشدة**

أما المواطنان محمد سعيد الصليعاء ومحمد عبدالله ناصر فقد توجها عبر «الأيام» بمناشدة لرئيس الجمهورية باسم أبناء المحفد بضرورة الالتفات إلى أوضاع مديرية المحفد، وقالا في مناشدتهما: “المحفد تعيش ظلاما دامسا والتعليم لا يتوفر إلا بنسبة 20% بسبب انعدام المعلمين، ونقل البعض منهم بالإضافة إلى غياب دور السلطة المحلية”.