مخيمان ومأساة واحدة ( تقرير )

عدن الحدث / فرنس برس

خسرت عائلات في اليمن منازلها ومقتنياتها ومصادر رزقها بسبب الحرب بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين، لكنها تؤكّد أن النزاع جردها ما هو أكثر قيمة من كل ذلك: كرامتها. واضطر علي محمد مستباني مع زوجته وأطفالهما الستة إلى ترك قريتهم في محافظة حجة قبل سنوات واللجوء إلى مخيم الخديش في المحافظة ذاتها بسبب ضربات جوية تنفذها طائرات ضد مواقع للمتمردين. وقال في خيمة تأوي عائلته في الخديش أن إقامته في قريته وسط الغارات التي غالبا ما تتسبب بمقتل مدنيين "كان أمرا مهينا" بسبب الرعب الذي كان يعتريهم كلما سمعوا أصوات القصف. وتابع "الآن وجودنا في هذا المخيم أكثر ذلا حتى"، مضيفا "حالتنا من سيء لأسوأ (...) لم يعد لدينا حتى ثمن المواصلات للذهاب إلى السوق، ولا ثمن (...) الدقيق". ونزح أكثر من مليوني مواطن عن منازلهم منذ اندلاع الحرب في 2014 وخصوصا بعدما تصاعدت حدّتها مع تدخّل السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس 2015 دعماً للحكومة المعترف بها في أعقاب سيطرة المتمردين الحوثيين على مناطق واسعة بينها صنعاء. وهناك نقص في الطعام في المخيم، حيث تعيش عشرات العائلات التي يقضي أطفالها أوقاتهم وهم لا يجدون ما يفعلونه. وتجلس فتاة حافية القدمين على الأرض لتقوم بتقطيع البامية باستخدام كأس معدني، وخلطها في وعاء مع أعشاب الملوخية. ومعظم الغذاء الذي يستحصل عليه سكان المخيم، يجري طبخه في أواني حديدية مثبّتة في الارض. ويقول النازحون أن الحياة في هذا المخيم بائسة وصعبة. ويروي يحيى كلعوم كيف فر مع عائلته في 2015 إلى الخديش من مخيم آخر في المحافظة ذاتها يدعى المزرق حيث فقد عددا من أقاربه في غارة جوية في مارس 2015 أصابت المخيم. وأوضح "خرجنا في الليل وهربنا مشيا على الاقدام. سرنا ولم نكن نملك أي شيء سوى الملابس التي كنا نرتديها"، حتى وصلوا إلى الخديش آتين من المزرق. وقال "نحن نعاني. لا مأوى هنا، ولا مياه، ولا غذاء، ولا بيئة صحية للمحافظة صحة على الأطفال". "يموتون أمامنا" على بعد 300 كيلومتر جنوب حجة، يجلس نازحون في مخيم في الخوخة الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية في محافظة الحديدة، بعدما فروا من بلداتهم القريبة جراء عمليات قصف مصدرها المتمردون الحوثيون. ومن بين هذه البلدات، حيس، الخاضعة لسيطرة المتمردين، والتي اضطرت عائلات كثيرة للفرار منها باتجاه الخوخة (100 كم جنوب مدينة الحديدة) خوفا من القصف والقذائف. وهرب محمد يحيى غالب مع أولاده إلى المخيم في الخوخة بسبب "القصف الشديد والمفاجىء في الليل والنهار"، حسبما يقول. وفي حيس التي تبعد نحو 30 كلم عن الخوخة، تتناثر شظايا القصف في كل مكان في شوارع البلدة، وتبدو المنازل والأحياء شبه مهجورة، بينما أغلقت المحلات والمباني التي تضررت من القصف، أبوابها. وتوصّلت الحكومة والمتمرّدون في محادثات في السويد اختتمت الاسبوع الماضي إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار في محافظة الحديدة بعد أكثر من أربع سنوات من الحرب. ودخلت الهدنة حيز التنفيذ منتصف ليل الاثنين الثلاثاء. لكن الاشتباكات لا تزال رغم ذلك تدور بين الحين والآخر في حيس وفي مناطق اخرى في المحافظة الواقعة في غرب البلد الفقير. بالنسبة إلى إشراق صالح، التي فرّت أيضا من حيس إلى الخوخة، فإنها ترغب فقط بتعليم أطفالها. وتقول "لم يعد يدرس أطفالنا. نتمنى من أي منظمة أن تساعدنا في تعليمهم". وتصف الامم المتحدة الأزمة الانسانية بأنها الأكبر في العالم. وقتل نحو عشرة آلاف شخص في النزاع منذ بدء عمليات التحالف في 2015، بينما تهدّد المجاعة نحو 14 مليوناً من سكان البلاد. وقرّر محمد صالح عسيلي وعائلته المؤلفة من نحو 100 شخص ترك حيس قبل نحو عام تقريبا. وكان يعمل كسائق شاحنة، ولكنه أصبح اليوم عاطلا عن العمل. ويقول أنه فضل النزوح مع عائلته "عندما رأينا الناس أمامنا يموتون بصواريخ الحوثيين، بينما كان القناصة" يتمركزون فوق أسطح المنازل.