الشرعية والحوثيون يكملان في عمّان تبادل قوائم الأسرى

عدن الحدث

رصاصات أصابت، أمس الأول، إحدى السيارات الأممية التي كانت تقل رئيس لجنة مراقبة إعادة الانتشار في الحديدة الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كومارت، وهو تطور خطير جاء بعد دعوات من قيادات حوثية لطرد كومارت ولجنته من الحديدة. وسبق إطلاق النار على موكب رئيس لجنة المراقبة الأممية عرقلة قام بها الحوثيون لمنع وصول اللجنة إلى مقر اجتماع مع ممثلي الشرعية، وقيّد الحوثيون حركته وفق تقارير وتصريحات من حكومة الشرعية. وعقب الواقعة قالت الأمم المتحدة إن كومارت آمِنٌ «بعد أنباء عن واقعة إطلاق نار». في الوقت الذي نقلت فيه «رويترز» عن مصدر يمني القول: «إن موكب رئيس الفريق باتريك كومارت تعرض لإطلاق نار في أثناء زيارة منطقة خاضعة لسيطرة التحالف»، واتّهم الحوثيون المتحالفون مع إيران بإطلاق النار». وقال مكتب المتحدث باسم الأمم المتحدة على «تويتر»: «باتريك كومارت وفريقه في أمان بالحديدة بعد أنباء عن واقعة إطلاق نار». وطبقاً لموقع أخبار الأمم المتحدة، ذكر المتحدث ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة، أن كومارت «كان في اجتماع مع ممثلي الحكومة اليمنية في لجنة التنسيق، وعند مغادرته مع فريقه تعرضت سيارة مصفحة عليها إشارة الأمم المتحدة لإطلاق نيران أسلحة صغيرة»، وأضاف في الإيجاز الصحافي اليومي أن «الفريق عاد إلى قاعدته من دون وقوع أي حوادث أخرى»، مشيراً إلى «عدم تلقي معلومات عن مصدر إطلاق النار». وكرر الجنرال الهولندي مناشدته الالتزام بالهدوء وتعزيز وقف إطلاق النار من كل الأطراف من أجل مصلحة جميع اليمنيين. ومنذ بداية اليوم، أفصح مسؤول يمني عن أن جماعة الحوثي منعت كومارت من الاجتماع بممثلي الجانب الحكومي الخاص بإعادة الانتشار. ومن جانبه غرّد العميد عسكر زعيل، عضو فريق الحكومة اليمنية الذي شارك في مشاورات السويد، في حسابه على «تويتر» قائلاً: «إن الحوثيين منعوا الجنرال باتريك من التحرك من جانب الفندق المقيم فيه إلى الاجتماع مع الفريق الحكومي في مجمع إخوان ثابت في مدينة الحديدة». مضيفاً أن «الاجتماع كان مقرراً عقده الساعة 11 صباح (الخميس)، وأنه منذ ذلك الحين حتى اللحظة ممنوع من التحرك». وطالب الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن مارتن جريفيثس بتوضيح مَن هو المعرقل لعملية السلام واتفاق الحديدة؟ وفي الساعة الثالثة و53 دقيقة بالتوقيت المحلي قال مصدر حكومي يمني إن الجنرال «وصل إلى مقر الفريق لعقد الاجتماع». حادثة الخميس، التي استهدفت اللجنة الأممية بالحديدة، تعيد إلى الذاكرة ذلك اليوم الذي حاولت فيه جماعة الحوثي- المدعومة من إيران- الهجوم على المبعوث الأممي إلى اليمن السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد في صنعاء. إذ كانت تلك آخر زيارة لولد الشيخ إلى صنعاء في مايو 2017، حيث حاصر مسلحو الجماعة الحوثية موكبه بعد خروجه من المطار وأطلقوا عليه النار، ما اعتُبر حينها محاولة لاغتياله من قِبل الجماعة وتعبيراً عن رفضها استمراره في مهمته الأممية. ويقول يمنيون إنهم يخشون من التصرفات الحوثية الخارجة عن القانون والمستفزة للجنرال، والتي تطابق في بداياتها ما كانت تتخذه مع ولد الشيخ الذي أعلن في آخر تصريحاته بعد تسلمه المنصب أن الحوثيين هم الطرف المعرقل للحل السياسي في اليمن. يأتي ذلك بعد أيام من اتهام الحوثيين لكومارت بعدم إحرازه أي تقدم في الحديدة على صعيد تنفيذ اتفاق ستوكهولم، وأن ذلك يعود بالأساس إلى خروجه عن مسار الاتفاق، بتنفيذ أجندة أخرى، دون أن يصدر تعليق من قِبل رئيس لجنة إعادة الانتشار حتى اليوم. وطيلة أسبوع مضى تدرّج الحوثيون في الهجوم الإعلامي ضد الجنرال، حيث دعت قيادات حوثية على مستوى وزير إلى طرده لاسيما بعد رفضه مسرحية الانسحاب الحوثية من ميناء الحديدة وتسليم قوات تابعة للجماعة مسؤولية أمن الميناء، وهو ما يخالف اتفاقية ستوكهولم. وكان كومارت قد اجتمع لعدة مرات مع ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين في الحديدة، قبل أن يرفض الحوثيون لقاءه بعد اتهامه بالانحياز لصالح الحكومة اليمنية والتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية. إلى ذلك تسعى الأمم المتحدة لتنفيذ عملية تبادل الأسرى بين الحوثيين وحكومة الشرعية، بالإضافة إلى اتفاق سلام في مدينة الحديدة لتمهيد الطريق لجولة ثانية من المحادثات تهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ قرابة أربعة أعوام التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من القتلى. ورغم التقدم في ملف السجناء، فلا تزال الأمم المتحدة تجد صعوبة في تنفيذ عملية سحب القوات من الحديدة، وفيها ميناء يمثل شريان الحياة لملايين اليمنيين، في ظل انعدام الثقة بين جميع الأطراف. وعُقد أمس الجمعة في العاصمة الأردنية عمّان اجتماع «اللجنة الإشرافية»، لمتابعة تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين. وكانت اللجنة بالإضافة إلى مكتب المبعوث الخاص واللجنة الدولية للصليب الأحمر بحثوا على، مدار يومين، الخطوات التي تم اتخاذها حتى الآن لتطبيق الاتفاق، وتم التوافق على خطوات للاستمرار في تحقيق تقدم وفقاً لنصوص الاتفاق. وبحسب بيان البعثة الأممية لختام اجتماع عمّان، فإن «الاجتماعات شهدت نقاشات إيجابية وبناءة وصريحة حول تطبيق الاتفاق الذي أُبرم بين الطرفين قبيل مشاورات السويد، واتخذ الطرفان الخطوة الأولى نحو تطبيقه بإتمام تبادل قوائم الأسرى والمعتقلين والإفادات بشأن هذه القوائم». وخرج الاجتماع المخصص لمتابعة تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين باتفاق على تمديد الفترة الزمنية للملاحظات والرد عليها إلى 10 أيام من تاريخ تسلّم الملاحظات. وكان من المتوقّع أن يدخل لقاء عمّان مرحلة جديدة، بعد أن تسببت الجماعة الحوثية في العديد من الإشكاليات بالمرحلة السابقة، عندما تركت فراغات أمام بعض الأسماء التي أدرجتها الحكومة ضمن قائمتها ولم تفد حولها بأي إجابة سلباً أو إيجاباً، من بينهم اثنان ممن شملهم القرار الأممي، وهو ما اعترضت عليه الحكومة في حينها بحكم مخالفة «اتفاق ستوكهولم». وسيعطي تمديد الفترة فرصة لوفد الحكومة اليمنية، الذي من المقرر أن يغادر العاصمة الأردنية، (الجمعة)، لمناقشة كل التفاصيل وتفنيد ما ورد في مذكرات الحوثيين المتعلقة حول الكثير من الأسماء، خصوصاً الـ 232 اسماً الذين لم تفد حولهم الميليشيات الانقلابية بأي رد. ونقلت «الشرق الأوسط» العضو الحكومي المفاوض هادي هيج قوله إن «اللقاء مع مبعوث الأمم المتحدة تركّز حول آلية تسيير الأمور ومناقشة إعادة فلترة الوقت وتمديده، وهو ما جرى الاتفاق عليه»، موضحاً أن اللقاء الآخر جمع كل الأطراف الأممية ووفد الحكومة اليمنية، وزاد أنه لمس خلال وجوده في عمان نية من المجتمع الدولي لتنفيذ كل بنود اتفاق تسليم الأسرى، إلا أن المشكلة تكمن فيما يدور من تفاصيل وما يطرح من الجانب الانقلابي. وأضاف هيج أنه خلال اللقاء تسلّمنا القوائم المعدلة من الطرف الحوثي، ثم اتفقنا على إعادة فترة الزمن بمقدار 3 أيام للملاحظات، ومن ثم ستكون هناك فترة زمنية لا تتجاوز 10 أيام للرد على الملاحظات، ويلي عملية الرد اجتماع آخر مع طرف الميليشيات للاتفاق على القائمة النهائية. يذكر أن اتفاق تبادل الأسرى هو أول الاتفاقات التي تم توقيعها بين الطرفين منذ اندلاع الحرب في اليمن. وأعرب مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة عن اليمن أن «يؤدي الانخراط الإيجابي من الطرفين إلى الإسراع في تطبيق هذا الاتفاق، الأمر الذي سيسهم في بناء الثقة بين الطرفين في الملفات الأخرى». وكانت حركة الحوثي المتحالفة مع إيران والحكومة اليمنية المدعومة من السعودية تبادلتا في الـ11 من ديسمبر قوائم تضم أسماء نحو 15 ألف سجين. ويتعين على كل منهما أن يسلم أي ملحوظات بخصوص قوائم الطرف الآخر، وأن يقدم رده على النسخ النهائية ويوقعها ويسلمها للأمم المتحدة والصليب الأحمر، اللذين سيشرفان على عملية التبادل.​