ما الذي دار في الغرفة رقم تسعه في مجلس العموم البريطاني؟...

كتب : د جمال عسيري

التقينا بمبنى البرلمان البريطاني وبالتحديد في الغرفة رقم تسعه وبتاريخ 5 مارس الساعة السادسة مساءً بتوقيت لندن التاسعة بتوقيت عدن التقينا بالاخ رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، واعدكم هنا بأنني سأسرد أهم مادار بكل صدق وحيادية وأمانه وسأضع نفسي في هذا المنشور بالقائم بدور المراقب المحايد. خرجت من مكتبي بفكتوريا الذي لا يبعد سوى دقائق قليلة عن مبنى البرلمان البريطاني ووصلت للبرلمان واجريت التفتيش الأمني الروتيني المطلوب، دخلت المبنى العتيق الذي تنبعث من بين جدرانه الضخمة رائحة التاريخ العريق مررت بصالات المبنى وممراته حتى وصلت الى الممر الذي يوصلك للغرفة رقم تسعه الذي من المفروض يعقد فيها النقاش حول الجنوب وقفت هناك منتظراً حتى يحين وقت النقاش واذا بوزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد يمر من امامنا بنفس الكريدور (الممر) ومن امام الغرفة رقم تسعه، حان وقت دخول القاعة التي سيعقد فيها النقاش (ويسموها الغرفه رقم 9) بينما يطلق على مكتب رئيسة الوزراء البريطاني (رقم 10) هنا كل شي في هذه البلد مرقم من البشر حتى القطط والكلاب. دخلنا القاعة وكلاً اخذ مكانه وفي الوقت الذي كنا فيه منتظرين دخول الاخ عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي كان احد الاخوة يصور من موبايله ويتكلم بصوت خاقت وسمعته يقول "نحن الآن في انتظار وصول الأخ عيدروس الزبيدي الذي سيدخل للقاعة بعد قليل فهو موجود بس مر على رئيسة الوزراء البريطانية ليسلم عليها ويصافحها لأنها بالدور الاول ونحن بالدور الثاني"، شي مخجل بأن يحضر ناشط لنقاش مهم جداً عن قضيته ويكذب من قلب البرلمان البريطاني فعيدروس الزبيدي لم تكن في اجندته مقابلة رئيسة الوزراء البريطانية وشي مخجل ومضحك بأن يقول "راح يسلم عليها ويصافحها" وهذا لم يحصل اصلاً فلماذا الكذب يا أخي "عيب"... وصل الأخ عيدروس الزبيدي للقاعة وصفقت له الغالبية وقام البعض احتراماً له... ساد هدؤ لثواني وافتتحت رئيسة هذا النقاش ستيفن دوغتي عضو البرلمان البريطاني الجلسة وعرفت الحضور بالأخ عيدروس الزبيدي ومن ثم استهل كلمته التي بدأها بأسم الله والصلاة على رسول الله وخير الانبياء والمرسلين، لن اتطرق هنا لكلمة الاخ الزبيدي لأن المركز الاعلامي للمجلس الانتقالي سبق وان نشرها مثلما هي... بعد ذلك القت إيونا كريج ، صحفية ، زميلة أورويل وزميلة مستقبل الحرب في أمريكا الجديدة وجامعة ولاية أريزونا القت كلمتها وكانت كلمة رائعة جداً وايجابية للغاية فهي تعرف الوضع في الجنوب عن قرب وشخصت الحالة تشخيص ممتاز وذكّرت الجميع بأنها قابلت الزبيدي في الضالع ودخلت منزله ورأت كيف دمرت قذائف عفاش والحوثي سقف منزله المتواضع غير انه قاطعها وهي تتحدث رجل عدني قال لها اختاري كلماتك بشكل صحيح. بعدها حان دور الدكتور سيمون مابون ، مدير معهد ريتشاردسون للسلام في جامعة لانكستر وزميل أبحاث مركز السياسة الخارجية البريطانية (FPC) ليلقي كلمته وكانت افكاره شبه معزوله عن الواقع الحالي في اليمن ولا يختلف في وجهة نظرة عن رؤية التحالف العربي الظاهرة على الاقل في الوقت الراهن حول مستقبل اليمن. ستيفن دوغتي عضو البرلمان البريطاني ادارت حلقة النقاش فقط ولم تلقي اي كلمه غير كلمة الافتتاحية المختصرة غير انها كانت تظهر علامات التعجب على وجهها عندما كان يتحدث الزبيدي وتهز رأسها احياناّ مبديه موافقتها واعجابها بما يقول وخاصة عندما كان يتكلم عن الحوار والسلام والمستقبل والانفتاح على الأخرين... بعدها فتحت رئيسة الجلسة ستيفن دوغتي باب النقاش لمداخلات الحضور واعطت الكلمة الأولى لرجل عدني عرف نفسه وقال انه ابراهيم الزيادي وقال بأنه دكتور واكاديمي وهو نفسه الذي قاطع الصحفية إيونا كريج وقال لها اختاري كلماتك بشكل جيد وصحيح قال الأخ ابراهيم في مداخلته موجه كلامه لرئيسة الجلسة عضو البرلمان البريطاني قائلاً: تركت بريطانيا عدن وسلمت هويتنا ومعتقداتنا وحضارتنا العدنية للقرويين من غير أبنائها وجعلتنا ندفع ثمن ذلك لخمسين عاما منذ عام 1967، واليوم تدعون وترحبون بالمليشيات من الجنوب "واشار باصبعه للزبيدي"... "انا وعدتكم بأن اقول الحقيقة واكون محايد رغم ان هذا الكلام كان قاسي علينا ولكن هذا مادار" واضاف قائلاً: "لقد عانينا نحن أبناء عدن كثيرا لأكثر من 50 عاما وفقدنا هويتنا وعليكم الاعتذار لنا بما اقترفتموه وقال اليوم تدعون واحد من المليشيات وماذا عننا نحن اهل عدن؟... يبدو أن التاريخ يعيد نفسه اليوم. بعد ذلك تحدثت حرم الدكتور الأخ عيدروس النقيب وهي محامية تحدثت عن بشاعة نظام صنعاء ونظرتهم الدونية لكل ماهو جنوبي. بعدها تحدث شاب انجليزي يسأل الزبيدي عن صحة وجود فرق أمنية امريكية خاصة تتبع الامارات؟... رد عليه الزبيدي وقال لا اعرف فعدن مفتوحه للجميع تستطيعوا الذهاب الى هناك بانفسكم وعمل مسح ميداني والتحقق من ذلك. بعدها كانت هناك مداخلات عده بعضها تصب في نفس صياغ النقاش وبعضها خارجه عن ذلك ولا تعرف مايريده المتحدث اختتم النقاش الذي دار قرابة الساعة والنصف في مجلس العموم البريطاني وهتف البعض في نهايته"بالروح بالدم نفديك يا عيدروس". بعد ذلك وفي نفس الليلة كان لنا نقاش جنوبي خاص مع الاخ القائد عيدروس الزبيدي وبدون البريطانيين كان ذلك في نفس الليلة وبعد نهاية نقاش البرلمان بنصف ساعة انتقلنا الى قاعة اخرى خارج البرلمان البريطاني وكان النقاش مفتوح وصريح من القلب الى القلب وليس فيه اي حواجز تكلمت الاخت الناشطة في حقوق الانسان هند عميران عن تغييب دور المرأة في المجلس الانتقالي ودعت الى الأخذ بما قالته على محمل الجد واسهبت في الكلام بطلاقة وبسلاسة مستفيدة من لباقتها وجراءتها لتقول كل مايدور ببالها فهي فرصة لها وللجميع ان تطرح ذلك لقائد المسيرة الجنوبية مباشرة ومن فاهها الى اذنية وبدون حواجز او وسيط كان عيدروس الزبيدي يتفرج بتعجب وكأن ملامح وجهه الخجولة البسيطة تقول يا جماعة خارجوني من هند عميران فتحيه لهند الرائعه جداً... "للعلم هند طالبة جامعية في السويد تترك جامعتها ودراستها لكي تشارك في اي نشاط متعلق بالجنوب فهي سافرت من السويد الى لندن لحضور هذا القاش والليلة هي موجوده في بروكسل لحضور حلقة نقاش حول المرأة الجنوبية". اعقب هند في الحديث شادي علوان وهو ناشط في حقوق الانسان شاب خريج جامعي من احد الجامعات السويدية تخصص هندسة معمارية تكلم عن الشباب ودورهم في المجتمع وطلب من المجلس الانتقالي الاهتمام بهم والتواصل معهم وانا بدوري احث أخي وصديقي العزيز نزار هيثم (الجنوب عشق لا ينتهي) مسؤول دائرة الشباب بالمجلس الانتقالي احثه بالتواصل مع شادي للسماع له مباشرة فهو شاب رائع وناشط جنوبي وزميل لهند يسافرا للدفاع عن حقوق الانسان والقضية الجنوبية الى كل مكان وبدون تردد مثل هؤلاء ثروة جنوبية يجب الاهتمام بهم. بعد ذلك تحدث بعض الاخوة وكان حديث بعضهم خالي من مضمونه ولهذا لن اطرق اليه غير ان حديث البعض كان مهم وهادف حيث تحدث احد الاخوة وهو ضالعي عن ضرورة حوار كل المكونات الجنوبية واشراك الجميع من كافة المحافظات الجنوبية في العملية السياسية وخلق شراكة حقيقية وفسح المجال لتمثيل حقيقي في المجلس الانتقالي للجميع. احب ان اوضح للجميع بأن كل من كان حول الزبيدي كانوا من جميع المحافظات الجنوبية وليس مثلما يظن البعض بأن كل من حوله هم من الضالع كان اغلب من حوله من أبين وشبوة وحضرموت ويافع وعدن الرجل متفهم ومنفتح على الجميع ويتمتع بكاريزما القيادة غير انه خجول وهادئ في معاملته مع من حوله هو رجل صلب مدافع شرس عن قضيته ولا يخشى من قول الحق ولا يغضب من منتقديه، وقالها بالحرف الواحد جيبوا لي من يدعمنا ونحن سنكون معه والى صفه قالها عندما تحدث عن الامارات وقدم بعض الاخوة نصائح في محلها ملخصها بأننا يجب ان نكون مستقلين ويجب ان تكون شراكتنا مع دول التحالف شراكة الند بالند وليس التبعية وخشي البعض من انه قد يستغني عنا التحالف عند انتهاء دورنا كل هذه الافكار طرحت وتقبلها الاخ القائد بروح عالية غير انه أثنى على دور دولة الامارات الداعم لنا وقال كنا نتمنى في السابق بأن يذكرنا احد بكلمة واليوم نحن نحظى ب الدعم والتقدير والاحترام من قبل الامارات ونبادلها بنفس الاحترام وقال سنحترم كل من يحترمنا فجيبوا لنا دوله تقوم بدور الامارات ستكون نظرتنا لها نظرة ايجابيه وعلاقتنا بها علاقة يسودها الاخاء والاحترام المتبادل، تحدث الزبيدي عن جنوبيي الشرعية وقال اغلبهم مقتنعين بأن قضيتنا عادله وبأن الوحدة قد انتهت ولكن للأسف مصالحهم الشخصية ابقتهم في صف الشرعية الفاسدة. بعد ذلك طلب الأخ العدني الذي انتشر فيديو له وهو يتكلم في مجلس العموم البريطاني ووصفنا بأننا قرويين وبأن الزبيدي قائد مليشيات طلب بأن يقول كلمة اخرى في اللقاء الثاني الخاص بالجنوبيين فقط وسمح له الزبيدي بان يتكلم بحريه وقال في هذه المرة كلام طيب مناقض لكلمته الاولى وتمنى التوفيق للأخ عيدروس الزبيدي في مهمته هذه وفي كل مهامه التي يسعى جاهداً لتحقيقها، التفت اليه فهو كان يجلس خلفي وقلت له الأن كلامك طيب ورائع ومقبول بادلني بابتسامه عريضه فيها الكثير من الرضى توحي بأنه غيّر وجهة نظرة السابقة لما التمسة من اخوّة وتسامح وتقبل للرأي الآخر رغم ان كلمته الاولى كانت مؤلمة وجارجة الا انه التمس بعدها سماحة وتفهم وانفتاح القائد على الجميع وتقبله للنقد وادرك حينها بأن الجنوب الجديد جنوب يتسع للجميع وان جيل عيدروس ليس هو نفسه جيل الشهيد علي عنتر او جيل علي ناصر. في الختام اود ان اخبركم بأن الزبيدي كان محاط بحراسة خاصة من الأمن البريطاني مما يدل على اهميته عندهم وحرصهم للحفاظ على سلامته في بلدهم. د. جمال العسيري