الحوثيون يتراجعون عن اتفاق لإقناع الرئيس بالعدول عن الاستقالة والبرلمان خيار مستبعد تأجيل مصير رئاسته

عدن الحدث ــ صنعاء


أعلنت قوى سياسية منضوية تحت تحالف "اللقاء المشترك"، أمس، انسحابها من اجتماع ضم القوى السياسية الموقعة على اتفاقية السلم والشراكة، مع المبعوث الأممي جمال بن عمر، وبذلك يمر اليوم الرابع من المفاوضات دون حسم مصير رئاسة الجمهورية وبقية القضايا العالقة، والتي دخلت بها البلاد حالة فراغ دستوري وقانوني شامل.

وقالت لـ"الأولى" مصادر مطلعة إن الأمينين العامين لحزبي "الناصري" و"الاشتراكي"، انسحبا من الاجتماع، احتجاجاً على قمع قوات تابعة لجماعة "أنصار الله" تظاهرة طلابية أمام بوابة الجامعة، واعتقال مجموعة من المشاركين.

وقال عبدالله نعمان، أمين عام التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، إنهم طلبوا من الحوثيين تنفيذ 4 مطالب، فردوا بتهديدهم بنيتهم إعلان حالة الطوارئ في البلد، "فانسحبنا من الحوار العبثي". وأضاف أن سبب انسحاب حزبه من الحوار مع الحوثيين، أن هذا الحوار لا أفق له، ولن يؤدي إلى نتيجة.

وتحدث نعمان لقناة "بي بي سي"، أنهم طلبوا من الحوثيين مطالب محددة حتى يستمر الحوار، وهي: تعهد الحوثيين بوقف الانتهاكات والاعتداء على الاحتجاجات، الإفراج عن المعتقلين، رفع الإقامة الجبرية على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء، وإطلاق مدير مكتب رئيس الجمهورية المختطف أحمد عوض بن مبارك.

وكشف عن "رفض الحوثيين تنفيذ المطالب، بل أدلوا بتصريحات عن نيتهم التوجه إلى ما يشبه إعلان حالة الطوارئ في البلد".

وقال نعمان إن انسحابهم من جلسة الحوار كون هذه الطلبات مطروحة من الخميس ليلا، ولم يقدم الحوثيون أي دلائل أو رغبة في تنفيذ هذه الطلبات، وبهذا يكون الحوار مع هذه القوى نوعاً من الحوار العبثي.

من جانبه، قال لـ"الأولى" الدكتور محمد صالح قباطي، ناطق المشترك، إن "الانسحابات التي حدثت في المحادثات مع بن عمر، كانت وقتية، بسبب ممارسات الحوثيين ضد الشباب المتظاهرين أمام جماعة صنعاء، والقمع الحاصل".

وأوضح قباطي أن وقف الحوار الجاري، والذي يتبناه الاشتراكي مع أحزاب المشترك وجماعة الحوثيين، له أسباب أخرى، حيث إنه كان تم الاتفاق في لقاءات خلال اليومين الماضيين، على تشكيل لجنة مشتركة من المشترك والحوثيين، فتم إيقاف هذه الحوارات".

وأرجع ناطق المشترك إيقاف هذا الحوار لتراجع جماعة الحوثيين عما تم الاتفاق عليه، وطرح خيارات أخرى، كان تم تجاوزها في الحوار بين الطرفين، إلى جانب عدم إيفاء الجماعة بوعودها التي قطعتها بفك الحصار عن الوزراء، إلى جانب وجود تصعيد لمحاولة اقتحام بيوت هؤلاء الوزراء، إضافة إلى ما حصل في جامعة صنعاء من اعتقال للشباب الذين لا يزالون في السجن حتى الآن، حد قول قباطي.

وأفصح عن أنه كان تمت دراسة كل الخيارات القادمة مع جماعة "أنصار الله"، وتم التوافق على خيار واحد "اعتبرناه واقعياً، وهو خيار إقناع هادي بالعدول عن استقالته، وطرح معايير وشروط لإنجاح المقترح، ولكن كان اليوم هناك تراجع عن هذا التوافق، وتم طرح خيارات أخرى من ضمنها مجلس رئاسي أو رئيس توافقي، ورفضنا هذا الأمر، ورأينا أنه لا توجد أية جدية من قبلهم".

وأشار قباطي إلى أن خيار البرلمان -من جهتهم- "خيار مستبعد، لأن البرلمان خيار لم توافق عليه كل القوى السياسية، على اعتبار أنه لم يحدث فيه أي تغيير، وهو من الماضي، وشرعيته يستمدها من شرعية الرئيس والمبادرة الخليجية".

وتحدث عن أنه "تم استبعاد خيار البرلمان، والمشترك علق حضوره أيضاً، وأن خيارات البرلمان هي أيضاً محدودة، وهي أن يقبل الاستقالة أو يرفضها، وبالتالي عدم وضع مساحة للحوار، باعتبار الوضع استثنائياً، ويحتاج إلى أخذ ورد ومفاوضات".

وحول الخطوات التي من الممكن أن تتخذها أحزاب المشترك في المرحلة القادمة، قال قباطي إن "الخيارات القادمة أصبحت محدودة، ونتمنى وندعو إلى تفعيل العملية السياسية مع كل الأطراف، وبالتالي سيتم العثور على حل طالما العملية السياسية قائمة، ويجب تحريك هيئات ومكونات مثل اتفاقية السلم والشراكة، والهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، إلى جانب جهود الأمم المتحدة، والراعين للمبادرة الخليجية".

ونوه قباطي إلى أنه في الاتفاق الأخير مع الحوثيين، قبل انسحابهم، أمس، "تم الحديث عن أن يتم التواصل مع الرئيس هادي ضمن آلية للعمل، لكن طالما أن الاتفاق تم التراجع عنه، لم يعد هناك جدوى، فالذي كان مطروحاً هو أن نذهب إلى الرئيس بحزمة من الآليات التي تساعد في عدوله عن الاستقالة، أما إذا تم الذهاب بدون هذه الآليات، فمن الصعب أن نصل إلى أية نتيجة".

وكان مصدر رفيع في أمانة الحزب الاشتراكي، أعلن، أمس، أن الأمانة العامة للحزب أوقفت الحوار الذي يشترك فيه الحزب مع اللقاء المشترك من جهة و"أنصار الله" من جهة أخرى، والذي كان مقررا للبحث عن حلول للأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد، ودعا أنصاره إلى التظاهر السلمي.

وأضاف المصدر، في تصريح لـ"الاشتراكي نت" (لسان حال الحزب)، أن قيادة الحزب تحملت كثيرا جراء رغبتها في إنجاح هذا الحوار من أجل تجنيب البلاد الانزلاق نحو المجهول، رغم مطالبتها الملحة بشكل دائم مع "أنصار الله" من أجل رفع مسلحيهم الذين يحاصرون منزل نائب الأمين العام للحزب الدكتور محمد المخلافي، وبقية الوزراء، وهو إجراء غير مبرر سياسيا وقانونيا يتنافى مع حقوق الإنسان، ومع الأسف الشديد فإن تلك الجماعة المسلحة لم تكتفِ بالبقاء خارج المنزل، وإنما حاولت مرات عديدة اقتحامه.

وذكر أن قيادة الحزب تبدي حرصا كبيرا على ضرورة التوصل إلى اتفاق لحل الأزمة القائمة في البلد، لكن كما يبدو فإن محاصرة منزل نائب الأمين العام وبقية الوزراء تحمل مؤشرات تؤكد على عدم الرغبة في الوصول إلى حل.

وقال المصدر إننا في الحزب الاشتراكي اليمني نرفض هذا الأسلوب جملة وتفصيلا، ولا نقبل استخدام أساليب القوة للوصول إلى معالجات سياسية، ولهذا نعلن توقفنا عن الاستمرار في هذا الحوار. ودعا أعضاء الحزب وأنصاره للانخراط في المسيرات السلمية الرافضة العنجهية المسلحة.

واستنكر المصدر، في هذا الصدد، قمع المظاهرات، واعتقال مجموعة من الشباب، في مقدمتهم شباب الحزب الاشتراكي اليمني، الذين كانوا في احتجاج سلمي صباح أمس، أمام جامعة صنعاء، مطالبا بالإفراج الفوري عنهم.

وعلى الصعيد ذاته، أعلن سعيد شمسان، الناطق الرسمي باسم التجمع اليمني للإصلاح، وقف الحوار مع الحوثيين، ردا على ما قال إنه تعاملهم الهمجي في محاصرة وزراء الحكومة المستقيلة، وقمع احتجاجات طلاب جامعة صنعاء.

ووفقاً لـ"الصحوة نت"، قال شمسان إن موقف الإصلاح هو موقف شركائه الآخرين في المشترك، وهما الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري، اللذان أعلنا وقف حوارهما مع الحوثيين في وقت سابق.

ودعا ناطق الإصلاح لاجتماع عاجل للمشترك لتحديد موقف واضح من كل ما يجري، وإعلانه إلى الرأي العام، وأدان في الوقت نفسه التعامل الهمجي لمسلحي الحوثي مع وزراء الحكومة المستقيلة، ومحاصرتهم في منازلهم، ومنعهم من الخروج.

كما أدان "قمع الحوثيين لاحتجاجات طلاب جامعة صنعاء، وكل الانتهاكات بحق حقوق الإنسان، مجددا "رفض الإصلاح للعنف واستخدام القوة ضد الخصوم أو الاستقواء بالسلاح في فرض المطالب". وأشار إلى أن الإصلاح أدان منذ البداية انقلاب الحوثيين على مؤسسات الدولة، خلال الأيام الماضية.

أما رئيس حزب الرشاد الدكتور محمد بن موسى العامري، فقال "إن الرشاد دُعي لاجتماع (أمس)، ولكن رفضنا ذلك حتى نرى احتراما للعهود والوفاء بالعقود السابقة في اتفاق السلم والشراكة.

واعتبر العامري، في منشور على صفحته في "فيسبوك"، أن "ما يحدث في اليمن والعاصمة صنعاء هو انقلاب على الشرعية".

وبشأن موقف حزب المؤتمر الشعبي العام، من هذه التطورات، لمح الأمين العام المساعد للحزب ياسر العواضي -وهو أحد أعضاء الوفد المؤتمري الذي التقى بزعيم الحوثيين، أمس الأول- إلى أن هناك 4 خيارات جميعها تفضي إلى نتيجة واحدة، وهي رحيل الرئيس هادي.

وقال العواضي، في تغريدات على حسابه بموقع "تويتر"، إن البرلمان سيؤجل انعقاده المقرر أمس الأحد، إلى موعد لاحق، للبت في استقالة هادي.

ولمح إلى أنه لن يكون هناك أي وصول إلى اتفاق قريب، الأحد، ولا اجتماع للبرلمان قبل 72 ساعة، لكنه عاد إلى طرح 4 خيارات، قال إن من المتوقع أن تتم، وهي: الخيار الدستوري، ومعروفة نتيجته، أو توافق سياسي واسع، ولن يفضي إلا ببديل، أو ثوري يفرضه الثوار، أو انقلاب يفرضه المنقلب.

إلى ذلك، أقرت هيئة رئاسة مجلس النواب تأجيل الجلسة الطارئة للمجلس، التي كان من المقرر انعقادها صباح أمس الأحد، إلى موعد آخر قالت الهيئة إنه سيتم تحديده لاحقاً، ليتسنى إبلاغ كافة أعضاء المجلس بالحضور.

وعاد إلى صنعاء، أمس، رئيس مجلس النواب يحيى علي الراعي، والوفد المرافق له، بعد زيارة قصيرة للمملكة العربية السعودية، التقى خلالها الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقدم له التعازي في وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

وأوضح الراعي، في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، أنه التقى بعدد من رؤساء الوفود العربية، وناقش معهم العلاقات الثنائية، لافتا إلى أنهم عبروا عن أمانيهم بخروج اليمن من أزمته إلى بر الأمان.

وأمس، أيضاً، نشرت وسائل إعلام خبراً عن "تراجع الرئيس هادي عن قرار استقالته"، وأرجعت الأمور لوجود ضغوط داخلية ودولية، غير أن مصدراً مقرباً من الرئيس هادي نفى لمواقع مقربة من "الرئاسة"، "صحة الأنباء التي تحدثت عن عدوله عن الاستقالة، والتي تناقلتها وسائل إعلام محلية".

وقال المصدر، في تصريح لموقع "نبض الشارع"، إن تلك الأنباء لا أساس لها من الصحة. ودعا وسائل الإعلام إلى تحري الدقة والمصداقية في نقل الأخبار حتى لا تفقد مصداقيتها.

وتأتي هذه التطورات، في الوقت الذي اختطفت فيه جماعة "أنصار الله" مجموعة من الناشطين الشباب، بينهم الصحفي في صحيفة "الأولى" صامد السامعي، وتواردت أنباء عن الإفراج عنهم، مساء أمس، بعد اعتصام لناشطين وصحفيين أمام قسم "الجديري" المعتقلين فيه.

وحصلت "الأولى" على أسماء بقية المختطفين، وهم: عبدالرحمن نعمان، يحيى القباطي، جمال محمد الصبري، حسين الحذيفي، حمدي الأهدل، نجيب العواضي، عبدالرحمن النزيلي، إسماعيل إنهام، محمد العمدة، رمزى الشارحي، وليد العنسي، عارف الوقدي، هيكل العريقي، أنس المذحجي، صلاح نعمان، حسين صالح علي الفتيني، وسمير البدري.

وعن تفاصيل الاعتقال، قال الصحفي وسام محمد، شقيق الصحفي في "الأولى" صامد، إن "صامد اتصل بي عند الـ10 والنصف، وقال إن مسلحين حوثيين أغلبهم يرتدون أزياء عسكرية، قاموا باختطافهم من داخل الجامعة، ونقلوهم إلى سجن قسم شرطة الجديري". قال: نحن 15 شاباً في قسم الجديري، وهناك شباب وجوههم تنزف جراء الاعتداء.

وتابع بالقول: انقطعت المكالمة، حاولت أن أتواصل معه بعد ذلك، لكن تلفونه كان أصبح مغلقا. وأضاف: تواصلت مع بعض الشباب، وذهبنا إلى أمام القسم، سألنا عن الشباب، وطلبنا زيارتهم، لكن حراسة البوابة أنكروا وجودهم، وعندما أخبرت أحدهم (جندي يرتدي زي ما كان يعرف بالحرس الجمهوري) بأني تلقيت اتصالا من أحد الشباب المعتقلين، قال لي إنهم وصلوا إلى القسم، لكنه تم نقلهم، ولا يعرف إلى أين.

وأشار إلى أن بعض الجنود أخبروهم أن الشباب موجودون، وأن لا علاقة للقسم باعتقالهم، ولا يستطيعون الإفراج عنهم، أو السماح لنا بالدخول. طلبوا منا التواصل مع مدير أمن صنعاء المؤيد، أو المجلس السياسي للحوثيين، لأن احتجازهم بالقسم كان بأوامر عليا من الحوثيين.

وقال وسام: حتى الآن لا نعرف مصير الشباب المختطفين من داخل جامعة صنعاء، 3 منهم لديهم غدا امتحانات نهاية الترم الأول.

وأضاف: نحمل مدير أمن صنعاء، والمجلس السياسي لجماعة الحوثي، وعبدالملك الحوثي، المسؤولية الكاملة عن اختطاف 15 شاباً بعد الاعتداء عليهم وعلى كثير من زملائهم بالضرب، كما نحملهم المسؤولية عن حياتهم أو أي سوء قد يتعرضون له.

وفي إطار ردود الأفعال على الاختطاف، أدانت "الحركة الطلابية بجامعة صنعاء"، "ما تعرض له أعضاؤها من اعتقال وتعذيب جراء تعبيرهم عن رأيهم أمام بوابة جامعة صنعاء، صباح اليوم (أمس)، بالإضافة إلى دهم مقار ومنازل بعض الطلاب وأخذهم إلى جهات مجهولة. كما أن وحشية هذه الجماعة لم تشفع لطالبات جامعة صنعاء من تلقي الضرب والإذلال".

وقالت الحركة الطلابية إنها "تدرك في هذه اللحظة الحرجة مدى مسؤولياتها الوطنية تجاه البلد، لذا فإنها لن تتوانى عن الخروج غدا (اليوم) للمطالبة بسرعة الإفراج عن المعتقلين من كافة أبناء الوطن، وإنهاء تواجد مليشيات الحوثي داخل العاصمة، وإعادة الشرعية المتمثلة بالرئيس هادي".

ودعت "كافة الأحرار والمكونات السياسية ومنظمات المجتمع الدولي لاتخاذ موقف جاد تجاه ما يمر به الوطن، وعدم الوقوف مكتوفي أيدي بدافع من المصلحة أو الخوف".

واختتمت الحركة الطلابية بيانها بالقول: لقد انتزع أبناء هذا الشعب في 2011، حرية التعبير عن رأيهم، ولن يفرطوا بها مهما كانت التبعات والعواقب، لذا ندعو إلى الاحتشاد غدا (اليوم) أمام جامعة صنعاء، والخروج لتظاهر حتى يتم تطبيق هذه المطالب.