جامعيو الضالع .. بين الأمل المنتظر والحقيقة المرة..البطالة من المشكلات التي تواجهها أهم شريحة في المجتمع وهي فئة الشباب من حملة الشهادات الجامعية

عدن الحدث| متابعات
خريجون جامعيون وضعوا شهادتهم الجامعية على الحوائط أو في حقائبهم المنزلية حتى باتي زمنها وإن كان غير قريب.

الأمر الذي أجبرهم للجوء إلى أعمال أخرى تمكنهم من مقاومة قساوة الزمن والظروف المعيشية الصعبة.

أثناء مرورنا بسوق الحراج بمنطقة سناح بالضالع لفت نظري شباب بعمر الزهور يركضون وراء أصحاب القات لكي يوصلوها للمحرج داخل السوق ليقوموا بعملية عد حبات القات للمشتري مقابل أجر بسيط جدا.

عبدالحميد قاسم حسن أحد الخريجين ممن امتهنوا هذه المهنة في هذا السوق يقول: “جئت إلى هنا من منطقة الرباط بمديرية حالمين محافظة لحج لأعمل هنا في الضالع”، مضيفاً “أنا أحد خريجي كلية التربية بكلاريوس فيزياء، ولم يشفع لي مؤهلي الجامعي بالحصول على وظيفة حكومية بل جعلتني هذه الشهادة أتنقل بعدد من الأعمال وحالياً حارساً لمزرعة قات بالإضافة إلى العمل بأحد الدكاكين بالضالع وذلك لتوفير مصاريف ومتطلبات أسرتي، فهذا هو مصدر دخلي الوحيد، وهذه المعاناة لست أنا الوحيد من اكتوى بنيرانها بل هناك كثير من الشباب يعانون هذه المشكلة التي أصبحت مشكلة كبيرة أجبرت الشباب لاسيما الخريجين إلى اللجوء لأعمال بعيدة عن تخصصاتهم لتوفير أبسط متطلبات العيش لهم ولأسرهم، في الوقت الذي أصبحت فيه شهاداتهم الجامعية أشبه ما تكون بأوراق عادية لا فائدة منها”.

**واقع مرير**

أما أحمد محمد علي قاسم من أبناء مديرية الأزارق فيقول لـ«الأيام» “أنا خريج عام 2008م بشهادة بكلاريوس رياضيات من كلية التربية”.

ويضيف “لقد عشت متعة الإحساس بتحقيق أحلامي بالحصول على الشهادة الجامعية بعد أن أنفقت أسرتي مبالغ كبيرة لبعد الجامعة عن المنطقة التي أسكن فيها، غير أن هذا الحلم تبدد وبدأ اليأس يداهمني فور تخرجي لانصدامي بالواقع المرير الذي انصدمت به وعشرات الخريجين من قبلي دون وظائف حكومية رغم السنين الطويلة التي مرت عليهم منذ تخرجهم، في الحقيقة لقد تعبت من المتابعة في مكاتب التربية والخدمة المدنية ووصلت إلى حالة اليأس وأجبرت إلى العمل بعدة أعمال كبيع القات وغيرها وحالياً حصلت على فرصة عمل بالتدريس التعاقدي في منطقة لكمة لشعوب مديرية الحصين بالضالع على نفقة الأهالي، وذلك نتيجة النقص الحاد للمعلمين في مدارس هذه المنطقة”، مضيفاً “هذه المشكلة والمعاناة قاسى مرارتها كل الخريجين فمنهم من هاجروا البلاد إلى السعودية ليعملوا هناك باعة للأقمشة أو العمل بورش إصلاح السيارات تاركين وطنهم وشهاداتهم الجامعية في رفوف بيوتهم”، ولهذا أجدها فرصة عبر “الأيام” لأطالب الصندوق الاجتماعي للتنمية بمحافظة عدن بعمل دورات تدريبية للشباب والمتخرج ودعمهم بالمشاريع التنموية الصغيرة ليستفيدوا منها هؤلاء الشباب العاطلون لما يعود بالنفع عليهم وأسرهم”.


أما الخريج مختار خالد غالب المسلمي فيقول: “منذ أن تخرجت وأنا أنتقل من عمل لآخر لأوفر لقمة العيش لأسرتي التي تعتمد عليّ ولا يوجد لها عائل غيري فقد اشتغلت بعدة أعمال حيث قمت ببيع القات وحالياً أقوم بتدريس مادة العلوم في مدرسة زيد بن حارثة لكمة لشعوب مديرية الحصين حيث يقوم أهلها بالتعاقد مع خريجي الجامعات مقابل أجر بسيط يتقاضونه نهاية كل شهر من مجلس الآباء بالمنطقة.

ويضيف المسلمي وهو من أبناء مديرية الحشاء وخريج بشهادة بكلاريوس أحياء كثيراً ما نتواصل مع زملائنا الخريجين الذين تركوا الوطن وذهبوا إلى أرض الغربة ليبنوا مستقبلهم بعد أن تأكد لهم بأن لا أمل في التوظيف أو مستقبل مشرق لهم ونجدهم بأنهم تركوا وطنهم مرغمين، ومع هذا يرون بأن العيش في الغربة رغم مرارتها أهون من العيش في الداخل في ظل الحرمان من الحقوق والفساد وغير ذلك من الأمور التي راح ضحيتها أصحاب الشهادات الجامعية”.

**تركنا الوطن بحثا عن عمل**

كثير هم الخريجون وحملة الشهادات الجامعية ممن مرت عليهم سنين عجاف ولم يحظوا بما كانوا يؤملوا من الحصول على وظيفة حكومية تضمن لهم العيش الكريم، الأمر الذي أجبرهم إلى مغادرة البلاد إلى أرض الغربة بحثاً عن مصدر رزق بعد أن أغلقت أبواب الأمل أمامهم في وطن كانوا يؤملون فيه الكثير.

بركان مسعد أحمد النقيب من أبناء مديرية جحاف بالضالع واحد من هؤلاء الخريجين الذين هاجروا لأرض الغربة بحثاً عن عمل.


النقيب حاصل على شهادة بكلاريوس في الحاسب الآلي سنة 2010م ودبلوم شبكان يقول: “خرجت من اليمن إلى المملكة العربية والسعودية للبحث عن فرصة عمل بعد أن طرقت كل المكاتب في اليمن بحثاً عن وظيفة ولكن دون جدوى، حينها قامت أسرتي ببيع كل ما بحوزتها من مجوهرات لتوفير قيمة فيزة عمل لي في السعودية، وبالفعل تمكنت من مغادرة البلاد وحالياً أعمل بإحدى المدارس الأهلية”، مضيفاً “لقد أجبرت الظروف الاقتصادية الكثير من الشباب أن يهاجروا إلى خارج البلاد بعد أن ضاقت بهم السبل، وهم كثر هنا ويعملون في بيع الأقمشة والبعض يعمل في ورش سيارات رغم أن كثير منهم يحملون مؤهلات علمية كبيرة، وهنا أجدها فرصة لأدعو السلطة المحلية بالمحافظة بضرورة متابعة الجهات المعنية بصنعاء لتوفير وظائف لأبناء هذه المحافظة التي تكتظ مدارسها بالطلاب والطالبات في ظل فقر حاد في المعلمين”.

**الوظيفة حلم لم يتحقق**

من جهته قال لـ«الأيام» علي عبده محمد عبدالله (علي حجر) من أبناء دمت: “أنا خريج دبلوم المعهد التقني التجاري منذ العام 2010م، وهأنذا منتظر بفارغ الصبر الوظيفة الذي درست من أجل الحصول عليها وأنفقت أسرتي الكثير من الأموال في سبيلها كونها الحلم المنشود والذي سيمكنني من بناء مستقبلي المنظور، غير أن هذا الحلم لم يتحقق وليس هناك من بصيص أمل، وحالياً أعمل في أحد مراكز الانترنت بعاصمة المحافظة حتى يفرجها الله، وعبر “الأيام” أطالب السلطة المحلية بالمحافظة بتوفير فرص عمل للخرجين وانتشالهم من عالم البطالة الذي يحيط بهم من كل مكان”.

**مستقبل مجهول**

أما الخريج مروان محمود أحمد محسن، بكالوريوس فيزياء رياضيات فقال: “لقد بدأ اليأس يتسلل إلى نفسي، فمنذ أن تخرجت من الجامعة قبل عدة أعوام وأنا أنتقل بين مديريات المحافظة لأحصل على عمل في إحدى المدارس كمدرس متعاقد ولكن دون جدوى والمستقبل المجهول هو من ينتظرنا”.

" صحيفة الايام"