منظمات المجتمع المدني.. هل توفر فرص لاستغلال طاقات الشباب؟

متابعات

التزايد المستمر في أعداد العاطلين عن العمل، يجعل قضية البطالة من أبرز المشكلات التي تواجه الشباب ليس فقط في المجتمع اليمني؛ لكن أيضًا في معظم الدول العربية، مما يجعل مسألة التأهل لسوق العمل تحتل أهمية كبرى عند معظم الشباب، وتتبادر إلى الذهن أسئلة هامة هل تساهم برامج العمل الشبابي ومنظمات المجتمع المدني في اليمن، في تأهيل الشباب لسوق العمل؟ وهل تلعب دورًا في دعم تجارب الشباب في إدارة المشروعات الصغيرة، والتوجه نحو العمل الحر؟.

كثيرة هي التساؤلات المطروحة للاستطلاع لآراء عن أهمية ودر منظمات المجتمع المدني طرحتها “الأيام” على طاولة الناشطين في هذا المجال وخرجت بهذه الحصيلة.

يؤكد الناشط الشبابي أ. نصر الشييبي إن دور هذا البرامج “دورها سلبي ولم يكن بالمستوى المقبول فلم تساهم في تطوير وتحسين قدرات الشباب فإننا لو نظرنا إلى عددها في الجمهورية اليمنية فإن عددها يتجاوز عشرة ألف منظمة وجمعية والمنظمات الفاعلة منها في تطوير قدرات وتحسين الشباب لا يتجاوز المئات إن لم تكن العشرات، ولم تكن سندا كافيا لمساندة الجهات الحكومية لأسباب كثيرة منها عدم كفاءتها في تقديم المساعدة للجهات الحكومية وعدم وجود آلية عمل وتواصل وتنسيق بين منظمات المجتمع المدني وبين الجهات الحكومية”.

ويضيف: “هناك عدة عيوب وسلبيات تقترفها أغلب منظمات المجتمع المدني ومن تلك السلبيات أن الهدف الرئيسي من إنشاء وتأسيس تلك المنظمات والجمعيات هي الاسترزاق المادي بالدرجة الأولى، و الشهرة الشخصية للمؤسسين أو القائمين عليها واستغلالها في ابتزاز المؤسسات الحكومية والخاصة، وعدم تفاعلها في قضايا ومشكلات المجتمع المحيط بها وقد تكون جزء من المشكلة بدلا من أن تكون جزء من الحل، وعدم وجود الشفافية والنزاهة عند تنفيذها للمشاريع والبرامج المدعومة محليا وخارجيا، أغلب أنشطتها وأعمالها عبارة عن أنشطة مكتوبة حبرا على ورق وإن وجدت على الواقع فإنها أنشطة وأعمال سطحية بغرض الترويج الإعلامي، وعدم تطبيقها للوائح والقوانين التي تنظم طريقة عملها، وغياب دور الدولة في تقييمها ومتابعتها بشكل دوري ومستمر وإلغاء التصاريح الرسمية للمنظمات والجمعيات المخالفة”.



**مميزات منظمات المجتمع المدني ودورها**

أما رئيس منظمة إرتال وضاح الشامي يقول “إن أهمية منظمات المجتمع المدني هي قدرتها على استقطاب شريحة الشباب وهي الأكثر اهتماما بهم باعتبارها المستقطب الأول لهم باعتبارهم الركيزة الأساسية في نهضة الشعوب وتطورها”.

ويضف: “بخلاف مؤسسات الدولة تستطيع أن تتكيف بحسب حاجة المجتمع و ليست مقيدة كمؤسسات الدولة الحكومية، حيث إنها في نفس الوقت تعمل في كثير من الأحيان إلى جانب الدولة تحت وزارة أو جهة كالتربية أو الصحة أو غيرها وبهذا تستطيع منظمات المجتمع المدني أن تكون سنداً للدولة”.

ويؤكد في ختام حديثه “المنظمات تلعب دورا كبيرا في تأهيل الشباب وتطوير قدراتهم، وذلك بسبب أنهم يجدون فيها بيئة شبابية فعالة نشيطة، وما يميز منظمات المجتمع المدني أنها تعمل دائما على دمج الشباب مع واقع المجتمع من خلال الأعمال الميدانية أو الحملات الخيرية أو الأنشطة، ونجد عددا قليلا من منظمات المجتمع المدني مقارنة بغيرها من المحافظات، وهذا يأتي نتيجة عدم وعي المجتمع بأهميتها وكذلك عدم التفات الدولة إلى المنظمات الموجودة حالياً مما قد يتسبب في ضياعها في المستقبل، لذلك يجب على الدولة احتضان المنظمات الموجودة وتشجيعها مادياً ومعنوياً بحسب نشاط المنظمة وبرامجها”.

وتحدثت أ. أبتسام عبيد رئيسة جمعية روافد عن دور منظمات المجتمع المدني قائلة: “تمثل منظمات المجتمع المدني دورا كبيرا في المجتمع حيث تسهم بشكل كبير في مختلف المجالات من حيث التدريب وتأهيل أفراد المجتمع كافة وخصوصا الشباب فهي تسهم في تطويرهم وتحسين قدراتهم من خلال دورات وندوات”.

وأضافت بالقول: “منظمات المجتمع المدني تكون لها فاعلية فقط أن تكون سندا كافيا للجهات الحكومية في حالة إذا توفر الدعم البشري والدعم المادي، ومن أبرز العيوب في منظمات المجتمع المدني، عدم التعاون وعمل تشابك فيما بينها”.

وختمت بالقول: “أن الغلط الذي يعيق منظمات المجتمع المدني اليوم أنها لا تعمل وفق خطة معينة ولا تسير بحسب دراسات محددة، فمثلا المنظمات التنموية تعمل إعمال الخيرية والعكس”.



**الشباب والتنمية**

الناشط محمود الغابري عضو مجلس محلي للشباب في ذمار يقول: “الشباب هم ركيزة التنمية في أي مجتمع، وهم استثمار المستقبل وأداة لصناعة التغيير، وبجهود الشباب وإمكانياتهم وطاقاتهم تبنى المجتمعات وترتقي الأمم سلم التطور والنهضة والنماء، لما تتميز به مرحلة الشباب من عنفوان وحماس وجرأة، تمكنهم من إحداث وإبراز تحولات تاريخية في حياة أي مجتمع”.

وتابع بالقول: “وكما يقال إذا أردت أن تستطلع مستقبل أمة من الأمم فما عليك إلاّ أن تنظر إلى واقع شبابها، طموحاتهم، أحلامهم، إنجازاتهم، ظروف حياتهم، فالشباب هم وحدهم لا غيرهم من بقية شرائح المجتمع من يشكل في الحاضر الصورة المستقبلية ويرسم أبعادها، من خلال قراءة لواقع الشباب في بلادنا ، نلاحظ أن الشباب اليمني هم الفئة الاجتماعية الأبرز التي يطال الإهمال والحرمان من أبسط الحقوق التي ينالها أمثالهم في بلدان العالم، تؤكدها حقيقة واحدة لا يجوز تجاهلها أو العبور من فوقها، وهي أن هؤلاء الذين يشكلون صورة المستقبل ما يزالون حتى الآن يعاملون بوصفهم قوة فائضة عن الحاجة، ومن استطاع منهم أن يؤكد وجوده وسط هذا الزحام الشبابي فإنما تم له ذلك بجهوده الخاصة، لا بجهود الوزارات والهيئات والمؤسسات المسئولة عن الرعاية والعناية بهذا الجيش الذي يملأ الشوارع والميادين، ويقف في انتظار نظرة عطف من مؤسسة أو مسئول” .

يطرح الغابري أفكارا جديدة للشباب من شأنها أن تساهم في تشجيع الشباب على المشاركة في العمل السياسي وتمكن الشباب من المشاركة في الحياة العامة وصناعة القرار وبناء المستقبل منها تحديد عدد مقاعد الشباب قانونيا في البرلمان وكافة السلطات، تشجيع الطلبة في الجامعات على تأسيس نوادي تهتم بعلم السياسة وبالعمل السياسي، وتدريس حقوق الإنسان والحريات العامة ليس في الجامعات فحسب بل حتى في المرحلة الثانوية أيضا، وتأسيس برلمانات مصغرة على مستوى الجامعات وعلى مستوى الثانوي يحس من خلالها الشباب أنهم بالفعل نوابا وقادة وممثلين للشباب وللشعب ومن ثم يتدربون على فن الإلقاء والتواصل الجماهيري، وتخصيص برامج إعلامية تطرح فيها الشباب مشكلاتهم وهمومهم والمعوقات التي تقف أمامهم في جميع المجالات، بحضور الشباب والمهتمين بقضايا الشباب، تنظيم ندوات ودورات تدريبية ومحاضرات خاصة بالشباب وبقضاياهم تتيح الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم وانشغالاتهم وطموحاتهم.

ويقول الناشط إبراهيم العفارة نائب المنسق العام لوزارة حقوق الإنسان بذمار: “لن يتحقق أي شيء للشباب طالما والغالبية منهم يتعصبون حزبيا لأحزابهم على حساب أنفسهم وبقية الشباب من التنظيمات الأخرى. وانظر من يوم قامت ثورة سبتمبر١٩٦٢م معظم اللي شاغلي المناصب هم أنفسهم أو أولادهم أو من يساند في بقائهم من المشايخ وأبناءهم”.

ويؤكد بضرورة إفساح المجال للشباب المبدعين والخيرين والناشطين والشرفاء من أي حزب، لكن البعض فهم الحزبية غلط. المهم لن يفسح المجال للشباب الأكفاء إلا إذا تلاحم الجميع بالسعي لفرض ذالك دون تعصب أو ولاء حزبي.

وختاماً مع الناشطة أ . فاطمة الدوة والتي تحدثت بدورها قائلة: “إن دور المنظمات والجمعيات دور فاعل وبارز في تمكين الشباب اقتصاديا واجتماعيا في أوساط المجتمع، ورغم هذا فهي لا تشكل سنداً كافيا للجهات الحكومية والرسمية والتي تسعى من خلالها إلى تفعيل الشراكة بين الطرفين”.

وتختتم كلامها بالقول: “إن دور منظمات المجتمع المدني قد يختفي أوقات ويظهر في أوقات أخرى وأبرزها خضوعها لشروط الجهات المانحة مهما كانت تعسفية”.