محليات وأخبار
الدويل يدعو إلى تكثيف نضالات الجنوبيين عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا وتفاوضيا
قدم المحلل والكاتب السياسي صالح علي الدويل باراس ورقة مقدمة إلى الندوة العلمية التي نظمها المركز الاعلامي للقوات المسلحة الجنوبية بالهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي المنعقدة الخميس بمناسبة العيد 60 لثورة 14 أكتوبر المجيدة بعنوان : "تجربة المعركة السياسية والدبلوماسية والتفاوضية في الاستقلال عن بريطانيا وأهميتها في تعزيز اي مفاوضات مستقبلية والمكانة الدولية للدولة الوليدة وحمايتها". ودعا الدويل الى ان تتكثف نضالات الجنوبيين عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا وتفاوضيا حتى تحقيق هدفهم. وضمن الدويل الورقة عددا من المهمات والرسائل الى قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي تتعلق بالمفاوضات والمفاوض الجنوبي . نص الورقة : تمهيد *لكل شعب تجربة ريادية ، يعتز بها مهما كانت طبيعتها ومحدوديتها وسلبياتها وايجابياتها وتظل مثلا ومعينا يستمد منه الشعب وقودا في مواجهة الصراعات التي تعصف به والعقل الاستراتيجي للنخب يوجب دراسة وجوه الشبه والاختلاف والتطابق والتضاد ، فالتاريخ لاتتكرر احداثه بشكل ميكانيكي ولا يمكن حصر تجربة الجنوب في 14 اكتوبر ومفاوضات الاستقلال التي ادارها وفد الجبهة القومية ؛بل؛سبقتها جهود تفاوضية ممتدة مع رعيل من الوطنيين في حزب الرابطة ، اول حزب تاسس في الجزيرة العربية ، ونضالهم السياسي والدبلوماسي ومراسلاتهم الى جامعة الدول العربية .. والمنظمة الآسيوية والافريقية .. واتحاد المحامين العرب ومؤتمر باندونج لدول الحياد الإيجابي وعدم الانحياز ،وغيرها من المنظمات التي كانت تسعى وتؤيد قضايا التحرر من الاستعمار ، كلها مراسلات وجهود وضعت الجنوب على طاولة تلك المنظمات وضمنت دعمها لقضيته ، وكان دورها تفاوضيا وسياسيا في استخراج قرار من للجمعية العامة للامم المتحدة باستقلال الجنوب* *تجربة الجنوبيين تجربة بشرية فيها الصح والخطأ اثناء النضال ضد الاستعمار وقبل بناء الدولة وعند بنائها ، وخاض الجنوبيون تجربتهم بما لها وما عليها ويجب البناء على انجازاتها والاستفادة من اخطائها للمضي نحو المستقبل* *الجنوب واليمننة* *ان الوضع الاحتلالي الحالي للجنوب يختلف جذريا عن وضعه عشية مفاوضات الاستقلال عن الاحتلال البريطاني وما قبلها ، فقد كانت البلاد حينذاك تحت انتداب بريطاني من عدن الى المهرة ، وهو وضع محدد المعالم بانه استعمار له نظائر في بلدان افريقية واسيوية ، وهذه الحالة الان منعدمة فالكيان الموجود اسمه الجمهورية اليمنية والقرارات الصادرة من الامم المتحدة تعالج حالتها ولا يوجد سياق منفصل للجنوب وقضيته فيها* *عشية الاستقلال عن بريطانيا كان العالم منقسما في الحرب الباردة بين معسكرين وكانت قضايا التحرر الوطني تلاقي دعما دوليا رافضا للاستعمار ومؤيدا للاستقلال بينما الان القضية الجنوبية في مرحلة حرب دولية على الارهاب وتحالف دولي ضده واستطاعت اليمننة بعصبويتها الزيدية ان تقوم بتسكين الارهاب وتدويره في الجنوب للامساك به* *صدرت باستقلال الجنوب عن بريطانيا قرارات دولية من الجمعية العامة للامم المتحدة لتصفية الاستعمار عكس حالة الجنوب الراهنة فمازال ضمن كيان الجمهورية اليمنية والقرارات الخاصة بها تشمله في سياقها* *لم تكن عشية الاستقلال عن بريطانيا حرب اقليمية قائمة والجنوب معنيّا بها ، ولم يكن صوت الاقليم قويا ومؤثرا عشية استقلال الجنوب عن بريطانيا ، عكس الحالة الراهنة التي صارت الدول الكبرى تتطلب شريكا اقليميا يتحمل الجزء الاكبر من تبعات الحرب وبالتالي سيكون له صوت في تبعات السلام شئنا ام ابينا* *ان الشمال مازال ممسكا ورقة الوحدة ويجد نخب جنوبية تؤكد ان الجنوب يعيش حالة انحرف الوحدة عن هدفها وانه يمكن تصويبها !! بينما يراه اغلب الجنوبيين ان الوحدة تحولت في الجنوب الى احتلال او "ادارة بالاستعمار" كما اعترف بذلك علي محسن الاحمر وانه احتلال او ادارة بالاستعمار توجب التحرر منه واعادة دولة الجنوب* *تلقي الشرعية اليمنية ظلالا يمنع العالم من فهم الحقيقة في الجنوب والتضليل بان الشرعية تمـّثل خيارا عريضا او منافسا فيه ، لذا لابد من اتخاذ خطوات سياسية ودبلوماسية تكشف الحقيقة في البلاد وتوضيحها للراي العام العربي والدولي سياسيا ودبلوماسيا ، وتؤكد استحالة الحرب الاهلية في الجنوب في حالة ان فرض امرا واقعا او فك ارتباطه او استقلاله او استعادة دولته وهي حجة تذكيها وتسوّقها اليمننة واحزابها وطرفياتها* *وظائف الدولة المركزية تضطلع بها الشرعية في الجنوب حتى الان ، ولمشروع الجنوب وظائف عسكرية واعلاميا يحمّلون الجنوب مسؤلية اداته لذا يجب الاضطلاع بوظائف السلطة المركزية في البلاد وسحبها او سحب معظمها بما يضمن سلامة المواطنين وحقوقهم وممتلكاتهم وخدماتهم وامن وسلامة الممتلكات الاجنبية بما يؤكد قدرة الجنوب على ادارة نفسه* *في هذا السياق يجب ان تتكثف نضالات الجنوبيين عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا وتفاوضيا حتى تحقيق هدفهم وبذلك يجب تحديد مسارات التفاوض وامتلاك نقاط القوة فيها باعتباره جبهة تساعده وترفده وتقويه جبهات متعددة يجب ان يستلهم ارث اكتوبر وما قبلها في المعركة السياسية والدبلوماسية والتفاوضية لانتزاع الاستقلال الوطني الناجز وابراز أهميتها في تعزيز المكانة الدولية للدولة الواليدة وحمايتها* *التفاوض حوار لفض النزاعات ، ولا يصلح ولا يحقق اهدافه بمعزل عن القدرة على امتلاك ادوات الصراع وامتلاك ادوات الردع والقدرة على فرض امر واقع ومرونة التحالفات والقدرة على التعطيل ...الخ* *تداعيات اتفاقية بكين* *-------------* *حرب التحالف فشلت وابرز مظهر لفشلها اتفاق بكين السعودي الايراني ويهمنا ما تلقيه من عبء كبير على قضية الجنوب ، فامتيازات الاتفاق ستكون لصالح الحوثي ما يوجب حصر تاثيرها على ملف القضية الجنوبية وكيفية وضع الجنوب في هذه المعادلة بحيث لايكون ثمنا للاتفاق ، فمحادثات المملكة مع الحوثي في مسقط بدات بشكل حثيث عقب الاتفاق ثم محادثات في صنعاء واخرى في الرياض غامضة للوصول إلى اتفاق سلام شامل يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار والدفع باتجاه "حل سياسي شامل ومستدام" هذا هو العنوان التسويقي للمحادثات، اما العنوان الحقيقي فيؤكد ان استراتيجية المملكة تقوم على حل قضايا اليمن بازماته السياسية والمالية واختناقه السكاني ..الخ على حساب الجنوب مهما اختلفت التعليقات الاعلامية بين المملكة والحوثي فالمفاوضات عكست فعالية التقارب السعودي الإيراني على اجتماعات التفاوض التي نسقتها عُمان بينهما بغية الوصول إلى اتخاذ خطوات سياسية إيجابية نحو إنهاء دائم للصراع مع ان المفاوضات مازالت في ملف الهدنة والالتزام بها والمرتبات ..الخ من الملفات التي تهم الحوثي* *اذا كان من اتفاق على خريطة طريق سعودية لحل الأزمة اليمنية مع المجلس الرئاسي اليمني فانه يجب ضمان اطار تفاوضي للقضية الجنوبية واضح المعالم خارج نمطية "الالتزام بالانضمام إلى محادثات رسمية مع الأطراف اليمنية الأخرى" فهذه النمطية غائمة عائمة ومطاطة محاطة بتحديات مثل إيجاد اتفاق حول طبيعة الدولة في المستقبل بين الوحدة والفيدرالية والاستقلال واعتبار قضية الجنوب مفرد من مفردات الازمة اليمنية* *التفكيك* *---------* *التفكيك من اليمننة يحتاج الى تغيرات جذرية بان يخلو خطابنا الاعلامي من كل مايربطنا باليمننة واعتماد خطاب بان الجنوب شعب واليمن شعب وان نحتفل بثورة اكتوبر ثورة تحررية وننقي وننفي خطابها من اليمننة وباي ارتباط للجنوب بها* *كان للجنوب حدوده وهويته وعلمه وجوازاته وله مؤسسة نقد ومؤسسات تامين اجتماعي وله قطاع وظيفي مستقل وله صفته القانونية والسياسية المستقلة وهذا غير موجود الان ، ولم تهتم بريطانيا في مفاوضاتها لشكل الدولة بل وضعتها في خانة العدو او الدولة غير الصديقة من يومها الاول لكن هذه النمطية يجب ان لا تتكرر* *كانت ابرز قضايا التفاوض قبيل الاستقلال قضايا الحدود والجزر ومثلت المسألة المالية في مفاوضات الاستقلال اكبر عقبة في تلك المفاوضات وقد تملصت الحكومة البريطانية عن وعدها بدفع ..60 مليون جنية كانت قد وعدت اعطاءه لحكومة الاتحاد وسحبت المملكة هبة موعودة بمبلغ قرابة 6،5 مليون جنية والسبب الاساسي المانع كان "شكل الدولة" الوليدة وترتب على ذلك اتخاذ اجراءات اقتصادية متطرفه كتخفيض الرواتب وتاميم المساكن ثم التاميمات والاتجاة بالتجربة شرقا ، لكن التفاوض الان سيكون على قضايا مختلفة فامام الانتقالي وكل القوى الوطنية الجنوبية تركة متشابكة وحقل الغام تتطلب تفكيكا في كل المجالات ، فالوضع الحالي لايشبه الحالة في الجنوب عشية الاستقلال ففي تلك المرحلة كانت للجنوب حدود وجيشً وامن لاتشاركه جيوش تعاديه ، وكذا مؤسسات وعملة ونظام تامينات ...الخ وهي حالة منتفية الان وتتطلب وضع خطط وبرامج من الان في كيفية فك ارتباطها والمباشرة بتشكيل لجان قانونية سياسية وممكن توكيل شركات قانونية بعمل دراسات لفك الارتباط القانوني او اعتماد اي صيغة بعد اخذ الاستشارات حول جدواها والاهم التطمين ب"شكل الدولة"* *اولا* *اختيار كوادر مؤهله في التفاوض يكونون بجوار السياسيين من الان والاستعانة بشركات متخصصة في هذا المجال والاستفادة السياسية والقانونية من اي قرارات للحوثي تلغي بنود الوحدة بين الشمال والجنوب او اية اجراءت لتغيير نظام الحكم كالغاء نظام التعددية السياسية التي قامت عليها الجمهورية اليمنية في العام 1990م واعتماد "نظام حكم مركزي" ووضع نظام الحكم بمجمله تحت وصاية "المرشد"، وذلك على نمط النظام القائم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية فهذه مسائل تفيد للمفاوض الجنوبي* *ثانيا:* *ان المفاوضات لا تنحصر مع اليمن فهناك مفاوضات مع الاقليم والعالم في مسائل الارهاب والشراكة في حربه وتكون شراكة واضحة بثمنها وليست بحسن نوايا وان تنال تغطية من الجهات ذات العلاقة بهذه الحرب فالصمت الحكومي والدولي على الإرهاب الذي يتعرض له الجنوب تفخيخا واغتيالا يثير الريبة ، وكذا شراكة الجنوب في تامين طرق التجارة والممرات الدولية وتطمين العالم والاقليم عن شكل الدولة وعقيدتها السياسية وتحالفاتها ستكون من قضايا التفاوضً لاقناع العالم* *ثالثا* *طالما والعالم يشرعن الامر الواقع فلابد من نضال سياسي وفرض عسكري جنوبي يفرض امرا واقعا في الجنوب على غرار الامر الواقع الحوثي في الشمال فذلك سيكون اقوى ورقة في اية مفاوضات* *رابعا* *يجب على المفاوض الجنوبي ان يحسم القضايا الحساسة ومنها الحدود فسلطات الامر الواقع قد لا تاخذ مسالة الحدود كما كانت قبل الوحدة بل حيث يكون الامر الواقع الحالي تكون الحدود ، بمعنى آخر "حيثما يحماه سلاحك فهو الامر الواقع لك "* *خامسا :* *مسالة الثروة النفطية والاماكن المشتركة والعملة والاتفاق على مدة الفترة الانتقالية ومهامها* *سادسا:* *التجارة فعشية الاستقلال كانت الوكالات التجارية في عدن وكان ترتيب مينائها الرابع دوليا لكن الان فان قرابة 90% من التجارة مع الشماليين وصار ميناء عدن هامشي مقابل الامتيازات لميناء الحديدة وهذا يتطلب جهودا مع الراسمال الجنوبي سواء المقيم او المهاجر والتنسيق مع التجارة الدولية العائمة لسد الثغرة التجارية التي سيفرضها الشماليون بقرار سياسي لمحاصرة الجنوب* *سابعا* *ان استراتيجية السعوديه تقوم على حل قضايا اليمن على حساب الجنوب وهي استراتيجية تتطلب وسائل لمقاومتها وادوات ردع لها وتعطيلها مع الاخذ في الاعتبار القضايا والمخاوف الحقيقة في المحافظات التي تساعد على التفريخ ومعالجتها بما يفشل تفريخ المكونات ، ولن تقتصر ادوات ضغطها على تفريخ المكونات بل قد تكون حرب قادمة بادوات محلية من اقوى ضغوطها لفرض تلك الاستراتيجية* *ثامنا* *الاستفتاء احد خيارات قد تسير عليه الامم المتحدة ويقابله امتلاك السيطره على الارض الجنوبية كاملة وهذا يتطلب اشراك جميع القوى الجنوبية لتطمئن بانها مشاركة في هذه المرحلة الانتقالية وتوحيد القوات الجنوبية على اسس وطنية وعلمية واختيار الكوادر لشغل المناصب في المراكز القيادية عبر بيانات تحري المفاضله بينهم مع مراعات التنوع الوطني وتشكيل حكومة ظل جنوبية تدير عملية بناء المؤسسات الجنوبية وغيرها* *تاسعا* *العمل على ارساء اسس وقواعد تؤسس لدولة فيدرالية من الاسفل الى الاعلى او العكس المهم يجب احراز توافق وطني وشراكة حقيقة في المجالات كافة.