محليات وأخبار
شهداء الامارات في اليمن.. قصص بطولة وبصمات عطاء لا يمحوها الزمن
دماء زكية نقشت في الصخر قصص بطولة سُطرت بماء الذهب، وبصمات عطاء لا يمحوها الزمن، وجابهت معاول الهدم ومشاريع الموت. إنهم شهداء دولة الإمارات في اليمن، الذين عمقت تضحياتهم أواصر الأخوة العربية وأرست تحالفا قادرا على حماية سيادة الدول، من أجندات التنظيمات الإرهابية الخبيثة. وفيما تحيي دولة الإمارات يوم الشهيد، تمتد هذه المناسبة إلى اليمن، الذي لا يمكن أن ينسى ما بذله شهداء دولة الإمارات في سبيل استقراره. مناسبة احتفت بها «العين الإخبارية» بتسليط الضوء على سيرة ومسيرة 5 ضباط إماراتيين كانوا بمثابة نماذج ملهمة لعطاء شهداء سطروا بدمائهم ملاحم تاريخية، رسمت ملامح فجر اليمن. أول شهيد بعد اكتمال السيطرة على مطار عدن الدولي في المعركة السادسة في 14 يوليو/تموز 2015، كُلف الملازم عبدالعزيز سرحان صالح الكعبي (24 عاما) من قوات الفرسان بالعمل في فرقة التوجيه والارتباط العملياتية إلى جانب المشاركة في الهجوم الرئيسي لتأمين المطار. وتوجه الكعبي -آنذاك- بمركبة «أوشكوش» لتأمين «دوار ريمي» وحتى محطة الحمصي للوقود قبل أن يمطرها الحوثيون بالقذائف والرصاص لتخترق شظية درعه الواقي وتصيبه بالصدر، في حادث أدى إلى مقتل سائق المركبة (جندي يمني) وإصابة ضابط إماراتي آخر. في تلك الليلة، أرسلت قوة في مهمة إنقاذ لتعثر على المركبة في فجر 16 يوليو/تموز، عندها كان الملازم الكعبي قد استشهد إلى جانب المقاتل اليمني الذي أصيب بالرأس فيما أصيب الضابط الإماراتي بالقدم. ويعد الكعبي أول شهداء دولة الإمارات والتحالف العربي في معركة تحرير عدن واليمن بالكامل؛ إذ حفرت بطولته في قلوب أهل اليمن، وسجلت في التاريخ بماء الذهب، فيما لا زال عبق دمائه الزكية يفوح من تراب مديرية خور مكسر في العاصمة المؤقتة عدن. وبحسب شهادات يمنية لمقاتلين شاركوا إلى جوار الكعبي لـ«العين الإخبارية»، فإن «الكعبي كان يقود كتيبة الدبابات في معركة تحرير مطار عدن، وكان لها الفضل في تغيير ميزان المعركة داخل عدن، ودحر الحوثيين منها في زمن قياسي». كما أشرف ابن منطقة الفوعة في مدينة العين الإماراتية قبل استشهاده على تدريب أكثر من 200 جندي وفرد في المقاومة الجنوبية. وباعتباره أول شهداء عاصفة الحزم وإعادة الأمل، فقد وجّه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، آنذاك، بمعاملة الشهيد الملازم أول عبدالعزيز سرحان صالح الكعبي من القوة الإماراتية، معاملة الشهيد السعودي ماديا ومعنويا. سلطان الكتبي.. شهيد نصر الحالمة في ملحمة فريدة من نوعها، سطر العقيد الركن سلطان الكتبي الذي كان ضمن عملية «السهم الذهبي»، اسمه بأحرف من نور، في صفوف معركة تحرير عدن في يوليو/تموز 2015، قبل أن يقود عملية توغل عبر الشريط الساحلي لتأمين خليج عدن باتجاه مضيق باب المندب. ومطلع أكتوبر/تشرين الأول 2015، خط الكتبي المولود سنة 1971 مع رفاقه أحد أهم الانتصارات تحت غطاء ناري من بوارج قوات التحالف العربي، التي تقدمت لتحرير مضيق باب المندب وجزيرة ميون، وطرد الحوثيين رغم الألغام البحرية. عقب ذلك، أسندت للعقيد الكتبي في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، مهمة شؤون المقاومة اليمنية في مسعى لترتيبها والانطلاق في مرحلة عملياتية جديدة، عندما أطلقت قوات تحالف دعم الشرعية باليمن عملية عسكرية واسعة النطاق حملت اسم «نصر الحالمة»، بهدف تحرير محافظة تعز، وفك الحصار الذي تفرضه عليها المليشيات الحوثية. وفي 12 ديسمبر/كانون الأول 2015، استيقظ الشعبان اليمني والإماراتي على إعلان القيادة العامة للقوات المسلحة الإماراتية استشهاد العقيد الركن سلطان محمد بن هويدن الكتبي خلال مشاركته في عمليات تحرير محافظة تعز (جنوب). ووفقا لمصادر عسكرية لـ«العين الإخبارية»، فقد كان العقيد الكتبي يشرف على شؤون المقاومة اليمنية ضمن عملية «نصر الحالمة» واستشهد إلى جوار رفيقه الضابط السعودي العقيد الركن عبدالله السهيان بهجوم صاروخي غادر للحوثي استهدف بلدة «ذوباب» شمالي باب المندب. صقر شبوة وفي أغسطس/آب 2017، نعت القوات المسلحة الإماراتية بفخر استشهاد النقيب الإماراتي أحمد خليفة البلوشي مع 3 من زملائه في أثناء أداء مهامهم الاعتيادية، بمحافظة شبوة جنوبي اليمن. كان البلوشي على متن مروحية قتالية وهو أحد صقور الإمارات الذين أذاقوا مليشيات الحوثي الويلات وكبدوها خسائر فادحة لكن تعرضت مروحيته لخلل فني ما أدى إلى هبوطها اضطراريا وارتطامها بالأرض. ترعرع الشهيد أحمد خليفة البلوشي في أكناف أسرة ينتمي جميع أفرادها للقوات المسلحة والشرطة بالإمارات، يتقدمهم والده المقدم المتقاعد خليفة سالم علي البلوشي. ولبى أحمد البلوشي نداء الواجب المقدس، وقد وجه قبل استشهاده رسالة مؤثرة عبر تطبيق «واتساب»، جسدت معاني سامية في الرجولة والشرف، وتنم عن مدى حبه وشجاعته، وتلبيته نداء الواجب مع رفاق السلاح للدفاع عن الحق المغتصب في اليمن الشقيق. شهيد إنسانية الإمارات أطلق عليه «شهيد إنسانية الإمارات»، إنه هادي الشامسي الذي سقط بنيران أهل الشر وهو يؤدي واجبه في إغاثة المتضررين من الحرب في أعقاب تحرير العاصمة المؤقتة عدن وهزيمة الانقلاب الحوثي. وتزامنت حادثة استشهاد الشامسي التي وقعت في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2015، مع بدء القوات الإماراتية مرحلة جديدة من معركة مكافحة خلايا التنظيمات الإرهابية، والتي حاولت أن توجد لها موطئ قدم مستغلة الفراغ الأمني وانشغال الجميع بالمعارك ضد مليشيا الحوثي. وكان الشامسي أحد جنود الإنسانية الذين شاركوا لمساندة فرق الهلال الأحمر الإماراتي، الذراع اليمنى لدولة الإمارات في أداء فروض الواجب الأخوي، تجاه الشعب اليمني، وإنقاذ أرواح الأبرياء من النساء والأطفال في عدن، عقب سياسية العقاب الجماعي التي انتهجتها المليشيات الحوثية. وعرف الكثير من سكان عدن اسم «هادف» عقب مشاركته في أول تدخل إنساني لإنقاذ الناس ومكافحة تفشي الأوبئة وحمى الضنك، عبر قوارب وسفن صغيرة أبحرت من مياه دولة جيبوتي إلى السواحل اليمنية، وتقل أطنانًا من المساعدات والسلع الغذائية والأدوية الطبية فور تحرير عدن في يوليو/تموز 2015. وخلفت حادثة استشهاد الشامسي في مديرية المنصورة وسط مدينة عدن حالة من الصدمة، لا سيما ممن عرف إنسانيته وبطولته وأخلاقه، غير أن ذلك دفع ثمنا لتغرس فرق هلال دولة الإمارات خير شجرة زايد في كل المناطق المحررة. شهيد عدن كانت معركة تحرير عدن أول اختبار للقوات المسلحة الإماراتية والتي قدمت فيها دماء زكية لشهداء أبطال، كان على رأسهم الرقيب أول سيف يوسف أحمد الفلاسي. ويُعد الشهيد الإماراتي سيف يوسف أحمد الفلاسي، وهو من إمارة دبي ومتزوج ولديه 3 أطفال، أحد الأبطال الذي قدموا حياتهم فداء من أجل حماية الأمن القومي العربي من خطر التمدد الحوثي في اليمن. ففي يوليو/تموز 2015، ترجل الفلاسي عن صهوة جواده تاركا وراءه قصصا فريدة توثق حبه للمغامرات والطبيعة وتمسكه بتراث دولة الإمارات والعادات والتقاليد الأصيلة. ونعت القيادة الإماراتية الرقيب سيف الفلاسي بفخر، حيث وصل جثمانه الطاهر إلى مطار البُطِين في أبوظبي على متن طائرة عسكرية تابعة للقوات الجوية، يرافقه عدد من الضباط. استلهام الدروس وقال الضابط اليمني علي فضل الطيار لـ«العين الإخبارية»، إن يوم الشهيد الإماراتي تعد فرصة لاستلهام الدروس من أبطال الإمارات الذي روت دمائهم أرض اليمن وثغر عدن الباسم. وأضاف أن «المدد الإماراتي المخلص والوفي لله وللأمة جاء للتخلص من جاثوم الحوثي والتنظيمات الإرهابية وتلقينها دروسا لا تنسى، وروت دماء أبطال الإمارات كل شبر في المناطق المحررة». وأوضح أن بطولات شهداء الإمارات محفورة في ذاكرة اليمنيين وذاكرة وطنهم وأهلهم كتضحيات طيبة سعت لإنقاذ أمه عربية كادت تختطف من براثن الإرهاب والموت. ويعد الضابط علي فضل الطيار أحد رفاق الشهيد البطل عبدالعزيز الكعبي أول شهداء الإمارات في اليمن والذي قال عنه «كان لي أخا طيبا وصديقا لن أنساه ما حييت ولا تنسى عدن بسالته وشجاعته وإقدامه