حوارات
يسرى.. طفلة ذات 10 أعوام تجد نفسها زوجة لشخص يكبرها بثلاثة عقود !!
ظاهرة الزواج المبكر في اليمن.. الجريمة الأكثر فتكاً بالفتيات الصغيرات والتي انتشرت بصورة جنونية مع تدهور الأوضاع الاقتصادية وضياع الجانب الإنساني من أولياء الأمور؛ غير أن الأسباب لا تقتصر على ذلك، فالعادات والتقاليد الاجتماعية بالإضافة الى تأويل نصوص دينية وعدم قدرة المشرع على البت في قضايا خلافية سيطرت حتى على نقاشات البرلمان اليمني حول الظاهرة ففشل في التصويت على قانون يحسم القضية.
الطفلة "يسرى" ضحية جديدة من ضحايا الزواج المبكر، طفلة ذات 10 أعوام في الفصل الرابع الأساسي تعيش مع جدتها واخيها الأصغر منها "محمد" 5 سنوات، بعد انفصال والدتها والتنازل عن حضانتهما للأب؛ بدت "يسرى" وفي وجهها حزن مختلط بقلق يغتال ملامحها البريئة بعد أن كانت بين مطرقة الزواج وسندان غضب والدها عليها، لتجد نفسها زوجة لشخص يكبرها بثلاثة عقود!!
في حارة اليمن الساحلية بمحافظة الحديدة، قبل عام ونصف تم عقد قران الطفلة "يسرى خالد جمالي سليمان" ذات 9 السنوات وهي مازالت في الفصل الثالث الأساسي وشخص يدعى "مختار أحمد عيسى النجار" يبلغ من العمر 37 عاماً يملك وظيفة حكومية في موانئ البحر الأحمر بالحديدة، وبمباركة من والدها "خالد جمالي سليمان" الذي خان ثقة ابنته بإجبارها على الزواج، وتواطئ مأمون شرعي لا يملك رخصة مزاولة المهنة، أصبحت "يسرى" زوجة لـ"مختار"!!
تبادل الاتهامات ينقذ "يسرى"
في عصر يوم السبت الموافق لعيد الثورة المجيدة الـ 14 أكتوبر، نشب خلاف بين والد الطفلة "يسرى" وزوجها الذي اتهم الأول بأنه يستغل ابنته بجعلها تطلب الصدقة والإحسان من الناس، في منتزة "حديقة الشعب"، وبدورها نفت الطفلة هذا الاتهام وقالت بأنها كانت بيدها خمسون ريال تريد أن تشتري بها من أحد الباعة المتجولين، وبعد ارتفاع حدة الشجار بين الزوج ووالد الطفلة تدخل رجال الأمن كانوا بالقرب من المنطقة، وكانت الصدمة حين اكتشفوا بأن "مختار" يكون زوج "يسرى" وتم احالتهم بصورة عاجلة إلى إدارة الشرطة الأسرية برئاسة النقيب/ أفراح الهاشمي. والتي قامت بدورها الإنساني بالعمل على قضية "يسرى" وانهاء زواجها الذي دمر طفولتها، والذي وصفته بغير الإنساني. وذلك بحسب ما أفاد به أحد رجال الأمن المتواجدين في ادارة القسم.
وفي حديثنا مع الطفلة "يسرى" قالت: "لا ادري ما الزواج.. ولكن والدي اخذ يدي حينها وجعلني ابصم على ورقة ولا اعلم ماذا يعني ذلك" وأضافت :"لم أعد ارغب في العيش مع والدي، ولا اريد الذهاب إلى والدتي التي تخلت عني واخي وقد ترغمني بالزواج كما فعل أبي".
المنظمات الإنسانية
ومن جهته قال الضابط حسين حمود الحجري :" نعمل على تحقيق اتفاق يقضي بإعطاء الطفلة "يسرى" ورقة طلاقها لتستعيد حريتها التي تستحقها باتخاذ قراراتها المستقبلية بنفسها" فين حين أكد أن "هناك العديد من هذه القضايا تأتينا ولا نجد أي استجابات من جهة المنظمات الحقوقية والإنسانية للتعاون معنا، ليقوموا بدورهم الإنساني بتوفير الحماية للفتيات الصغيرات اللاتي يتعرضن للانتهاكات بصور يندى لها الجبين".
وفي ذات السياق قالت الأستاذ منى محمد محمد –رئيسة منظمة (سلام بلا حدود) :"يعتبر استغلال الفتيات الصغيرات بتزويجهن من اجل الخروج من مأزق مادي، نقص في القيم الإنسانية وظاهرة خطيرة يجب التعامل معها بصرامة، ليتوقف كل من تسول له نفسه عن القيام بمثل كهذا تصرفات تحرم الطفلة من حق عيش سن الطفولة كبقية قرناءها من هم في سنها". وفي اطار حديثها نادت الأستاذة منى المنظمات الدولية الإنسانية بتكثيف جهودها للحد من انتشار الظاهرة، وناشدت الجهات المختصة بحماية الطفولة بتأمين مسكن للطفلة "يسرى" واعادتها للفصول الدراسية لتستكمل دراستها بعيداً عن ظروف الحياة البائسة التي تعيشها.
والجدير بالذكر بأن رئيسة منظمة (سلام بلا حدود) قامت باستلام الطفلة "يسرى" و"محمد" الأخ الأصغر واخذهم من قسم الشرطة الذي كانوا فيه ووفرت لهم مكان آمن مراعاة لسلامة نفسيتهم وتأثير هذه القضية على مسار حياتهم، إلى أن يتم البت في القضية من جهات ذات الاختصاص.