اقتصاد تكنولوجيا
فضيحة جديدة في سجل أوبر: الشركة أخفت اختراقا للملايين من زبائنها
أعلنت شركة أوبر لخدمات النقل عبر التطبيقات الذكية عن اختراق ضخم للمعلومات، نتجت عنه سرقة المعلومات الشخصية لـ57 مليون مستخدم لتطبيقها المعلوماتي، في فضيحة جديدة تضاف إلى قائمة طويلة من الفضائح والاتهامات التي تهدد سمعة الشركة في مجال النقل، والتي بات لها أفرع في أكثر من 630 مدينة في العالم. وذكرت وكالة بلومبرغ الأميركية أن الرئيس التنفيذي السابق للشركة الأميركية ترافيس كالانيك، وهو أحد مؤسسي أوبر، كان على دراية بعملية الاختراق منذ أكثر من عام، فيما قال دارا خسروشاهي، الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي للشركة في أغسطس خلفا لكالانيك، إن اكتشاف تستر الشركة الأميركية على الواقعة أدى إلى إقالة اثنين من الموظفين المسؤولين عن تعامل الشركة مع الاختراق. وفتحت سلطات حماية البيانات في المملكة المتحدة تحقيقا في عملية الاختراق قائلة إن لديها مخاوف كبيرة حول ممارسات الشركة، في خطوة تعقب إعلان مكتب النائب العام في نيويورك بدء التحقيق في الواقعة ذاتها. فضائح بالجملة يأتي الإعلان عن الاختراق ليثير جدلا جديدا داخل أوبر بعد مزاعم تحرش جنسي ودعوى قضائية تزعم سرقة أسرار تجارية والعديد من التحقيقات الجنائية الاتحادية التي وصلت في النهاية إلى الإطاحة بكالانيك في يونيو. ووقع الاختراق في أكتوبر 2016، لكن خسروشاهي قال إنه لم يعلم به إلا مؤخرا. وقال خسروشاهي إن المعلومات المسروقة تشمل أسماء وعناوين بريد إلكتروني وأرقام هواتف محمولة لمستخدمين لأوبر من مختلف أنحاء العالم وأسماء وأرقام لوحات ترخيص سيارات 600 ألف سائق أميركي. وأشار إلى أن الشركة عينت مات أولسن، وهو مستشار عام سابق لوكالة الأمن القومي الأميركية، لإعادة هيكلة فرق وعمليات الأمن الإلكتروني في الشركة. كما تعاقدت أوبر مع شركة مانديانت للأمن الإلكتروني للتحقيق في الاختراق. واعترفت أوبر بأنها كانت ملزمة بالإبلاغ عن سرقة معلومات لوحات الترخيص لسائقيها ولم تفعل. وذكرت أن ركابها يجب ألا يشعروا بالقلق لأنه ما من دليل على الاحتيال. كما سيمنح السائقون الذين سرقت أرقام التراخيص الخاصة بهم حماية مجانية من سرقة الهوية ومتابعة للرصيد. وقالت إنها أقالت جو ساليفان كبير مسؤولي الأمن فيها ونائبا له يدعى كريج كلارك هذا الأسبوع بسبب دورهما في التعامل مع الواقعة. وكان ساليفان أكبر مسؤولي الأمن في فيسبوك من قبل. 100 ألف دولار دفعتها أوبر لمتسللين إلكترونيين للتستر على اختراق ضخم للبيانات ومن النادر مناقشة دفع المال للمتسللين الإلكترونيين على الملأ، لكن مسؤولي مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي وشركات أمن خاصة قالوا لوكالة رويترز إن عددا متزايدا من الشركات يدفع المال لمتسللين في سبيل استرجاع المعلومات المسروقة، خاصة عندما يتكشف الأمر في مرحلة حساسة كالتي تمر بها أوبر التي تسعى إلى تحسين صورتها العامة، بعد سلسلة من الفضائح التي أثرت سلبا عليها من ذلك اتهامها بسرقة أسرار تكنولوجية من قسم “غوغل” للقيادة الذاتية. وفي مطلع ديسمبر، ستتواجه أوبر في المحكمة مع وايمو التابعة لألفابت/غوغل. ويعد خبر استخدام أوبر لبرنامج اسمه “غراي بول” للتهرب من المشرّعين، من أكثر الفضائح التي هزت الشركة منذ أعلن عن الأمر في الربيع الماضي، حيث كشفت العديد من الصحف أن شركة النقل تمكنت من تطوير برنامج لخداع المسؤولين والسلطات الحكومية في مختلف أنحاء العالم. ويقوم البرنامج على استخدام البيانات التي تم جمعها من تطبيق أوبر مع تقنيات أخرى من أجل تحديد ما تقوم به السلطات، وذلك للتهرب من السلطات الحكومية في دول مثل فرنسا وأستراليا والصين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة. وذكرت نيويورك تايمز أن هذا التطبيق جزء من برنامج يسمى فيتوس وهو اختصار لمصطلح “خرق شروط الخدمة”، الذي طورته واعتمدته أوبر في 2014 لتحديد الأشخاص الذين ينتهكون شروط الخدمة التي تقدمها. كما تشتهر شركة أوبر بسمعتها السيئة في ما يخص ظروف العمل داخل الشركة، فبالإضافة إلى فضيحة استقالة كاليناك إثر فضيحة تحرش جنسي، تحدث موظفون سابقون بالشركة عن سياسات التمييز على أساس الجنس واتهامات خاصة بالملكية الفكرية. وكانت هيئة النقل في لندن أعلنت في شهر سبتمبر الماضي أنها لن تجدد الترخيص لشركة أوبر لخدمات النقل. وقالت الهيئة في بيان لها حينها إنها “تعتبر أن أسلوب أوبر يظهر عدم تحملها المسؤولية المشتركة بشأن عدد من القضايا التي تتعلق بالأمن والسلامة العامة”، وذكرت أن المشاكل التي تم التركيز عليها تشمل أسلوب أوبر في الإبلاغ عن المخالفات الجنائية الخطيرة، وفحص السجلات الجنائية للسائقين الجدد. دارا خسروشاهي: لا يمكنني محو الماضي لكنني ألتزم بالنيابة عن كل موظف في أوبر بأننا سنتعلم من أخطائنا. نغير طريقة عملنا لتكون النزاهة أساس كل قرار وأيّد صادق خان عمدة لندن القرار، مشيرا إلى أن جميع الشركات “لا بد أن تلتزم بالقواعد وتتبع المعايير الرفيعة التي نتوقعها، وبخاصة في ما يتعلق بسلامة العملاء”. وأضاف أن “تقديم خدمة مبتكرة لا يجب أن يكون على حساب سلامة العميل”. وتقدمت الشركة بالطعن على قرار هيئة النقل في لندن. ورغم أن الترخيص لم يتجدد إلا أنه يسمح لها بالعمل خلال فترة نظر الطعن والتفاوض. عهد جديد يتلخص برنامج تطبيق أوبر في كونه منصة للربط السريع والسهل ما بين الركاب والسائقين من خلال تطبيق إلكتروني، إذ تصبح مختلف المناطق والمدن متاحة بشكل أفضل وتتوفر احتمالات وعروض جديدة للركاب وفرص عمل جديدة للسائقين. وتعمل الشركة جاهدة على تنظيف سجلها في وقت تكشف فيه الدراسات أن قطاع سيارات النقل الخاصة مع سائقين الذي تهيمن عليه أوبر يجذب اهتمام مستثمرين كثيرين يراهنون على ازدهاره في المستقبل. وفي هذا السياق تواجه منافسة شرسة من شركة ليفت الأميركية التي تتمتع بسمعة جيدة مقارنة بنظيرتها، وتخطط لتوسيع نطاق عملها خارج الحدود الأميركية إلى كندا. وفي مسعى لتأكيد الشركة أنها ستفتح صفحة جديدة تقطع مع فضائح الماضي قال خسروشاهي “لا يمكنني محو الماضي لكنني ألتزم بالنيابة عن كل موظف في أوبر بأننا سنتعلم من أخطائنا سنغير الطريقة التي نعمل بها لتكون النزاهة أساس كل قرار نتخذه وسنعمل بجد لكسب ثقة عملائنا”، مشيرا إلى أنه بات ينبغي لأوبر الانتقال من “حقبة تسعى فيها إلى النمو مهما كان الثمن إلى حقبة نمو أكثر مسؤولية”. وتقدر قيمة أوبر بحوالي 68 مليون دولار، وهي الشركة الناشئة الأعلى كلفة في العالم. وأظهرت دراسة حديثة أجرتها مجموعة غولدمان ساكس أنه من المتوقع أن يصل عدد الرحلات بواسطة هذا النوع من المركبات إلى 83 مليارا في السنة الواحدة بحلول 2030، في مقابل 6 راهنا. أما رقم أعمال الشركات المنخرطة في هذا المجال، فهو قد يزداد 8 مرات ليبلغ 285 مليار دولار. وحشدت شركة ليفت التي تعد أكبر منافس لأوبر في الولايات المتحدة استثمارات بقيمة مليار دولار مؤخرا، في حين كشفت أوبر أنها تجري مناقشات مع اليابانية سوفتبانك بشأن صفقة كبيرة. ومن شأن انضمام سوفتبانك إلى قائمة المساهمين في رأسمال أوبر أن يساعد هذه الأخيرة على خوض مرحلة البلوغ بعد بدايات متقلبة تخللتها سلسلة من الفضائح والخلافات الجدلية. وبعد مماطلات عسيرة، أبرمت أوبر اتفاقا مبدئيا لبيع حصة من رأسمالها للمجموعة اليابانية. ومن المرتقب أن تستثمر سوفتبانك المليارات من الدولارات في الشركة الأولى عالميا في تأجير سيارات أجرة مع سائقين لتبلغ أسهمها فيها 14 بالمئة من رأس المال.