من تاريخ عدن

الجنرال ديجول و الأزمة اليمنية

محمدفرحان /عدن

 

الجنرال ديجول قد يتساءل أحدنا: وما دخل ديجول بنا وهو قد مات منذ زمن، والأزمة اليمنية بعد لم تولد؟، ولكنها مقارنة بين موقف الجنرال الوطني من استقلال الجزائر، وموقف أغبيائنا في اليمن من استقلال الجنوب.

ديجول ذلك الوطني المحب لوطنه فرنسا كان قد انسحب من المشهد السياسي الفرنسي في العام 1946م بعد أن حقق لفرنسا بمساندة شعبه التخلص من الاحتلال الألماني، وانتصر مع الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وقد استطاع أن يحقق لفرنسا النهوض والعودة للوقوف على قدميها، نفس الرجل عندما رأى فرنسا تنزلق للحرب، وربما للتفتت والانقسام إلى أشلاء متعددة قرر بقوة العودة للمشهد السياسي وحارب وكأنه في معركة حقيقية من أجل العودة للسلطة ليس من أجل مجد شخصي أو مصلحة ذاتية، كما يفعل بعض قادة اليمن الآن، ولكن فقط من أجل إنقاذ فرنسا من الانهيار، وبالفعل فقد عاد ديجول للسلطة في فرنسا، وقد كانت، حينها أي فرنسا، تمارس حرباً ضروساً مع جبهة التحرير الجزائرية ويسيطر عليها الجنرالات الفرنسيون الذين كانوا يعتقدون بحزم وبدوافع وطنية وقومية أن الجزائر فرنسية، تماما كما كان يعتقد ديجول نفسه، ولكن من منظور مختلف، من منظور الإقناع والحوار حتى يتوفر الرضا والمصلحة للجميع، للجزائريين والفرنسيين على حد سواء.

لقد رأى ديجول بفكر ثاقب وقلب محب لبلده أن تلك الحرب ظالمة، فهي تكرس الاحتلال، وهي تتسبب بخسائر كبيرة لفرنسا من الناحية البشرية والمادية، وتتسبب في اختلالات هيكلية داخل فرنسا وفي الجزائر، وتتسبب أيضا في معاناة كبيرة للشعب الجزائري، وأن استمرارها عبثي وقد تتسبب في انهيار فرنسا وتشجع الكثير من المقاطعات الفرنسية المطالبة بالانفصال كالمقاطعات الفرنسية في أعالي البحار وجزيرة كورسك، وربما الجنوب الفرنسي وشماله ووسطه، ولذلك صدح بمقولته (Je vous ai compris) وتعني بالعربية (لقد فهمتكم)، وقد وجهها للشعب الجزائري، وكان حينها لا يغالط أو يريد أن يمرر مواقف مختلفة عن ذاك المعنى كما يفعل الكثير من قادة اليمن الحاليين عندما يتناولون قضية الشعب الجنوبي، فهو الجنرال الحر الذي اكتوى واكتوت بلاده بقهر الاحتلال الأجنبي، فهو لذلك لا يريد أن يمارسه على الآخرين مهما كانت الأسباب نبيلة من وجهة نظره، لا كما يفعل بعض قادة الشمال في اليمن الذين يجيرون مصطلحات كالوحدة والشعب الواحد في سبيل تكريس الاحتلال للجنوب وأدامته، وياريت يكون ذلك لمصلحة وطنية ولكن فقط من أجل مصالحهم الشخصية الأنانية و مشاريعهم الصغيرة لكسب المال أو طمعا في السلطة وأحيانا فقط للتعبير عن أحقاد قديمة.

وبالرغم من أن الجنرالات الفرنسيين هم من استدعوا ديجول إلى السلطة لإنقاذ فرنسا الذي وصل إليها بالفعل في العام 1959م، إلا أنه تخلص منهم واحدا بعد الآخر عندما ثأروا عليه و حاولوا منعه من تنفيذ مشروعه في إنقاذ فرنسا ومنح الجزائريين استقلالهم، وقد كانوا أبطالاً حقيقيين وليسوا مجرد أعضاء في عصابات جهنمية كما كان من هو عندنا، علاوة على أنهم كانوا شركاءه ورفاقه في الكفاح من أجل التخلص من الاحتلال الألماني، ولكنها فرنسا، ولكنها الوطنية الفرنسية التي تذوب عندها المصالح الشخصية والعلاقات الشخصية، فهل يتعظ اليمنيون ويتخلصون من السلبية والجهل وعبادة الفرد الزعيم، ولو كان غير مخلص لوطنه و شعبه.

ولم يحارب ديجول فقط في هذه الجبهة، ولكنه حارب في الجبهة العلمية والعسكرية وفي العام 1960م تمكن من تفجير أول تجربة نووية فرنسية في الصحراء الجزائرية، بهدف تخويف ومنع من كان يفكر بإعادة احتلال فرنسا من جديد، وعمق علاقاته الخارجية مع جميع دول العالم دون استثناء وبمواقف متميزة وليست تبعية حتى لأمريكا التي ساعدت فرنسا في التخلص من الاحتلال الألماني ودعمتها اقتصاديا بمشروع ضخم هو مشروع مارشال، أو تعتقدون أن قادتنا يتصرفون مع أمريكا بنفس ذاك المنطق.

وقد شهدت فرنسا في أثناء فترة حكم ديجول صعودا اقتصاديا واجتماعيا لافتا، ولم يكتفِ ديجول بذلك فقد أراد أن يوسع الحريات للشعب الفرنسي بانتخاب رئيسه مباشرة عبر اقتراع مباشر، ومنحه صلاحيات تنفيذية واسعة، وتم له ذلك وقد سمي ذلك التحول بالجمهورية الفرنسية الخامسة، ووقع بشجاعة وشرف مع جبهة التحرير الجزائرية وثيقة استقلال الجزائر في العام 1962م، وبالرغم من أنه أراد أن تبقى الجزائر بعد استقلالها عن فرنسا مرتبطة بعلاقات خاصة ومتميزة نظرا للإرث التاريخي والثقافي والاجتماعي، ولكنه عندما رأى الجزائريين يرفضون ذلك، لم يمنعهم فقد كان يعتقد كذلك أن ذلك من حقهم.

فمتى يتوفر لنا في الجنوب قيادة مثل جبهة التحرير الجزائرية، وقائد يمني كديجول.
-ألايام-

 

بعثة منتخبنا الوطني الأول تعزي عادل عباس في وفاة شقيقه


اختتام دورة للمفتشين الوطنيين على تقنيات تنفيذ مراقبة جودة أمن الطيران


الرئيس الزُبيدي يشيد بخطوة أستراليا في تصنيف مليشيا الحوثي جماعة إرهابية


تواصل الأعمال الإنشائية لمدرسة النقوب للتعليم الاساسي بنصاب بتمويل الإشقاء في الامارات.