من تاريخ عدن

هكذا انهى الجلّادون حياة البطل الجسور فيصل عبداللطيف الشعبي!!

اعداد وبحث / عدن الحدث / خاص

ولد فيصل عبد اللطيف في قرية شعب, مديرية طور الباحة- الصبيحة, محافظة لحج, عام 1935م، والده الشيخ عبد اللطيف الشعبي - شيخ مشايخ شعب آنذاك
الذي كان له دوراً وطنياً في محاولاته توحيد قبائل الصبيحة .
نشأ فيصل يتيماً حيث كفله عمه الشيخ محمد عبد القوي الشعبي .
تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة جبل حديد بعدن ، وبعدها انتقل للدراسة المتوسطة في المدرسة المحسنية العبدلية في الحوطة / لحج التي كانت تديرها بعثة تعليمية مصرية - وكان من أوائل اللذين أكملوا تعليمهم الثانوي في عدن. ، وقد أظهر فيصل نبوغاً وذكاء تقرر عليه إرساله في منحة إلى مصر لمواصلة الدراسة ، حيث
التحق بجامعة عين شمس كلية الاقتصاد والتجارة,, وحصل على شهادة البكالاريوس.
شارك أثناء الدراسة في مصر متطوعاً في وحدات كتائب الطلاب أثناء العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956م .
كان لأرثه العائلي الوطني وتواجده في مناخ ثورة يوليو في مصر أثره في صقل وعيه وإثرائه, ووجد حينها في حركة القوميين العرب ضالته؛ وهي الحركة التي نشأت وقامت على أثر النكبة الفلسطينية 1948م.
بعد التحاقه بحركة القوميين العرب, حضر عدة دورات في دمشق ثم كلف بمهمة تأسيس فرع الحركة في اليمن.
منذُ بداية العام 1959م استطاع فيصل بما كان يتمتع به من ذكاء وخبرة تنظيمية وثقافية واسعة وقدرة قيادية من تشكيل أولى الخلايا التنظيمية للحركة في اليمن, وأصبح فيصل المسئول الأول عن قيادة فرع الحركة في إقليم اليمن منذُ العام 1959م.
بعد تخرجه من جامعة عين شمس عاد إلى عدن والتحق بالعمل في وزارة التجارة التابعة لحكومة عدن وذلك لفترة خمسة أشهر, اضطر بعدها للتفرغ للعمل التنظيمي والإعداد لانطلاقة الكفاح المسلح الذي اتسع ليشمل كل الولايات الجنوبية, وكان له فضل الإعداد والتحضير لفتح جبهة عدن؛ كونه المسئول الأول عن فرع الحركة في إقليم اليمن, واستمر في ذلك حتى منتصف العام 1965م, حيث اضطر للانتقال إلى تعز بناء على طلب قيادة الجبهة القومية لتولي مسئولية العمل المركزي من هناك.
سرعان ما عاد إلى قيادة العمل في عدن متخفياً في نفس العام نتيجة لاعتقال السلطات البريطانية لمعظم الصف القيادي في عدن حوالي .
اسهم في قيام وقيادة معركة 2 يونيو 1967م, حيث تم الاستيلاء والسيطرة على مدنية كريتر لفترة أسبوعين تقريباً ذاقت فيها بريطانيا أقسى الهزائم في كبريائها وهيبتها وخسارة جنودها.
في العام 1967م وأثناء المباحثات بين الجبهة القومية وجبهة التحرير في القاهرة لتوحيد الصف الوطني, تمت بعدها المحاولات التي بذلت لوقف الاقتتال الأهلي بين الجبهتين, والذي كان بحق مأساة وطنية مؤلمة تركت آثارها على مسيرة الوطن لاحقاً, كان فيصل وبشهادة الكثير من القيادات الصادقة من جبهة التحرير أكثر الناس حرصاً على وحدة الصف الوطني وبشروط عادلة للطرفين وأكثرهم حرصاً على وقف نزيف الدم.
شارك في محادثات ومفاوضات الاستقلال الوطني مع بريطانيا والتي كانت قائمة على لغة التفاوض عبر مفاوضات مباشرة ومتكافئة .
تسلم وزارة الاقتصاد والتجارة والتخطيط في أول حكومة وطنية بعد الاستقلال وكان يدين كل المزايدات في هذا الجانب والتي رأى فيها قفزاً على الواقع، ويرى ضرورة تركيز الدولة على الرأسمال الوطني وضرورة مساهمته في الداخل والخارج في عملية التنمية الوطنية وإشراك الرأسمال الوطني في المهجر
والتخطيط السليم للاستفادة من ثروات الوطن البترولية والمعدنية ، وقوبل ذلك من قبل اليسار الطفولي بالممارسات الهدامة والمزايدات .
وكان فيصل يؤمن بضرورة التعايش مع الآخرين, رغم الاختلافات, من منطلق حق الآخرين في التعبير عن آرائهم، ولم يؤمن بأن الدم والقتل والاغتيالات وقمع الحريات وسيلة لحل الخلافات,
قدم فيصل استقالته من الحكومة ووزارة الاقتصاد؛ نتيجة للمزايدات والإرباكات التي افتعلها البعض, ولم تقبل استقالته. وأخيراً عهد إليه تحمل المسئولية التنظيمية في العمل التنظيمي لتنظيم الجبهة القومية.
عيّن وزيراً للخارجية ثم بعد ذلك رئيساً للوزراء في أبريل 1969م.
جمّد نفسه بعد حركة 22 يونيو 1969م الانقلابية ثم فرضت عليه الإقامة الجبرية في منطقة الرئاسة, وفي مارس 1970م تم نقله إلى سجن الفتح الرهيب.
بُذلت جهود حثيثة من قبل الزعيم جمال عبد الناصر لدى عدن للإفراج عنه وإقامته في القاهرة, وكذلك من قبل الزعيم الجزائري بو مدين ودولة الكويت, لكن تلك الجهود ذهبت عبثاً.
لـ فيصل عبد اللطيف الشعبي العديد من المؤلفات والتعميمات التنظيمية, وكذلك كتيبات في النضال الوطني أهمها: اتحاد الإمارات المزيف, ومفاوضات لندن.
قال عنه كل من عرفه: إن فيصل أحد أبطال اليمن اللذين بذلوا حياتهم في سبيل الوطن, وتميز بحكمته القيادية وبجسارة المناضل وعمق المثقف ونبوغ السياسي الفذ.
تفاصيل الجريمة
يروي عبدالقوي الشعبي الأخ غير الشقيق لـ فيصل عبداللطيف قصة اغتيال فيصل عبداللطيف قائلا :
في ليلة بدت تباشيرها كئيبة رهيبة مظلمة وموحشة مثلها ككآبة ووحشية وظلمة ورهبة سجن معسكر الفتح أمام بوابة رئاسة الجمهورية في التواهي ، حدثت جريمة اغتيال وحشي بحق قائد وطني قاد نضال شعبه مع إخوته المناضلين، وقاد وطناً إلى الاستقلال الناجز وغير المشروط، وحقق وطناً موحداً وحدة أكثر من اثنين وعشرين مشيخة وإمارة وسلطنة.
في السابعة من مساء الخميس الدامي، الثاني من أبريل 1970م وفي معسكر الفتح الذي بنته بريطانيا , وبعد وجبة العشاء الفقيرة للمحتجزين في زنازين المعسكر ومنهم فيصل والمكونة من ملعقة فول وقرص روتي, كان فيصل قابعاً في الزنزانة رقم (5) وقحطان الشعبي - اول رئيس للجنوب بعد الاستقلال - في رقم (6) من مجموعة (13) زنزانة في حوش على شكل مربع تعلوه مكاتب قيادة المعسكر ومكاتب التحقيق.. , حيث يقع في وسط مربع الزنازين حوش أو ساحة كبيرة متعددة الاستعمالات للتعذيب، وإرهاق المعتقلين بالضرب ليلاً ليلتهي بهم الزيانية وهم في حالة سكر.
كانت أرضية الزنازين بائسة مجردة من الفرش, ممتلئة بالحشرات, عديمة النظافة ومفروشة بالحصى للنوم عليها على طريقة فقراء الهنود الذين ينامون على المسامير. هذه الوضعية للزنازين تزيد من قساوة وظلمة ورهبة سجن الفتح ولياليه.
وفي هذا الوقت وفي الطابق الذي يعلو الزنازين, كان هناك اجتماعاً وخصوصاً في غرفة قيادة المعسكر, ثم يقطع هذا الصمت صوت أجش من الأعلى من غرفة قيادة المعسكر لم يفهم بوضوح, وإن كان فهمه المعنيون الزبانية، حيث أطفئت أنوار الحوش, وأضواء الزنازين وتبقى أنوار غرفة القيادة. تنتهي هذه الحركة بدخول أربعة من الزبانية بآلياتهم الأربعة يقطعون الحوش على أضواء غرفة القيادة المشرفة وتبقى الغرفة رقم (4) ذات الباب الأبيض الخشبي مضاءة, سميت بيضاء تميزاً لها عن الأبواب الحديدية السوداء للزنازين الأخرى. كانت هذه الغرفة تستعمل أيام الإنجليز صيدلية للجنود البريطانيين المحتجزين وبداخلها غرفة صغيرة للتمديد حولها الزبانية الطغاة إلى غرفة تعذيب, ويفتح الزبانية غرفة رقم (5) ويقتادون فيصل بعصبية وعنجهية لم يصمد برغم مقاومته, ويقتادونه إلى الغرفة البيضاء ويرمونه رمياً على أرضها، ثم رغم الخوف والرهبة المسيطرة على المعتقلين إلاَّ أن المشهد شد انتباههم, وكذلك أضواء الغرفة البيضاء التي أخذ إليها فيصل, وتنطلق من فيصل صرخة ألم شديدة، تبين إنها طعنة (سونكي) خنجر الآلي في صدره، قبل أن تتلاشى صدى صرخة الألم في أرجاء المعسكر وداخل الزنازين تنطلق أربعة آليات مفرغة ذخيرتها في جسده الطاهر, ومزقته إرْباً (أو كما قال المنفدون لاحقاً لقد جعلنا جسده منخلاً) يقصدون "غربالًا".
هكذا انهى الجلادون حياة واحد من اروع وانبل قيادات الجنوب ، ورغم مرور اربعة عقود من الزمن على تلك الجريمة ، ما يزال البحث جاريا عن جثته .

المصادر :
*شهادة عبدالقوي الشعبي الأخ غير الشقيق لـ فيصل عبداللطيف( صحيفة مارب برس )
*مقابلة مع عليا فيصل عبداللطيف الشعبي ( صحيفة المستقلة )
*موسوعة ويكبيديا

بعثة منتخبنا الوطني الأول تعزي عادل عباس في وفاة شقيقه


اختتام دورة للمفتشين الوطنيين على تقنيات تنفيذ مراقبة جودة أمن الطيران


الرئيس الزُبيدي يشيد بخطوة أستراليا في تصنيف مليشيا الحوثي جماعة إرهابية


تواصل الأعمال الإنشائية لمدرسة النقوب للتعليم الاساسي بنصاب بتمويل الإشقاء في الامارات.