أهم الأحداث اليوم
ما الذي يعنيه باب المندب للقوى المتنافسة على السيادة الدولية وكيف تتطور وسائل الصراع بينها باب المندب.. حيث يختلط اللعاب بالدموع!
عدن الحدث / عباس السيد
ما الذي يعنيه باب المندب للقوى المتنافسة على السيادة الدولية وكيف تتطور وسائل الصراع بينها
باب المندب.. حيث يختلط اللعاب بالدموع!
* لا يمكن لليمنيين أن يفرضوا سيادتهم على باب المندب إلا من خلال دولة موحدة وقوية
* القوى الدولية في خليج عدن وجنوب البحر الأحمر تبحث عن ذرائع لإدامة تواجدها في المياه اليمنية
* مكافحة القرصنة البحرية مجرد مسرحية مكنت القوى الغربية من السيطرة على خليج عدن وباب المندب
* فشل الغرب وحلفائه في استدراج الحوثيين إلى باب المندب قد يضطرهم إلى إسناد الدور للقاعدة
* تُدرك القوى الدولية وحلفاؤها الإقليميون استحالة سيطرة الحوثيين على باب المندب بالنظر إلى حجم القوات الدولية المتواجدة في مياه خليج عدن والبحر الأحمر
* قانون تحديد الأساس البحري للجمهورية اليمنية.. هل يحفظ الحقوق أم يضيع ما تبقى؟
عباس السيد
لا يتذكر اليمنيون الأحداث المأساوية التي كان مسرحها مضيق باب المندب.. ليس بمقدورهم تقدير أعداد الضحايا الذين سقطوا وهم يعبرون بسفنهم ومراكبهم في المضيق الذي اختلطت مياهه بدموعهم، واشتق من نُواحهم وأحزانهم اسما له، فكان: باب المندب أو بوابة الدموع.
يبدو أن اليمنيين على موعد جديد من البكاء والنواح. وفي هذه المرة، سيكون البكاء جماعيا، وليس محصورا بأشخاص أو عائلات، كما كان في الماضي.
المُصاب، هذه المرة، قد يكون جللا، والخسارة لا تُقدر بثمن، فالضحية، هذه المرة، هو المضيق نفسه، وليس طاقم سفينة أو مركب صيد.
نعم، قد لا يستطيع اليمنيون تقدير كمية الدموع التي ذرفها أجدادهم على ضفة المضيق، ولكن الكثيرين منهم باتوا يدركون تزايد نسبة اللعاب الذي يسيل من أفواه الشرق والغرب، في مياه باب المندب، طمعا في السيطرة على المضيق.
الأطماع الخارجية في السيطرة على باب المندب، بدأت منذ أقدم عصور التاريخ، ولا تزال مستمرة إلى اليوم.. لم يتغير شيء سوى هوية الطامعين. فقد كانوا فرساً وأحباشاً ورومان، ثم مماليك وعثمانيين وهولنديين وبرتغاليين، وهم اليوم أميركيون وبريطانيون وفرنسيون وإيرانيون وإسرائيليون. ومن سخرية الأقدار أن ينضم إخوة عرب إلى موكب الطامعين.
فهل هو قدر اليمنيين أن تكون البوابة العالمية التي أرادها الله عند أقدامهم، مجرد حائط مبكى وبركة للدموع؟!
الأزمة في اليمن وتزايد المطامع
كشفت الأزمة التي تمر بها اليمن حاليا، بجلاء، حجم الأطماع الأجنبية للاستحواذ على المضيق. بل إن الأزمة اليمنية تبدو كأنها حلقة في مؤامرة للسيطرة على المضيق، ونزع الخاصية الوطنية منه، وتدويله.
وفرت الوحدة اليمنية فرصة تاريخية للاحتفاظ بالمضيق كبوابة وطنية عربية تحميها دولة يمنية موحدة قوية ذات سيادة. ومع ارتفاع الأصوات المطالبة بانفصال الجنوب عن الشمال، وبروز النزعات الطائفية والمناطقية، التي تنذر بالمزيد من التصدعات في الجغرافيا اليمنية، تتلاشى فرصة اليمنيين في الاحتفاظ بسيادتهم على باب المندب وهويته الوطنية.
وعلى الجانب الآخر، يتربص الطامعون، وهم يلهثون بانتظار الفرصة المناسبة، لينقضوا على اليمن المنهك، والسيطرة على مقدراته بأقل الخسائر.
الحوثيون وباب المندب
بعد دخول "أنصار الله" (الحوثيين) العاصمة صنعاء، في الـ21 من سبتمبر الماضي، وانتشار عناصرهم في بعض المحافظات الغربية والوسطى، أصيب البعض بالهلع، واستنفرت وسائل إعلام عربية ومحلية، مُحذرة من وصول "أنصار الله" إلى باب المندب، لأن ذلك سيكون بمثابة سيطرة فعلية لإيران على المضيق، بحسب تلك الوسائل. فما هي حقيقة تلك المخاوف؟ وما هي القوى التي تسيطر على باب المندب حاليا؟ وما هي الأهداف الحقيقة وراء تلك الحملة؟
لا يمكن لأي مراقب الادعاء بامتلاك الإجابة الشافية الوافية لتلك التساؤلات، لارتباطها بقضايا جيوسياسية معقدة، وصراع إقليمي دولي متعدد المحاور في أكثر من مكان حول العالم.. ولكن، بقراءة المعطيات المتوفرة، وربطها ببعضها، يمكن لنا تفكيك بعض الغموض الذي يكتنف فصول المؤامرة.
تُدرك القوى الدولية وحلفاؤها الإقليميون استحالة سيطرة الحوثيين على باب المندب، بالنظر إلى حجم القوات الدولية، وعلى رأسها قوات الناتو، المتواجدة في مياه خليج عدن والبحر الأحمر، وتمركزها في الكثير من الجزر الاستراتيجية المتناثرة في البحر الأحمر من باب المندب إلى مضائق ثيران في خليج العقبة.
ولكن تلك القوى تشعر أن تواجدها، وخصوصا في خليج عدن وباب المندب، رغم كثافته، لا يزال مؤقتا، وهي تستغل شرعية تواجدها الحالي من استثمارها لضعف وهشاشة الدول المطلة على خليج عدن وجنوب البحر الأحمر "اليمن، الصومال، جيبوتي، وإريتريا"، ولذلك، تسعى تلك القوى إلى خلق المناخات والظروف التي تمكنها من إدامة تواجدها أو إطالته على الأقل.
الصومال ومسرحية القراصنة
ساهمت القوى الغربية، بشكل مباشر، في الحالة المأساوية التي وصل إليها الصومال، وبعد أن تأكدت من انهياره تماما، تمكنت تلك القوى من التواجد في مياه خليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي، من خلال "مسرحية مكافحة القرصنة".
مسرحية مكافحة القرصنة منحت الشرعية لتواجد القوى الدولية عبر 3 قرارات من مجلس الأمن، حملت الأرقام: 1814، 1816، ثم القرار الأخير 1838، وهو الأهم، والصادر في يونيو 2008، بحجة مواجهة القراصنة وحماية الملاحة الدولية.
وإسهاما منها في المعركة الدولية ضد القرصنة، قدمت اليمن جزيرة ميون "بريم" الاستراتيجية، والتي تشطر المضيق إلى نصفين، لتصبح في خدمة القوات الدولية. وتبعد الجزيرة نحو 15 ميلا عن الساحل الجيبوتي، و5 أميال عن ساحل مديرية ذباب التابعة لمحافظة تعز.
حيث تمكن الفرنسيون الذين يتسيدون الضفة الغربية للمضيق، من خلال قواعدهم العسكرية في جيبوتي، من وضع قدمهم الأخرى في الجزيرة اليمنية، بموجب اتفاق "غامض" مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، في 21ف براير 2009، ليتحول المضيق إلى بوابة فرنسية شبيهة بالبوابة الباريسية المسماة "قوس النصر".
وجاء في خبر الاتفاق اليمني الفرنسي، الذي كان عرابه وزير الخارجية الفرنسي السابق برنارد كوشنير، أن الجزيرة سوف تستخدم كقاعدة لقوات الناتو التي تعمل في مكافحة القرصنة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
بعد نصف شهر من الاتفاق، تقلد العقيد عمار محمد عبدالله صالح، وكيل جهاز الأمن القومي سابقا، وسام "جوقة الشرف بدرجة فارس"، وهو أعلى وسام فرنسي، بقرار من الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، تقديرا لجهوده في تعزيز العلاقات اليمنية الفرنسية، كما جاء في خبر وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، في الـ8 من مارس 2009.
فصول جديدة لمسرحية القراصنة
7 سنوات مرت على بدء "مسرحية القراصنة"، وحتى الآن، لا يوجد ما يشير إلى قرب انتهائها. فلا تزال فصولها تكتب في السر والعلن. وفي أواخر أكتوبر الماضي، عُقد المؤتمر الدولي الـ4 للقرصنة البحرية، في إمارة دبي، بحضور ممثلين عن 200 دولة ومنظمة، وقد كان شعار المؤتمر: "الحفاظ على تعافي الدولة من خلال استدامة الجهود الفعالة في البحر، ومجابهة عدم الاستقرار على اليابسة"، وهو يعني بوضوح أن المعركة مع القراصنة لن تنحصر ساحتها في البحر.
وفي كلمته المطولة بافتتاح المؤتمر، قال عبدالله بن زايد، وزير الخارجية الإماراتي: "علينا أن نتوخى الحذر من التهديدات الجديدة المتمثلة بالمجموعات الإرهابية، مثل تنظيم "داعش" وغيره من التنظيمات القادرة على تمتين علاقاتها مع شبكات الجريمة وشبكات المتاجرة بالأسلحة، إذ يجب أن نوقفهم قبل أن تصل أنشطتهم إلى البحر، وقبل أن تمثل مخاطرهم على أقنية النقل في مضيق هرمز والبحر الأحمر وخليج عدن".
لم يشر الوزير الإماراتي إلى "أنصار الله" (الحوثيين) صراحة، كمصدر خطر على الملاحة في باب المندب، وبعد أقل من شهر، أدرجت دولة الإمارات حركة "أنصار الله" ضمن قائمة من 80 منظمة، كحركة إرهابية. وبذلك، تصبح حركة "أنصار الله" (الحوثيين)، ضمن قائمة أهداف التحالف الإقليمي الذي يجري التحضير لتكوينه من عدة دول عربية، بينها مصر والسعودية، حتى وإن ظل الحوثيون بعيدين عن البحر.
هكذا أراد المُخرج
في مؤتمر دبي، كانت اليمن هي الحاضر الغائب، وكان ممثل بلادنا في المؤتمر جمال السلال، وزير الخارجية السابق، بمثابة ضيف الشرف، أو كالأطرش في الزفة، بينما كان وزير الخارجية الصومالي نجم المؤتمر بلا منازع، نظرا للدور الكبير الذي اضطلع به بلده في مكافحة القرصنة، كما تردد في المؤتمر. وتجدر الإشارة هنا، إلى أن قرارات مجلس الأمن التي شرعنت تدويل المياه في خليج عدن والمحيط الهندي والبحر العربي، استندت إلى طلب رسمي تقدمت به السلطات الصومالية.
هكذا أراد مُخرج المسرحية، فقد تم تحاشي التطرق، في ما هو مُعلن من وثائق المؤتمر، إلى اليمن، أو دورها في مسرحية القراصنة. وقد يكون ذلك التكتم نابعا من حرص القائمين على المسرحية، على عدم إحراق الفصول القادمة. فهل ينتظرون وصول اليمن إلى حالة شبيهة بالصومال، كي يصبح دورها "فاعلا" في تأمين الملاحة البحرية؟
استخدام "القاعدة" كبديل
لعب القراصنة الصوماليون دور البطولة في الفصول الأولى للمسرحية. الآن، يجري البحث عن أبطال جدد للفصول القادمة، كي تتمكن تلك القوى من تمديد بقائها في المنطقة، واكتساب شرعية دائمة، بالإضافة إلى تأمين تواجدها في المياه بالسيطرة على الضفتين الشرقية والغربية.
وكما هو معلوم، تعتبر الضفة الغربية أو البر الغربي المشاطئ للمياه، آمنا بالنسبة لتلك القوى، من خلال تواجد القواعد الإسرائيلية في عدد من الجزر الإريترية، وتواجد الفرنسيين والأميركيين في الشواطئ الجيبوتية والصومالية. بينما لا تزال الضفة الشرقية "اليمنية" خالية من التواجد الأجنبي، وهي الهدف القادم لتلك القوى المتواجدة في الضفة الغربية.
حتى الآن، يبدو أن تلك القوى فشلت في استدراج "أنصار الله" (الحوثيين) إلى المسرحية. فهل يستمر الحوثيون في وعيهم لمخاطر الفخ؟ إذ إن السيادة اليمنية على المضيق لن تُسترد إلا من خلال دولة يمنية قوية وموحدة.
استمرار الفشل في استدراج الحوثيين إلى البحر، قد يضطر تلك القوى إلى إسناد الدور لتنظيم "القاعدة" الذي سبق له أن هدد باستهداف المضيق، "وتضييق الخناق على اليهود"، كما جاء في تسجيل صوتي للرجل الثاني في فرع التنظيم باليمن "السعودي سعيد الشهري"، في فبراير 2010. وقد دعا وزير الخارجية الأسبق الدكتور أبو بكر القربي، حينها، إلى أخذ تلك التهديدات على محمل الجد.
الأطماع الإيرانية في باب المندب
في سياق الحرب الباردة الدائرة بين إيران من جهة، والقوى الغربية وحلفائها الإقليميين من جهة أخرى، يُمكن تبادل الاتهامات بمحاولة هذا الطرف أو ذاك بالسيطرة أو محاولة السيطرة على باب المندب. ولكن، من غير المنطقي أن يوجه اليمنيون هذه التهمة إلى إيران قبل أن يستعيدوا مفاتيح الباب من الناتو.
تخلت اليمن عن سيادتها على مياهها وأهم جزرها، طوعا أو كرها، وتركتها ورقة بيد أحد الأطراف. وبناء على هذا الوضع، أصبح خليج عدن وجنوب البحر الأحمر طريقا بحريا غير آمن للطرف الآخر.
التنافس بين إيران والغرب في باب المندب، هو امتداد للتنافس الذي ساد بين إمبراطوريتي فارس وبيزنطة في الماضي. في الوقت الحاضر، وبالنظر إلى اختلال موازين القوى لصالح الغرب، أو لصالح "ورثة بيزنطة"، لا يمكن القول بوجود أطماع إيرانية في باب المندب، رغم سعيها الدؤوب لكسر احتكار الإسرائيليين للجزر الإريترية، وتواجدها في خليج عدن (ضمن قوات لـ80 دولة)، من خلال سفينتين عسكريتين مزودتين بأحدث الصواريخ.
الأطماع الإيرانية في باب المندب كانت أشبه بـ"حلم يقظة"، ولكنها تحولت مؤخرا إلى مخاوف، وليست أطماعا كما يتردد، فلم يعد بوسعها السيطرة في ظل الواقع الحالي. ولو أن الدولة اليمنية استطاعت استرداد سيادتها على برها وبحرها، وتحملت مسؤوليتها في حماية الممرات والطرق البحرية قبالة شواطئها، وعملت على إبعادها وتحييدها في الصراع الإقليمي الدولي، لما وُجدت لإيران مخاوف أو أطماع.
بعد إيقاف سفنها في المياه الدولية من قبل الإسرائيليين والأميركيين، أكثر من مرة، أصبحت إيران في باب المندب ضحية كاليمن. وستخسر إيران أكثر إن تم استدراج الحوثيين إلى معركة باب المندب، وكذلك ستزداد خسارة اليمن.
إيران دولة كبيرة تجيد المناورات السياسية، وهي في اعتقادي أبعد عن المشاركة في مثل هذه الحماقات. وعدم هرولتها في دعم انفصال الجنوب، كما كانت تُتهم خلال السنوات الماضية، يشير إلى أنها تدرك أن مصلحتها في باب المندب لن تتحقق إلا من خلال دولة يمنية قوية ومُوحدة لا يستطيع الخارج استخدامها كورقة في معاركه.
خُرافة المخاوف المصرية
في حديث له حول واقع الإعلام المصري، قال الإعلامي المصري المعروف عبدالحليم قنديل، لقناة "العربية"، إن الإعلام المصري يستبدل الحقيقة بالخرافة. واستغرب قنديل لحجم التهويل والمبالغة في الإعلام المصري من تأثير قطر وحماس على مصر والأمن القومي المصري.
وصف قنديل ينطبق أيضا على وسائل عربية أخرى، بينها قناة "العربية" التي كان يتحدث إليها، وليس على الوسائل المصرية فقط، فقد ساهم الإعلام العربي والمصري في إظهار الحوثيين كبعبع أمام الرأي العام المحلي والمصري والعربي، وبالغت تلك الوسائل في تقدير قوة الحوثيين وخطرهم على قناة السويس. وقد جاء هذا التخويف متزامنا مع بدء المصريين في حفر قناة جديدة موازية للأولى، يرمي فيها المصريون أموالهم، ويزرعون فيها أحلامهم، وكان لذلك التزامن أثره في زيادة هواجس المصريين ومخاوفهم.
إن الخطر الحقيقي على قناة السويس لن يأتي من باب المندب، فإغلاق المضيق من قبل الحوثيين أو غيرهم سوف يلحق الضرر بدول الشرق والغرب، وليس بمصر وحدها. وما تحصل عليه مصر من قناة السويس في العام، والمقدر بين 5 و6 مليارات دولار، قد تخسره بعض الدول في شهر واحد إذا أغلق المضيق.
"قناة البحرين" كبديل للسويس
الخطر الحقيقي على قناة السويس قد يأتي من المشروع الإسرائيلي المؤجل "قناة البحرين" التي يراد لها أن تربط البحرين الأحمر والمتوسط، مرورا بالبحر الميت. لا يمكن للإسرائيليين أن يتخلوا عن هذا المشروع الذي بدأ التفكير فيه قبل قيام دولة إسرائيل بعقود، إذ تعود فكرة القناة إلى مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هرتزل، الذي عرض المشروع في كتابه "الأرض القديمة -الجديدة"، الصادر عام 1902.
وقد مر المشروع، طوال العقود الماضية، بمراحل متعددة من الدراسات والأبحاث والتصميمات. ومع استمرار الصراع العربي الإسرائيلي، وجد الإسرائيليون صعوبة في البدء بتنفيذ المشروع الذي عرضته إسرائيل على قمة الأرض في جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، التي انعقدت في سبتمبر2002 "كمشروع بيئي"، وقد رفضته المجموعة العربية المشاركة في القمة الدولية، رفضا شاملا، رغم تقديمه كمشروع إسرائيلي عربي مشترك.
الرفض العربي لـ"قناة البحرين" لن يستمر طويلا، بعد أن تحولت إلى مشروع إسرائيلي عربي، بدخول الأردن كشريك في المشروع، بعد اتفاق وادي عربة عام 1994، وانضمام السلطة الفلسطينية كشريك ثالث، بعد عرض المشروع في قمة الأرض، من قبل الأردن وإسرائيل. وأصبح الأردن أكثر حماسا للمشروع الذي سيؤدي -بحسب الدراسات- إلى تغذية البحر الميت المهدد بالزوال بسبب تناقص منسوبه سنويا.
هل يفي الإسرائيليون بوعدهم؟
قدم الإسرائيليون تطمينات للدول الإقليمية بأن المشروع لن يكون منافسا أو بديلا لقناة السويس. وبحسب الإسرائيليين، فإن القناة التي ستربط في مرحلتها الأولى البحر الأحمر بالبحر الميت، ستكون من جزأين؛ الجزء الأول يبدأ من خليج العقبة بحفر قناة طولها أقل من 30 كيلومترا، وسيجري نقل المياه في الجزء الثاني (حوالي 170 كيلومترا)، عبر أنابيب، وصولا إلى البحر الميت.
تطمينات الإسرائيليين بأن المشروع لن يكون بديلا لقناة السويس، تتناقض مع طموحاتهم وخططهم الاستراتيجية التي أعلنوها قبل قيام دولتهم وبعدها.
فالمشروع يمثل أحد الأهداف المبكرة للحركة الصهيونية التي آمنت بأن توفير المياه وتوليد الطاقة هو من أهم ركائز الاستيطان في فلسطين، لذلك فإن الدولة العبرية تريد الاستفادة من المشروع في تنفيذ مشروعات قومية إسرائيلية، تزيد من قوتها الاقتصادية والعسكرية والبشرية، وبخاصة في
منطقة النقب، كما تسعى إسرائيل من هذا المشروع إلى تحسين صورتها في العالم والتحول من دولة احتلال إلى دولة صاحبة فضل على العالم من خلال ربطها للشرق والغرب.
وحسب وجهة النظر الإسرائيلية، فإن هذه القناة تهدف إلى توليد حوالي 3 آلاف ميجاوات من الطاقة الكهربائية سنويا، عن طريق المحطات الكهربائية والطاقة الشمسية والمفاعلات النووية. كما تهدف إلى إنتاج ما يقارب 20 ألف برميل من الزيت الخام يوميا من الصخور الزيتية، وإقامة مجمعات صناعية ومستوطنات زراعية تصل إلى 100 مستوطنة في النقب الشمالي، وتحلية مياه البحر وإنشاء بحيرات مائية لأغراض السياحة وتربية الأسماك. ويتوقع أن إسرائيل هدفت -وإن لم تعلن عن ذلك- إلى إقامة أربعة مفاعلات نووية جديدة. وحسب تقديرات الكلفة عام 1983، كانت تكلفة إنشاء القناة 1.5 بليون دولار، جمع منها حوالي 100 مليون دولار من منظمة السندات الإسرائيلية، لتغطية تكاليف المرحلة الأولى من المشروع.
وتجدر الإشارة إلى أن البنك الدولي والحكومة الإيطالية قد قاما بتمويل دراسة المشروع عام 1997، وقدرت الدراسة كلفة المشروع بحوالي مليار دولار، على اعتبار أن طول القناة لا يتعدى 20 كيلومتراً من البحر الأحمر، يتم ربطها بأنابيب لنقل المياه للبحر الميت.
البحر الأحمر من بحيرة عربية إلى بحيرة يهودية
أحلام الإسرائيليين لا تنحصر في مشروع قناة البحرين، بل تتعداها إلى السيطرة على البحر الأحمر، وجعله بحيرة يهودية، إذ يتمتع البحر الأحمر بمنزلة خاصة في الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي، فبعد وصول بن جوريون إلى سدة الحكم عام 1948، أعلن استراتيجية دولته في البحر الأحمر بقوله: "إن سيطرة إسرائيل على نقاط في البحر الأحمر هي ذات أهمية قصوى، لأن هذه النقاط ستساعد إسرائيل على الفكاك من أية محاولات لمحاصرتها وتطويقها، كما ستشكل قاعدة انطلاق عسكري لمهاجمة أعدائنا في عقر دارهم، قبل أن يبادروا إلى مهاجمتنا".
ولخص ديفيد بن غوريون، غاية إسرائيل من التحكم بمنافذ البحر الأحمر، في 3 أهداف:
1 ـ جعل البحر الأحمر منفذًا إسرائيليًا إلى القارة الأفريقية والشرق آسيوية.
2ـ استخدامه كشريان إسرائيليّ والإفادة منه عوضًا عن قناة السويس.
3 ـ تفكيك الروابط القومية للعالم العربي.
وقال أبا إيبان، وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق: "إن موطئ قدم لإسرائيل على البحر الأحمر يعوضها عن الحصار الإقليمي المفروض عليها، وعن طريق ربط المحيطات الشرقية والغربية عبر قطاع ضيق من الأرض، يمكن لإسرائيل أن تصبح الجسر الذي تعبره تجارة الشعوب في القارات جميعها، وبذلك يمكن تحرير شعوب آسيا وأفريقيا من الاعتماد على قناة السويس".
وفي عام 1956، قال قائد البحرية الإسرائيلية السابق: "نحن نملك أسطولاً بحرياً ضخماً يعمل في كافة موانئ العالم، ولهذا علينا أن نعد العدة في المستقبل كي تستطيع أساطيلنا البحرية والحربية أن تحطم الحصار العربي المفروض علينا، وأن نفرض الحصار بدورنا على الدول العربية عن طريق تحويل البحر الأحمر إلى بحيرة يهودية".
وقد شرع الإسرائيليون في تنفيذ تلك الأهداف منذ وقت مبكر، حيث استطاعوا استثمار علاقتهم مع إثيوبيا -قبل استقلال إريتريا- والحصول على جزيرة "دهلك" في البحر الأحمر، سنة 1975، ليقام عليها أول قاعدة عسكرية إسرائيلية. ثم تمكنوا من التغلغل في الدولة المستقلة إريتريا، وعززوا تواجدهم في البحر الأحمر من خلال استئجار جزيرتي "حالب" و"فاطمة" في الجنوب الغربي للبحر الأحمر، ثم جزيرتي "سنشيان" و"دميرا"، والأخيرة هي أقرب الجزر الإريترية -التي تتواجد فيها القوات الإسرائيلية- إلى باب المندب.
قانون الحدود البحرية لليمن
بعد 6 سنوات من عرضه على مجلس النواب، أصدر رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، في الـ23 من نوفمبر الجاري، قانون تحديد الأساس البحري للجمهورية اليمنية.
إصدار القانون في هذا التوقيت يثير الكثير من المخاوف، في ظل عدم قدرة أعضاء مجلس النواب على الإحاطة بمضامينه الفنية والجغرافية، حيث اكتفى النواب بتحميل الجانب الحكومي المتمثل باللجنة العليا لشؤون الحدود "المكتب الفني"، مسؤولية صحة البيانات ونقاط الإحداثيات.. وكان على المجلس الاستعانة بخبراء ومتخصصين لمطابقة البيانات الفنية والجغرافية بما يضمن الحفاظ على حقوق اليمن في جزرها ومياهها الإقليمية.
وكان برلمانيون حذروا، في أغسطس 2008، من مغبة انسياق النواب وراء مطالب الحكومة بالمضي في إقرار مشروع القانون، خشية أن يؤدي إعلان خط الأساس البحري للجمهورية اليمنية، إلى تعارض مع قرارات المحكمة الدولية، التي استعادت اليمن بموجبها سيادتها على جزر أرخبيل حنيش في البحر الأحمر، واستندت على خط أساس سابق تم تحديده واعتماده دولياً، وصدر بموجبه قرار لصالح اليمن في جزر حنيش، عند إجراءات عملية التحكيم بين بلادنا وإريتريا، وفي ضوئه تم تنصيف البحر الأحمر بين البلدين بالخط المحدد في الحكم.
فيما استغرب برلمانيون (آنذاك) من تقديم الجانب الحكومي لـ3 نسخ من مشروع القانون، يحتوي كل منها على خط أساس بحري مختلف، بالإضافة إلى انتقادات أخرى نرى أنه من غير الضروري إيرادها هنا بعد 6 سنوات من تلك المداولات، ونأمل أن يكون القانون الصادر مؤخرا قد استوعب تلك الملاحظات.
وقد أثار مشروع القانون جدلا بين البرلمان والحكومة التي قالت حينها (أي في منتصف 2008)، إن تقديمها لذلك المشروع جاء بناء على معلومة غير صحيحة قدمها ممثلو المكتب الفني للجنة العليا للحدود، ثم اعتذروا عنها في ما بعد، وتفيد تلك المعلومة بأن الأمم المتحدة ستقوم من قبلها مباشرة بتحديد خط الأساس البحري لأية دولة لم تحدد خط أساسها البحري قبل نهاية عام 2008!
يشار إلى أن عرض مشروع القانون لأول مرة على البرلمان اليمني، جاء بعد شهر واحد من إصدار مجلس الأمن لقراره الثالث رقم 1838، حول مكافحة القرصنة في خليج عدن والمحيط الهندي، وهي القرارات التي سمحت بتدويل وعسكرة المياه الإقليمية والدولية التي يتواجد بها حاليا قواعد وسفن عسكرية من 80 دولة.
نتمنى أن يعمل قانون الأساس البحري الذي صدر بعد مخاض عسير، على حماية حقوقنا البحرية وتحصينها -حتى على الورق- وألا يجد فيه الطامعون ثغرات أو منافذ للتوغل أكثر في جزرنا أو مياهنا، فيكون سببا آخر لاستدرار آهاتنا ودموعنا.
المراجع:
أمن الممرات المائية، كتاب لـ: حمد سعيد الموعد.
أطماع إسرائيل في البحر الأحمر والقرن الأفريقي، دراسة نشرت في صحيفة "الخليج" الإماراتية، 2013.
مستقبل اليمن بين التهديدات المحلية والخارجية واستقرار البحر الأحمر، رسالة ماجستير صادرة عن جامعة الأزهر فرع غزة.
مشروع قناة البحرين (الأحمر والميت)، دراسة صادرة عن مركز الإعلام والمعلومات في غزة، فلسطين، سبتمبر 2011
باب المندب.. حيث يختلط اللعاب بالدموع!
* لا يمكن لليمنيين أن يفرضوا سيادتهم على باب المندب إلا من خلال دولة موحدة وقوية
* القوى الدولية في خليج عدن وجنوب البحر الأحمر تبحث عن ذرائع لإدامة تواجدها في المياه اليمنية
* مكافحة القرصنة البحرية مجرد مسرحية مكنت القوى الغربية من السيطرة على خليج عدن وباب المندب
* فشل الغرب وحلفائه في استدراج الحوثيين إلى باب المندب قد يضطرهم إلى إسناد الدور للقاعدة
* تُدرك القوى الدولية وحلفاؤها الإقليميون استحالة سيطرة الحوثيين على باب المندب بالنظر إلى حجم القوات الدولية المتواجدة في مياه خليج عدن والبحر الأحمر
* قانون تحديد الأساس البحري للجمهورية اليمنية.. هل يحفظ الحقوق أم يضيع ما تبقى؟
عباس السيد
لا يتذكر اليمنيون الأحداث المأساوية التي كان مسرحها مضيق باب المندب.. ليس بمقدورهم تقدير أعداد الضحايا الذين سقطوا وهم يعبرون بسفنهم ومراكبهم في المضيق الذي اختلطت مياهه بدموعهم، واشتق من نُواحهم وأحزانهم اسما له، فكان: باب المندب أو بوابة الدموع.
يبدو أن اليمنيين على موعد جديد من البكاء والنواح. وفي هذه المرة، سيكون البكاء جماعيا، وليس محصورا بأشخاص أو عائلات، كما كان في الماضي.
المُصاب، هذه المرة، قد يكون جللا، والخسارة لا تُقدر بثمن، فالضحية، هذه المرة، هو المضيق نفسه، وليس طاقم سفينة أو مركب صيد.
نعم، قد لا يستطيع اليمنيون تقدير كمية الدموع التي ذرفها أجدادهم على ضفة المضيق، ولكن الكثيرين منهم باتوا يدركون تزايد نسبة اللعاب الذي يسيل من أفواه الشرق والغرب، في مياه باب المندب، طمعا في السيطرة على المضيق.
الأطماع الخارجية في السيطرة على باب المندب، بدأت منذ أقدم عصور التاريخ، ولا تزال مستمرة إلى اليوم.. لم يتغير شيء سوى هوية الطامعين. فقد كانوا فرساً وأحباشاً ورومان، ثم مماليك وعثمانيين وهولنديين وبرتغاليين، وهم اليوم أميركيون وبريطانيون وفرنسيون وإيرانيون وإسرائيليون. ومن سخرية الأقدار أن ينضم إخوة عرب إلى موكب الطامعين.
فهل هو قدر اليمنيين أن تكون البوابة العالمية التي أرادها الله عند أقدامهم، مجرد حائط مبكى وبركة للدموع؟!
الأزمة في اليمن وتزايد المطامع
كشفت الأزمة التي تمر بها اليمن حاليا، بجلاء، حجم الأطماع الأجنبية للاستحواذ على المضيق. بل إن الأزمة اليمنية تبدو كأنها حلقة في مؤامرة للسيطرة على المضيق، ونزع الخاصية الوطنية منه، وتدويله.
وفرت الوحدة اليمنية فرصة تاريخية للاحتفاظ بالمضيق كبوابة وطنية عربية تحميها دولة يمنية موحدة قوية ذات سيادة. ومع ارتفاع الأصوات المطالبة بانفصال الجنوب عن الشمال، وبروز النزعات الطائفية والمناطقية، التي تنذر بالمزيد من التصدعات في الجغرافيا اليمنية، تتلاشى فرصة اليمنيين في الاحتفاظ بسيادتهم على باب المندب وهويته الوطنية.
وعلى الجانب الآخر، يتربص الطامعون، وهم يلهثون بانتظار الفرصة المناسبة، لينقضوا على اليمن المنهك، والسيطرة على مقدراته بأقل الخسائر.
الحوثيون وباب المندب
بعد دخول "أنصار الله" (الحوثيين) العاصمة صنعاء، في الـ21 من سبتمبر الماضي، وانتشار عناصرهم في بعض المحافظات الغربية والوسطى، أصيب البعض بالهلع، واستنفرت وسائل إعلام عربية ومحلية، مُحذرة من وصول "أنصار الله" إلى باب المندب، لأن ذلك سيكون بمثابة سيطرة فعلية لإيران على المضيق، بحسب تلك الوسائل. فما هي حقيقة تلك المخاوف؟ وما هي القوى التي تسيطر على باب المندب حاليا؟ وما هي الأهداف الحقيقة وراء تلك الحملة؟
لا يمكن لأي مراقب الادعاء بامتلاك الإجابة الشافية الوافية لتلك التساؤلات، لارتباطها بقضايا جيوسياسية معقدة، وصراع إقليمي دولي متعدد المحاور في أكثر من مكان حول العالم.. ولكن، بقراءة المعطيات المتوفرة، وربطها ببعضها، يمكن لنا تفكيك بعض الغموض الذي يكتنف فصول المؤامرة.
تُدرك القوى الدولية وحلفاؤها الإقليميون استحالة سيطرة الحوثيين على باب المندب، بالنظر إلى حجم القوات الدولية، وعلى رأسها قوات الناتو، المتواجدة في مياه خليج عدن والبحر الأحمر، وتمركزها في الكثير من الجزر الاستراتيجية المتناثرة في البحر الأحمر من باب المندب إلى مضائق ثيران في خليج العقبة.
ولكن تلك القوى تشعر أن تواجدها، وخصوصا في خليج عدن وباب المندب، رغم كثافته، لا يزال مؤقتا، وهي تستغل شرعية تواجدها الحالي من استثمارها لضعف وهشاشة الدول المطلة على خليج عدن وجنوب البحر الأحمر "اليمن، الصومال، جيبوتي، وإريتريا"، ولذلك، تسعى تلك القوى إلى خلق المناخات والظروف التي تمكنها من إدامة تواجدها أو إطالته على الأقل.
الصومال ومسرحية القراصنة
ساهمت القوى الغربية، بشكل مباشر، في الحالة المأساوية التي وصل إليها الصومال، وبعد أن تأكدت من انهياره تماما، تمكنت تلك القوى من التواجد في مياه خليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي، من خلال "مسرحية مكافحة القرصنة".
مسرحية مكافحة القرصنة منحت الشرعية لتواجد القوى الدولية عبر 3 قرارات من مجلس الأمن، حملت الأرقام: 1814، 1816، ثم القرار الأخير 1838، وهو الأهم، والصادر في يونيو 2008، بحجة مواجهة القراصنة وحماية الملاحة الدولية.
وإسهاما منها في المعركة الدولية ضد القرصنة، قدمت اليمن جزيرة ميون "بريم" الاستراتيجية، والتي تشطر المضيق إلى نصفين، لتصبح في خدمة القوات الدولية. وتبعد الجزيرة نحو 15 ميلا عن الساحل الجيبوتي، و5 أميال عن ساحل مديرية ذباب التابعة لمحافظة تعز.
حيث تمكن الفرنسيون الذين يتسيدون الضفة الغربية للمضيق، من خلال قواعدهم العسكرية في جيبوتي، من وضع قدمهم الأخرى في الجزيرة اليمنية، بموجب اتفاق "غامض" مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، في 21ف براير 2009، ليتحول المضيق إلى بوابة فرنسية شبيهة بالبوابة الباريسية المسماة "قوس النصر".
وجاء في خبر الاتفاق اليمني الفرنسي، الذي كان عرابه وزير الخارجية الفرنسي السابق برنارد كوشنير، أن الجزيرة سوف تستخدم كقاعدة لقوات الناتو التي تعمل في مكافحة القرصنة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
بعد نصف شهر من الاتفاق، تقلد العقيد عمار محمد عبدالله صالح، وكيل جهاز الأمن القومي سابقا، وسام "جوقة الشرف بدرجة فارس"، وهو أعلى وسام فرنسي، بقرار من الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، تقديرا لجهوده في تعزيز العلاقات اليمنية الفرنسية، كما جاء في خبر وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، في الـ8 من مارس 2009.
فصول جديدة لمسرحية القراصنة
7 سنوات مرت على بدء "مسرحية القراصنة"، وحتى الآن، لا يوجد ما يشير إلى قرب انتهائها. فلا تزال فصولها تكتب في السر والعلن. وفي أواخر أكتوبر الماضي، عُقد المؤتمر الدولي الـ4 للقرصنة البحرية، في إمارة دبي، بحضور ممثلين عن 200 دولة ومنظمة، وقد كان شعار المؤتمر: "الحفاظ على تعافي الدولة من خلال استدامة الجهود الفعالة في البحر، ومجابهة عدم الاستقرار على اليابسة"، وهو يعني بوضوح أن المعركة مع القراصنة لن تنحصر ساحتها في البحر.
وفي كلمته المطولة بافتتاح المؤتمر، قال عبدالله بن زايد، وزير الخارجية الإماراتي: "علينا أن نتوخى الحذر من التهديدات الجديدة المتمثلة بالمجموعات الإرهابية، مثل تنظيم "داعش" وغيره من التنظيمات القادرة على تمتين علاقاتها مع شبكات الجريمة وشبكات المتاجرة بالأسلحة، إذ يجب أن نوقفهم قبل أن تصل أنشطتهم إلى البحر، وقبل أن تمثل مخاطرهم على أقنية النقل في مضيق هرمز والبحر الأحمر وخليج عدن".
لم يشر الوزير الإماراتي إلى "أنصار الله" (الحوثيين) صراحة، كمصدر خطر على الملاحة في باب المندب، وبعد أقل من شهر، أدرجت دولة الإمارات حركة "أنصار الله" ضمن قائمة من 80 منظمة، كحركة إرهابية. وبذلك، تصبح حركة "أنصار الله" (الحوثيين)، ضمن قائمة أهداف التحالف الإقليمي الذي يجري التحضير لتكوينه من عدة دول عربية، بينها مصر والسعودية، حتى وإن ظل الحوثيون بعيدين عن البحر.
هكذا أراد المُخرج
في مؤتمر دبي، كانت اليمن هي الحاضر الغائب، وكان ممثل بلادنا في المؤتمر جمال السلال، وزير الخارجية السابق، بمثابة ضيف الشرف، أو كالأطرش في الزفة، بينما كان وزير الخارجية الصومالي نجم المؤتمر بلا منازع، نظرا للدور الكبير الذي اضطلع به بلده في مكافحة القرصنة، كما تردد في المؤتمر. وتجدر الإشارة هنا، إلى أن قرارات مجلس الأمن التي شرعنت تدويل المياه في خليج عدن والمحيط الهندي والبحر العربي، استندت إلى طلب رسمي تقدمت به السلطات الصومالية.
هكذا أراد مُخرج المسرحية، فقد تم تحاشي التطرق، في ما هو مُعلن من وثائق المؤتمر، إلى اليمن، أو دورها في مسرحية القراصنة. وقد يكون ذلك التكتم نابعا من حرص القائمين على المسرحية، على عدم إحراق الفصول القادمة. فهل ينتظرون وصول اليمن إلى حالة شبيهة بالصومال، كي يصبح دورها "فاعلا" في تأمين الملاحة البحرية؟
استخدام "القاعدة" كبديل
لعب القراصنة الصوماليون دور البطولة في الفصول الأولى للمسرحية. الآن، يجري البحث عن أبطال جدد للفصول القادمة، كي تتمكن تلك القوى من تمديد بقائها في المنطقة، واكتساب شرعية دائمة، بالإضافة إلى تأمين تواجدها في المياه بالسيطرة على الضفتين الشرقية والغربية.
وكما هو معلوم، تعتبر الضفة الغربية أو البر الغربي المشاطئ للمياه، آمنا بالنسبة لتلك القوى، من خلال تواجد القواعد الإسرائيلية في عدد من الجزر الإريترية، وتواجد الفرنسيين والأميركيين في الشواطئ الجيبوتية والصومالية. بينما لا تزال الضفة الشرقية "اليمنية" خالية من التواجد الأجنبي، وهي الهدف القادم لتلك القوى المتواجدة في الضفة الغربية.
حتى الآن، يبدو أن تلك القوى فشلت في استدراج "أنصار الله" (الحوثيين) إلى المسرحية. فهل يستمر الحوثيون في وعيهم لمخاطر الفخ؟ إذ إن السيادة اليمنية على المضيق لن تُسترد إلا من خلال دولة يمنية قوية وموحدة.
استمرار الفشل في استدراج الحوثيين إلى البحر، قد يضطر تلك القوى إلى إسناد الدور لتنظيم "القاعدة" الذي سبق له أن هدد باستهداف المضيق، "وتضييق الخناق على اليهود"، كما جاء في تسجيل صوتي للرجل الثاني في فرع التنظيم باليمن "السعودي سعيد الشهري"، في فبراير 2010. وقد دعا وزير الخارجية الأسبق الدكتور أبو بكر القربي، حينها، إلى أخذ تلك التهديدات على محمل الجد.
الأطماع الإيرانية في باب المندب
في سياق الحرب الباردة الدائرة بين إيران من جهة، والقوى الغربية وحلفائها الإقليميين من جهة أخرى، يُمكن تبادل الاتهامات بمحاولة هذا الطرف أو ذاك بالسيطرة أو محاولة السيطرة على باب المندب. ولكن، من غير المنطقي أن يوجه اليمنيون هذه التهمة إلى إيران قبل أن يستعيدوا مفاتيح الباب من الناتو.
تخلت اليمن عن سيادتها على مياهها وأهم جزرها، طوعا أو كرها، وتركتها ورقة بيد أحد الأطراف. وبناء على هذا الوضع، أصبح خليج عدن وجنوب البحر الأحمر طريقا بحريا غير آمن للطرف الآخر.
التنافس بين إيران والغرب في باب المندب، هو امتداد للتنافس الذي ساد بين إمبراطوريتي فارس وبيزنطة في الماضي. في الوقت الحاضر، وبالنظر إلى اختلال موازين القوى لصالح الغرب، أو لصالح "ورثة بيزنطة"، لا يمكن القول بوجود أطماع إيرانية في باب المندب، رغم سعيها الدؤوب لكسر احتكار الإسرائيليين للجزر الإريترية، وتواجدها في خليج عدن (ضمن قوات لـ80 دولة)، من خلال سفينتين عسكريتين مزودتين بأحدث الصواريخ.
الأطماع الإيرانية في باب المندب كانت أشبه بـ"حلم يقظة"، ولكنها تحولت مؤخرا إلى مخاوف، وليست أطماعا كما يتردد، فلم يعد بوسعها السيطرة في ظل الواقع الحالي. ولو أن الدولة اليمنية استطاعت استرداد سيادتها على برها وبحرها، وتحملت مسؤوليتها في حماية الممرات والطرق البحرية قبالة شواطئها، وعملت على إبعادها وتحييدها في الصراع الإقليمي الدولي، لما وُجدت لإيران مخاوف أو أطماع.
بعد إيقاف سفنها في المياه الدولية من قبل الإسرائيليين والأميركيين، أكثر من مرة، أصبحت إيران في باب المندب ضحية كاليمن. وستخسر إيران أكثر إن تم استدراج الحوثيين إلى معركة باب المندب، وكذلك ستزداد خسارة اليمن.
إيران دولة كبيرة تجيد المناورات السياسية، وهي في اعتقادي أبعد عن المشاركة في مثل هذه الحماقات. وعدم هرولتها في دعم انفصال الجنوب، كما كانت تُتهم خلال السنوات الماضية، يشير إلى أنها تدرك أن مصلحتها في باب المندب لن تتحقق إلا من خلال دولة يمنية قوية ومُوحدة لا يستطيع الخارج استخدامها كورقة في معاركه.
خُرافة المخاوف المصرية
في حديث له حول واقع الإعلام المصري، قال الإعلامي المصري المعروف عبدالحليم قنديل، لقناة "العربية"، إن الإعلام المصري يستبدل الحقيقة بالخرافة. واستغرب قنديل لحجم التهويل والمبالغة في الإعلام المصري من تأثير قطر وحماس على مصر والأمن القومي المصري.
وصف قنديل ينطبق أيضا على وسائل عربية أخرى، بينها قناة "العربية" التي كان يتحدث إليها، وليس على الوسائل المصرية فقط، فقد ساهم الإعلام العربي والمصري في إظهار الحوثيين كبعبع أمام الرأي العام المحلي والمصري والعربي، وبالغت تلك الوسائل في تقدير قوة الحوثيين وخطرهم على قناة السويس. وقد جاء هذا التخويف متزامنا مع بدء المصريين في حفر قناة جديدة موازية للأولى، يرمي فيها المصريون أموالهم، ويزرعون فيها أحلامهم، وكان لذلك التزامن أثره في زيادة هواجس المصريين ومخاوفهم.
إن الخطر الحقيقي على قناة السويس لن يأتي من باب المندب، فإغلاق المضيق من قبل الحوثيين أو غيرهم سوف يلحق الضرر بدول الشرق والغرب، وليس بمصر وحدها. وما تحصل عليه مصر من قناة السويس في العام، والمقدر بين 5 و6 مليارات دولار، قد تخسره بعض الدول في شهر واحد إذا أغلق المضيق.
"قناة البحرين" كبديل للسويس
الخطر الحقيقي على قناة السويس قد يأتي من المشروع الإسرائيلي المؤجل "قناة البحرين" التي يراد لها أن تربط البحرين الأحمر والمتوسط، مرورا بالبحر الميت. لا يمكن للإسرائيليين أن يتخلوا عن هذا المشروع الذي بدأ التفكير فيه قبل قيام دولة إسرائيل بعقود، إذ تعود فكرة القناة إلى مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هرتزل، الذي عرض المشروع في كتابه "الأرض القديمة -الجديدة"، الصادر عام 1902.
وقد مر المشروع، طوال العقود الماضية، بمراحل متعددة من الدراسات والأبحاث والتصميمات. ومع استمرار الصراع العربي الإسرائيلي، وجد الإسرائيليون صعوبة في البدء بتنفيذ المشروع الذي عرضته إسرائيل على قمة الأرض في جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، التي انعقدت في سبتمبر2002 "كمشروع بيئي"، وقد رفضته المجموعة العربية المشاركة في القمة الدولية، رفضا شاملا، رغم تقديمه كمشروع إسرائيلي عربي مشترك.
الرفض العربي لـ"قناة البحرين" لن يستمر طويلا، بعد أن تحولت إلى مشروع إسرائيلي عربي، بدخول الأردن كشريك في المشروع، بعد اتفاق وادي عربة عام 1994، وانضمام السلطة الفلسطينية كشريك ثالث، بعد عرض المشروع في قمة الأرض، من قبل الأردن وإسرائيل. وأصبح الأردن أكثر حماسا للمشروع الذي سيؤدي -بحسب الدراسات- إلى تغذية البحر الميت المهدد بالزوال بسبب تناقص منسوبه سنويا.
هل يفي الإسرائيليون بوعدهم؟
قدم الإسرائيليون تطمينات للدول الإقليمية بأن المشروع لن يكون منافسا أو بديلا لقناة السويس. وبحسب الإسرائيليين، فإن القناة التي ستربط في مرحلتها الأولى البحر الأحمر بالبحر الميت، ستكون من جزأين؛ الجزء الأول يبدأ من خليج العقبة بحفر قناة طولها أقل من 30 كيلومترا، وسيجري نقل المياه في الجزء الثاني (حوالي 170 كيلومترا)، عبر أنابيب، وصولا إلى البحر الميت.
تطمينات الإسرائيليين بأن المشروع لن يكون بديلا لقناة السويس، تتناقض مع طموحاتهم وخططهم الاستراتيجية التي أعلنوها قبل قيام دولتهم وبعدها.
فالمشروع يمثل أحد الأهداف المبكرة للحركة الصهيونية التي آمنت بأن توفير المياه وتوليد الطاقة هو من أهم ركائز الاستيطان في فلسطين، لذلك فإن الدولة العبرية تريد الاستفادة من المشروع في تنفيذ مشروعات قومية إسرائيلية، تزيد من قوتها الاقتصادية والعسكرية والبشرية، وبخاصة في
منطقة النقب، كما تسعى إسرائيل من هذا المشروع إلى تحسين صورتها في العالم والتحول من دولة احتلال إلى دولة صاحبة فضل على العالم من خلال ربطها للشرق والغرب.
وحسب وجهة النظر الإسرائيلية، فإن هذه القناة تهدف إلى توليد حوالي 3 آلاف ميجاوات من الطاقة الكهربائية سنويا، عن طريق المحطات الكهربائية والطاقة الشمسية والمفاعلات النووية. كما تهدف إلى إنتاج ما يقارب 20 ألف برميل من الزيت الخام يوميا من الصخور الزيتية، وإقامة مجمعات صناعية ومستوطنات زراعية تصل إلى 100 مستوطنة في النقب الشمالي، وتحلية مياه البحر وإنشاء بحيرات مائية لأغراض السياحة وتربية الأسماك. ويتوقع أن إسرائيل هدفت -وإن لم تعلن عن ذلك- إلى إقامة أربعة مفاعلات نووية جديدة. وحسب تقديرات الكلفة عام 1983، كانت تكلفة إنشاء القناة 1.5 بليون دولار، جمع منها حوالي 100 مليون دولار من منظمة السندات الإسرائيلية، لتغطية تكاليف المرحلة الأولى من المشروع.
وتجدر الإشارة إلى أن البنك الدولي والحكومة الإيطالية قد قاما بتمويل دراسة المشروع عام 1997، وقدرت الدراسة كلفة المشروع بحوالي مليار دولار، على اعتبار أن طول القناة لا يتعدى 20 كيلومتراً من البحر الأحمر، يتم ربطها بأنابيب لنقل المياه للبحر الميت.
البحر الأحمر من بحيرة عربية إلى بحيرة يهودية
أحلام الإسرائيليين لا تنحصر في مشروع قناة البحرين، بل تتعداها إلى السيطرة على البحر الأحمر، وجعله بحيرة يهودية، إذ يتمتع البحر الأحمر بمنزلة خاصة في الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي، فبعد وصول بن جوريون إلى سدة الحكم عام 1948، أعلن استراتيجية دولته في البحر الأحمر بقوله: "إن سيطرة إسرائيل على نقاط في البحر الأحمر هي ذات أهمية قصوى، لأن هذه النقاط ستساعد إسرائيل على الفكاك من أية محاولات لمحاصرتها وتطويقها، كما ستشكل قاعدة انطلاق عسكري لمهاجمة أعدائنا في عقر دارهم، قبل أن يبادروا إلى مهاجمتنا".
ولخص ديفيد بن غوريون، غاية إسرائيل من التحكم بمنافذ البحر الأحمر، في 3 أهداف:
1 ـ جعل البحر الأحمر منفذًا إسرائيليًا إلى القارة الأفريقية والشرق آسيوية.
2ـ استخدامه كشريان إسرائيليّ والإفادة منه عوضًا عن قناة السويس.
3 ـ تفكيك الروابط القومية للعالم العربي.
وقال أبا إيبان، وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق: "إن موطئ قدم لإسرائيل على البحر الأحمر يعوضها عن الحصار الإقليمي المفروض عليها، وعن طريق ربط المحيطات الشرقية والغربية عبر قطاع ضيق من الأرض، يمكن لإسرائيل أن تصبح الجسر الذي تعبره تجارة الشعوب في القارات جميعها، وبذلك يمكن تحرير شعوب آسيا وأفريقيا من الاعتماد على قناة السويس".
وفي عام 1956، قال قائد البحرية الإسرائيلية السابق: "نحن نملك أسطولاً بحرياً ضخماً يعمل في كافة موانئ العالم، ولهذا علينا أن نعد العدة في المستقبل كي تستطيع أساطيلنا البحرية والحربية أن تحطم الحصار العربي المفروض علينا، وأن نفرض الحصار بدورنا على الدول العربية عن طريق تحويل البحر الأحمر إلى بحيرة يهودية".
وقد شرع الإسرائيليون في تنفيذ تلك الأهداف منذ وقت مبكر، حيث استطاعوا استثمار علاقتهم مع إثيوبيا -قبل استقلال إريتريا- والحصول على جزيرة "دهلك" في البحر الأحمر، سنة 1975، ليقام عليها أول قاعدة عسكرية إسرائيلية. ثم تمكنوا من التغلغل في الدولة المستقلة إريتريا، وعززوا تواجدهم في البحر الأحمر من خلال استئجار جزيرتي "حالب" و"فاطمة" في الجنوب الغربي للبحر الأحمر، ثم جزيرتي "سنشيان" و"دميرا"، والأخيرة هي أقرب الجزر الإريترية -التي تتواجد فيها القوات الإسرائيلية- إلى باب المندب.
قانون الحدود البحرية لليمن
بعد 6 سنوات من عرضه على مجلس النواب، أصدر رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، في الـ23 من نوفمبر الجاري، قانون تحديد الأساس البحري للجمهورية اليمنية.
إصدار القانون في هذا التوقيت يثير الكثير من المخاوف، في ظل عدم قدرة أعضاء مجلس النواب على الإحاطة بمضامينه الفنية والجغرافية، حيث اكتفى النواب بتحميل الجانب الحكومي المتمثل باللجنة العليا لشؤون الحدود "المكتب الفني"، مسؤولية صحة البيانات ونقاط الإحداثيات.. وكان على المجلس الاستعانة بخبراء ومتخصصين لمطابقة البيانات الفنية والجغرافية بما يضمن الحفاظ على حقوق اليمن في جزرها ومياهها الإقليمية.
وكان برلمانيون حذروا، في أغسطس 2008، من مغبة انسياق النواب وراء مطالب الحكومة بالمضي في إقرار مشروع القانون، خشية أن يؤدي إعلان خط الأساس البحري للجمهورية اليمنية، إلى تعارض مع قرارات المحكمة الدولية، التي استعادت اليمن بموجبها سيادتها على جزر أرخبيل حنيش في البحر الأحمر، واستندت على خط أساس سابق تم تحديده واعتماده دولياً، وصدر بموجبه قرار لصالح اليمن في جزر حنيش، عند إجراءات عملية التحكيم بين بلادنا وإريتريا، وفي ضوئه تم تنصيف البحر الأحمر بين البلدين بالخط المحدد في الحكم.
فيما استغرب برلمانيون (آنذاك) من تقديم الجانب الحكومي لـ3 نسخ من مشروع القانون، يحتوي كل منها على خط أساس بحري مختلف، بالإضافة إلى انتقادات أخرى نرى أنه من غير الضروري إيرادها هنا بعد 6 سنوات من تلك المداولات، ونأمل أن يكون القانون الصادر مؤخرا قد استوعب تلك الملاحظات.
وقد أثار مشروع القانون جدلا بين البرلمان والحكومة التي قالت حينها (أي في منتصف 2008)، إن تقديمها لذلك المشروع جاء بناء على معلومة غير صحيحة قدمها ممثلو المكتب الفني للجنة العليا للحدود، ثم اعتذروا عنها في ما بعد، وتفيد تلك المعلومة بأن الأمم المتحدة ستقوم من قبلها مباشرة بتحديد خط الأساس البحري لأية دولة لم تحدد خط أساسها البحري قبل نهاية عام 2008!
يشار إلى أن عرض مشروع القانون لأول مرة على البرلمان اليمني، جاء بعد شهر واحد من إصدار مجلس الأمن لقراره الثالث رقم 1838، حول مكافحة القرصنة في خليج عدن والمحيط الهندي، وهي القرارات التي سمحت بتدويل وعسكرة المياه الإقليمية والدولية التي يتواجد بها حاليا قواعد وسفن عسكرية من 80 دولة.
نتمنى أن يعمل قانون الأساس البحري الذي صدر بعد مخاض عسير، على حماية حقوقنا البحرية وتحصينها -حتى على الورق- وألا يجد فيه الطامعون ثغرات أو منافذ للتوغل أكثر في جزرنا أو مياهنا، فيكون سببا آخر لاستدرار آهاتنا ودموعنا.
المراجع:
أمن الممرات المائية، كتاب لـ: حمد سعيد الموعد.
أطماع إسرائيل في البحر الأحمر والقرن الأفريقي، دراسة نشرت في صحيفة "الخليج" الإماراتية، 2013.
مستقبل اليمن بين التهديدات المحلية والخارجية واستقرار البحر الأحمر، رسالة ماجستير صادرة عن جامعة الأزهر فرع غزة.
مشروع قناة البحرين (الأحمر والميت)، دراسة صادرة عن مركز الإعلام والمعلومات في غزة، فلسطين، سبتمبر 2011