تقارير
العرب اللندنية : التحالف العربي يطوي رهانات القوة ويفرض اتفاق الرياض
توقعت مصادر سياسية يمنية تمكن التحالف العربي بقيادة السعودية من فرض حالة وقف إطلاق النار في محافظة أبين (شرق عدن) التي تشهد مواجهات عنيفة منذ أسابيع بين قوات حكومية وأخرى تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، في وقت تستمر فيه قوات “الشرعية” التي يسيطر عليها الإخوان في خرق الاتفاق لتحقيق مكاسب ميدانية تغطي على خسائرها. ووفقا للمصادر فقد وصل فريق المراقبين التابع للتحالف إلى خطوط التماس في أبين، صباح الأربعاء، بهدف الإشراف على وقف إطلاق النار بموجب الاتفاق بين الحكومة والمجلس الانتقالي؛ حيث أعلن بموجبه المتحدث الرسمي باسم التحالف العربي تركي المالكي عن موافقة الطرفين على إنهاء مظاهر التوتر السياسي والعسكري والشروع في تنفيذ “اتفاق الرياض”. وبينما أشارت مصادر في المجلس الانتقالي إلى استئناف القوات الحكومية لعمليات القصف وخصوصا في منطقة “الطرية” بعد وصول فريق مراقبي التحالف العربي، أكدت مصادر سياسية لـ”العرب” أن هذا الاختراق ستتم معالجته في ظل إصرار التحالف العربي على إغلاق ملف المواجهات بين الحكومة والانتقالي والمضي قدما نحو تنفيذ اتفاق الرياض. واتهم محمد النقيب، الناطق باسم المنطقة العسكرية الرابعة وجبهة أبين، القوات الحكومية المسنودة من قِبل عناصر الإخوان بخرق الهدنة. وقال النقيب في تغريدة على تويتر “بعد ساعة من وصول فريق التحالف العربي لمراقبة وقف إطلاق النار بجبهة شقرة ميليشيا الإخوان الإرهابية تستأنف قصفها على مواقع تابعة لقواتنا المسلحة الجنوبية”. وطالب سفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر الإعلاميين والناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي بدعم “الجهود الصادقة لحقن الدماء وتنفيذ اتفاق الرياض”. وقال آل جابر في تغريدة على تويتر “بدأت قوات التحالف نشر مراقبين لوقف إطلاق النار في محافظة أبين بالتنسيق مع قوات الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي”. وأعلن التحالف العربي بقيادة السعودية، الأربعاء، عن نشر قوات تابعة له في محافظة أبين لمراقبة الهدنة التي أعلن في وقت سابق عن التوصل إليها بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي. وفي بادرة لإثبات حسن النية، والتعاطي الإيجابي مع جهود التحالف، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي تعليق تصعيده ضد الحكومة الشرعية في محافظة حضرموت. وقال نائب رئيس المجلس بحضرموت، سالم أحمد بن دغار، في بيان، الثلاثاء، إن التعليق يأتي استجابة لبيان صادر عن المجلس ينص على وقف التصعيد بكافة أشكاله في المحافظات الجنوبية، من أجل إتاحة الفرصة للأطراف الموقعة على اتفاق الرياض للاجتماع ومباشرة تنفيذه. وأضاف أن التصعيد كان يهدف إلى “تنفيذ المطالب المشروعة للمواطنين في توفير الخدمات وتطبيق الإدارة الذاتية بحضرموت”. ويشير مراقبون يمنيون إلى وجود العديد من العراقيل التي يمكن أن تعمل على إعاقة محاولات التحالف العربي لتطبيع الأوضاع في محافظة أبين، ومن أبرز تلك العراقيل هيمنة أجندة جماعة الإخوان المسلمين وتيار قطر على قرارات الشرعية ورفض هذا الفصيل علانية لاتفاق الرياض. غير أن باحثين يؤكدون لـ”العرب” وجود فرصة سانحة أمام تنفيذ اتفاق الرياض وربما هي متوفرة اليوم أكثر من أي وقت مضى، كما يقول الباحث اليمني ورئيس مركز عدن للبحوث الإستراتيجية والإحصاء حسين حنشي. ويلفت حنشي إلى أنه “عندما تم توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر الماضي كان هناك فريقان في الشرعية أحدهما يوالي قطر وتركيا والآخر من أنصار الرئيس عبدربه منصور هادي، وكان الفريقان على نفس الفكرة من الرفض العملي للاتفاق رغم توقيعه”. وأضاف أن الفريقين كانا يعتقدان أن الشرعية ليست بحاجة إلى اتفاق وأن بإمكانها عسكريا أن تدخل عدن وينتهي الأمر على اعتبار أن الاتفاقات تأتي بعد فشل الخيارات العسكرية فقط، إضافة إلى الشعور السائد بأن تدخل الطيران كان العامل الوحيد في منع دخول قوات “الشرعية” لعدن في أغسطس 2019. ويستدرك حنشي “ولكن بعد قتال استمر لأكثر من شهر وسط فشل الشرعية فشلا عسكريا ذريعا تمثل بمقتل قادة ألوية وأسر آخرين من القيادات وتضخم الخسائر المادية والمعنوية دون تحقيق أي تقدم، كل ذلك يجعل تيار قطر وتركيا وحيدا أمام كافة الاحتمالات بما في ذلك استمرار القتال بشكل مفتوح والتشبث برفض تنفيذ اتفاق الرياض، في الوقت الذي باتت فيه العديد من الأطراف الأخرى بما فيها التحالف العربي على يقين تام من أنه لا حل في الأفق إلا بتنفيذ الاتفاق، وهي الرؤية التي باتت تتصالح معها بعض قيادات الشرعية”. ويستخلص الباحث حسين حنشي في تصريحه لـ”العرب” تصاعد فرص تنفيذ اتفاق الرياض من بين كل التعقيدات السياسية والعسكرية الماثلة اليوم، نتيجة للمعادلة التي فرضها المجلس الانتقالي كقوة صاعدة سياسيا وعسكريا استطاعت الصمود في جبهة أبين في الوقت الذي ما زالت تمد فيه يدها للسلام وتبدي رغبتها في تنفيذ اتفاق الرياض. وتوقع حنشي أن تشهد الفترة المقبلة انهيارا لرهانات إفشال اتفاق الرياض التي يتزعمها تيار قطر تركيا داخل الشرعية والذي بات في أضعف حالاته نتيجة لعوامل داخلية وإقليمية عديدة فرضتها الأحداث المتسارعة في الملف اليمني. وكانت المواجهات العسكرية قد تجددت في محافظة أبين بعد ساعات من صدور بيان التحالف العربي الذي أعلن فيه توصل الجانبين إلى اتفاق على وقف إطلاق النار وإيقاف كافة أشكال التصعيد وعقد لقاء جديد في السعودية لبحث تنفيذ اتفاق الرياض واستئناف عمل اللجان السياسية والعسكرية. وكشفت مصادر مطلعة لـ”العرب” عن قيام قوات الحكومة اليمنية في أبين خلال الساعات الماضية بهجوم هو الأقوى منذ اندلاع المواجهات، في محاولة أخيرة لتغيير المعادلة العسكرية على الأرض أمام قوات الانتقالي قبل دخول إجراءات وقف إطلاق النار حيز التنفيذ ووصول فريق الرقابة التابع للتحالف العربي الذي باشر عمله الميداني صباح الأربعاء.