تقارير
جدل حول قانونية تشكيل الحكومة الجديدة
وضع أستاذ القانون الدولي د٠ محمد علي السقاف تساؤلات حول قانونية حول تشكيل الحكومة الجديدة ، وعلى اثرها وضع د.محمد جعفر قاسم ، القاضي بالمحكمة العليا عدن سابقا ووكيل وزارة العدل سابقا في صنعاء إجابات قانونية شكلت جدلا قانونيا بين السقاف وجعفر.
وأطلعت "عدن تايم " على ما دار بين أبرز رجلين لهما باعا كبيرا في مجال القانون في اليمن ورأت أهمية في النشر .
د.محمد علي السقاف : من المتوقع تشكيل حكومة جديدة وفق اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي في الرياض بتاريخ ٥ نوفمبر ٢٠١٩.
وتنص المادة ١٢٩ من الدستور ان مجلس الوزراء هو حكومة الجمهورية اليمنية وهو الهيئة التنفيذية والادارية العليا للدولة ويتبعها بدون استثناء جميع الادارات. والاجهزة والمؤسسات التنفيذية التابعة للدولة
وتقضي المادة ١٣٢ من الدستور النافذ بان " يختار رئيس الوزراء اعضاء وزارته بالتشاور مع رئيس الجمهورية ويطلب الثقة بالحكومة علي ضوء برنامج يتقدم به الي مجلس النواب ".
السؤال الاول : هل اتفاق الرياض سيستثنئ بعض من شروط النص الدستوري المذكور الذي اعطى رئيس الوزراء الحق في اختيار اعضاء وزارته بالتشاور مع رئيس الجمهورية ام ان بنود اتفاق الرياض كما وردت هي التي سيعمل بها ؟؟
السؤال الثاني :هل ستعد الحكومة الجديدة برنامجها وهل سيتم المصادقة عليه من قبل مجلس النواب ام لا ؟؟
وفي الخلاصة السؤال الاخير هل ظروف الحرب التي تمر بها اليمن تستدعي الاستثناء من تلك النصوص الدستورية ام لا ؟؟
على الجهات المعنية الرسمية الاجابة علي تلك التساؤلات وتوضيح دستوريتها من عدمها.
د٠محمد جعفر قاسم :
ردا على السؤالين اللذين وجهتهما لي المتعلقان بتطبيق النصوص الدستورية فأرى بشأنهما كما يلي:
يعمل باتفاق الرياض لأن النص الدستوري للمادة 132 من الدستور يشترط إجراء التشاور بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء حول اختيار الوزراء وحيث أن الاثنين يبديان مواقتهما على تطبيق اتفاقية الرياض من خلال الاجتماع المشترك بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الذي ضم أيضا مستشاروي رئيس الجمهورية وهيئة رئاسة مجلس النواب ورؤساء الكتل البرلمانية ورؤساء الأحزاب السياسية فأن قرارات هذا الاجتماع المشترك تجسد ليس فقط التشاور بين شخصيتين هما رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء اللذان قررا توسيع المشاورات حول تعيين الوزراء لتشمل جميع من ذكر أعلاه.
وبالتالي يعد التشاور بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء قد تم احترامه وتطبيقه كما أنه تم توسيعه ليشمل جميع الشخصيات الي سردتها بموافقة كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وعليه تعتبر هذا القرارات للاجتماع المشترك ملزمة وتحمل الصفة الدستورية وتجسد الإجماع الوطني الذي تنشده روح الدستور وبالتالي تحمل هذه القرارات الصفة الملزمة دستورا شريطة عقد مجلس النواب جلسة خاصة للموافقة على تشكيل الحكومة التي يجب أن ينحصر برنامجها على إدارة البلاد وتصريفها كدولة في حالة حرب وتعبئة جميع الموارد البشرية وغيرها لكسب الحرب اما عسكريا اوسياسيا.
وحيث ان جميع الفرقاء المحليين والاقليميين الدوليين يتفقون على أن الحل هو الحل السياسي للمشكلة في جنوب اليمن وفي شماله الأمر الذي يمكنني معه القول بعدم الجواز للحكومة دستورا ان تلجأ للحل العسكري الا في حالة واحدة هي استحالة الوصول إلى حل سلمي سياسي شامل للمشكلة اليمنية.
ومن صلاحيات مجلس النواب ان يصادق على برنامج اي حكومة تشكل اثناء الحرب لأن أعمال الحكومة شأن من شؤون الحرب ويتعلق بادارتها ولأن الدستور يشترط أن يعين رئيس الجمهورية الحكومة كما أنه يشترط عليها الحصول على موافقة مجلس النواب على برنامجها.
قد يثأر التساؤل عن الطبيعة الدستورية للتشاور الذي يجريه رئيس الجمهورية مع رئيس الوزراء الحالي الذي من المحتمل استبداله باخر لاختيار الوزراء ومدى توافقه مع نص المادة 132 التي تفترض التشاور مع رئيس وزراء جديد قد جرى تعيينه قبل التقاء الرئيسين
وأرى أن هناك ثقلا قانونيا لهذا التساؤل الا انه مع ذلك لا يشكل عائقا دستوريا اذا اعتبرنا البناء القانوني اليمني يتكون من عنصرين هما القانون الداخلي وهو في هذه الحالة الدستور اليمني خاصة المادة 132 كما يتكون البناء القانوني اليمني ايضا بالقانون الخارجي الذي يتجسد بالقانون الدولي العام خاصة في حالتنا هذه قرار مجلس الأمن رقم 2216 الصادر في 14ابريل 2015.
وحيث أن قرارات مجلس الأمن الدولي تشكل أحد المصادر الرئيسية للقانون الدولي العام وأهمها في موضوعنا هذا هو القرار رقم 2216 وحيث أن الدستور النافذ و مقررات الحوار الوطني يعترفان بتطبيق القانون الدولي وحيث أن كافة أطراف الشرعية اليمنية أعلنت دون مواربة التزامها بقرارات الشرعية الدولية
وحيث أن الممارسة الدولية لتطبيق قرارات مجلس الأمن في البلدان التي تشهد نزاعات مسلحة التي تهدد الأمن والسلم الدوليين تعطي الأولوية في التطبيق لقرارات مجلس الأمن عند التعارض مع نص داخلي خاصة إذا اعتبر مجلس الأمن النزاع المسلح الجاري يشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين.
وحيث أن مجلس الأمن في القرار 2216 قد أعلن أن النزاع في اليمن يشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين.
وحيث أكد مجلس الأمن في نفس القرار على تأييده للرئيس عبدربه منصور هادي ودعا كل الأطراف على عدم المس بشرعيته ..وحيث أن مجلس الأمن والجامعة العربية قد رحبا باتفاق الرياض.
وحيث أنه ينبغي تفسير نصوص القانونين الداخلي والخارجي تفسيرا متكاملا.
وعليه ولكل هذه الاسباب ارى بأن تشاور رئيس الوزراء الحالي مع الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية لا يتعارض مع البناء القانوني في اليمن.