مرحلة سياسية إنتقالية مؤقتة لها وظيفتها وخطابها
بداية لابد من التأكيد هنا بأن الثبات على المواقف الصلبة والقائمة على القناعة الراسخة بقضية الجنوب والدفاع عن ثوابته الوطنية والتمسك بأهدافها الكبرى؛ يكمن الضمان الأكبر والأكيد لتحقيقها والوصول بها إلى محطاتها الأخيرة؛ غير أن هذا لا يعني وبأي حال من الأحوال أن نتبع عند كل مرحلة نفس الطرق والوسائل والخطاب السياسي والإعلامي وغير ذلك من أدوات العمل الوطني والسياسي التي كانت خلال المراحل السابقة؛ مع الحفاظ على جوهرها ووضوحها وتطويرها وحسب ما تقتضيه الظروف الناشئة . فالأوضاع القائمة التي نمر بها الآن تستدعي منا بالضرورة أن نتعاطى معها بصورة مختلفة عما ألفناه ومارسناه خلال الفترة الماضية وبظروفها المختلفة عن مانعيشه ونشهده اليوم من تحول يستدعي الحذر والحصافة والإتزان؛ ولعل الأهم في كل ذلك هو تحصين الجنوب وقضيته بالوعي السياسي المدرك لطبيعة هذه الفترة الإنتقالية الجديدة وهي ذات طبيعة سياسية توافقية مؤقتة؛ والإستيعاب الكامل لوظيفة هذه المرحلة ومهامها وتعقيداتها وتحالفاتها وتناقضاتها العديدة وأهدافها المختلفة كذلك . ولذلك فإن الظروف السياسية الجديدة تستدعي التعديل في بعض مفردات الخطاب السياسي والإعلامي في هذه الفترة الإنتقالية المؤقتة؛ وهذا لا يعني أبدًا التنازل أو التراجع أو المساومة على قضيتنا الوطنية والدفاع عنها والتصدي لأي محاولات للمساس بها وبأي صورة كانت؛ بل هي ضرورة تمليها طبيعة التحول الذي نرى فيه تمهيداً لنجاح جديد ونوعي لصالح الإستحقاقات الجنوبية القادمة وإنتصاراً لها؛ إذا ما أحسنا التصرف والتعامل المرن والذكي مع مستجداتها وأبدع العقل السياسي الجنوبي في إستغلالها وإنضاج الظروف الملبية لتحقيقها؛ وبمؤازرة شعبية فعالة مطلوبة وإلتفاف واسع من النخب الجنوبية المختلفة ومساهماتها المتعددة النوعية الضرورية في هذا الإتجاه. كما لا يعني ذلك المهادنة مع أعداء الجنوب وقضيته الوطنية والذين يعتبرون الحرب والإرهاب وسيلتهم المفضلة لمنع الجنوبيين من تحقيق أهدافهم وتطلعاتهم الوطنية المشروعة؛ كما لا يعني أيضاً بأن التعديل لبعض مفردات الخطاب الجنوبي السياسي والإعلامي التغاضي عن ما يقوم به أولئك الذين لايعترفون بقضية الجنوب أو يعتبرونها مشكلة فرعية من مشاكل اليمن وأن حلها جزء من حل المشكلة الأكبر وليست في نظرهم قضية وطن وشعب ودولة كانت مستقلة بذاتها؛ وإن إستعادتها هو هدف الجنوبيين الوطني الأكبر؛ وينطبق الأمر كذلك على كل من يحرضون ويبثون السموم والشائعات وحملات الدعاية والتزييف ضد الجنوب وأهله آملًا في إشعال نار الفتنة بين الجنوبيين وتحويل شبكة التواصل الإجتماعي إلى جبهة حرب قذرة ومنحطة ضد الجنوب والجنوبيين وأهدافهم الوطنية النبيلة .