ما الذي ميز علاقة دولة الكويت بالجنوب العربي:

ارتبطت دولة الكويت بعلاقات تاريخية مع الجنوب منذ القدم حيث تشير كثير من الشواهد التاريخية إلى ذلك الترابط الذي تجسد عبر الهجرات القديمة من مناطق الجنوب لاسيما حضرموت والمهرة، لقربها من الكويت أو عبر منافذ الجنوب البحرية، فمازالت كثير من الاسر الجنوبية التي استقرت في الكويت يعود أصولها الى الجنوب. وتواصلت تلك العلاقة بعد استقلال الجنوب في 1967 م وقيام الدولة الحديثة، ربما كانت الكويت الدولة الأولى التي اقدمت على انشاء علاقات سياسية واقتصادية بالدولة الجنوبية الحديثة، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة، وقدموا بعض المساعدات الاقتصادية، والقروض المالية التي أسهمت في دعم مشاريع التنمية، وفي 13 أغسطس 1974م، وقعت أول اتفاقية بين حكومة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والحكومة الكويتية، وقد تضمنت هذه الاتفاقية التعاون في المجالين الثقافي والعلمي، وقامت الكويت في بناء عدد من المدارس والمستشفيات في الجنوب، كما قدمت للدولة الجنوبية مليون طن من البترول الخام سنوياً، لتكريره في مصفاة عدن بهدف تشغيل المصفاة. فضلا عن القروض الميسرة الذي قدمها الصندوق الكويتي للتنمية لتمويل مشاريع التنمية في الجنوب، فخلال الفترة (1971-1989م) قدم الكويت ثلاثة عشر قرضاً بقيمة إجمالية (42.329.973) ديناراً كويتياً. كمل حصل المهاجرون الجنوبيون باهتمام دولة الكويت عبر منحهم بعض الامتيازات التي لا يلقونها في دول الخليج الأخرى، والسماح لأبناء المهاجرين بالدراسة في مدارس الكويت والالتحاق بالجامعة ، فضلا عن تقديم منح محدودة للجالية الجنوبية في جامعة الكويت. وكان يوجد في الكويت عدد من الأندية الرياضية للجالية الجنوبية التي تحض باحترام ودعم السلطات الكويتية كما سمحت الكويت للمهاجرين الجنوبيين العمل في البنوك والمؤسسات المالية دون غيرهم من المهاجرين الاخرين المتواجدين في دولة الكويت. لم تقتصر تلك العلاقة على التعاون في الجانب الاقتصادي والثقافي فحسب؛ بل امتد ذلك الى المجال السياسي فقد أسهمت الكويت في حل الخلافات بين الدولة الجنوبية وسلطنة عمان الناتجة عن دعم الاولى للجبهة الشعبية لتحرير عمان المعاضة لنظام السلطنة، وبسبب ذلك عاشت العلاقات بين الدولة الجنوبية وسلطنة عمان حالة من التوتر حتى العام 1982م، حينما قامت دولة الكويت والإمارات العربية المتحدة بدور الوساطة بين الجانبين، نتج عنها التوقيع على اتفاقية المصالحة في الكويت في 16 نوفمبر 1982م. يذكر انه في حرب 1979م بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية، حيث كانت القوات الجنوبية قد دخلت الأراضي الشمالية، وطالب مؤتمر وزرا الخارجية العرب الذي انعقد في الكويت بسحب القوات الجنوب من الأراضي الشمالية واتخذوا قرارا في مقاطعة اليمن الديمقراطية، كانت الكويت الدولة الوحيدة التي تحفظت على قرار المقاطعة. لن يكون مواقف الكويت تجاه دعم النظام والدولة في الجنوب جديدا، فعلى ارض الكويت نشطة حركة القوميين العرب ومنهم القيادات الجنوبية التي أسهمت في تحرير الجنوب من الاستعمار البريطاني، وكان يتم جمع التبرعات من المهاجرين وارسالها لثوار الجبهة القومية في الداخل الجنوبي. وفي حرب الخليج الثانية عند اجتياح العراق للكويت الذ تزامن مع اعلان الوحدة في اليمن، حيث وقف الرئيس السابق علي عبدالله صالح الى جانب الاجتياح العراقي للكويت، في المقابل قام نائب الرئيس اليمني علي سالم البيض الذي ينتمي للجنوب دعا السفراء العرب والأجانب وأعلن موقفه الرافض لاجتياح الكويت وهذا كان مثار خلاف في الرئاسة اليمنية، وفي عدن خرجت المظاهرات تنددت في اجتاج الكويت.

مقالات الكاتب