(تقلبوا)

قيل ان احد الزعماء قال لجنوده حين شكوا من عدم ايفاء رواتبهم بمتطلباتهم وبمتطلبات اطفالهم الضرورية قال لهم كلمته التي صارت ديدن، قال لهم (تقلبوا). ذات لقاء نخبوي في احد اندية عدن، كان المرحوم صادق حيد، مدير امن عدن حينها، كان يتحدث، بحضور محافظ عدن آنذاك، وحيد رشيد، كان يتحدث عن هموم الامن في عدن، فسمحت لنفسي بمقاطعته وقلت، لا يمكنكم ان تطلبون من رجل الامن تطبيق القانون بنزاهة وشرف وهو لا يحصل على راتب يغنيه عن الحاجة للآخرين. ربما ان ثقافة (تقلبوا) هي التي دعت في بلادنا الى بتكار نظام اجور خاص بالقضاة لضمان عدم تأثرهم بضغط الحاجة عند اصدار احكامهم تخل بنزاهة القضاء، واتذكر انني في ذاك اللقاء النخبوي قلت ان رجل الامن يمثل اولى درجات التقاضي وكان الاجدر النظر الى حاله كما تم النظر الى حال القضاة لضمان تطبيق القانون في اولى درجاته، وهو رجل الامن. الوضع الكارثي ان ثقافة (تقلبوا) خلقت نمط جديد من السلوك المشين اصبحت معه حقوق الناس خاضعة للمزاج الخاص لرجل الامن ولم يعد يقتصر على حاجات الناس الحياتية، وقد صعقت حين كنت اهاتف صديق من ضباط الامن بما سمعته، وهو ضابط دارس القانون جيدا، اذ كان يتحدث معي وكأن القانون هو قناعته وليست قواعد تحكم العلاقة بين المواطن ورجل القانون وفي المقدمة منهم رجال الامن. وفي هذا المقام تحضرني واقعة افتعال عراك بين عائلتين في حفل عرس، تسبب بها ضابط النقطة بمساعدة معاونه ليحصلوا على (سبوبة)، وهي واقعة اوردها الفيلم العربي (الباشا تلميذ). لا داع لسرد قصص اخرى من واقعنا، شبيهة بحالة صاحبنا، لكنا نذكر اهل القانون بأن وسائل الردع التي تمنع الناس من ارتكاب الاخطاء هي ثلاث: - الخوف من القانون. - الخوف من نظرة المجتمع. - الخوف من الله. واذا غابت هذه الروادع من رجال القانون فقد اصبحنا في مجتمع الغابة.

مقالات الكاتب