عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة هل ستتم الاستجابة لها ؟
ارسلت السلطة الفلسطينية يوم الثلثاء الماضي 2 أبريل / نيسان خطاباً رسميا الي الامين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تطالب فيه باعادة النظر في الطلب الفلسطيني المقدم لمجلس الأمن في عام 2011 للحصول علي العضوية الكاملة للسلطة الفلسطينية في الامم المتحدة . و قام غوتيريش وفق الشروط الاجرائية بارسال الخطاب الي مجلس الأمن الدولي . وصرح بهذا الصدد المبعوث الفلسطيني للأمم المتحدة السفير رياض منصور ان الغرض من هذه المطالبة الرسمية هو اتخاذ قرار في هذا الشأن في اجتماع المجلس الذي من المقرر أن ينعقد في 18 أبريل / نيسان لبحث الاوضاع في الشرق الأوسط لكن ذلك التصويت ينبغي تحديد موعد له في وقت لاحق . وتعد فلسطين في الوقت الراهن دولة غير عضو في الأمم المتحدة لها صفة المراقب برفع وضعها من “ كيان “ الي “ دولة غير عضو” وذلك اثر موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 2012 المؤلفة من 193 دولة بتصويت 138 صوتاً مؤيداً ومعارضة 9، وامتناع 41 عن التصويت . والسؤال المطروح هنا عن شروط اكتساب عضوية الامم المتحدة وعن اسباب توقيت طلب السلطة الفلسطينية الان بعد نحو 13 عاماً منذ تقديم طلبها في عام 2011 ؟ وما هي الفرص المتاحة في هذا التوقيت الجديد ؟ حددت المادة الرابعة من الميثاق شروط العضوية الي المنظمة بالقول : “ 1 - العضوية في الأمم المتحدة مباحة لجميع الدول الاخري المحبة للسلام ، والتي تاخذ نفسها بالالتزامات التي يتضمنها هذا الميثاق ، والتي تري الهيئة انها قادرة علي تنفيذ هذه الالتزامات راغبة فيه . 2 - قبول أية دولة من هذه الدول في عضوية الأمم المتحدة يتم بقرار من الجمعية العامة بناء علي توصية مجلس الامن . ويستخلص من هذا النص ضرورة توافر شروط موضوعية واخري اجرائية ليتم انضمام دولة جديدة الي الامم المتحدة .و باختصار شديد في ما يخص بان يكون طالب العضوية دولة . تعريف القانون الدولي، يشترط أن يتوافر في الوحدة التي تطلب العضوية ثلاث عناصر رئيسية وهي الاقليم والشعب والسيادة . وبما ان الميثاق لم يحدد المقصود بكلمة الدولة فقد جري تفسير هذا المصطلح تفسيرا واسعا وفق اعتبارات سياسية اكثر من الاعتبارات القانونية مما ادي الي قبول عضوية دول ناقصة السيادة لكنها اظهرت قدراتها في تصريف شئونها الدولية . في الخطاب الذي ارسله محمود عباس الي الامين العام للامم المتحدة حينها بان كي مون في عام 2011 اشار الي وثيقتين اساسيتين هما : قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 ( 11 )بتاريخ 29 سبتمبر تشرين الثاني 1947 التي اقرت بتقسيم فلسطين الي دولتين ، عربية ويهودية . والوثيقة الثانية تمثل في إعلان استقلال دولة فلسطين بتاريخ 15 نوفمبر تشرين الثاني 1988 ،واعتراف الجمعية العمومية بهذا الاعلان من خلال قرار 177 / 43 الصادر بتاريخ 15 ديسمبر كانون الاول 1988 . مربط الفرس في الشروط الاجرائية مانصت عليه الفقرة الثانية من المادة الرابعة من الميثاق بان اعطت الجمعية العامة حق إتخاذ “ القرار “ بينما دور مجلس الأمن الدولي اقتصر بتقديم “ التوصية “ للجمعية العامة بقبول طلبات العضوية . وهنا اثارت هذه النقطة جدلاً بين الدول الكبري في حالة وجود خلاف حول اختصاصات كل من هيئتي الامم المتحدة مجلس الأمن والجمعية العامة ؟ اي من الهيئتين دورها هو الذي يحسم طلبات الانضمام الي المنظمة الدولية هل اتخاذ “ القرار “ المناط بالجمعية العامة مقيد بتوصية مجلس الامن الدولي ام ان الجمعية العامة بامكانها تجاوز وعدم الالتزام بتوصية مجلس الامن لانها هي وفق الميثاق التي اعطاها صفة اتخاذ القرار واكتفي باعطاء مجلس الامن بتقديم التوصية وليس بحق اتخاذ القرار ! وتمكنت مع ذلك الهيئتين الرئيسيتين بالتوصل الي تسوية ودية للمشكلة واصدرت الجمعية العامة قراراً في ديسمبر 1955 توصي فيه مجلس الامن ببحث طلبات الانضمام علي ضوء مراعاة “ ان تكون العضوية في هيئة الامم المتحدة علي أوسع نطاق “. عند استلام طلب الانضمام الي عضوية المنظمة تُقيم لجنة مجلس الامن المكونة من 15 عضوا الطلب لتحديد ما اذا كانت الدول المتقدمة به مستوفية للشروط اللازمة لعضوية الامم المتحدة . وقد يحفظ الطلب دون ان تتقدم به الاجراءات إلي اي نقطة ابعد من ذلك ، او يتم التصويت الرسمي عليه في مجلس الامن وتتطلب الموافقة علي هذه الطلبات تصويت تسع دول لصالح العضوية وعدم استخدام حق النقض من قبل الاعضاء الدائمين الخمس . وحال موافقة مجلس الامن علي طلب العضوية ، يُرفع الطلب إلي الجمعية العامة للتصديق عليه ويشترط ان تتم موافقتها بأغلبية لا تقل عن ثلثي الدول الاعضاء وتصبح الدولة الجديدة عضواً اعتباراً من تاريخ صدور قرار الجمعية العامة بالموافقة . في عام 2011 فشلت لجنة مجلس الامن في التوصل الي اجماع علي موقف موحد من الطلب الفلسطيني في ذلك الوقت لذلك لم يصوت مجلس الامن رسميا علي قرار منح العضوية . وقيل ان الطلب لم يحصل حينها علي الحد الادني من الدعم ، فقد قالت الولايات المتحدة في ذلك الوقت إنها ستستخدم حق النقض ضد ذلك التوجه . هل الظروف هذه المرة تبدو مختلفة ولصالح تبني العضوية الكاملة ؟ وهل ما تم رفضه في عام 2011 في عهد ولاية أوباما سيتم تحقيقه في ظل الرئيس بايدن وهل سيتم ذلك قبل نهاية ولايته الحالية ام بعد انتخابه لولاية ثانية ومنها سيتم اخيراً بعد عقود د تحقيق فكرة مشروع الدولتين . وفي اطار هذا التوجه المستقبلي فان دعوة رئيس الوزراء الجديد لفلسطين لزيارة رسمية الي الولايات المتحدة والذي لم يشرك في تشكيلة حكومته الجديدة عناصر من حركات المقاومة الفلسطينية قد يكون مؤشرا لتعبيد الطريق لانجاح العضوية الكاملة لفلسطين ومن ثم تبني مشروع الدولتين .نعم التوقيت يبدو الان مناسباً ليحصل الشعب الفلسطيني اخيرا علي حقوقه كاملة وتصبح فلسطين العضو 194 في الامم المتحدة وان كان ثمن ذلك جسيماً !