الى المجلس الانتقالي مرة ثانية

سأعود للحديث للمجلس الانتقالي، و عن واجباته التي يجب عليه ان ينفذها بعد ان قبل تفويض اهل الجنوب، فمواضيعي لهم، و ان كانت شديدة فهي تصدر من قلب محب يريد من محبه التفوق الدائم. منذ تشكيل المجلس الانتقالي، لم نسمع منه شيئا، و كان يجب عليه ان يصدر رؤيته الشاملة، و يضعها امام ابناء شعب الجنوب ليعرفونها. كان الواجب عليه ان تتوحد أفكار قيادته حين يتحدثون للإعلام، و لكننا نرى في قيادة المجلس أفكارا أحيانا تكون لا تمثل ما طلبه الشعب منه. نحن نريد ان نتخلص من الشعارات الثورجية ، التي تُبعد عننا اقرب حلفائنا في الإقليم ، نحن لسنا الشرعية التي تحارب الانقلابيين، و لكننا نؤيد الشرعية و التحالف في محاربة الانقلابيين. نحن لا ندعو الى حرب مع الجمهورية اليمنية للإنفصال ، و من ثم الاستقلال و التحرير، هذه شعارات لا تخدم قضيتنا، نحن لنا دولة ذهبت للوحدة و فشلت الوحدة، لهذا نستعيد دولتنا بالقوانين و العهود الدولية التي تضمن لنا حق تقرير مصيرنا. لدى شعبنا في الجنوب ـ بإقرار و اعتراف شرائحه و مكوناته المختلفة و المجتمعين العربي و الدولي ـ قضية وطنية عادلة و مشروعة، و ثورة شعبية رائدة تعبر عن تطلعاته و خياراته المشروعة بشأن حل تلك القضية. إلا أن قضيتنا تحتاج لقيادة موحدة صاحبة رؤية واضحة، و من ذلك المنطلق جاء المجلس الانتقالي الجنوبي كإطار قيادي معبراً و مفوضاً من شعب الجنوب ليعبر عن قضيته كمتطلب عملي و استحقاق وطني لا يحتمل التأخير أو الترحيل، او سوء التمثيل. تؤكد معطيات الواقع و تداعياته الراهنة أن الجنوب و ما قدمه شعبه من تضحيات و ما حققه من مكاسب و انتصارات حتى اللحظة، بات مهدداً بمخاطر عديدة يتطلب مواجهتها جهداً و عملاً وطنياً تشاركياً تكاملياً منظماً، يلملم شتات الفرقة و الاختلاف الذي يغذيه خصوم القضية، و يوحّد الجهود و الإمكانات الوطنية، و يستثمر و يوظف الفرص المتاحة في سبيل توضيح رؤية المجلس الانتقالي الممثل لشعب الجنوب، و توثيقها بصيغ قانونية علمية واضحة. نحتاج ان نبعد شعبنا و وطننا من مخاطر الوقوع في مستنقع الفوضى و التطرف و استخدام المصطلحات الثورجية التي تبعد حلفائنا منا، نريد ان نحمي وحدة النسيج الوطني الجنوبي و هويته الوطنية، و لن يتأتى ذلك إلا بكيان وطني قيادي منظّم يوجّه و ينظّم العمل السياسي و الميداني لشعب الجنوب بمساره السلمي (الحراك الجنوبي) ممثلا بالمجلس الانتقالي الجنوبي صوب بلوغ هدفه المنشود المتمثل في استعادة سيادته على دولته التي ذهبت الى وحدة فاشلة. و العمل على بناء دولتنا الوطنية الفدرالية المستقلة التي سنستعيدها بالقانون على كامل ترابنا الوطني بالحدود المعروفة دولياً، يوم 22 مايو 1990. و عليه و تتويجاً للجهود الوطنية المتراكمة طيلة السنوات الماضية و حتى اللحظة، نطال المجلس الانتقالي بسرعة وضع رؤية دائمة توضح كيف يجب ان نستعيد دولتنا، بعيدا عن الشعارات التي تخسرنا حلفائنا، بسبب طرحنا الخاطئ، فالعالم كله يعلم انه كانت لنا دولة اسمها جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، عضو في كل من جامعة الدول العربية، و مجموعة ال77، و الاتفاقية الدولية للتجارة و التعرفة الجمركية، و البنك الدولي لإعادة الأعمار و التطوير، و البنك الدولي للإنشاء و التعمير، و الاتحاد الدولي للتنمية، و بنك التنمية الإسلامي، و منظمة العمل الدولي، و صندوق النقد الدولي، و منظمة البحرية الدولية، و الأمم المتحدة، و الاتحاد الدولي للطباعة، و حركة عدم الانحياز، و منظمة التعاون الإسلامي، و الاتحاد الدولي للاتصالات السلكية و اللاسلكية، و اليونسكو، و اتحاد البريد العالمي، و منظمة التجارة العالمية، و الإتحاد العالمي لنقابات العمال، و ذهبنا نحن كدولة الى إخوتنا في الشمال لإعلان الوحدة، و لكنهم خدعونا، و لم يضعوا قوانين شفافة لتحكم بالوحدة، و سرقوا ارضنا و ثرواتنا باسم الوحدة، بل و انهوا هم الوحدة بشنهم الحرب على الجنوب في 1994 و 2015. و عليه، فعلينا ان نحدد حقوقنا باستعادة دولتنا بالقانون، و الاستفادة من الخبراء القانونيين، لاننا لا نبحث عن انفصال، او استقلال، او ان نتحرر، يجب ان لا نقارن انفسنا بالأكراد او إقليم كتالونيا، فهؤلاء أقليات في دولهم، اما نحن فلسنا اقلية بل دولتنا ج ي د ش أكبر من الجمهورية العربية اليمنية مساحة. اننا نطالب إخوتنا في المجلس العمل بجد على توضيح رؤيتهم للشعب الجنوبي، و البعد عن التنظير الثورجي الذي يؤذي قضيتنا و لا يفيدها، و يجب على الانتقالي الشروع في الدعوة لمؤتمر جنوبي شامل بأسرع ما يمكن و تشكيل مجلسا سياسيا جنوبيا أعلى لكل محافظات الجنوب، و بنسب تمثل عدد سكان كل محافظة حسب حدود مايو 1990. و نطالب المجلس بتشكيل لجنة تحضيرية تعمل من الآن للإعداد للمؤتمر، و ان تخطط لإنعقاده في بداية العام الجديد 2018، و ان لا تنسى بالتعاون و التواصل مع القيادات التاريخية للوطن. و سأتحدث في الحلقات القادمة عن اهم المبادئ و الأهداف التي يجب على الانتقالي الالتزام بها و العمل على اساسها.

مقالات الكاتب