مخاطر انعكاس سياسة العسكرة الاجتماعية على مستقبل الشباب ؟؟

الأيام القادمة سوف تحمل لنا جملة من المخاطر التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي والتنمية ، خصوصاَ إذا ما أستمرت الأوضاع الحالية دون وجود استراتيجيات ومراجعة ومعالجة شاملة لها، واستشعار المجتمع بكل هيئاته ونخبه بمسؤليتهم الوطنية تجاه ذلك ؟؟ اننا نعيش اليوم أوضاعاً سلبية وإستثنائية قاهرة ، قد لا يتوقف الأمر عند مستوى هذه الحالة !! بل سوف تنعكس اثارها السلبية على المستقبل باوضاع اسواء من ما هي عليه اليوم .. قدر لا يدرك البعض ما سوف تتركه هذه الأوضاع وما سينتج عنها من أوضاع والتي تلقي بضلالها على جيل الشباب الذين تحملوا اليوم أعباء كبيرة واجبرتهم الظروف الراهنة على لعب ادوار أكبر منهم ، بل هم من دفع الثمن غاليا في هذه الحرب!!. ان الدمار الذي خلفته الحرب الكارثية ومن قبلها سياسات التهميش التي مارسها النظام والحكومات المتعاقبة خلال العقدين الماضيين وبروز الولاءات الشخصانية التأليهية القائمة على السياسية الفاسدة ، خصوصاَ مع تفاقم مشكلة البطالة وانعدام فرص العمل بسبب استمرار ممارسة الفساد الذي ضرب بجذوره في عمق المؤسسات الحكومية والمدنية وطال جميع مناحي الحياه .. ان سياسة العسكرة الاجتماعية التي تمارس اليوم وكرستها سياسة النظام خلال السنوات السابقة لا تبشر بمستقبل آمن ومستقر فهي تحمل في طياتها بصمات ميول واتجاهات ورؤى الشباب في التعاطي مع عسكرة الحياة، وهو ما دفع بهم إلى الإندماج بالحالة العسكرية الخشنة في كل جوانبها وابتعادهم القسري عن الحياة المدنية المستقرة. وتوجهم نحو السلوك العسكري والبوليسي في جميع مناحي حياتهم ، وهذا يفسر لنا توجه الآلاف من الشباب إلى التطوع والانخراط في الجيش والشرطة وسائر القوات الأمنية والعسكرية المختلفة. خصوصا مع تعددها وتنوع اتجاهات استقطابهم إليها؟؟ في ظل ان مهنة العسكرة هي الفرص الوحيدة المتاحة أمام الشباب اليوم ؟. وعليه نقول ان أثر الثقافة العسكرية السائدة بفعل الأحداث العسكرية العنيفة التي تجري على أرض الواقع ، فضلاَ عن الاستيراد غير الواعي لتلك السلوكيات والقيم العسكرية ومظاهر العنف التي تسيطر على المشهد اليومي وتدعمها وسائل الإعلام الموجهة التابعة لأجندات وأيدولوجيات مغايره لتطلعات المجتمع وبعيده عن واقعنا الراهن. فان كل هذه الواقع المتفاقم والمآزم سوف يعرّض مستقبل الشباب للخطر المحدق خصوصاَ وان كل أبواب المستقبل قد صدت أمامهم واختزلت في باب واحد فقط هو (العسكرة) وهذا يشير إلى إننا نعدِ جيل قادم لمهنة الاحتراب فقط؟؟، في واقع يعج بالاضطرابات والحروب المتناسلة التي تعيشها المنطقة عموما. ان الأخطر من ذلك كله هو ان يظل الجميع في موقع المتفرج إزاء هذا الوضع ؟؟ في ظل تنامي ظاهرة البلطجية والاعتداء على الممتلكات العامة والاستيلاء على الأراضي بصورة مخيفة ومدمرة لحضرية المدينة كما يجري في عدن. كل هذه الأوضاع تدفع بالفئات التي عاشت التهميش والحرمان وتمتلك السلاح إلى اقتراف الجرائم والممارسات السلوكية المنحرفة، لاسيما في غياب الدور التوجيهي للأسرة والرعاية الاجتماعية وفقدان الأثر التربوي في معظم المؤسسات والهيئات الاجتماعية الحكومية والسياسية والأهلية والمدنية معاً، فضلا عن ضعف بل غياب دور مؤسسات الضبط الاجتماعي. د. فضل الربيعي أستاذ علم الاجتماع. رئيس مرمز مدار للدراسات والبحوث.

مقالات الكاتب