ماذا يراد من الانتقالي، وماذا يراد له؟
منذ يومين تلقيت عددا من الرسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، بعضها يتهم المجلس النتقالي ببيع القضية الجنوبية، وأقلها حدة يتهمه بالتخاذل والتردد وممارسة الابتزاز على الحكومة (الشرعية) ، لكن الغالبية العظمى من الرسائل والتعليقات وحتى التساؤلات تتمسك بعدالة القضية الجنوبية وتعبر عن قناعتها بصوابية مواقف المجلس الانتقالي بما في ذلك عندما يغير تكتيكاته ويستبدل بعض أساليب عمله. لن أتوقف عند هذه المجموعة الأخيرة من المواقف والآراء وسأتناول تلك المواقف المتشنجة سواء كانت تلك التي تتهم المجلس بالتمرد والعمالة وخدمة أجندة اجنبية ، او تلك التي تتهم المجلس بالتخلي عن القضية الجنوبية او المتاجرة بها ومنها ما يطالب بالحسم العسكري اقتداء بما فعلته جامعة الحوثي في اواخر عام 2014م. منذ أشهر نشر بعض ناشطي مجموعات التواصل الاجتماعي خبرا معززا بالصور لأحد المتنفذين وهو يستولي على أجزاء من المعلم السبأي الشهير المعروف "بمعبد الشمس"، وإمعانا في السخرية تساءل بعضهم: ماذا يفعل المجلس الانتقالي؟ أين عيدروس؟ اين بن بريك؟. بعض المطالب الحادة تجاه المجلس الانتقالي تنبع من حسن نية واعتقاد صادق بما تتضمنه سياسات ومواقف المجلس، لكن هذه المطالب تتصور ان المجلس عبارة عن منظمة ثورية مسلحة يمكنها الشروع في مواجهة مسلحة مع خصومها والمختلفين معها من السياسيين، وهو ليس كذلك كما يعلم الجميع، لكن بعضها ومعها أولائك الذين يتهمون المجلس بالتمرد والعمالة وغيرها من المفردات المنتمية إلى زمن الديماغوجيا السياسية وصناعة المكائد، هولاء وأولائك يلتقون عند نقطة واحدة وهي التمني للمجلس الانتقالي الوقوع في اخطاء الممارسة لينتقلوا إلى مرحلة اعتباره حركة إرهابية على العالم ان يعلن الحرب عليها، ومن بين هولاء من يعملون تحت قيادات ما تزال على قائمة الإرهاب العالمي. وباختصار شديد يمكن التأكد على ما يلي: 1. المجلس الانتقالي الجنوبي ليس حركة مسلحة ولم يعلن ولن يعلن الحرب على أحد، وإنما يمثل حركة تحررية سلمية مدنية لها مطالب محددة يعرفها خصومه وأداؤه وتتمثل في تنظيم وقيادة الجماهير الجنوبية للنضال في سبيل حق الشعب الجنوبي في تقرير مصيره. 2. وتبعا لذلك فإن منهج المجلس هو النضال السلمي وهو موروث جنوبي تعود جذوره الثقافية والتاريخية إلى فترة الخمسينات والستينات، ومنتصف التسعينات من القرن الماضي، وبداية الالفية الثالثة. 3. تغيير التكتيكات امر مشروع ومفهوم عندما تطرأ متغيرات تستدعي ذلك وهو لا يمثل بأي حال من الأحوال تغيير الأهداف الاستراتيجية التي قد تمتد سنينا وعقودا طويلة حتى بلوغها. 4. تزمين الفعاليات المتصلة ببيان 3 اوكتوبر وإعادة جدولتها تبعا لمقتضيات كل لحظة لا يعني إلغاء البيان او حتى التعديل في مضامينه وإنما استيعاب للمتغيرات التي نشأت بعد صدور البيان والتي لن تستمر إلى الأبد . وأخيرا أتمنى ان يفهم الجميع أن الأهداف الكبيرة (واستعادة الدولة الجنوبية الجديدة هدف كبير بلا شك) لا يمكن الوصول إليها وفقا لجدول زمني محدد فيه تاريخ الابتداء وتاريخ الانتهاء، بل إنها عملية معقدة قد تستغرق زمنا يقصر ويطول تبعا لعوامل ومؤثرات داخلية وخارجية عابرة وطويلة الأمد، لكن يظل التمسك بتلك الأهداف الكبيرة من قبل المؤمنين بمشروعيتها وعدالتها هو العنصر الحاسم في بلوغ تلك الأهداف.