المجلس الإنتقالي .. يفوز بالجولة الثانية

راهن الاعداء من أبناء جلدتنا من بعض الجنوبيين على فشل المجلس الإنتقالي من خلال الرهان على وقوعه في مستنقع الأخطاء الكارثية كتجاربنا السابقة , وصل المجلس الإنتقالي بقياداته وبمكوناته إلى مستويات عالية من النضوج الفكري والسياسي , والشعب في اليمن الجنوبي كذلك صار أنضج ولم يعد يطلب المستحيل متماشيا مع مجريات ومتطلبات الأحداث الراهنة . كان الرئيس الزبيدي زعيم بما تحمله الكلمه من معنى ولم يعطي لاعدائه فرصة للانقضاض علينا كما كانوا يتوقعون , صقلته هذه الحرب وعلمته تلك الأزمات المفتعلة من قبل حكومة شرعية لئيمة أن يكون حذر بما فيه الكفاية . شيء محزن للغاية أن يكون الرئيس جنوبي ورئيس وزرائه جنوبي وكثير من قيادات المؤتمر من الجنوبيين وبطانتهم جنوبيون ومع هذا يتآمرون علينا ليلا ونهارا من أجل الحفاظ على كراسيهم التي ضحينا كثيرا لنجعلهم يجلسون عليها في عدن وعواصم الشتات , إنهم يتربصون بنا وينتظرون بفارغ الصبر أن نقع بخطأ إستراتيجي قاتل ليقضوا علينا بضربة واحدة غادرة من أجل الحفاظ على مصالحهم الشخصية فقط , فهم لا يستطيعون خوض المعارك كالرجال أو الدخول في حلبات المبارزة كالأبطال . المجلس الإنتقالي مكون سياسي جنوبي ولن يكون دولة موازية بديلة عن الدولة الشرعية في وقتنا الراهن , وسمي بالانتقالي لان المرحلة القادمة ستشهد متغيرات كبيرة على الساحة اليمنية أكانت فدرالية من إقليمين أو أي خيار أخر , لن تكون يا هادي وصيا على الجنوب وشعبه كما فعلت في المرة السابقة في مؤتمر الحوار الوطني وكان إختيارك لتلك الوجوه الجنوبية الكمبارس سيء للغاية . كنا ننتظر أن يكون الغدر والخيانة من أعدائنا التقليديين من النخب والقادة الشماليين الطامعين بالأرض والثروات كالعادة , لا من رئيسنا الشرعي الجنوبي الذي يتربص بنا للقضاء على الفرصة الأخيرة لكي نسترد وطن ضيعه حكامه وشعب خذله زعمائه . لسنا بهذا الغباء لكي نعلن الإنفصال أو فك الإرتباط بهذا التوقيت وبهكذا وضع حساس للغاية , تنتظر منا الحكومة الشرعية الفاشلة بأن نعلن عن إنقلابنا والسيطرة على عدن والجنوب , لكي ننقذها من مأزقها الخطير الذي لم يتبقى منه سوى بضع خطوات لتقع في حفرة فسادها وفشلها التي لن تخرج منها مطلقا . ماذا لو أعلن المجلس الإنتقالي الإنفصال أو فك الإرتباط الان , معناه سيحكم على نفسه وشعبه وقضيته بالإعدام مع سبق الإصرار و الترصد , وسيترتب على ذلك تخلي دول التحالف عنا وعن مساعدتنا ولن ترفع حتى سماعات هواتفهم لسماعنا , بسبب أنهم لم يأتوا لدعم خيار الإنفصال وفك الإرتباط وبسبب الضغط الإقليمي والدولي الذي سيمارس ضدها والرافض لتلك الدعوات وما تجربة كردستان وكتالونيا ببعيدة عنا , سيتخلى الكل عنا بسبب قرار إرتجالي كارثي غير مدروس وسنعود لنقطة الصفر من جديد . لن نخذل شعبنا وحلفائنا وخصوصا السعودية والإمارات والسودان وباقي دول التحالف الذين ضحوا من أجلنا بالغالي والنفيس لنصرتنا أولا وللحفاظ على أمنهم القومي ثانيا , ثلاث سنوات من القتال والتضحيات من قبل رجالنا و رجال التحالف صبت كلها في مصلحتنا أولا , لم يجني التحالف ثمار تضحياته بعد , بل نحن من جنينا ثمار تضحياتهم وتضحياتنا وهي الحفاظ على ديننا من الشيعة الروافض و تحرير أرضنا وأموال طائلة أنفقت علينا حتى يومنا هذا في شتى المجالات , نحن من نقاتل عدونا بسلاحهم وطائراتهم ورجالهم لأنها معركتنا نحن قبل أن تكون معركتهم , هم من يقاتلون معنا ضد من إعتدى علينا , و عاصفة الحزم عصفت بهم من عدن وجنوب اليمن ومأرب قبل الرياض وأبوظبي , وإعادة الأمل ساعدتنا وإلا لكان مصيرنا لا يختلف كثيرا عن مصير الشعب السوري أو العراقي أو الليبي , فحالنا أفضل منهم بكثير . لن نعطيكم السوط بإيدينا لتجليدونا به أيتها الحكومة الشرعية الشيطانية , لن تكون الجمعية الوطنية برلمان في وقتنا الراهن وتنتظرون منا سن القوانيين و التشريعات والذي سيترتب عن ذلك سلطة تنفيذية لتنفذ تلك القوانيين والتشريعات وسيليها سلطة قضائية وسنعتبر بالأخير إنقلابيين على الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا . علمتنا السياسة أن نغمض أعيننا في بعض الأحيان لكي لا نرى مالا نحب أن نراه , وأن نصم أذاننا في أحيان أخرى لكي لا نسمع مالا نحب سماعه , وأن نتمسك بجمر الرئيس هادي ونصبر على شره حتى نخرج من هذا النفق المظلم , وأن نصبر على غدر بن دغر لنحمله مسؤولية فشل حكومته أمنيا وإقتصاديا وماليا وخدماتيا ونحرقه إقليميا ودوليا . لن نخذل دول تحالفت معنا في وقت الشدة وقدمت إلينا جميل يستحيل أن ننساه ما حيينا , ولن نكون أنانيون لنقدم مصلحتنا قبل مصلحة أشقائنا بدول التحالف العربي أو أن نبتزهم بأن نقول لهم مصلحتنا أولا كما فعل غيرنا , سنعلمكم يا معشر اللئام دروسا عظيمة بالأخلاق والوطنية وحب الإيثار والتضحية مع من ضحى معنا ولأجلنا . الجمعية الوطنية مشروع إستثماري سياسي ناجح وثماره ستقطف لاحقا بعد نضوجها وليس بالضرورة الآن , فأحداث صنعاء الأخيرة غيرت من مجريات الأحداث و سيكتب عنها التأريخ , وبين عشية وضحاها أصبح الشركاء أعداء ويتقاتلون في الشوارع ووجثثهم على الطرقات مرمية , ماذا لو صمد الحوثي وتقاعس الحرس الجمهوري عن تحرير صنعاء وخاننا الجيش الوطني في مأرب وصنعاء ولم يقاتل , وماذا لو أستسلم الحوثي فجأة , نحن في الجنوب سنكون على إستعداد تام وبعد الضوء الاخضر من حلفائنا الإقليميين والدوليين بأن نكون شركاء حقيقين للحفاظ على أرضنا وحدودنا وممراتنا الملاحية الدولية , العالم كله يسير نحو التحالفات من حلف شمال الأطلسي وحتى التحالف الدولي بأفغانستان والاسلامي بالرياض وغيرها . لأمريكا قواعد باليابان وبريطانيا و بألمانيا وتركيا والفلبين , وذلك لا يعتبر إنتقاص لسيادة تلك الدول بل العكس يوفر لها الحماية العسكرية ومردود مالي يساعدها , وسيكون لدينا أيضآ تحالفات بالمستقبل بما يخدم مصلحتنا أولا وحلفائنا ثانيا .

مقالات الكاتب