سريعا.. وحتى لا تختلط الأمور عند البعض!
الاتفاق بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، وهو الرمز المجسد للشرعية بكاملها والمعترف بها دوليا، هو اتفاق مرحلي وبمهام وإجراءات مزمنة، وليس اتفاقا بشأن الحل النهائي للقضية الجنوبية، ولكنه وضع أساسا جديدا ومهما للبناء عليه وصولا للتسوية السياسية الشاملة والتي سيكون الانتقالي مشاركا رئيسيا مع وفد الحكومة الشرعية عندما يحين موعدها، بعد أن اكتسب الانتقالي هذا الاعتراف الدولي الواسع وغير المسبوق، وهو أولا وأخيرا تجسيد لحضور القضية الجنوبية وعلى كل المستويات وبكل المعاني والدلالات، وهو ما يمنحه حق التحرك السياسي دون قيود عربيا ودوليا، ناهيك عن شراكته الفعلية في إدارة شؤون الجنوب ورقابته على أداء الحكومة والسلطات المحلية وغير ذلك كثير، مفترضين في كل ذلك حسن النوايا وصدقها وأمانة الالتزام بالتعهدات وسلامة الأهداف عند التنفيذ من قبل كل الأطراف أكانت الموقعة عليه أو التي ساعدت وحضرت له والضامنة لسلامة تنفيذه! وعموما الاتفاق وكما أشرنا لذلك مرارا بأنه سيكون محطة جديدة لجولات قادمة من المعارك السياسية والوطنية النوعية وغيرها، وستأخذ أشكالا ووسائل جديدة وفي ساحات وميادين جديدة كذلك، مضافة لما قد عهدناه من أشكال ووسائل نضالية في سبيل الانتصار لقضية الجنوب واستعادة دولته وسيادته على أرضه خلال الفترات الماضية، وكل ذلك سيكون اختبارا جديا وحقيقيا لمدى قدرة العقل السياسي الجنوبي على تجاوز المصاعب والتحديات المنظورة منها وغير المنظورة، وبكيفية التعاطي المسؤول مع ما سيواجهه الاتفاق من إشكاليات عند التنفيذ وربما خروقات مقصودة قد تقوم بها بعض الأطراف التي ترى في الاتفاق خطرا يهدد مصالحها ويعري مواقفها بشأن ملفات عديدة، ولعل مفتاح النجاج الرئيسي والحاسم، وكما أكدنا وكررنا ذلك مرارا، يكمن في وحدة وتماسك الصف الوطني الجنوبي وتجاوز حالة الشكوك القائمة وبما يعزز الثقة المتبادلة التي تكاد تكون مفقودة مع الأسف والتي تنفخ في كيرها أطراف معادية للجنوب وكل الجنوبيين، وعلى قاعدة التنازلات المتبادلة التي يصعب الوصول للثقة الكاملة بدون ذلك بصفتها قاعدة ذهبية لبناء هذه الثقة وتجسيدها عمليا على صعيد الواقع وبعيدا عن الشعارات والخطابات الموجهة أو التنبؤات التي لا تقدم ولا تؤخر في هذا الاتجاه! كما أن الرهان على تماسك صفوف الانتقالي وحفاظه على قوة الدفع عند الجماهير لهو آمر في غاية الأهمية، ليس له فحسب بل ولكل القوى السياسية والمجتمعية الجنوبية التي تحرص على تخطي هذه المرحلة بنجاح وتهيئة الظروف وتصليب وتعزيز وسلامة الموقف الوطني الجنوبي عند حلول التسوية السياسية الشاملة مع الشمال ووفقا لثوابت المشروع الوطني الجنوبي المعروفة للجميع وبما يتطلبه ذلك من فعل سياسي ناضج يأخذ بعين الاعتبار كل الظروف والمعطيات، أكانت داخلية أم خارجية، ودون تنازلات أو تراجع عن أهداف الشعب الجنوبي وتطلعاته المشروعة التي قدم من أجل الوصول إليها أنبل وأعظم التضحيات وأغلاها، وهي الأمانة التي لا مساومة عليها.