دولة الإمارات وقصة المسبار والمسمار
انشغل إخوان اليمن بقصة المسبار الإماراتي الذي انطلق لسبر أسرار سطح كوكب المريخ ونسوا الانقلاب الحوثي ونسوا بلداتهم وقراهم وأهلهم وناخبيهم وداعميهم وأعضاءهم الذين يكتوون بنيران القمع والتنكيل الحوثي، ونسوا استثماراتهم في الداخل ومعركتهم (المفترضة) للدفاع عن الشرعية وإعادتها إلى صنعاء. يقول العرب "لا تُرجَم إلا الأشجار المثمرة" وعندما يكون الراجمون جماعة أفلست في كل شيء، فترددت في دعم الثورة على الطغيان وعندما شاركت في الثورة أفسدتها وحولتها إلى طغيان أسوأ من ذلك الذي ثارت ضده، وادعت دعم الشرعية فاحتوت الشرعية وحولتها إلى غنيمة بيدها، وتظاهرت بمحاربة الانقلاب لكنها سلمت الانقلابيين المعسكرات والمواقع الاستراتيجية مع الأسلحة والذخاير وراجمات الصواريخ التي تلقتها دعما من الأشقاء في دول التحالف، تسلمت الأسلحة من الشقيقة السعودية فسلمتها للحوثيين ليقصفوا بها المدن والبلدات السعودية، وتنازلت عن المحافظات التي حررها أبناؤها، وحاربت المقاومة الحقيقية ونست الانقلاب والانقلابيين، استحوذت على المناصب (المهاجرة) واستولت على الإغاثات والإعانات وحولتها إلى وسيلة للاتجار والاستثمار والكسب الحزبي، فشلت في كل الامتحانات، ثم تقول عن دولة ناجحة في كل معايير الحكم والنظام والقانون والعلم والتكنولوجيا والرفاهية والسمعة الدولية بأنها "دولة هشة" أو إنها "لم تصنع مسمارا من المسبار"، عندما يكون الراجمون هم هؤلاء فأهلا بالرجم والراجمين. لو أن الولايات المتحدة أو اليابان أو الصين أو حتى كوريا الجنوبية أو سنغافورا تندرت على الرحلة الإماراتية إلى سطح المريخ، لقلنا إن المسألة فيها نظر، رغم أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتفوق في كثير من المعايير الدولية على بعض هذه الدول، لكن المشكلة عندما يكون المتندرون هم جماعة هاربة من ديارها، تسلمت الحكم ولم تفلح في حماية سوق للخضار ولم تبن وحدة صحية في قرية لعلاج عشر أسر من ذوات الخمسة أفراد، ولم تنجح في الحفاظ لا على عاصمة البلد ولا حتى على عاصمة محافظة أو مديرية أو حتى حارة في قرى قادتها، فإن الأمر يتعدى التراجيديا والسريالية والكوميديا إلى ما هو أبعد من مسرح العبث (Absurdism) وفن اللامعقول (Irrationalism). دولة الإمارات العربية المتحدة لا تحتاج إلى من يعمل لها الدعاية فسمعتها الدولية ومستوى الرفاهية فيها ومعدل النمو والدخل القومي وميزان المدفوعات والنظام القضائي ومستوى الخدمات وحالة الأمن والاستقرار والانفتاح على العالم، ودرجة التعايش والتسامح بين ابنائها ومع العالم وغير ذلك من المعايير فيها هو من يقدمها للعالم ليحكم عليها ويجري المقارنة بينها وبين المتندرين عليها، لكنني أتعجب من غياب فضيلة الحياء لدى بعض المتندرين الذين لم يجدوا ما يفاخرون بها فراحوا يتندرون في المكان الخطأ وعلى الجهة الخطأ وفي الزمان الخطأ.