عام على استشهاد القائد «أبو اليمامة».. أَسد الجنوب.. قاهر الإرهاب!

الشهيد القائد منير محمود اليافعي «أبو اليمامة»، بطل من أبطال زماننا، وهو أشهر من نار على علم كقائد جسور ورمز وطني أصبح اسمه يتردد على كل لسان، وتصدر وسائل الإعلام العربية والأجنبية حياً وبعد استشهاده، وأطلَقَت عليه ألقاباً عديدة منها: «أسد الجنوب», و«الرجل المخيف»، و«قاهر الإرهاب», ووصفه مركز «جيمس تاون» الأمريكي كأحد أهم القادة العسكريين في الجزيرة العربية. وجعلته مكانته كأحد القادة العسكريين البارزين في الجنوب هدفاً لأعدائه، بمن فيهم الحوثيون وتنظيم «القاعدة»، وفقا لمعهد واشنطن. ارتبط اسمه بالحراك الجنوبي منذ نشأته، وبرز دوره البطولي في التصدي للغزو الحوثي لعدن والجنوب, ثم صعد نجمه، بقامته الفارعة وجسده النحيل وروحه المتوثبة، كقائد عسكري فذ في القوات الجنوبية الناشئة التي جرى تكوينها بعد تحرير عدن والمحافظات الجنوب بدعم من التحالف العربي للحفاظ على النصر بغية استكمال المعركة ضد المليشيات الحوثية وكسر شوكتها وضد الجماعات الإرهابية التي اتخذت من المحافظات الجنوبية مسرحاً لنشاطها، فكان رأس حربه على رأس قوات الدعم والإسناد في مطاردة تلك الجماعات الإرهابية واجتثاث خلاياها في عدن ولحج وأبين وشبوة، ووصلت قواته إلى مواقع لم تصل إليها أي قوات حكومية من قبل وتطهيرها وتحريرها من خطر العناصر الإرهابية وهو ما جعله محل رضا وإعجاب القوى الدولية التي تكافح الإرهاب بكل أشكاله. فمن هو القائد العسكري منير محمود اليافعي «أبو اليمامة»؟! الميلاد والنشأة ولد منير محمود أحمد علي بن علي صالح المشألي يوم 6 يوليو، 1973م، في قرية الرباط (رباط يَمَنْ) الواقعة في أعلى وادي (يَمَن) في منطقة مشألة المؤلفة من سلسلة جبلية شاهقة تتخللها العديد من الأودية العميقة، وتنتشر فيها عشرات القرى والتجمعات السكانية المتناثرة في بطون الأوية وسفوح وقمم الجبال, وبرز من أبنائها مناضلون كثيرون في مختلف مراحل النضال الوطني, نذكر منهم القائد في الحراك الجنوبي الشهيد اللواء محمد صالح طماح وعشرات المناضلين والشهداء الأبطال. وينتمي أبو اليمامة لأسرة كريمة ذات نسب عريق, منها بيت المشيخة أو (المَعقلَة) في منطقة «مشألة», التي اشتهر منها الشاعر الشيخ الحكيم زين بن صالح سالم بن علي صالح (توفي عام 1978م) عن عمر ناهز الثمانين. ومن أشعاره نقدم هذه الأبيات المختارة التي تفيض بنصائح هذا الشيخ الحكيم: قال الفتى من صان نفسه سلم والمَنْع والجَوْدَه تكِلاَّف ومن عليه الحق فليقتحم يدّي كلامه ناس عُرّاف وا يخرجونه وان سقط ما سلم فلا يجس فازع ومختاف( ) من ما معه شفره وجفنه شُتم شل الفلاجه بين لكتاف بعض الوساطه يفرحوا بالدّسم أيضا ولا شَجَّرهم انصاف الجِيْد لا يحمل ولا يندهم يصبر على الفتنه بصرّاف ولا تقارب خصم عاده طرم ولا تغالب كل مختاف وانا على مرزح وقلبي نسم والرزق بين النون والكاف ومن كُتب له رزق خَذْ ما قُسِم وما قصر فالله عطّاف سُوق الجمل بالذود وا يختطم والفسل مسوق ثور نفّاف لا تبكي الاّ العقل ذي لا دِرِمْ ذي ما تردّه جُملة آلاف في هذه الأسرة العريقة وفي بيئة فلاحية يمتهن أفرادها زراعة المدرجات الزراعية التي كانت المصدر الرئيس لمعيشتهم رغم محدوديتها وفي مجتمع يجلُّ قيم الرجولة والشجاعة والشهامة نشأ أبو اليمامة وترعرع مع أقرانه وتشرَّب القِيَم النبيلة ولعب معهم ألعاب الأطفال التقليدية كالجري وكرة القدم وتسلق الجبال المحيطة والسباحة وتعلم الرماية وإجادة تصويب الأهداف سواء في لعبة الرمي بالحجارة على الأهداف (النَّصَع) أو من خلال تعلُّم الرماية بالذخيرة الحية التي يحرص الآباء في يافع على تدريب وتعليم أبنائهم مهارة استخدام السلاح ودقة التصويب، وهو ما أنعكس لاحقاً في حياته العسكرية، مقاتلاً وقائداً، أجاد استخدام السلاح في فنون القتال وخاض بجسده النحيل وروحه المتوثبة غمار المعارك ضد قوى الاحتلال منذ حرب صيف 1994م الغادرة وحتى الغزو الهمجي على الجنوب عام 2015م. دراسته في المرحلة الابتدائية التحق في مدرسة الحكمة الابتدائية في مسقط رأسه, وكانت تضم الطلاب من الصف الأول وحتى الصف الرابع فقط, لقلة الفصول فيها وكذا قلة عدد المدرسين, وفي هذه المدرسة بدأ نبوغه المبكر من بين أقرانه. وبشهادة مُدرِّسه في الصفوف الأولى الأستاذ محمد علي سيف بن علي بن صالح, فقد كان من الطلاب المهذبين والبارزين داخل المدرسة وتميز بالأخلاق الحميدة وحُسن سلوكه وتواضعه والتزامه وكانت لديه طموحات وآمال كبيرة داخل المدرسة، وبرزت كذلك طموحاته القيادية التي عبَّر عنها برغبته في أن يكون مراقباً للطلاب داخل الفصل، وفعلاً حصل على رغبته بموافقة معلمه الذي رأى فيه علامات النجابة والذكاء وروح المسئولية, وكان يستعين به أيضاً في المراسلات بين أولياء الأمور وإدارة المدرسة. بعد أن أكمل الدراسة في الصف الرابع الابتدائي كان عليه أن ينتقل مع بداية العام الدراسي 1986م إلى الصف الخامس في مدرسة السلام للتعليم الأساسي التي تضم الصفوف من الأول وحتى التاسع, وهي أقدم مدرسة في منطقة مشألة وتتوسط جميع قراها وإليها يتوافد الطلاب من جميع القرى والتجمعات السكانية المحيطة. ومثله مثل كثيرين غيره ممن يبعد موقع مدرسة السلام عن مساكنهم كان عليه أن يقطع المسافة ذهابا وإياباً, مشياً على الأقدام, صعوداً ونزولاً, حيث يرتقي كل صباح طريقاً جبلياً إلى موقع المدرسة, ثم يهبط تلك الطريق نزولا بعد انتهاء الدراسة ظهراً في طريق عودته إلى البيت, ورغم طول الطريق وصعوبة الوصول إلى المدرسة مشياً على الأقدام فقد أبدى طوال فترة دراسته في الصف الخامس التزامه للدراسة وانضباطه ومثابرته على الحضور، ولم يسجل عليه أي غياب طوال أيام الدراسة, بل أنه وبشهادة مُدرِّسه في مادة الإنجليزي في الصف الخامس بمدرسة السلام الأستاذ أبوجميل الماتري:« كان الأول في الطابور الصباحي وآخر طالب ملتزم للحصص الأخيرة». وهذا يعكس حبه للتعليم وروح المسئولية والإخلاص التي تميز بها منذ طفولته, ولهذا فليس غريباً أن يكون من بين أوائل الطلاب في نتيجة الامتحان النهائي للصف الخامس للعام الدراسي 1986-1977م, حيث جاء ترتيبه الثالث من بين 28 طالباً. ثم انتقل لدراسة الصف السادس إلى مدرسة الحرية في عاصمة مديرية يهر، وهناك حرص أيضاً على المثابرة والانضباط الذي اعتاد عليه حتى أكمل الأمتحانات بنجاح. انتقاله إلى مدرسة الشهيد «قُميح» بعد استكمال دراسته للصف السادس في مدرسة الحرية بيهر انتقل أبو اليمامة إلى مدرسة الشهيد «قُميح» للبدو الرحل في كرش التي كان يدرس فيها الطلاب من مناطق مختلفة ويحصلون على السكن والتغذية مجاناً على نفقة الدولة, ولعله بانتقاله قد وفَّر على نفسه تعب التنقل يوميا مشيا على الأقدام ووفر على أسرته تكاليف الغذاء ومتطلبات الدراسة إلى الحد الأدنى, حيث كانت الدولة ترعى الدراسة في هذه المدارس التي أنشأها الرئيس سالم ربيع علي «سالمين» تحت مسمى مدارس البدو الرحل وكانت توفر التعليم والسكن والغذاء مجاناً لمن يلتحق فيها من أبناء المناطق النائية أو أبناء الفقراء. وفي هذه المدرسة واصل دراسته محافظاً على مثابرته وتميزه, سلوكاً ودراسةً, حتى أنهى مرحلة التعليم الأساسي ثم التحق إلى المرحلة الثانوية في نفس المدرسة التابعة لمعسكر لبوزة. ولعل تنقله خلال سنوات دراسته الابتدائية والثانوية بين عدد من المدارس قد مكنه من نسج علاقات واسعة مع زملاء دراسته، واكتساب الصبر والقدرة على التكيف مع المحيط الاجتماعي والطلابي وتحمل الصعاب، وهذا ما جعل منه لاحقا شخصية اجتماعية محبوبة. التحاقه بالجيش لم يتسنَّ له إكمال المرحلة الثانوية, حيث انقطع عن مواصلتها حينما قرر الالتحاق بالقوات المسلحة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عام 1989م ربما بدافع ذاتي لكي يستطيع مساعدة أسرته في توفير لقمة العيش ومتطلبات الحياة, وخلال فترة خدمته ظل يفكر بمواصلة دراسته, لشغفه بالتعليم وحبه له, وقد تمكن بحماسته ومثابرته واجتهاده من إكمال المرحلة الثانوية في نفس المدرسة التابعة لمعسكر لبوزة. وخلال الفترة 1991- 1993م التحق بدورة تأهيلية في العلوم السياسية العسكرية مكنته من الإلمام بالمعارف والعلوم العسكرية وصقل قدراته ومهاراته القتالية والعسكرية, ثم عمل بعد تخرجه في عمليات لواء لبوزة. وصادف ذلك استفحال المشاكل التي شهدتها المرحلة الانتقالية بعد الوحدة المتسرعة مع الجمهورية العربية اليمنية وانقلاب نظام صنعاء على شركاء الوحدة الجنوبيين. بطولته وترقيته إلى نقيب مع بداية الحرب التي فجرها نظام صنعاء يوم 27ابريل1994م كان على الجنوبيين الاستعداد للدفاع عن أنفسهم ومواجهة غدر شريك الوحدة الذي انقلب عليها, وكان الضابط الشاب منير محمود من أكثر المتحمسين للذود عن حياض الوطن, ولصغر سنه و حداثة خدمته في الجيش كانت قيادة اللواء تكلفه بمهام محددة داخل قيادة لواء لبوزة لكنه كان يترك المعسكر ويفضل أن يلتحم بالصفوف الأولى على خط التماس مع العدو في كرش وهو يحمل فوق جسده النحيل البازوكة( آر بي جي) ويتصيد بها دبابات العدو بشجاعة نادرة واحترافية مذهلة( ). ونظراً لحيويته وشجاعته وحنكته العسكرية وقدراته التنظيمية فقد اختاره قائده اللواء محمود الصبيحي قائداً لسرية تحرير قاعدة العند الجويه، رغم صغر سنه، وكان عند حُسن ظن قائده إذ أُبلي بلاءً حسناً إبان سير المواجهات في حرب 1994م الظالمة ضد الجنوب وقام بتدمير ثلاث دبابات للعدو وأبدى في تلك المعارك التي خاضها مع رفاقه المقاتلين ضروب الشجاعة والإقدام وصمدوا طوال 13 يوماً حتى تمكنوا من تحرير القاعدة الجوية, وتقديراً لتلك البطولات النادرة المقرونة بالانتصار أصدر وزير الدفاع آنذاك، هيثم قاسم طاهر، قراراً بترقيته إلى رتبة نقيب. وظل يقاتل حتى آخر لحظة في أكثر من جبهة بما في ذلك جبهة عدن التي تمكن الغزاة الشماليون من حصارها والاقتراب منها بفعل الخيانات من قبل الجنوبيين والتي لولاها لما تمكنوا من الانتصار في تلك الحرب المشؤومة. الخروج إلى عمان والسعودية غادر البطل الشجاع أبو اليمامة العاصمة عدن بمعية قيادات جنوبية عسكرية على متن زورق حربي إلى سلطنة عمان, وهم يحملون هَمَّ وطنهم الذي استباحه الغزاة الشماليون, ويتعهدون بالعودة لتحريره, لشعورهم وثقتهم بأن ليل الاحتلال إلى زوال, وأن شعبنا لن يقبل الضيم والظلم, ومثلما تحرر من بريطانيا التي لا تغيب عنها الشمس فسيتحرر من عصابات الغدر والمكر التي لن يتقبلها شعبنا. ومن سلطنة عُمان اتجه إلى المملكة العربية السعودية واستقر في الرياض, وبحث عن عمل بمساعدة بعض أصدقائه ليكسب منه مصدر عيشه ويساعد منه أهله, خاصة بعد أن فقد راتبه أسوة بالكثير من الجنوبيين بعد الحرب. ولم يأنس للغربة واشتاق للوطن وللأهل, وبعد قرابة عامين عاد على أجنحة الشوق وخطب فتاة أحلامه التي غدت شريكة حياته وأم أولاده، وله منها ثمانية أبناء 4 إناث و4 ذكور هم:شلال، أنس، زايد، أحمد. بعد أن مكث مع أسرته فترة من الزمن اضطرته الظروف المعيشية الصعبة التي كان يعاني منها إلى مغادرة الوطن والبُعد عن الأهل مرغماً فاتجه مجدداً إلى السعودية بتأشيرة عمل لكسب رزقه وتوفير العيش الكريم لأهله, وتحمل ظروف الغربة والعمل المتواصل, لكنه ظل على ارتباط بوطنه الذي يحمله في حلّه وترحاله, يتابع أخباره ويترقب اليوم الذي يعود ليستقر فيه, كما بقي على تواصل مع الأهل والأصدقاء ويسأل باستمرار عن أحوال المحتاجين والفقراء والأرامل ويقوم بمساعدتهم حسب ما تسمح به ظروفه ويعود إليهم لقضاء إجازاته. التحاقه بحركة «حتم» كان أبو اليمامة , مثله مثل الكثير من الجنوبيين, رافضاً للاحتلال الشمالي منذ اجتياح واحتلال الجنوب صيف 1994م واضطراره لمغادرة الوطن مكرهاً، ثم اللجوء للاغتراب والعمل بعيداً عن الأهل, وكان يتطلع إلى يوم الخلاص وكله استعداد وحماس لأن يشارك في صنع وتقريب ذلك اليوم ويتحيَّن الطريقة المناسبة والفرصة المواتية لذلك. وليس غريباً أن أعلن انضمامه إلى حركة (موج) الجنوبية عند إعلانها, ثم كان أحد مؤسسي حركة تقرير المصير (حتم) التي تأسست في نفس العام 998م وكان قائدها المناضل عيدروس قاسم الزُّبيدي, وهي الحركة التي انتشرت في كثير من المناطق على شكل خلايا منفصلة عن بعضها وأقضَّت مضاجع نظام اصنعاء باعتمادها العمل الفدائي ضد معسكرات ونقاط الاحتلال وقادته العسكريين, وتكونت في غالبيتها من العسكريين والمدنيين الذين أبعدوا من مناصبهم وأحيلوا إلى التقاعد القسري ومن الشباب الجنوبي المتحمس والمندفع للخلاص من نظام الاحتلال حيث جرى إعدادهم وتدريبهم بطريقة سرية في مواقع سرية في شعاب وقرى الضالع ورفان ويافع ومن أبرز قادتها ورجالاتها عيدروس الزبيدي والشهيد صالح أحمد الفلاحي الذي كان أبرز عناصر (حتم) في عدن ونفذ عدة عمليات بنفسه, وأحمدعلي الحدي (أبومحمد الحدي) ومحمد ناجي سعيد والسفير قاسم عسكر وصالح مسعود والشهيد محمد صالح طماح وعلي محمد عبده ونجله أحمد علي محمد أبونشوان وأحمد عبدالله العبادي وآخرين, وظل عناصرها يعملون بطريقة سرية وباسماء مستعارة لتجنب مطاردتهم وملاحقتم من قبل نظام الاحتلال. أبو اليمامة من قادة الحراك الجنوبي الميدانيين كان الشهيد أبو اليمامة من المشاركين في الحراك الجنوبي منذ انطلاقته عام ٢٠٠٧م, وكان يقضي إجازته بعد عودته من السعودية حيث يقيم ويعمل, فكان ضمن الكوكبة الأولى من النشطاء الذين نظموا في ذلك العام أول مسيرة للحراك أمام مستشفى النقيب في سوق أكتوبر بيافع, ومن أوائل القادة الميدانيين ممن هتفوا بأصوات عالية (ثورة..ثورة ياجنوب) وكان ضمن مجموعة لا يتجاوز عددهم 25شخصا, منهم إلى جانبه: محمد سالم الكهالي ومحسن ناصر بن عبدالنبي وعبدالعزيز المنصوري ونبيل الخالدي وحسين عبدالقوي الطفي وصالح احمد العيسائي وسالم احمد حسين المرشدي وياسر الخالدي وآخرون, وانضم إليهم في نفس الفعالية قرابة عشرين شخصاً، وكان هذا أول تجمع للحراك في يافع. وحسب شهادة القائد في الحراك الجنوبي الشيخ محمد سالم الكهالي فقد كانت بداية موفقة وملفتة رغم قلة العدد المشارك فيها، ويتذكر أن الشهيد ابى اليمامة قال حينها:«إن صمودنا وثباتنا سوف يدفع بالكثير من الناس للالتحاق بنا والالتفاف حولنا». وبالفعل فبمرور الأيام اشتد عود الحراك الجنوبي وتحول إلى قوة جماهيرية على امتداد ساحة الجنوب، وكانت كل فعالية أكبر من الفعالية التي سبقتها. واشتد تدريجياً زخم الثورة السلمية وتوسع نطاقها، فواجهها الاحتلال بالقمع والمطاردات واعتقال رموزها، وسرعان ما تحولت إلى ثورة شعبية عارمة تطالب بالاستقلال واستعادة الدولة، وكانت تلك بداية النهاية التي أدت إلى سقوط نظام عفاش. وفي فترة مكوثه في مهجره بالسعودية كان أبو اليمامة يعيش بجسده هناك فقط, أمَّا مشاعره وأحساسيه فظلت تحلق باستمرار في سماء وطنه الجنوب وفي ساحاته وميادينه ويتابع باستمرار أخبار الحراك الجنوبي أولاً بأول. من مؤسسي مجموعة(33) الجنوبية كان أبو اليمامة من مؤسسي (مجموعة 33) الجنوبية الداعمة للحراك من نشطاء المغتربين حينها بالسعودية، وكان معه صالح السيد، مدير أمن محافظة لحج حاليا، ورفيق دربه الشهيد همام عبد محسن، الذي أبى إلا أن يكون إلى جانبه كمرافق شخصي له حتى لحظة استشهاده إلى جانبه. وقد سُميت المجموعة بهذا الاسم تيمُناً بعدد أعضائها المؤسسين، وقدمت مع غيرها من المجموعات الجنوبية الدعم المالي لنشاطات الحراك السلمي والمسلح وكذا معالجة جرحى النضال، ويرأس المجموعة سالم محمد عبدالرحمن مديد(أبو قاسم الحدي)، والناطق الرسمي لها عبدالله محمد سعد (أبوباسل)، ورؤساء الفروع وأعضاء المجلس الأعلى هم: محمد بن نصور، محمد سعد بن نصور، عبدالرحمن بن نصور، احمد العاقل المنصوري، صالح غرامة، قاسم صالح الجوهري، احمد علي محمد ابو نشوان، طالب بن طهيف، غسان عيسى،ياسر بامزعب، سالم باوزير، الشهيد علي محمد بن علاية، صالح علي البري، حسين علي العوذلي الحدي، حسين سالم الخلاقي الحيدي، محسن عبدالرب الحداد، علي دهول الحيدي، وعبدالله بن عليان اليزيدي.. وظل أبو اليمامة حريصاً على أن يعود إلى الوطن كلما أمكنه ذلك في إجازاته التي كان يوزع وقته خلالها بين أسرته وبين المشاركة في نشاطات وفعاليات الحراك في يافع وعدن وردفان والضالع وأبين وشبوة وحضرموت، حيث كان يحرص على أن يكون في مقدمة صفوفها مع إدراكه وقناعته أنه قد يسقط شهيداً مثله مثل عشرات الشهداء الذين سقطوا برصاص قوات الاحتلال وهم يواجهونها بصدورهم العارية وبالشعارات التي يرددونها واليافطات التي يحملونها فقط. أما خلال وجوده في مهجره فكان يتابع كل تحركات وفعاليات وأخبار الحراك الجنوبي التي كان يتداولها مع زملائه المغتربين ويشجعهم على المشاركة في دعم هذه الفعاليات كشكل من أشكال المشاركة لانجاح تلك الفعاليات. أبو اليمامة والسجن 6مرات ثمناً لنضاله كان أبو اليمامة لشجاعته وإقدامه في فعاليات الحراك الجنوبي يدفع ثمن النضال دائماً، فقد كان مطلوباً من قبل قوات الاحتلال اليمني لدور البارز في قيادة الشارع الجنوبي وكسر الحواجز الأمنية والعسكرية لقوات الاحتلال اليمني التي كانت تقف في وجه المظاهرات والمسيرات السلمية لقمع المتظاهرين بالرصاص الحي، وجرى اعتقاله بسبب نشاطه ست مرات فترات متفاوتة منذ انطلاقة ثورة الحراك الجنوبي، منها اعتقاله خلال فعاليات خليجي عشرين عام 2010م التي شهدتها عدن، وحكم عليه بالإعدام من قبل نظام عفاش مع العديد من زملائه، منهم الشهيد فارس الضالعي والشهيد فارس طمَّاح وغيرهما من الابطال، وكان يقول لزواره أمام سجانيه:« لن يخوفنا الغزاة المحتلون وسوف نخرج من السجن ونأخذ حقنا منهم وسوف نستعيد دولتنا اليوم أو غداً ». وبسبب مواقفه الصلبة التي كان يجاهر بها كاد أن يلقى حتفه ضمن من جرى تعذيبهم وإعدامهم في السجون، لولا عناية الله، إذ تمكن من الهرب من السجن المركزي بعدن بأعجوبة، وعاد إلى صفوف رفاقه في المقاومه الجنوبيه التي أسهم بتأسيسها في ردفان إلى جانب الكثير من زملائه أبطال المقاومه ونفذت عمليات جريئة ضد قوات الاحتلال اليمني المتمركزة بكثافة حينها في ردفان عامة ومحيط الحبيلين بشكل خاص حتى تم تحرير المدينة. في طليعة الحراك المسلح كان أبو اليمامة من أوائل الفرسان الذين اختاروا الأسلوب العسكري والعمليات الفدائية ضد معسكرات الاحتلال، وكانت له بصماته في العمليات العسكرية التي قام بها الحراك المسلح، حيث شارك في معارك جبال الأحمرين بالقرب من الحبيلين بردفان عام 2009م حينما قامت قوات الاحتلال باستحداث مواقع عسكرية على تلك الجبال المطلة على مناطق وقرى ردفان وهو ما أثار استهجان ورفض وغضب المواطنين. كما شارك مع الأبطال المغاوير بقيادة الشهيد محمد صالح طماح والقائد سالم صالح الحطيبي في الملحمة البطولية لتحرير معسكر (العُر) في يافع في مطلع مايو 2011م والتي تم فيها طرد قوات الحرس الجمهوري التي عانى منها المواطنون في يافع من الضيم والإذلال في أرضهم وهو ما لم يتقبلوه، واستشهد في هذه المعركة ثلاثة من الأبطال هم: عبد السلام التركي، عبد الله ناصر بن هرهرة، عادل الصلاحي، وكانت ذلك أول انتصار جنوبي مؤزر عجَّل فيما بعد برحيل الغزاة من أرض الجنوب وهيَّأ أبطال المقاومة المغاوير للرد الحاسم على جرائمه التي يرتكبها بحق شعبنا المسالم.. واصل أبو اليمامة نشاطه الفدائي وحضوره الفعال، خلال فترات تواجده، في عمليات المقاومة الجنوبية في ردفان مع رفاقه في المقاومة أمثال الأبطال مختار النوبي، وبكيل الوهيبي، وزكي عبيد، ضد القطاع الغربي في الحبيلين التي كانت قواته تحاصر المواطنين الآمنين وترَوِّعهم في قراهم من مواقعها التي تطل بشكل فج واستفزازي على القرى والتجمعات السكانية. وحينما ارتكبت قوات الاحتلال في 27ديسمبر 2013م جريمتها الشنعاء بحق مخيم العزاء للشهيد فهمي محمد الفهد في سناح بالضالع والتي ذهب ضحيتها أكثر من 20 شهيداً و 30جريحاً، كان الثأر السريع والشجاع مباشرة، في 30 ديسمبر، من قبل أبطال الحراك المسلح ضد هذا العمل الإرهابي الجبان، حيث قام أبو اليمامة مع رفاقه المغاوير في المقاومة الجنوبية بعملية عسكرية بطولية لاقتحام معسكر القطاع الغربي في الحبيلين، واستشهد فيها: حسين الطيري ومحمد قنداس العياشي وجمال عبيد طالب، وسامي أحمد طالب، وأصيب البطل نبيل الخالدي(استشهد عام 2014م في بيحان) وأحمد يحيى الكبدي(استشهد 2015م في عدن في مواجهة الغزاة الحوثيين) وشارك فيها القائد المقاوم وليد الطفي (استشهد في معركة الخزان بالضالع في المواجهات مع الغزاة الحوثيين عام 2015م) وكبدوا العدو خسائر عديدة وأثاروا الرعب والخوف في صفوف عناصره. وكان أبو اليمامة، مثله مثل بقية رفاقه المقاومين، يستخدمم في المعارك سلاحه الشخصي ويشتري الذخيرة التي يقاتل بها من ماله الخاص، ويتحمل تكاليف تنقله ومأكله ومشربه. أبو اليمامة وملحمة أسر قائد القطاع الغربي من أبرز العمليات الجريئة والناجحة والملاحم البطولية التي نفذتها المقاومة الجنوبية، وكان أبو اليمامة أبرز قادتها،الإغارة على قائد القطاع الغربي في منطقة ردفان العقيد رضوان الذماري ومعه 11 من الضباط والأفراد في فبراير 2015م رغم إحاطتهم بحراسات مشددة، لكنها تهاوت أمام صلابة وإقدام المغاوير الأبطال وجرى استسلامهم والقبض عليهم، وأخذهم كأسرى إلى يافع – رصد، واخفائهم بسرِّية في منطقة الحنشي، وتحديداً في بيت القيادي في المقاومة الجنوبية أكرم الحنشي، ثم جرى نقلهم الى الحد ومن ثم إلى لبعوس حتى لا ينكشف موقعهم. وقد أرعبت هذه العملية نظام الإحتلال الذي أرسل الوساطات إلى أبي اليمامة من كل مكان لتسليم الأسرى، ولكنه رفض تسليمهم إلاَّ بشرط تسليم معسكر القطاع الغربي بعُدَّته وعتاده للمقاومة الجنوبية، وهو أكبر قطاع عسكري في ردفان، فتم القبول بهذا الشرط واستلم مع أبطال المقاومة المعسكر، ومن ثم قام باطلاق سراح الأسرى كما وعد، فكان ذلك ثاني معسكر يسقط في الجنوب بعد معسكر جبل العر بيافع الذي تم تحريره عام 2011م وأعطى هذا النصر المقاومة الجنوبية قوةً عسكرية من أسلحة وذخائر وعتاد تعزز بها موقفها وثباتها على الأرض ضد المحتلين. وكان أبو اليمامة يشارك مع رفاقه في جبهة الضالع لمقارعة قوات الاحتلال هناك، حيث يقومون بعمليات إغارة ليلاً على مواقعها. «أبو اليمامة» قائداً ومقاتلاً ضد الغزاة الحوثيين في المواقف الصعبة والمنعطفات الهامة تتبيَّن معادن الرجال. وقد أثبت أبواليمامة ذلك في المواقف التي مر بها الحراك الجنوبي، حيث كان دائماً في مقدمة الصفوف، مستبسلاً في سبيل انتصار قضية شعبه واستعادة دولته الجنوبية بحدود 1990. وبرز دوره المحوري عندما اندفع الحوثيون وقوات نظام علي عبدالله صالح لغزو الجنوب للمرة الثانية عام 2015م، حيث كان ضمن طلائع المقاومة الجنوبية في معارك العزة والاستبسال مقاتلاً شرساً وقائداً شجاعاً، ضد المليشيات الحوثية الغازية وقوات عفاش، وقد كان معسكر القطاع الغربي في ردفان الذي أصبح بيد المقاومة الجنوبية بكامل عدّته وعتاده هو القوة الرئيسية التي واجهت الغزاه ، بدءاً من جبهة الضالع، ثم في جبهة ردفان-العند التي امتدت من النخيله وحتى الحرور مروراً بسيلة (بله) ومصنع الاسمنت وجبل منيف، وكانت هذه الجبهة الواسعة تحت قيادة اللواء ثابت جواس واللواء الشهيد محمد صالح طماح والكثير من القيادات العسكرية منهم الشهيد القائد أبواليمامة الذي كان يصول ويجول في الجبهات كالضرغام، قائداً ومقاتلاً، يستخدم بمهارة الرشاش12,7م المحمول فوق طقم عسكري، وحينما وصلت قوات المقاومة إلى أسفل جبل الزيتون المطل على قاعدة العند كان يتقدم الصفوف ويشحذ الهمم ويبشر المقاتلين بتقهقر العدو بمدرعاته ومدافعه التي لم تصمد أمام عزيمة الأبطال الذين لا يمتلكون سوى أسلحة بسيطة، وقد جرح أثناء القتال في فخذه، لكنه ما أن تلقى العلاج حتى عاد إلى أرض المعركة، وبشهاده أحد رفاقه المقاتلين في جبهة بلة:« لم أصادف بحياتي رجلاً صلباً كصلابة أبو اليمامة، والله انه فارس قل أن أنجبت مثيله الأمهات..كان عالي الهمة لايبالي بإرهاق ذلك الجسد النحيل الذي يحمل روحاً تعادل أشد فرسان العرب». [انظر:ص102]. وهكذا بعزيمة الأبطال ومساندة دول التحالف العربي أستطاع أبطال المقاومة الجنوبية أن يحققوا النصر المؤزر، وكان منير اليافعي أحد الفرسان الذي حققوا ذلك النصر العظيم ومن أوائل الأبطال الذين دخلوا قاعدة العند محررين. مؤسس قوات الحزام الأمني (الدعم والإسناد) بعد تحقيق الانتصار الحاسم على الغزاة الحوثيين ولما يمتلكه من قدرات قيادية وتنظيمية، وما يحظى به من تقدير تم اختياره نائبا لقائد المقاومة الجنوبيه في محافظة لحج. وعندما سيطرت التنظيمات الإرهابية على عدن ورفرفرت راياتها السوداء في أغلب مديريات محافظة عدن، وبشكل خاص في مدينة المنصورة، التي كانت مسرحاً مكشوفاً لنشاط هذه الجماعات تعيث فيها نهاراً جهاراً، حتى فاحت رائحة الموت بعد أن اغتالت تباعاً العديد من القيادات الأمنية والعسكرية والقضاة والناشطين الجنوبيين. كان القائد أبو اليمامة من أشد الفرسان الشجعان المتحمسين لتطهير عدن من خطر هذه الجماعات قبل استفحاله وانتشاره في محيط أوسع ، ووجدت فيه قوات التحالف العربي القائد الشجاع والمقدام فأوكلت إليه مع آخرين من رفاقه مهمة تشكيل قوات عسكرية لمحاربة الإرهاب، وأبدى استعداده للقيام بهذه المهمة وهو يدرك خطورة وجسامة المسئولية وأنه مشروع شهيد، كما كان يقول في مثل هذه المواقف الحاسمة. وشرع على الفور في مطلع عام 2016م بتجمع شباب المقاومة الذين كان لهم شرف مواجهة الغزاة الحوثيين وصنعوا النصر الحاسم بدعم التحالف العربي، وتم تجميعهم في معسكر مؤقت في حرم المنطقة الحرة، بالقرب من جولة كالتكس، وجدَّ في تدريبهم وإعدادهم بدنياً وعسكرياً لخوض معركة تحرير عدن من الإرهاب بنفس الروح القتالية الصلبة والثبات التي تم بها تحرير عدن والجنوب من الحوثيين، وتمكن خلال وقت قياسي من تشكيل سرايا قتالية، كانت عبارة عن قوات طوارئ، ثم أضحت النواة الأولى لتأسيس قوات الحزام الأمني، تحت مسمى اللواء الأول دعم وإسناد، وأجهَزَت بصورة مفاجئة وحاسمة على عناصر القاعدة وداعش في مديرية «المنصورة» التي كانوا يتخذونها ملاذاً لهم وخلال أيام تم تطهير المنصورة إلى أطراف جعولة، ثم الانتقال لتطهير بقية مناطق العاصمة عدن، وخلال تلك العمليات تم القضاء على عدد من قيادات التنظيمات الإرهابية واعتقال آخرين وفرار البعض الآخر، وتصدر اسم ذلك الفارس الشجاع وسائل الإعلام التي تناقلت نجاحاته في الحاق الضربات المزلزلة بالإرهابيين وفي تتبُّع واجتثاث خلاياهم. ثم أخذ أبو اليمامة يرتب صفوف مقاتليه في معسكر المشاريع وسط مدينة المنصورة. مطاردة الإرهاب في لحج بعد تطهير عدن واصل القائد أبو اليمامة الحملة الأمنية باتجاه محافظة لحج التي كانت تعد إمارة لتنظيم داعش، واستطاع أن يدخلها مع الأبطال خلال لحظات، وتمركزت قواته فيها لتأمينها من خطر هذه الجماعات وملاحقة خلاياها النائمة وعودة الحياة الطبيعية إليها التي كانت مشلولة تماماً. وبعد نجاحه المنقطع النظير في تطهير عدن ولحج من الإرهاب تمت مكافأته من قبل قيادة التحالف العربي باعتماد اللواء الأول دعم وإسناد، وصدر به القرار الجمهوري من الرئيس عبدربه منصور هادي بتعيينه قائداّ للواء وترقيته إلى رتبة عميد واتخذ من معسكر الجلاء (معسكر الشهيد أياد بن سهيل) مقراً للواء الذي يتالف من عدة كتائب مدربة ومجهزة للقيام بتنفيذ المهام الموكلة إليها في مكافحة الإرهاب والقضاء عليه داخل عدن وخارجها، متى ما استدعت الحاجة لذلك. تطهير أبين كانت لحج تشكل مع جارتها محافظة أبين مسرحاً لنشاط الجماعات الإرهابية التي يجري إعدادها ككماشة للانقضاض على العاصمة عدن تطبق عليها من جهتين رئيسيتين. لكن تطهير لحج أفقد هذه الكماشة أحد فكيها، وأصبح بتر يدها في أبين مهمة قصوى وملحة، وانبرى لتلك المهمة القائد أبو اليمامة إلى جانب رفيق دربه القائد عبداللطيف السيد وخاضا معاً منذ عام ٢٠١٦ الى عام ٢٠١٩م معارك شرسة في مناطق أبين ( شقرة، الخَبْر، أحور، الوضيع، لودر، مودية، المحفد،) ، وكانت آخر حملة شارك فيها الشهيد أبو اليمامة قبل أشهر حملة وادي (عومران) وكان كعادته في كل المواجهات ضد الإرهاب، يتقدم الصفوف، حاملاً روحه على كفه، وكفنه على كتفه، فيقتدي به مقاتلوه ويقتلعون أوكار الإرهاب، وهذا ما جرى في مناطق أبين حتى تم تطهيرها من الجماعات الإرهابية واقتلاع خطرها، وخلال هذه المعارك والمواجهات تم الاستيلاء على مخازن من المتفجرات والأسلحة ومصانع المفخخات، والقبض على أكبر خلية يتزعمها الأمير أبو عبدالله عبدالرحمن الكازمي الملقب ولول وثلاثة آخرين، وقتل الأمير محمد العوسجي في لودر وكثير من العناصر الإرهابية. وبحنكة القائد أبي اليمامة ورفاقه الأبطال تم تطهير وتأمين مناطق أبين واستتب فيها الأمن والاستقرار، كما لم تشهده منذ سنوات مضت،وفقد عدداً من الشهداء الأبطال الذين كان يعتد بهم القائد أبو اليمامة منهم ذراعه الأيمن وسنده الأول الشهيد إياد بن سهيل والشهيد منصور العجيلي (أبو شرارة) وآخرين، رحمة الله تغشاهم جميعاً. قائد بحجم الجنوب كان الشهيد القائد أبو اليمامة قائداً بحجم الجنوب وكانت له بصماته واسهاماته في تشكيل النخبة الشبوانية وفي عمليات التنسيق المشترك معها ومع النخبة الحضرمية والتواصل المستمر بين كافة صنوف القوات الجنوبية والمقاومة الجنوبية من أجل تأمين كافة مناطق الجنوب. وكان يمثل رأس حربة في كل المعارك ضد الإرهاب في عدن ولحج وأبين وشبوة، فالجنوب هو همه الوحيد، واقترن اسمه بالأمن والأمان والنصر وكسر الإرهاب ، وأسهم في تأسيس جيش الجنوب الحديث، وكانت البداية من اللواء الاول دعم واسناد وبقية ألويه الدعم والاسناد ونجح نجاحاً منقطع النظير في بناء قوات نظامية مدربة ومؤهلة يركن إليها شعبنا ومجلسه الانتقالي، وكان يعوّل عليه الرئيس القائد عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي وعينه بقرار غير معلن قائداً لقوات الدعم والاسناد ومشرفا عاما على جميع القوات الجنوبيه من المهره إلى باب المندب حتى لحظة استشهاده في تلك العمليه الإرهابية الجبانة والغادرة التي ذهب ضحيتها مع عدد من ضباطه وجنوده في الأول من أغسطس 2019م. تكريمه من قيادة التحالف العربي حظي أبو اليمامة منذ البدء بثقة التحالف العربي لإخلاصه وشجاعته وقدراته القيادية وحنكته في تنفيذ أصعب وأعقد المهام القتالية، ودعمته في قيادة قوات الأحزمة الأمنية في عدن وخارجها للقيام بالحملات الأمنية الناجحة ضد القاعدة وداعش. وحسب (دراسات جيمس تاون فاونديشن) يشرف أبو اليمامة على كل العمليات العسكرية المنوطة بالحزام الأمني في عدن ولحج وابين والتي تستهدف محاربة الحوثيين والقاعدة وداعش في آن واحد.. وبرز كقائد جنوبي عملاق وحليف ضارب لقوات التحالف العربي..وهذا النصر والتناغم مع قوات التحالف العربي جعل من أبو اليمامة شريكا محليا قويا ومفضلا، ولذلك فقد كرمته قيادة قوات التحالف العربي في عدن أكثر من مرة نظير أعماله البطولية ومآثره الفذة وجهوده الأمنية في عدن والمناطق المجاورة. حكمة الشيخ وحنكة القائد جمع القائد أبو اليمامة بين حنكة ودهاء وشجاعة القائد العسكري الفذ وحكمة وذكاء الشيخ القبلي, وتواضع ونبل وكرم الإنسان، وهو ما تجلى في حب الناس له وفي نجاحاته العسكرية التي حققها خلال وقت قصير في بناء وقيادة ألوية الدعم والأسناد والدور الذي اضطلعت به تحت قيادته في مكافحة الارهاب، ودوره الموازي كشخصية اجتماعية محبوبة ومصلح اجتماعي أسهم في حل الكثير من القضايا الصعبة التي تدخل فيها وحلها. وسيذكر التاريخ للقائد أبي اليمامة دوره الهام في رأب الصدع وإنهاء الفتنة بين أهلنا، آل بن حسن وآل بن فليس في (تي اللُّب) بيافع والتي دامت لسنوات طويلة وكادت أن تهلك الحرث والنسل وشردت الأهالي، كما أسهم في حل قضية مقتل الشيخ جمال الكلدي الذي لقي حتفه أثناء وساطته مع آخرين لإطفاء جذوة تلك الفتنة. ولمكانة أبي اليمامة المميزة تلك وما تمتع به من الحكمة والشجاعة وروح المبادرة في إصلاح ذات البين ليس فقط في مسقط رأسه مشأله, بل في عموم يافع وبقية مناطق الجنوب، فقد تم الاجماع عليه في عام 2016م لتسنُّم منصب شيخ مشألة خلفا لعمه الشيخ الفاضل سيف قاسم علي,طيب الله ثراه. وكان لأسمه وسمعته وهيبته تأثيراتها الإيجابية في عدم حدوث أية مشاكل داخل المنطقة، أما حضوره،كما يقول عنه الشيخ حسين عبده صالح، فهو ذوبان المشاكل نهائياً والقبول بحلوله المنصفة التي لا تعرف الحياد. ومن الفتن وقضايا القتل التي أطفأ نارها قضية بيت النصوري التي طال أمدها. كما كان له حضور قوي وبصمات واضحة في أعمال الخير ومساعدة المحتاجين وفي إنجاح المشاريع الأهلية كالطرقات وغيرها وردع كل من يحاول إفشالها. وكان يحظى بحب كل الجنوبيين وحاز على تكريم العديد من المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، وكان يحضر كضيف شرف في كثير من الفعاليات العامة وفي احتفالات تخرج طلاب وطالبات كليات جامعات عدن. ختاما.. يلزمنا الوفاء تخليد سيرة هذا القائد المقدام والشجاع , لما فيها من البطولات ومن جليل الأعمال والمآثر التي صنعها إلى جانب رفاقه الأبطال, والتي تُستحق أن تُخلَّد وتُروى للأجيال. ذلك أن تاريخ هذا القائد وأمثاله يعد رافداً من روافد تدوين تاريخنا المشرق المليء بالبطولات والزاخر بالمآثر التي صنعها في خضم نضال شعبنا الجنوبي الأبي ضد الظلم والطغيان وقوى الاحتلال والغزو الشمالي الذي تكرر لمرتين الأولى عام 1994م والثانية عام 2015م, حيث كان في صدارة مقاومة الاحتلال سواء من خلال الحراك السلمي أو في خوض المواجهات العسكرية التي كان ورفاقه في حركة (حتم) سباقاً فيها, ثم برز بشجاعته وإقدامه كقائد عسكري في مواجهة الغزاة الحوثيين, ثم التصدي للجماعات الإرهابية . وما قدمناه في هذ ا العمل ليس سوى ملامح بسيطة من سيرة هذا القائد، استقينا معلوماتها من أحاديثه وكلماته ومن العلاقة التي ربطتني به شخصياً حيث كان مصدراً أستند إليه في المعلومات التي أقدمها في الفضائيات العربية عن الحملات الأمنية التي كان في صدارتها ضد الجماعات الإرهابية، وكذا من ذكريات كل من عرفه عن قرب أو عمل معه من أقربائه ومن رفاق دربه الذين عايشوه في ساحات النضال وفي خنادق وميادين القتال طوال السنوات الماضية من أجل تثبيت الانتصار المحقق ضد الغزاة الحوثيين وكذا تصفية وتطهير البلاد من خطر الجماعات الإرهابية والتي ظل أبو اليمامة عقبة كأداء أمام نشاطها التخريبي الهدام. لقد ظل أبو اليمامة هدفاً لكل القوى المعادية للجنوب من حوثية وإخوانية وإرهابية ومن تحالف معها، ليس لشخصه وإنما للمشروع الذي كان يحمله ويقاتل من أجل انتصاره، وهو استقلال الجنوب العربي واستعادة دولته الذي ظل متمسكاً به ولم يتنازل عنه قيد أنملة. لا نستطيع أن نفي هذا القائد الفذ حقه، وسنحتاج لوقت كافٍ ومساحة أوسع للحديث عن كل نجاحاته وانتصاراته ومآثره ومناقبه التي قد ينبري لها الباحثون والمهتمون لتقديمها في دراسات أوسع وأشمل في المستقبل، لتكون منهلاً للأجيال تتعلم منها قيم البطولة والإخلاص والوفاء وروح الإقدام من أجل انتصارقضية شعبنا وحقه في الاستقلال واستعادة دولته التي أراد لها أن تكون جزءاً من محيطها العربي وضمانة للسلام والأمن الأقليمي من المخاطر التي تتهدد الأمن القومي العربي والسلام العالمي. رحم الله القائد الفذ أبا اليمامة الذي أسهم في إشعال الثورة الجنوبية حياً وأضرم نيرانها شهيداً.. عاش ثائرا يواجه بصلابة وثبات قوى الشر والاحتلال والإرهاب وظل يؤرقها ويهدد مصالحها،وظلت تستهدفه في أكثر من مرة دون أن تفلح، وحاولت تشويه سمعته بتقارير مزيفة إلى منظمات حقوق الإنسان لكنها لم تنل منه، فقد كان اسمه مقترناً بمقارعة الإرهاب والانتصار لقضية شعبه. عاش عظيماً ومات عظيما..و كان يردد أنه مشروع شهيد من أجل وطنه الجنوب وحق شعبه في الحرية والكرامة واستعادة الدولة..فنال الشهادة كما أراد. وكان حلمه أن يعيش بكرامة في وطن جنوبي مستقل ومستقر، قدم من أجله الغالي والنفيس..وها هو اليوم أكثر حضوراً بيننا، يعيش في قلوبنا ويظل خالداً في ذاكرة شعبنا..قائداً فذاً ورمزاً وطنياً وعربياً قل أن يجود الزمان بمثله. فسلام عليه في الخالدين.. وتقبله الله مع النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا.

مقالات الكاتب