إنهم يتوهمون

لم يعد الأمر بخافٍ على أحد، بل هو لم يكن خافياً منذ سنواتٍ خلت. يشنون هجمات قواتهم على الجنوب في جبهة أبين ويمارسون القمع في شبوة ويحشدون الحشود للقوافل العسكرية الهاربة من مأرب وصرواح والبيضاء والجوف. بل هم ينسحبون من مواقعهم في معسكر الماس وصحن الجن ونهم والبيضاء ويسلمونها للحوثي بدون مقاومة، أو بمسرحية تشبه المقاومة، لكنهم يستأسدون على الجنوب وأبناء الجنوب. يحشدون الحشود (الشعبية) في التربة وعلى حدود الصبيحة، ويتركون الحوثي يصعد في الضالع وكرش والحواشب كما في مكيراس والبيضاء وعقبة ثرة. يرسلون الجماعات الإرهابية للتفخيخ والتفجير والاغتيال والعودة إلى معسكراتهم آمنةً مؤمنة، ويتصدقون علينا ببيانات النعي المزركشة بالزيف والتمثيل ودموع التماسيح. يدمرون الخدمات في عدن وبقية مدن الجنوب، ويعرقلون صرف المخصصات المالية لصيانة وترميم المنشآت والمرافق التي ورثوها قبل ربع قرن ولم يفكروا في تطويرها أو حتى الحفاظ عليها. يوقفون مرتبات مئات الآلاف من الجنود والموظفين الحكوميين (الشرعيين) في الجنوب لأشهر وسنوات، بينما يستمرون في صرف المليارات للأسماء الوهمية وغير الوهمية في مناطق نفوذهم ومهحرهم المحبذ. يرسلون مندوبيهم الماليين لسحب العملة الأجنبية من السوق لصرفها مرتبات للجيش الجرار من كبار موظفيهم المقيمين في الرياض وجدة والقاهرة واسطنبول وعمان والدوحة ليصل سعر الدولا في عدن إلى ما يقارب الألف ريال. هم لا يخجلون أن من يدعون أنه عدوهم، يتفوق عليهم في توفير الخدمات و(الحفاظ) على (الأمن) والحفاظ على سعر العملة وتشغيل منظومة الحكم (السلالية)، وهو يدير أكثر من عشرين مليون نسمة، بينما تفشل شرعيتهم (غير السلالية) في تقديم رُبعَ ما يقدمه، ولو لمليوني نسمة. وبعبارة أخرى يمارسون على الجنوب والجنوبيين حرب القصف والقذائف، والتفجيرات بجانب حرب الحصار والخدمات والتجويع، . . . يتوهمون أنهم بهذا سيجبرون الشعب الجنوبي على الركوع لهم، والاستسلام لغزوتهم الرابعة. نقول لهؤلاء أنتم واهمون، لا نقول هذا لأننا نجهل ما يعانيه شعبنا من آلام وعذابات بسبب سياساتهم البائسة واللاأخلاقية ، ولا نقوله ادعاء ولا من منطلق العنتريات أو الشطح السياسي. . نقول لهم ببساطة إنكم تضعون الشعب الجنوبي أمام خيارين كلاهما الموت، إما الموت في مواجهتكم وإفشال مخططاتكم البائسة، وإما الموت جوعاً ومرضاً وحصاراً وقهراً. الشعب الجنوبي لم يتعود على الخوف والذل والاستكانة بعد أن تعلم ما معنى الحرية والكرامة والعزة. والشعب الجنوبي مثل كل شعوب الدنيا، يحب الحياة ولا يرغب في الموت لمجرد الموت،. . . لكن عندما لا يعود أمامه إلا الموت أو الموت، فإن الموت في جبهات المواجهة أشرف وأنبل من الموت خنوعا واستسلاما لسياساتكم البلهاء، أو كما يقول المثل الروسي "إذا كان لا مفر من الغرق فإن البحر اكرم من البركة الآسنة". من الحماقة أن يعتقد أي سياسي أن هناك من سيحترمه بعد أن يكون قد سام الجميع سوء العذاب، والأكثر حماقةً أن يدعي أحدهم "الشرعية" وهو عاجز عن توفير قرص أسبرين لمريض أو قرص رغيف لجائع، أو ساعة كهرباء دون انقطاع، والأكثر أن يقوم بمنع كل هذا وهو قادر على توفيره. وعندما تسأله لماذا تفعلون كل هذا بالشعب الذي تريدون أن تحكموه، يرد عليك: لأننا شرعيون!!! يا لها من شرعية ما أنزل الله بها من سلطان!!!!! رحم الله أجدادنا الذين حفَّظونا مقولتهم الأبدية "قتيل الماء ولا قتيل الظمأ"

مقالات الكاتب