البكاء على ميت آخر
في حالة شبيهة بحالة أن (البكاء على ميت آخر) كما يقول المثل العامي، سمعنا وشاهدنا عويل ونواح عن كارثة المطار من أفواه وألسن كثيرة، بعضها لا يجمعها أي جامع يحترم عقل المتلقي ناهيك عن كونها منطقية، وغاب في زحمة الإسهال الكلامي حجم المصاب الأليم بسقوط عشرات الشهداء والجرحى والضرر المادي والنفسي الذي أصاب عدن ونافذتها، التاريخية العريقة، على العالم، مطار عدن الدولي. على طريقة (مع الخيل يا شقراء) أصبح كل محلل يساند صاحبه في هواه، المهم عنده ما قاله صاحبه، وصاحبه هذا يحكمه منطق يحاكي المثل العربي (كلٍ يغني على ليلاه) وبجملة أكثر وضوحا، كلٍ يبحث عن غريمه ليحمله وزر الكارثة دون أدنى اعتبار لعقل المتلقي. لو سألني أحدهم عن رأيي، وانا المواطن العادي الذي لا يفقه إلا فنون التخاطب، لقلت له، ببساطة، انا لا أفقه في فنون الصواريخ والمقذوفات، هذا لو افترضنا أن الصواريخ والمقذوفات أصبحت فناً حيث تغيب كل أشكال الفنون الانسانية. سأقول له، ليس لدي من الدلائل والوقائع ما يجعلني أوجه الاتهام لأي طرف، لكني أجزم أن الحوثي هو المستفيد الأول فيما لو نجح إستهداف رئيس الحكومة وأعضاء حكومته، وأن باقي الأطراف، حتى من وقفوا ضد تنفيذ إتفاق الرياض فإنهم كانوا سيخسرون حلفاء فيما لو نجح الاستهداف، وهذا يعني أن لا مصلحة لهم في الاستهداف، وتلك بديهية لا تحتاج إلى أكثر من إعمال العقل بحيادية حد التحرر. وحدهم المختصون من عسكريين ورجال مخابرات واستطلاع سياسي وعسكري ومن في حكمهم، يمكنهم توجيه أصابع الاتهام لطرف بعينه، وكان حري بغيرهم أن يوفر (الهبل) على نفسه ويعطيهم وقتهم ليعلنوا نتائج تحقيقاتهم للرأي العام. كان الأحرى برجال الفكر والسياسة وحملة الأقلام أن يشحذوا الهمم للخروج من حالة التخبط التي لا زالت تعصف بنا، وأن يحرصوا على أن يكون تشكيل الحكومة نافذة كبيرة تنفتح على الآخرين من قيادات ورموز وطنية، جنوبية على وجه الخصوص، وأن يعملون على توحيد الطاقات للتعامل مع ما هو قادم بدلا من الانغلاق على الذات وادعاء الكمال، فالبنادق لا تقدم حلولا لمشاكل المجتمعات، فما هي إلا وسائل مساعدة للعقول والأفكار. عدن