في الطريق إليك .. يا وادي "ضِيْك"
حينما طلب مني صديقي الفنان علي صالح اليافعي الاستعداد للتحرك إلى يافع لتقديم الحفل النهائي لمسابقة المليار، استجبت بدون تردد، واعتبرت ذلك شرفا لي وواجباً يتماهى ويتجاوب مع المبادرات المجتمعية التي يتناغم فيها العطاء والبذل بسخاء لإنجاز واحدة من أهم الطرق الحيوية الداخلية التي تربط أربع مديريات من يافع.. هي طريق (يهر-ضيك-المفلحي-الموسطة). أقول ذلك لإدراكي بالأهمية القصوى لهذه الطريق، وهو ما يجمع عليه كل من عانى من متاعب لم تُكن في الحسبان جراء الضغط الكبير على الطريق الرئيسي الوحيد عبر نقيل الخلاء ونقيل الشعيبان الناتج عن ازدحام القاطرات وزيادة أحمالها التي تؤدي ببعضها الى الخلل او تنقلب بحمولتها فتقطع الطريق لساعات طويلة، وقد حدث معنا مثل ذلك مرات كثيرة أنا وزملائي أساتذة كلية التربية يافع، كما نتج عن ذلك حوادث مأساوية أودت بحياة بعض المرضى ممن حالاتهم خطيرة أو النساء في حالات الوضع المتعسر، ناهيك عن المعاناة النفسية للعائلات والمسافرين الذين يظلون محبوسين داخل سياراتهم، يعانون الأمرين في انتظار لحظات الفرج التي قد تطول أحيانا..ومثل ذلك حدث معنا أيضاً مساء أمس الأحد أثناء نزولنا حيث توقفنا مرغمين في نقيل الشعيبان بسبب خلل قاطرة، وفي نقيل الخلا بسبب انقلاب قاطرة بحولتها. ولأن الدولة التي يجب عليها أن تهتم بتوسع وشق هذه الطرقات الاستراتيجية غائبة، فقد نهض المواطنون بهذا الدور، من خلال مبادرة مجتمعية خيرية، باعثها تخفيف معاناة التنقل بشق طريق فرعي، لا يقل أهمية عن الطريق الرئيسي، الذي تآكل وأصبح لضيقه غير قادر لوحده على استيعاب مرور عشرات وربما مئات القاطرات والسيارات بأنواعها التي تمر يومياً في طريقها عبر يهر إلى محافظة البيضاء، وإلى مناطق يافع بمديرياتها الثلاث (لبعوس-المفلحي- الحد). تحركنا عصرا من عدن بسيارتي مع المصورين الاعلاميين صالح شنظور وعبدالله بن يزيد السعدي ووصلنا مساء السبت، الموافق 2 يناير إلى منطقة الجهاور، التي تقع في أحضان سلاسل جبلية وتتوزع بيوتها في بطون الجبال وعلى ضفاف وادي ضيك ، وكنا قد أخطأنا النزول بسيارتنا، إذ مررنا بطريق قديم، ينحدر إلى الأسفل بشكل مخيف وكثير المنحنيات والالتواءات في بطن الجبل، ولضيقه بالكاد يتسع لسيارة واحدة، بيد أن ما بدد مخاوفنا أنه مرصوف بالحجارة. وما أن وصلنا إلى أسفل الوادي حيث تلتقي الطريق القديمة بالطريق الجديدة حتى تنفسنا الصعداء، وبدت لنا أفضلية الطريق الجديد باتساعها الذي يمكن أن تمر فيه سيارتان في آن واحد، مع انسيابيتها وسلاسة صعودها حيث كانت وجهتنا منزل الشيخ عبدالرحمن بن صلاح الجهوري، الرابض بشموخ في بطن الجبل من الجهة الأخرى للوادي، الذي تمر به الطريق الجديدة، وعلمنا فيما بعد أنه واحد ممن تبرعوا بجزء من أراضيهم الزراعية لصالح مرور الطريق. وصلنا منزل الشيخ الجهوري بعد المغرب، وقد اكتظ المجلس بالضيوف الذين سيشاركون في الاحتفال صباح الأحد 3يناير، وكانت ليلة طربية وفنية ممتعة، أنستنا تعب الطريق ومشاق السفر، أحياها الثنائي الجميل: بلبل الفن اليافعي الأصيل الفنان علي صالح اليافعي، وشاركه العزف بالعود الفنان المبدع مدين القعيطي، وصدح الفنان علي صالح بعدد من أغانيه بصوته الشجي، على إيقاعات وأنغام العود الذي أجاد الفنان مدين ترقيص أوتاره بتناغم جميل في الأداء مع صوت الفنان. واستمرت الأمسية حتى منتصف الليل، لم يتخللها سوى استراحة قصيرة لتناول وجبة العشاء. وغنى الفنان علي صالح اليافعي من كلماته وألحانه أبيات مؤثرة عند بداية حملة مسابقة الشع لصالح المشروع والتي بدأت تحت اسم (مليونية) فإذا بها تجاوزت المليار، فحق أن تسمى مسابقة المليار الخيرية لصالح شق طريق يهر-ضيك-المفلحي –الموسطة.ومما قاله الفنان: سلام من وادي يهر راجح يا (ضِيْك)سَلِّم لي على الرَّهوه خطَّين للآوي وللسارح بشرى ليافع أيها الأخوه سلام شامل من بني صالح للكل يوصل من أبو عَلْوَه كما غنى قصائد وطنية وعاطفية ومواويل طافت في أجواء الجنوب الحبيب وخصني صديقي الفنان بغناء ابيات من تصنيفي . ولو لم يكن علينا الصحو من النوم صباح اليوم التالي، لحضور المهرجان الذي جئنا من أجله، لما شعرنا بمرور الوقت مع الفن والطرب ولواصلنا السمر المباح حتى الصباح.