كلكم يبكي فمن سرق الوديعة ونهب الموارد ؟؟
إلى اللحظة لم ار مسؤولًا محترمـًا ونزيهًا كي يحدثنا عن حل مجد لكارثة انسانية نعيشها وتسحقنا يومًا أثر يوم، وعامًا تلو العام ، ودونما توقف أو ان يكون هنالك ثمة فعل جاد وصادق يمنح الناس أملًا في تجاوز المأساة. الجميع يخطُب ، يشجُب ، يهدر ، يحمِّل الآخرين مسؤولية تردي الأوضاع المعيشية والحياتية والخدمية ،فيما الأزمة تتفاقم وتزيد وضررها يطال معظم اليمنيين ،المواطن البسيط، الموظف، المريض، الفقير، الطفل، الكهل، الطالب، المعلم، وسواهم من الفئات.. الريال لم يتوقف عن الانهيار ومن بضعة اعوام خلت، وبرغم ما خلفه هذا الارتفاع الجنوني لقيمة العملات الاجنبية لم نجد رئاسة أو حكومة حاضرة في الواقع كي تواجه هذا التدهور الحاصل للعملة الوطنية. فقدان العملة لقيمتها في سوق التداول يعني ازمات في مجمل النواحي ، فكيف اذا ما كان الريال في سقوط مريع ومهول؟. أي لعنة حلت بنا وأي مأساة نعيشها في ظل سلطات متعددة، ومليشيات متنوعة جامعها الأوحد الارتزاق ورهن وطنها في مزاد من يدفع ويمول ، وقيادات تتقاضى مرتباتها من دولة اجنبية ؛ فهل سمعتم عن قادة بلا كرامة أو وطنية من هذا القبيل المخزي؟. تخيلوا ان الموظف الذي كان مرتبه يوازي ثلاثمائة او اربعمائة او حتى مئة دولار وقد صار الان مهددًا بمرتبه الزهيد الذي لا يساوي ربع او عُشر ما كان يستلمه . فكيف الأمر بمن لا وظيفة له أو عمل، وكيف بشريحة المتقاعدين الذين لا تزيد مرتباتهم عن العشرين والثلاثين الف وكيف بمن ينتظر اعانة صندوق الرعاية الزهيدة وكل ثلاثة أشهر ومع ذلك لا يستلمونها بانتظام؟؟؟. وتزيد مرارة الحالة حين ترى البلاد بعملتين متفاوتين في قيمتهما ، وأكثر من ذلك حين تتمكن جماعة انقلايية ومحاصرة وأتية من كهوف التاريخ وهي مسيطرة على سعر صرف الريال في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها رغم كثافتها. يقابل ذلك سلطة تدعي الشرعية او الثورية لا فرق ولا تعمل جاهدة لوقف هذه المأساة الناتجة عن فقدان العملة الوطنية لقيمتها وبشكل مهين لمن لديه ذرة شعور وضمير وكرامة. اين هو وزير المالية واين محافظ البنك المركزي واين وزير التجارة واين وزير التخطيط والاقتصاد واين واين واين؟؟؟ لماذا لا ينطقون ؟ ولماذا صامتون ؟ ولماذا لا يظهرون للناس لكي يحدثونهم عن ازمة انهيار العملة الوطنية وعن اسباب هذا الفشل الفاضح والصارخ والواصل لأعلى هيئة دولية ؟. لأول مرة في التاريخ يتم طباعة عملة جديدة وضخها للسوق دون القيام بإتلاف كل العملة القديمة الواصلة للبنك . بل ورأينا البنك يعيدها واحيانا يبيعها لتجار وشركات صرافة وهذه لعمري ما قد حدثت في بلد. مئات المليارات لا تذهب لخزينة الدولة وإنما تذهب لحساب وجيوب قادة ومليشيات غير نظامية ،فمن المسؤول عن ضياع موارد البلاد وعلى هذه الشاكلة المفزعة؟ . اين المالية واين الضرائب والجمارك ولماذا لم تعد هذه الجهات مسؤولة عن المال العام المهدر خارج الاوعية المعروفة بتغذيتها لخزينة البنك المركزي؟؟. نقاط جباية ومنافذ برية وبحرية وجوية واسواق ومكاتب وجهات وخدمات جميعها تحصِّل وتجمع موارد ولكن بلا نظام وبلا سلة واحدة وبلا رقابة وبلا خوف أو ذمة من محاسبة او عقاب. اما افظع ما في الأمر ان تسمع احدهم يحدثك عن حكومة محاصرة في مقرها في معاشيق، وانَّه ما من وزير يمكنه فعل شيء حيال فقدان اجهزة الدولة لوظيفتها، وأنّ الآمر والناهي قادة ومليشيات مسلحة عابثة . ما يعني ان السلطة بلا سلطات ، وان الحكومة مجرد شكل متخيل في أذهاننا ، إذ انها اعجز ممن نتصور، فيكفي القول انها محروسة بعناية من يفترض انها قوة متمردة خارجة عن النظام والقانون. كيف لنافذ يلتهم ملايين الريالات في الميناء ويكون منافحا عن النظام؟ وكيف لوزير أو رئيس او قائد يستلم مكافئته بالعملة الاجنبية ومن ثم نأمل منه ان يكون أمينا ونزيها؟؟. اما الطامة الكبرى فهي ان تقرأ تقرير فريق الخبراء المرفوع لمجلس الأمن، ولا تعثر فيه على مسؤول نزيه ومخلص يمكنه دحض تلك الاختلاسات والسرقات الواصلة لوديعة تفضلت بها دولة لحل ازمة خانقة ؛ واذا بحمران العيون يهدرونها وبطرق لا تحدث في جمهوريات الموز. ومع هذه الجريمة النكراء كل اللصوص باقون في مناصبهم، بل وتراهم جميعا يتبخترون امام اتباعهم ويقدمون ذاتهم كمنقذين وثائرين على الفساد . وكأن ما حدث في هذه البلاد لا صلة لهم به مطلقـًا، إذ تجد الذباب الالكتروني موزعًا تهمه على هذا الطرف او ذاك، ووسط هذا العبث توزعت الجريمة وتناثرت مسؤوليتها ولحد انها باتت اشبه بقصة سرقة الحذاء من جامع الصلاة، فالكل أخذ يجهش بالبكاء ،ودونما يُعرف الُّلص او يعوَّض من سُرق حذاؤه ..