الثقة لا تبنى بالتخوين .. ولا بالتأويل والقراءة في النوايا
عندما تنعدم الثقة المتبادلة بين الناس أكانوا أفرادا أم جماعات؛ أو تكون في ادنى مستوياتها؛ فإن ذلك لا يعني غير شيئ واحد ولكنه جوهري وخطير؛ وهو إنعدام التفاهم؛ وبالتالي يصعب عليهم الإتفاق أو التوافق على أي شيء مشترك؛ وإن حصل شيئا من ذلك فلا يتجاوز محاولة إعلان حسن النية وتجنب الظهور بمظهر الطرف المتعنت والرافض لأي توافق؛ وعدم تحميله المسؤولية جراء ذلك. وأمر كهذا لا يعدو بكونه خطوة تكتيكية لكسب الوقت وترتيب ما يلزم للتنصل من أي صيغة للتوافق تكون قد تمت؛ ولن يكون ذلك إلا على حساب الشريك الذي بقى خصما ولا مجال للثقة به؛ وبالنتيجة فإن الكل خسران عندما يدور الحديث عن العلاقة بين القوى والأطراف السياسية؛ وعن قضية تاريخية بمكانة وحجم القضية الوطنية الجنوبية؛ والتي تستدعي بالضرورة ضمانا لإنتصارها أن تبنى وتتعزز الثقة بين مختلف القوى والأطراف التي تناضل بإخلاص ونكران للذات في سبيلها. ولعل للتأويل المطلق والأحكام المسبقة والقراءة المنفعلة التي تفتقد للتقييم الموضوعي لكل أفعال وتصرفات الشريك - الخصم ودون الإلتفات أو النظر للأمور ومن زاوية تقويم ومراجعة الأفعال والتصرفات التي جعلت هذاالطرف أو ذاك؛ بأن يقوم بردات الفعل المناسبة له؛ وبغض النظر عن مبرراتها ومشروعيتها؛ ولا ينبغي هنا والحالة هذه؛ عدم إغفال أو تجاهل دور طرف ثالث كان حاضرا وبوجوه متعددة؛ وتكمن مصلحته في إنعدام الثقة بين الجنوبيين ليكونوا في صراع دائم؛ حتى يضعف الكل ويسهل عليه الإنقضاض عليهم جميعا. وما يزيد الطين بلة هنا ويبعد مسافات التقارب؛ هو ما يقدم عليه البعض ممن تخصصوا بالتأويل ولأغراض مختلفة وغير مدركين ربما لخطورة ما يقومون به؛ فقد أصيبت الحياة السياسية في الجنوب مع الأسف؛ وربما أكثر من أي مكان أخر بهذه *( الظاهرة )* السيئة والقبيحة؛ حيث يتولى بعض الجهلة والمتمصلحين وفاقدي القدرة على إستيعاب الأراء والأفكار التي تطرح من قبل غيرهم والتي تضيق صدورهم؛ بتقبل الرأي الأخر المختلف ووجهة النظر المغايرة؛ ولا يرون فيه غير شر محدق يهدد وجودهم ومصالحهم الخاصة والذاتية؛ فنراهم يتسابقون وبغباء لا يحسدون عليه لتصنيف وتوصيف كل من له رأي لا ينسجم وأمزجتهم وقناعاتهم وحساباتهم الخاصة؛ بل ويحذرون قياداتهم من مغبة التعاطي مع تلك الأراء والأفكار حتى وإن كانت المصلحة الوطنية تقتضي منها التفاعل معها والأخذ بها؛ ولعل هناك ما يستدعي التوقف الجاد أمام سلوكيات هؤلاء *( الناصحين )!!* الذين يشوشون بل ويدفعون بإتجاه حجب الصورة الحقيقية عن من بيدهم زمام القيادة هنا وهناك وفي مختلف الهيئات والأطر القيادية الجنوبية المختلفة !!.