لاتدعهم يقطعوا حبالك الممدودة بطوق النجاة

في محل اقامته بخورمكسر بجانب معهد امين ناشر عندما تعين محافظا للعاصمة عدن وكنا مجموعة من النقابيين الجنوبيين ولاول مرة نلتقي به ونجلس معه ، ابهرنا بهيبته والحضور بشخصية القائد نزل من الدرج فوجد بعض الحراس يجلسون في الصالة وكان ذلك وقت العصر يسمع الجميع .. هل صليتم العصر ..؟ قال بعضهم نعم صلينا والاخرون نهضوا الى المغسلة .. قائلا نحن اصحاب قضية ونصرنا من عند الله واذا لم نكن مع الله فلن يكون الله معنا وخصومنا كثيرون ، شدتني لهجة الواعظ وعطف القائد الرباني المتصل بالله ، احسست بان مايفتقده الجنوب والجنوبيون قد ينشا في هذا الرجل فتاملت خطابه وتوزيع نظراته للجالسين بمكتبه ، فلم يكن متكلما مفوها بل كان تلقائيا قليل السجع كثير النفع ناقش معنا قضايانا وحثنا على الانفتاح للاخرين وان اختلفنا معهم واوصانا كنقابة بالتنسيق مع بقية النقابات التعليمية في الجنوب ، وكنت قد اعددت مسبقا برنامجا بعنوان لقاء عدن التربوي الاول للنقابات التعليمية عرضناه عليه فحثنا على تفعيله واستعداد المحافظة لدعمه ولكن للاسف !!! لم نكن في النقابة حينها جاهزون ، بدت في القائد عيدروس رغبة في لملمة الوان الطيف الجنوبي وهذا بشهادة موظفي ديوان المحافظة الذين عبروا عن تخوفهم من مشروع الاجتثات الذي كان يردده البعض في مكتبه الا هو فقد كان متقربا من الجميع لحكمة قد لايستوعبها الحماسيون ، تعرض وهو محافظ للعديد من المضايقات والاستفزازات قابلها بمهام المحافظ للعاصمة المسؤول عن الجميع دون استثناء مؤيدون ومعارضون حتى اقيل من منصبه كمحافظ وقد ثبتت شخصيته الشعبوية لينتقل من قيادة العاصمة الى قيادة مشروع الجنوب ، ولعلني حضيت باعجابه بعد اعلان عدن التاريخي في مكتبه بجولد مور بحضور كوكبة من المفكرين والادباء والشخصيات الاجتماعية الجنوبية ، وعندما جاء دوري بالكلام قلت له احساسا وليس تكلفا ولا تطبيلا ، اخي القائد عيدروس كنا كجنوبيين كل فرقة منا في عربة تسير باتجاه وكنا نصطدم ببعضنا دائما ولعل الله قيضك لهذا الشعب المسكين تلم شعته وتجمع العربات وتضعها في سكة القطار لتنطلق بها نحو الجنوب الحقيقي فانطلق ايها القائد ومد يدك وانتشل كل الجنوبيين مهما اختلفوا فعساك تكون مسددا وموفقا باذن الله ، فعند انتهاء المجلس ومغادرتنا هم بمصافحتي بشدة ضاما يده الاخرى الى كتفي متكلما بمايقوله القادة الباحثون عن موعظة ونصح من اي كان ،قائلا امام الناس ان شاء الله اكون عند حسن ظنكم بي وبوقوفكم الى جانبي ، ولازال صاحب القلم الساحر نجيب اليابلي موجود متعنا الله بحياته شاهد في المجلس ومعجبا بما قلناه ، فرحت جدا بوجود قائد يستمع بقلبه ويعي بوجدانه ، وهذا ما يجده الجميع محبا ومعاديا مؤيدا ومعارضا فهم لايخوضون في شخصه وشخصيته بسوء ولا يمسون خلقه ودينه بل يأكلون من لحمه في متطلبات المناورة والتكتيك والشدة واللين والمراوغة السياسية التي قد لايقبلها بعض المتطرفين من الطرفين المؤيد والمعارض القائد عيدروس مؤيد بصدقه وعفافه وسلامة منطقه وتعامله الحسن مع الجميع ، ولعل موقفه من السيد الرئيس عبدربه منصور في مجلس كنا فيه وقد تطاول احدهم تلفظا بحق السيد الرئيس عبدربه منصور فانتفض القائد غضبا كاد ان يفقش قارورة ماء الجنوب بيده فوق الطاولة وهو يصرخ بغضب ،، اسكت ،، في مجلسي يجب ان تعظموا مقام فخامة السيد الرئيس عبدربه منصور مهما اختلفنا او اتفقنا يظل مقامه محفوظ ، تأكد لي مما اجده فيه صدق حدسي وموقفي منه ونظرتي نحوه ، تشرفت يوما بالجلوس معه منفردين ، ظن البعض بي ان انتهز هذه الفرصة واطلب منه طلبا خاصا بي ، قائلا بعد نهاية المجلس ألك حاجة تطلبها ..؟ فقلت له اما لي فلا وأن اجلس معك هذا المجلس فهذا وحده اسعد حظ عندي ، واما لغيري فهم سياتون اليك ويقدمون طلبهم فتبسم في وجهي مربتا على كتفي قائلا انت رجل حقا ، وكانت تلك الشهادة قد انستني ما اشيع عني اني طلبت منه مالا فاعطاني ، خرجت من مكتبه تغمرني الدهشة بهذا القائد الجديد ،، صابرا وجبهاته التي يحارب فيها في كل مكان ، لم يبخل بدعوته لمخالفيه بالحوار وكم كان منفتحا مع الخصوم في وقت لهيب النار متسامحا معهم بشخصية القائد الرباني ، عليه ان يتمسك بالحبال التي مدها بطوق النجاة للجميع فقد اوشك ان يقترب ، وليحذر من خصومه الاصدقاء المقربين والمتقربين منه وهم بقصد وبغير قصد يقطعون حباله المدودة بطوق النجاة للعائدين الى الجنوب ويمنعون امانه ويسدون بابه في وجوههم ، واقسم يمينا لامتملقا ولا متسلقا ولا متنمقا ان دروس القائد عيدروس لو أخذ بها اصحابه والمقربون منه والمتقربون اليه وعملوا بمنهجه وعقيدته السمحة لما تاخر وصولنا الى شاطئ البر ونهاية سكة القطار لان التعصب والاقصاء والغاء الاخرين سلوك منفر ويخيف الراغبون بحضن الجنوب الدافئ ممن يأمنون القائد ويتخوفون مما يتعارض مع منهجه الذي فتح الله عليه به فجعله مفتاحا للخير وداعيا اليه بالسماحة مغلاقا للشر صابرا على اذاه متحاشيا الانجراف خلفه بساعة غضب يسيئ للجنوب والجنوبيين ويزيدهم معاناة الى معاناتهم ، فكونوا كالقائد عيدروس بحق وصدق فمقولة كلنا عيدروس التي يرددها العامة جوفاء كالقربة المخرومة لاتعني على الارض شي طالما والسلوك المتسامح والاستيعاب للاخر مرفوض من قبل البعض ممن يعيقون مشروع عيدروس ويؤخرون نضجه دائما ، علينا ان نكون صادقين مع القائد ومصدقين له باقوالنا وافعالنا ومواقفنا ولنكن خلفه حافظين دروسه عاملون بها مراعون انه مهما اجتهد فسيظل يعمل بطاقته البشرية المحدودة المحتاجة للتسديد والتقريب فالاحمال ثقيلة والادوات قليلة والحرب وحدها لاتكفي

مقالات الكاتب