تونس . . . انعطافة في الاتجاه الصحيح
كان لا بد لتونس أن تختار الذهاب نحو الاستقرار والخروج من عنق زجاجة الازمات التي أنتجها الانقسام السياسي بين مشروعين لا يجمعهما جامع: مشروع الدولة المدنية القائمة على الدستور والقانون ومشروع الدولة الأيديولوجية التي تتقمص الديمقراطية لتحقيق الهيمنة الحزبية كما هي عادة كل التتظيمات والأحزاب الأيديولوجية الشمولية. خلال الأشهر الماضية، ومنذ تشكيل حكومة البشيشي مرت تونس بأزمات حادة كادت أن تطيح بالدولة لتحول تونس إلى مركز استقطاب للجماعات الدينية الجهادية المتشددة. كان الرئيس قيس سعيد رجل القانون والأستاذ الجامعي المحنك، قد تمتع بصبر ورباطة جأش قل نظيرها بينما كانت حكومة البشيشي تمضي في طريق الصدام المباشر ليس فقط مع الرئيس سعيد وناخبيه بل ومع بقية القوى والأحزاب المدنية الديمقراطية التونسية باتجاهاتها الوطنية والقومية والليبرالية واليسارية ومع غالبية الشعب التونسي. أضاع البرلمان التونسي فرصا عديدة كان من الممكن أن تساعد على تطبيع الأوضاع وفرملة عجلات الأزمة من الاندفاع باتجاه الهاوية، وكان وراء ذالك هيمنة الإخوان المسلمين على البرلمان وإصرارهم على تعطيل المؤسسات تنفيذا لأجندتهم الحزبية الشمولية. وحينما بلغ السيل الزبى وأوشكت الأمور على الانفجار، تصرف الرئيس التونسي بما تمليه عليه مسؤليته الدستورية والأخلاقية، وهو ما كان ينبغي أن يقوم به أي رئيس منتخب بالأغلبية أمام الوضع الانقسامي الذي صنعه الساسة الفاشلون. إجراءات الرئيس قيس سعيد شملت أموراً مهمة وهي منع سفر كل مسؤول قبل أن تثبت براءته من التورط في الفساد، وتفعيل حكم الإعدام بحق من يدينهم القضاء في جرائم الفساد والإرهاب. لا نملك إلا أن نتمنى للشعب التونسي الشقيق النجاح في الخروج من المأزق الذي وضعته فيه القوى السياسية الشمولية الرافضة للتعايش مع سواها.