وداعا عدن وإلى لقاء
٥٤ يوما أمضيتها في عدن الحبيبة لم أشعر بمرورها، فقد ركضت كأنها ساعات. منذ أشهر وربما منذ أعوام وانا أوطن نفسي على أنني سأعيش أياما صعبة في عدن نظرا لما تثيره وسائل التواصل الاجتماعي عن رداءة الحياة وتدهورها ومظاهر الخراب والدمار في عدن، لكنني وعندما استقبلني الزميل المهندس نزار هيثم وصهري السياب، قال لي المهندس نزار : ألا تلاحظ كم تغيرت عدن، قلت له نعم، لكن ما تعرضت له عدن من حرب وغزو وحصار وسياسات تضييق وتجويع جعلني أتوقع أن عدن مجرد حطام من الخرائب. ما وجدته كان أمرا آخر . نعم هناك مصاعب في الخدمات وغلاء في المعيشة وتدهور قيمة العملة وسياسات إفطار متعمدة، وهذه أمور ربما سأتوقف عندها في ظرف آخر، لكن عدن بقيت وتبقى مخزون حبٍ وموطن دفئ ونقطة سحر ومنطقة أمان، حتى في غياب الدولة وسيادة العشوائية وعدم وجود ما يدل على نظام الحكم. * * * كانت أياما يملأها الحب والأمان والبهجة واسترجاع ذكريات مع رفاق وزملاء طفولة وزملاء دراسة ثانوية وجامعية ومناضلين قداما وأصدقاء وأهل وأحباب وجيران، عادت بنا بعضها إلى سنوات الطفولة والشباب وبعضها إلى عصر الزخم الوطني والمبادرات الشبابية وبعضها إلى زمن الانكسار والتحديات المريرة. ٥٤ يوما مرت كأنها ساعات لما فيها من متعة وسعادة وبهجة واستكشاف بواطن الحياة الجنوبية، التي لا تخلو وقد لا تخلو قريبا من متاعب الحمل وآلام الولادة المرتقبة للجنوب الجديد. اليوم أغادر عدن بمعية أبنيٌَ محمد ومهند وامهم وكنا البارحة نحتفل بعيد ميلاد محمد عيدروس ومحمد مراد، بحضور إخوان محمد عيدروس وبعض أبنائهم وبناتهم. اليوم نمضي عن عدن لكنها تطاردنا بطيفها الجميل الساكن في قلوبنا، ونتطلع إلى القريب القريب لمعانقة سماءها وشم رائحة بحرها ومصافحة أهلها الطيبين. فإلى اللقاء يا عدن الحبيبة