هل يقترب حُلْمٌ يافع الكبير من التحقيق؟!
إنه حلمٌ كبير وقديم، يمتد عمره قرابة خمسين عام، بالوفاء والتمام.. تحققت خلالها الكثير من الأحلام، فيما ظل هذا الحلم أضغاث أحلام، أو شبيه بالأوهام، نسمع عنه في حديث الأنام، وتتكرر أخباره في وسائل الإعلام، ولا نجد من يدفع به إلى الأمام..إنه يا سادة يا كرام (طريق باتيس-رصد- معربان- لبعوس)، الذي نحلم بانجازه منذ بداية السبعينات. أتذكر جيداً، حينما شاركت أنا الطالب في نهاية المرحلة الإعدادية في تقديم المهرجان الجماهيري الكبير بمناسبة افتتاح طريق (نقيل الخلا) في 20 يوليو 1974م إن الآمال كانت معقودة على التوجه لإنجاز هذا الشريان الحيوي الهام الذي يربط يافع الجبل بيافع الساحل.. وما زالت تتردد في ذاركتي أبيات لشاعر الكبير شائف محمد الخالدي التي قالها عام 1974، بعد افتتاح طريق (نقيل الخلاء) والتوجه حينها لاستكمال العمل في طريق (حَطَاط) التي تربط يافع، قال فيها: شقينا نقيل الخلا والآن العمل في حطاط معنا مَسْكَبَهْ والرَّكب يا حَيْد الشقيقه تواط قام الشعب واعلن عمل ما شي مزح ما شي سفاط واجب بالعمل نلتزم ونواصل عمل بارتباط هيَّا يا جماهيرنا يا عمالنا الاحتياط حان الآن وقت العمل كُوسُوا في غبار الحَمَاط خدمه للوطن كلنا با نعمل عمل في نشاط ظننت حينها أن الفرج قد اقترب وأن الطريق لا محاله سيُشق ويُعَبَّد.. لكن ظني خاب.. وتبدل الرؤساء، وتعاقبت الأحداث، وبقي هذا انجاز شق وتعبيد هذا الطريق الحيوي حلماً، وكم هي الطُرق التي أُنجزت وعُبّدت في طول البلاد وعرضها، إلا هذا الطريق. وكان الأمل قد اقترب بعد موافقة قطر على تمويل المشروع.. لكن الفرحة لم تتم، فقد توقف العمل بسبب الأحداث التي شهدتها البلاد. وها هي المبادرات المجتمعية، التي تشهدها يافع تحت مسمى (ثورة الطرقات) بما حققته من إنجازات ملموسة وصل بفضلها الخط الاسفلتي لأول مرة إلى قمم جبال وبطون أودية لم تعهدها من قبل.. وها هم أبناء يافع يشمرون عن سواعدهم ليقومون مقام الدولة الضائعة في نفخ الروح وإعادة الحياة إلى هذا المشروع الحيوي الهام الذي طال انتظاره. لا شيء يستحيل أمام تكاتف وتعاون الناس، لا سيما في مشروع يجمعون على أهميته القصوى بالنسبة لهم. فعند إنجازهذا الشريان الحيوي سيربط معظم مديريات يافع الثمان لأول مرة بطرق معبدة، الأمر الذي ستترتب عليه فوائد اقتصادية واجتماعية وسياحية لا حصر لها ستقود بالنهاية إلى نهضة تنموية، اقتصادية وزراعية وتعليمية وصحية..الخ. ندرك أن تكاليف انجاز هذا المشروع باهضة جداً، بحكم التضاريس الجبلية، ولذلك فأن هذه المبادرات المجتمعية يجب أن يرافقها تحرك ومتابعة للحكومة والجهات المانحة للقيام بواجباتها المأمولة في تمويل إنجاز المشروع، بما في ذلك التحرك لدى الأشقاء في دولة قطر التي وافقت من قبل على تمويل المشروع، واستبشر المواطنون حينها خيراً وكاد حلمهم يقترب من التحقق، قبل أن تأتي الأحداث العاصفة التي خيبت آمالهم وأوقفت العمل بالمشروع. آن الأوان الآن أن تُقابل المبادرات المجتمعية المبشرة بتحرك كل المعنيين في هيئات السلطات المحلية سواء على مستوى مديريات يافع الثمان، أو على محافظتي لحج وأبين أو على مستوى الحكومة بشكل عام للقيام بدورها ووضع بصماتها المطلوبة في انجاز هذا المشروع الحيوي بتكلفته الكبيرة، وكذا التواصل والتنسيق مع الجهات الدولية المانحة لتقديم ما يمكن تقديمه من دعم لهذا المشروع الاستراتيجي الضخم الذي يستأثر الآن باهتمام واسع من خلال فتح أبواب التبرع من قبل المواطنين ورجال المال والأعمال التي تبعث على التفاؤل وتبشر في أن حلم يافع الكبير والقديم قد اقترب من التحقيق.. فلتتظافر الجهود وتُشمّر السواعد..