بيان هيئة الإعلام الجنوبي وبعض ردود الفعل السلبية.. لماذا هكذا؟
استغربت كثيرًا ممن وصفوا بيان الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي بالعذر، أو بالتهرب من المسؤولية، أو بأي وصف لا يليق. وقبل الحديث عن بيان الهيئة، يجب أن يعلم الجميع أن الإعلام الجنوبي حديث التأسيس، ولم يتأسس إلا منذُ ثلاث سنوات أو أربع فقط، وليس منذ عشرين أو ثلاثين سنة، كي نحاسبه على أي هفوة، أو زلة. أما عن بيان الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي فقد كان واضحًا، وشفافًا، وصريحًا، واعترف أن هناك خطأ بعدم إخضاع كل الفعاليات التي تُقام في العاصمة الجنوبية عدن تحديدًا، والجنوب عامةً، إلى الفحص في آلية الفعالية، وبرنامجها ككل، وهذا الاعتراف إن دل إنما يدل عن حرص، ومسؤولية، وعدم الخوف من الاعتراف بالخطأ؛ فالبشرية جمعاء ليست معصومة من الخطأ، أو التقصير، وهذه سنة كونية عُرفت منذ ولد ابونا آدم عليه السلام. ومما يجب أن ندركه أن مواجهة الشعب، والاعتراف أمامه بأي تقصير أو خطأ، وإن كان بسيطًا، من أي جهة مسؤولة، أمر لم نعتده كثيرًا لا في جنوبنا، ولا في أي بلاد عربية إلا ما ندر، وهذا الأمر يبرهن عن حرص تلك الجهة المسؤولة، ويؤكد أنها لا تتهرب من أي خطأ يقع في نطاق عملها، ولديها استعداد لمواجهة الشعب بهذا الخطأ، وليس في أروقة المكاتب فحسب. بالله عليكم.. هل سمعتم يومًا أن وزارة الإعلام (التي في حكومة المناصفة حاليًا، أو السابقات)، خرجت يومًا، واعترفت بأي خطأ حدث، رغم الأخطاء الفادحة التي تحدث فيها، وهذا يعود لأنها لا تستشعر بأي مسؤولية، ولا يهمها أي خطأ يحدث؛ لأنها، وبكل بساطة، لا تمتلك قضية وطنية حتى تستشعر بالمسؤولية، أو تشعر بالغيرة عليها. لا أقول هذا الكلام من باب الدفاع، أو الترقيع، أو حرف مسار القضية الأساسية بعدم المساس بالهوية الوطنية الجنوبية، فقد كنتُ أول المتحاملين عما حدث في فعالية المنصورة، غير أن موقف الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي كان شجاعًا، واعتبره رد مسؤول، وفيه احترام كبير لردة الفعل الغاضبة من نشطاء الجنوب الذين اقعدوا الدنيا واقاموها، والهبوا مواقع التواصل الاجتماعي بانتقادات حادة، ولاذعة، وهذا أمر طبيعي من نشطاء مخلصين لقضية شعب، وشهداء، وهوية، بل لا اخفي عليكم أنني سررت من ذلك الموقف المُشرف لنشطاء الجنوب، وغيرتهم العظيمة على وطنهم الجنوبي، وهويته، رغم انهُ لديّ بعض الملاحظات على ردة الفعل تلك، وهي بسيطة، وسأتحدث عنها لاحقًا. ومما عزز قناعتي بشجاعة الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي هي التحية التي بعثتها، في ختام بيانها، إلى الضمير الحي لناشطيّ الإعلام الجنوبي الذين وقفوا أمام تلك الاختلالات المرفوضة، وهذا يدل على أن صوت الناشط الجنوب مسموع لدى الهيئة، ولا، ولن يتم تجاهله، وما برهن ذلك أن الهيئة اتخذت عدد من الإجراءات حيال ما حدث، إلى جانب أنها اجتمعت مع الجهة المنظمة لفعالية المنصورة، وتم استجوابها عما حدث، وهذا يقودنا إلى أن المواجهة، والاعتراف بالخطأ ليس كلامًا يُقال في وسائل الإعلام فحسب، بل كلام، وعمل، وفعل، وهذا ما سنكتشفه في الأيام القادمة. كما أن قول الهيئة، في ديباجة البيان، أنها ستتخذ جملة من الاجراءات التي من شأنها عدم السماح بتكرار مثل تلك الاختلالات التي تستهدف الهوية الوطنية للشعب الجنوبي، هي رسالة اطمأنان لكافة نشطاء الجنوب، ولجميع فئات شعب الجنوب مفادها أن هوية الجنوب، وقضيته العادلة، وشهدائه، وجرحاه، خط أحمر لن يُسمح لأي أحد بتجاوزه، أو المساس به. فلماذا هكذا تكون ردة الفعل السلبية تجاه ما جاء في بيان الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي يا سادة