رسالة من المستقبل
حقق منتخب الناشئين في الجمهورية اليمنية بطولة غرب آسيا الكروية في نسختها الثامنة، وهي المرة الأولى التي يحقق فيها منتخب من الجمهورية اليمنية بطولة في مشاركة خارجية. هؤلاء الصغار القادمون من المستقبل الذين ولدوا وعاشوا في رحم المعاناة والبؤس والجوع والفشل النخبوي صنعوا المستحيل وحققوا انجازا رياضيا عجزت عن تحقيقه الاجيال التي تدعي انها كانت الافضل. لم اجد قراءة ترضي فضولي لما عشناه عشية الثالث عشر من ديسمبر ٢٠٢١م، فكل الاطراف المتحاربة عبرت عن فرحتها العفوية في عدن وصنعاء وكل الجنوب وكل الشمال عكست مقدار تعطشنا للفرح ورسالة تطمئننا بأن هناك شيء جميل قادم غير القبح الذي عشناه ونعيشه في ظل وحدة الحروب المتسلسلة منذ غزو ١٩٩٤م. صنعت وحدة الفريق الناشئ فرحة لم تصنعها وحدة الضم والالحاق، وحدة الفيد والتكسب واللصوصية، وحدة السطو المسلح. هؤلاء الصغار القادمون من المستقبل نجحوا في رسم الابتسامة على شفاهنا والفرحة في قلوبنا رغم قسوة الحرب وصلف النخبة (النكبة، كما يسميها السيد عبدالرحمن الجفري)، ورغم المعاناة بأقسى صورها. لقد صنع هؤلاء الصغار نصرهم الخاص في غفلة من تجار الحروب المنشغلون بحربهم، واللصوص المنشغلون بمسروقاهم واصحاب الفيد اللاهثون خلف فيدهم والمهربون المنشغلون بمهرباتهم، والفاشلون القابعون في تحصيناتهم، والتنابلة المطبلون لاصنامهم، فلا احد من هؤلاء يستطيع الادعاء بأن له يد فيما صنعه هؤلاء الصغار بإرادتهم الفولاذية التي تحدت المستحيل. انها رسالة من المستقبل يا سادة تنبئنا بأن القادم سيكون أجمل، فكما صنع هؤلاء الصغار نصرهم رغم انف المعاناة، فقد يصنعون، هم واقرانهم، وحدة اخرى غير تلك الوحدة التي عشناها وذقنا ولا زلنا نتجرع مرارتها، وقد يصنعون وطن آخر غير وطن التناحر والإقصاء، غير وطن اللصوص والافاقون والراقصون علي معاناة الإنسان في اليمن والجنوب العربي، هؤلاء هم المستقبل وتلكم هي رسالتهم..