عندما يتوحد موقف روسيا والصين في مواجهة أمريكا !
تمتلك روسيا أكبر مساحة جغرافية في العالم حيث تصل إلى أكثر من ١٧ مليون كيلو متر ؛ وبالمقابل تمثل الصين أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان؛ حيث يبلغ تعدادهم ما يقارب المليار ونصف المليار نسمة؛ وهي أيضا تحتل المركز الثاني إقتصاديا بعد أمريكا؛ ناهيك عن القدرات الهائلة التي تمتلكها الدولتين وفي مختلف المجالات وبما يتمتعان به من حضور فاعل على الساحة الدولية وتشابك علاقاتهما وسعتها مع مختلف دول العالم؛ ولذلك فإن وحدة الموقف من أمريكا سيجعل منهما قطبا واحدا في مواجهة أمريكا ومن يدور في فلكها بالضرورة؛ والمؤشرات على ذلك كثيرة؛ ولعل وحدة موقفيهما والتنسيق القائم بينهما في مجلس الأمن خلال السنوات الأخيرة إلا دليلا على ذلك . ولهذا فإننا نعتقد بأن العالم يتجه وبخطوات متسارعة نحو حرب باردة جديدة إذا ما تم تجاوز حالة التوتر القائم بشأن أوكرانيا؛ لأن الأمور لن تتوقف عند حدود التهدئة؛ بل ستصبح الظروف مهيئة ومحفزة للحرب الباردة الجديدة وبصيغة غير تلك التي عشناها في القرن العشرين؛ بالنظر لكثير من الأسباب والعوامل التي أستجدت في عالم اليوم؛ وإذا ما أخذنا بعين الإعتبار كذلك حالة التنافس الشديد القائم بين الصين وأمريكا على المسرح الدولي وبأكثر من صورة؛ ناهيك عن تدخل أمريكا بشؤون الصين بذريعة حقوق الإنسان أو بشأن الوضع في تايوان أو ما تتعرض له المنتجات الصينية من منع أو فرض ضرائب جائرة في السوق الأمريكية . ولذلك فإن مواجهة أمريكا تصبح مهمة مشتركة لروسيا والصين معا لحماية مصالحهما المشتركة وعبر المزيد من التنسيق بهدف تقوية تعاونهما وعلى مختلف الأصعدة والمجالات؛ وسيترتب على وحدة أو تناغم الموقف الروسي — الصيني على الساحة الدولية ومواجهة المخططات الأمريكية الشيء الكثير على صعيد العلاقات الدولية . ومن هذا المنطلق وثقة بعمق التعاون مع الصين فإن روسيا لا تخشى على تصدير الغاز إلى أروبا في حال فرضت عليها العقوبات من جانب أمريكا وأروبا؛ لأن الصين جاهزة لشراء الغاز الروسي الذي كان يصدر لأروبا وستتعاون معها في كثير من المجالات الحيوية؛ وسنشهد تفعيلا وتوسيعا لإتفاق التعامل بالعملتين المحليتين في مجال التبادل التجاري وهو ما سيخفف على روسيا كثيرا في مجال التعامل المالي الدولي معها إذا ما فرضت عليها العقوبات في هذا المجال . ونعتقد جازمين بأن مرحلة جديدة من العلاقات والتوازنات الدولية الجديدة قد بدأت تتشكل وبأن ملامحها قد بدت واضحة من خلال ما نشاهده اليوم بشأن الكثير من القضايا الساخنة في العالم وتباين الرؤى والمواقف بشأنها حتى داخل الإتحاد الأوربي نفسه على سبيل المثال؛ ناهيك عن نزوع عدد من دوله الكبرى كفرنسا وألمانيا لإستقلال القرار الأروبي الأمني والعسكري عن الهيمنة الأمريكية؛ وهو مايعكس حالة من عدم الرضى على ما تمليه أمريكا من سياسات ومواقف على الأروبيين وتحملهم تبعات تلك السياسات وتجعلهم يدفعون الثمن نيابة عنها في كثير من الحالات .