أدوات الحرب لا تصنع السلام !
المؤشرات تقول ان هناك تسوية سياسية قادمة تتمثل في تمديد الهدنة وتشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة الحوثي، يعقب ذلك مؤتمر حوار جديد يضم كل الاطراف للوصول الى اتفاق سلام نهائي وشامل . كلنا مع وضع نهاية للحرب والأزمات في اليمن، وهذا حلم الناس جميعاً شمالاً وجنوباً . لكن نخشى من تكرار تجارب سابقة مريرة منها تجربة توقيع اتفاق الوحدة وما لحق ذلك من انقلاب عليها ثم توقيع وثيقة العهد والاتفاق التي كان بعدها حرب اجتياح الجنوب عام 1994 واتفاق الحوار الوطني الذي كان بعده انقلاب على ما تبقى من دولة واجتياح الجنوب عام 2015 . بالنسبة لي كمواطن فقدت الثقة بشكل كامل في القوى السياسية اليمنية جميعها بدون استثناء، وعلى يقين انها لا تريد السلام، بقدر ما تريد استمرار الحروب والصراعات لأنها لا تنتعش إلا في ظل الأزمات والحروب . في كل مرة يتم تصدير هذه القوى من جديد وتمكينها من مفاصل صنع القرار، تعيد طباخة الأزمات وإشعال الحروب والمتاجرة بمعاناة المواطنين . لا يمكن ان يكون هناك سلام شامل ونهائي بالأدوات السياسية الموجودة اليوم، لأنها أدوات فاشلة تصنع الحرب ولا تستطيع صناعة السلام والتنمية، وهذا هو تاريخها ولا يستطيع احد حتى ان يدافع عنها . الاحداث والتراكمات التاريخية والاخطاء السياسية للقوى السياسية اليمنية، وتمكن الحوثي من السيطرة على الشمال وتعميق المذهبية والطائفية والحكم السلالي، كلها تجعل من مساحة الأمل والتفاؤل تتضاءل بالنسبة للمواطن اليمني الذي لم يعرف استقرار طوال حياته، في ظل استمرار هذه الأحزاب وهيمنتها على القرار، والتي تفضل مصالحها الخاصة والشخصية وتنفيذ الاجندة الخارجية لدول وجماعات على حساب المواطن . أجيال بعد أجيال لا نعرف غير مؤتمرات الحوار والحديث عن الاتفاقيات والسلام والديمقراطية، والمحصلة حروب وصراعات وفقر وجوع وعدم استقرار . نهاية الحروب والصراعات السياسية في اليمن التي تمتد لسنوات طويلة، بحاجة الى تدخل إقليمي ودولي جاد يضع النقاط على الحروف ويفهم أسباب هذه الصراعات لوضع الحلول المناسبة لها، لأن عدم التشخيص الجيد والطبخات المستعجلة نتائجها ستكون كارثية على الجميع وليس على اليمن فقط. الخلاصة: أدوات الحرب لا يمكن ان تصنع السلام، وأدوات الفشل المستمر لا يمكن ان تصنع انتصارات، والمواطن وحده سيظل يدفع الثمن جيلاً بعد جيل . واستمرار دول التحالف والعالم في دعم اليمن والحفاظ على الإنجازات التي تم تحقيقها مطلوب ولكن بتغيير الاستراتيجيات والأطراف التي يتم التعامل معها، لأن عكس ذلك يعني ترك البلد للصراعات الداخلية والحروب المستمرة والتي بكل تأكيد ستمتد الى خارج اليمن بشكل أسوأ مما كانت عليه خلال السنوات الماضية.