صباح الخير ... هنا حضرموت ..!!

وأنا أمارس طقوس المراره الصباحية وسط فنجان قهوه بكل سعادة وأمل ، أدركت أن الهواء وحده  لا يزال  طليقا  ،  له نفس الملامح ، ليس عليه ضريبة جمركية ولم يحصل على تأشيرة للدخول بعد ، فربما لأن حارس الحدود لا يزال غافلا .. أو لأن الهواء لا يزال متسلل بارع .. يحمل دعوات و معانات الطيبين الى الجهة الاخرى من الضواحي المجاوره ...
حيث هناك .. يوجد أب يجاري أزمات الحياة بكل رضى و بلسان الحمد لله ، و  أم مربيه بارعه تعقد هدنة باردة مع حبات الأرز بكل هدوء ووقار رغم الخيارات و البدائل المحدودة ... ، وصبي لم تنضج لغته بعد ليشرح لأخيه الر ضيع ويميز  الفرق  بين هذا الحليب وذاك  .. وطالب أنهى دراسته الجامعيه بتفوق ولكنه ترك مركبه بلا شراع حتى إشعار آخر ،  و إلتحق بالسلك العسكري لعدم وضوح الرؤيه..!! 
هكذا تبعد المسافة ويفتقد اللون الابيض أحيانا ، بين ضروريات الحياه وآمال وطموح الطيبين  .

صباح الخير هنا حضرموت ..!!
مدينة بسيطة في أحلامها تتناول فطورها الخالي من الدسم حفاظا على مستوى الكوليسترول ، لأنه لم تشفع لها خيراتها و تاريخها الجميل  لحظة..!!. هي مدينة السلام  ولم تنم ليلة ، لا لأن أضواء الشوارع طَيَّرَت النوم من عينيها ، ولا لأن الأمان أقنعها أن تجرب السهر  تحت ضوء القمر ، بل لأنها كانت تحرس أهلها وضيوفها في آن واحد .
التاريخ حكواتي يروي لنا  القصص و يسردها على كل الأجيال ليضع بين أيدينا الكثير من العبر والمواقف .. فقد سلم يوسف من الذئب ولم يسلم من  اخوته ، حينما كان كل ذنبه أنه كان جميلا ... جميلا فقط .!!
ذنب حضرموت أنها جميلة و مسالمة فقط ..! وعليها أن تدفع ثمن ذلك ،  ثمن انها  جميله وجمله إعتراضيه تخالف مفهوم النص  المكتوبه فيه .. نهاية اسمها  فيه من ملامح الموت وهي اصل  الحياه  لكل من حولها و قلبهم النابض ، عجبا يستفيد منها قاصديها كثيرا  ،  وكأنه كتب عليها أن تستمر في الزهد حتى النخاع و يكفيها أن تربط حجرا على بطنها ..!!

فهل يستطيع أهلها في ظل ما ذكر أن يستعيدوا رشدهم و يسمحوا لتأشيرة الشذى أن تخلق واقعا جديدا ... ولو بعود ثقاب كي تشعل حزمة من البخور و الاماني  الكثيره و المستحقة من  خبايا  تاريخهم و خيراتهم مثل ما تعود  بدايات كل  صباح مشرقة طموحة فبل أن تفسد بعض الروائح  مزاج الورد ، و  حتى نذهب بعيدا عن  لعبة الذاكره والنسيان .

مقالات الكاتب