عن الفرصة الخامسة ومصير التغريدة السادسة لبحاح!
لم يكن دولة النائب رئيس الوزراء السابق خالد بحاح،في اعتقادي،بحاجة للخروج بأي رد على الاتهام الاستفزازي المبطن من خلفه بن دغر له،بالسعي لتجسيد الهوية الجنوبية على حساب الهوية اليمنية الجامعة التي زعم أنها الأصل حتى للهوية الجنوبية،وذلك كون مثل هذه المهاترات الجوفاء لاتليق به من ناحية ولاتسمن قولا او تجدي نفعا من ناحية أخرى،اذا ماكنا نؤمن بالله حقا وبأنه من 'ينزع الملك ممن يشاء ويؤتي الملك من يشاء . ولم يكن أبومحفوظ ايضا بحاجة الى تذكير المتصارعين اليمنيين -في توقيت مجنون كهذا- أن هناك أربع فرص سابقة قد فوتتها تلك القوى،التي كان جزءا منها،لتحقيق السلام والوئام باليمن،طالما وأن تلك الفرص الاربع قد ذهبت ادراج الرياح دون اسف عليها من الجميع،وتؤكد المؤشرات والوقائع تكرار ذات الضياع والمصير المؤسف لتلك (الفرصة الخامسة) التي تحدث عنها سعادته بافراط وطني حاد، في مقاله التبليغي،ليلة أمس الاول، والذي كان من وجهة نظري المتواضعة،مقالا ذات طابع تصوفي سياسي موغل في الفلسفة الوطنية وتجليات الهروب التنظيري من حقائق واقع شديد القتامة والمساوئ، نحو محاولة تجسيد قيم مثلى لواقع مستحيل بوطن بلا وطنية حقيقة تذكر، وفي بلد مدمر قيميا وسياسيا ، اكثر مما في بناه التحتية ومقدراته الوطنية من دمار عارم، طالته بمقتل،في مختلف المستويات والمجالات الأصعدة،وبالتالي فلا أمل يلوح في الأفق، ولاطيف توافق عقلاني يرتجى لاستثمار فرصة سلام خامسة أو سادسة ولاحتى عاشرة،يمكنها أن تكون كفيلة في ايقاظ ضمائر حكامه للعودة الى انسانيتهم المفقودة والالتقاء على كلمة سواء يمكنهم بها إنقاذ مايمكن انقاذه من وطنهم وذلك طالما بقيت التغريدات السادسة والسابعة والعاشرة وحتى العشرين والمائة لسعادته،في مصير مجهول وبفعل مشهد تراجع ونأي مثير لاهتمامي وقطاع جماهيري واسع متعطش لمعرفة جديد تلك الفضائح الصادمة لحكومتهم الشرعية المتهرئة . وفي تقديري المتواضع،لم يكن دولة المهندس بحاح الرجل التوافقي والمهندس الاكثر قبولا اليوم في الساحة المحلية والاقليمية والدولية،بأي حاجة لذلك الخروج الاعلامي، على جماهيره وخصومه،وبحجم كل ذلك المقال التعقيبي -في ظاهر توقيته الغير موفق - على مقال البكائيات النرجسية المتناقضة مع بعضها لخلفه برئاسة حكومة شرعية هادي قبل يومين. كما أنه كان على دولته،أن بتذكر أن الشعب الجنوبي - الذي سبق وأن هدد ضمنياً بامكانية تشكيله مجلسا عسكريا ضمن مجلسه الانتقالي،بخطوة جنوبية كفيلة بطرده ماتبقى من شرعية متهرئة بالداخل- ليس بحاجة اطلاقا اليوم إلى (استعادة الوحدة)ولا قابل حتى بالعودة،للقبول بأي شكل من أشكال الفيدرالية أو مشتقاتها من الانظمة الاتحادية المرفوضة منه بقوة مالديه اليوم من نار وحديد اضافة الى إرادة فولاذية تحررية لاتقهر ولايمكن ان تتغير ازاء ذلك الطرف اليمني الانتهازي الذي يبيح قتله باسم الدين المسيس بقداسة الأطماع الوحدوية الدنيئة،وخاصة بعد أن أثبتت وقائع ممارساته الاقصائية وسياسياته الاستحواذية،طيلة قرابة ثلاثة عقود من الزمن،أنه ليس أهلا لأي مشروع وحدوي قومي بهذا الحجم الذي كان ينبغي أن يكون مشرفا للأمتين العربية والإسلامية لولا سوء نوايا السوء واطماع السيطرة من قبل الطرف الشمالي الذي أصبح الجنوبيون أكثر قناعة من أي وقت مضى،باستحالة القبول باي شكل من اشكال التقارب معه بعد اليوم او التراجع- أمام إصراره الوحدوي المبيت للإنتقام والغدر مجددا-عن تحقيق الهدف الجنوبي الجامع والمقدس المتمثل باستعادة استقلال الدولة الجنوبية وتقرير مصير الشعب الجنوبي على حدود دولته المعروفة دوليا إلى ماقبل نكبة ماتسمى بالوحدة اليمنية، وعلى اعتبار ان هذا المطلب الوطني المقدس بالنسبة لي ولغيري من الغالبية العظمى من الشعب الجنوبي،لايمكن القبول بالمساس به او تبرير أي دعوات تحاول تجاوزه او التماهي مع أي أمنيات تسعى لتخطي أولوياته الوطنية الجامعة، بعيدا عن اي تقديرات برجماتية مبررة او طموحات سياسية مشروعة تتعلق بمستقبل أي شخص مهما كانت مكانته أو بلغ بنا حبه واحترامه وتقدير شخصه،وذلك كون أحلام وتطلعات الشعوب أولى وأقدم وأقدس من كل أحلام الساسة وامالهم وطموحاتهم الشخصية. ومن هنا وبكل صراحة ووضوح،لم ألمس في مقال دولة الرئيس بحاح،المعنون ب(الفرصة الخامسة) والمطعم بلغة سياسية أكثر تعقيدا من واقعنا اليمني نفسه،ماكان ليدفعني للكتابة عنه،سواء سلبا كان أو إيجاباً،لولا تقديري لكل الزملاء والأصدقاء ممن طلبوا مني بكل اصرار وتقدير واحترام ،الكتابة عن رأيي فيه،وذلك كونه يأتي في إطار حسابات وطنية وإقليمية ودولية ويندرج ايضا في اطار طموحات سياسية مشروعة لدى أبومحفوظ ليس من الضرورة أن يكون لكاتب اوصحفي متواضع مثلي، رأيا فيه أو قراءة توضيحية على فحوى ما جاء فيه، طالما وهو لم ينل أي درجة من اهتمامي الإعلامي المنصب في هذه الفترة، على انتظار بقية تغريداته الجريئة المزلزلة للرأي العام ومختلف وسائل الاعلام،ولايمكن لي تقبل أي حديث اعلامي آخر من سعادته بهذه الفترة،إلا بعد التغريدة العشرين التي سبق وأن بشرت بها سابقاً بكل ثقة وصراحة وتوقع. وبغض النظر عما تضمنه المقال من كلام موفق ومسؤول، الا ان خاتمته الوحدوية الصادمة بالنسبة لي،كانت كفيلة بنسف روعة كل ماسبق قوله بذلك الاستقراء السياسي المعمق للأوضاع اليمنية المعقدة،حد الغرق في متاهات تعقيداتها التي لاتلوح في الافق اي بوادر ممكنة لقرب انتشالنا جميعا،ومن حولنا،من بين انقاضها السحيقة.وليس أمامنا إلا التسلح بمزيد من الصبر والصلاة والدعاء إلى الله بأن يفرج عنا مانحن فيه وان يوفق العقلاء إلى ان يأخذوا بأيدينا إلى سواء السبيل ويخرجنا من حربنا وويلاتنا سالمين غانمين بإذن الله .