ترجل الفارس المقاوم "سالم صالح الجعري"

ترجل الفارس المقاوم سالم صالح الجعري ترجل عن صهوة جواده الذي خاض به ميادين الدفاع عن أرضه وعرضه في معارك الدفاع عن عدن والجنوب طفلا في سني المراهقة عام 94م وشابا في مقتبل العمر عام 2015م .. رحل عنا اليوم (أمس) بعد حوالي سنة من معاناة المرض الخبيث الذي انتشر في جسده، رحل سالم وهو يودعنا وسط أحزاننا التي أدمت قلوبنا بمناظر اشلاء عشرات الشهداء الذين أرتفعت أرواحهم الطاهرة اثر استشهادهم بالعملية الإرهابية الغادرة في أدارة البحث في خورمكسر. رحل الفقيد المقاوم (سالم صالح الجعري) بصمت الأبطال كما هو حاله دائما قليل الكلام بل وشحيح الكلام رحل مخلفا صورته الهادئة وسحنة وجهه العابس الدافئ في مخيلتنا رحل وكانه يقول لنا غدا نلتقي كما قالها يوم أستشهد ابن عمه وصديقه الحميم في حضنه عام 1994م في منطقة بير النعامة شمال العاصمة عدن وهم يدافعون عن عدن بكل بسالة .. كان حينها يقودهم ضابط الأستخبارات العسكرية العقيد راجح (الشهيد راجح) -أستشهد في بير النعامة نفس المعركة 94م - وكان قائدهم المباشر الملازم ثاني الشهيد أدهم الجعري - استشهد بأيادي الغدر الإرهابية 2016م - كانت المعارك عنيفة وكانت قوات الغزو اليمني (الشمال) على مشارف العاصمة عدن كانت آخر ايام مايو 1994م كان الفقيد سالم صالح الجعري وابن عمه الشهيد أحمد علي الجعري يخوضان المعارك مع قائديهم راجح وأدهم وفي لحظات كانت من أصعب اللحظات استشهد العقيد القائد راجح (لا اذكر اسمه كاملا) وعندها طلبوا منهم القيادة العودة الى الخلف الا انهم كانوا يهتفون وهم يقاومون مشاة وأليات الغزو بصوت واحد "بعد راجح لا حياة" وفي لحظات استشهد البطل أحمد علي الجعري -شقيق القائد عبدالقادر علي الجعري أركان حرب اللواء 103 مشاة - فهرع اليه ابن عمه محاولا اسعافه والبقاء بجواره حتى وصلت مدرعة الاعداء الغزاه طالبين منه الصعود مستسلما الا انه رفض الا يسعف ابن عمه وهكذا اجبر الغزاة على ان يحملوهم على ظهر مدرعة الاعداء وكان حينها ابن عمه في حضنه يحتضر وفي الطريق استشهد مسلما روحه الى بارئها واصر سالم بالبقاء مع جثة ابن عمه حيا او ميتا وهكذا اجبرهم على احترام طلبه واطلقوا سراحه في تعز وعاد الى مسقط راسه في مهيدان دثينة محافظة أبين حاملا جثة ابن عمه الشهيد احمد علي الجعري .. هكذا هم الأبطال يرحلون دون ضجيج وكما كانوا يسجلون مواقف البطولة لاوطانهم لم يجدو وقت كي يتحدثون عن انفسهم هكذا دائما الابطال ممن اعرف يغادرون الحياة دون ان يشعر بهم احدا ويعانون المرارات دون ان نسمع منهم توجعاتهم ولا توجعات أهاليهم حوالي عام كاملا توجع فيه سالم صالح الجعري ولم يذهب او يذهبون الى أحد ليشكوا اليه اوجاعهم ويطلبون عونه .. كأني بسالم صالح حين التقيته قبل سفري -قبل حوالي خمسة أشهر - بيوم جئت لأودعه كأني به يقول لي كما قال خالد ابن الوليد "اترى ها انا اليوم أموت موتة البعير" أحسست به يقولها بصمت . مرت الأيام وخلال 23 سنة مرت منذ 1994م لم أسمع يوم ان الفقيد سالم صالح الجعري تحدث عن معركة الدفاع عن عدن عام 94م ولم اسمعه بذكر بطولاته والتفاخر بما عمل الا بالترحم على الشهيد راجح والشهيد احمد علي الجعري ابن عمه .. ونهدات عميقة ونظرة ساهمة نحو الافق .. مرت الأيام بكل تطوراتها 22 سنة تقريبا حتى جاء الغزو الثاني في مارس عام 2015م كنت أشاهد سالم الجعري عائدا من المعارك في حافات مدينة خورمكسر لا يحمل الا بندقيته فقط وبضعة لطخات من الدم على ملابسة ما علق به اثناء اسعافه لبعض الجرحى .. وفي المنصورة في حي إنما واصل دفاعه مع زملائه الكثير حتى وصلوا في أخر معركة الى نقيل ثره وعاد الى منزله لم (يغتنم) حبة رصاص واحدة ولم يذهب ليشطح مع الشاطحون الذين (تقاسموا المنهوبات من الاراضي والغنائم) ترجل الفارس النبيل وهو أكثر نظافة وأكثر أمانة مع سمعته وسمعة أهل وتاريخهم النظيف .. رحمة الله تغشاك ايها الصامت الهادئ الذي لم يمن على أحد ولم يرتضي ان يمن عليه أحد

مقالات الكاتب