تعز .. تدفع ثمن عقوق أبنائها

كتبت مقال قبل ثلاثة أعوام تقريبا بعنوان ( تعز لن تنتصر ) وهناك من لم يكن راضي عن محتوى المقال رغم واقعيته ومنطقيته , بسبب التعصب المناطقي والجهوي المقيت الذي أوصل البلاد والعباد لهذه المرحلة المخزية والمأساوية . التعزيون يشكلون غالبية نخبة الطبقة السياسية على مستوى شطري اليمن شمالا وجنوبا , وهم من أسس معظم الأحزاب والتيارات السياسية في اليمن جميعآ , بصراحة تامة وكما يقول المثل ( النية تسبق العمل ) كانت النخبة السياسية التعزية تريد السيطرة على مفاصل السلطة في الشمال والجنوب لا غير , ولافتقارها للسلطة والقوة كانت وسيلتها الوحيدة السعي الحثيث خلف المال والأعمال والتعليم ونيل الشهادات العليا في شتى المجالات من أجل السيطرة والاستحواذ على المناصب القيادية والإدارية والتجارية للدولة . وللأسف الشديد لم تكن معظم تلك النخب السياسية والتجارية والإدارية والعلمية وطنية وتحب تعز كما أحبتهم تعز , بل كان العلم والتجارة وسيلة للوصول لمناصب ومكاسب شخصية , والدليل على ذلك التخلف وإرتفاع نسبة الأمية وتفشي الأمراض والفقر وإنعدام شبه تام للمياه الصالحة للشرب وغيرها من الخدمات الأساسية للعيش بكرامة , ودفعت وتدفع تعز ثمن ذلك العقوق والجحود لحد هذه اللحظة . ركض معظم أبناء تعز خلف الرئيس الراحل عفاش وكانوا إحدى أدواته , وإجتمعوا عليه مطالبين برحيله أيضآ , إنقسم أبناء تعز مع وضد مليشيات الحوثي ووقف فريق أخر على الحياد ليستحوذ على تعز بعد نهاية الصراع الداخلي وخروج المغلوبين . معظم سادة آل البيت في تعز إنحازوا لمليشيات الحوثي السلالية من آل الرميمة والمغلس ووصولا لآل السقاف بقرية الحضارم بتربة تعز وغيرهم , كما أنضمت معظم قيادات ورموز مؤتمر عفاش الشعبي للمليشيات الإنقلابية حتى اللحظة . حتى وإن توقفت الحرب فتعز ستدخل بحرب إقصاء وتهميش وإبادة للخصوم التعزيون فيما بينهم , كما يحدث اليوم بين مليشيات حزب الإصلاح وأبي العباس , رغم معرفتنا جميعآ بأبي العباس السلفي الحجوري الغير طامع بالمناصب والمكاسب , ودعواته المتكررة بمغادرته المشهد العام بعد كسر حصار تعز وتوقف الحرب , إلا أن تلك الدعوات لم تشفع لابي العباس أمام غريزة الإقصاء والإبادة التي تتحكم بالمشهد التعزي اليوم . والسبب يعود بأنهم لا ينتمون لتعز إلا جغرافيا وجهويا وسلاليا فقط , أما الإنتماء للوطن والدفاع عنه وحماية مكتساباته ورعاية مصالح الشعب كلها مصطلحات محذوفة من قاموس غالبية اليمنيون بوقتنا الراهن .

مقالات الكاتب